الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من -متأدب- إلا وزير يتربص ب-الآداب-

زهير اسليماني

2014 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في سابقة خطيرة من نوعها، أطلق "الحسن الداودي" وزير التعليم العالي في حكومة عبد الإله بنكيران، أطلق النار على المجازين المعطلين خريجي كليات الآداب المغربية، ورصاصة الرحمة على حكومة صاحبه في الحزب والتوجه، بعدما عانت من معضلة اسمها ملف المعطلين طيلة الفترة المنصرمة من عمرها..
فما كان منه لتدبير هذا الملف ومعالجته إلا البتر، فآخر العلاج البتر. لكنه علاج يقدمه الطبيب الذي يعلم مسبقا بفشله في القضاء على داء من الأدواء، ولا يريد أن يصرح بهذا مبكرا خشية أن يفقد هذا الزبون والاستفادة منه لأطول فترة ممكنة.. وإلا لما لم يطلق هذا التصريح منذ الوهلة الأولى التي ولج فيها ديوان وزارته؟
هذا حال الحسن الداودي، فبعد أزيد من سنتين في أحضان الوزارة والحكومة، يخرج إلينا اليوم بهذا الطلق الناري، مستعملا بندقية طلق مرتدة، فما لم يعلمه السيد الوزير هو أن هذا التصريح له دلالة أخرى أكبر وأقوى، وهي فشله الذريع في تدبير ملفات التعليم العالي، هو الذي ظل طيلة هذه المدة يمارس سياسة النعامة، ويضرب برأسه في التراب حتى لا تتكشف له الحقيقة المرة، وهي فشله الذريع في إصلاح أوضاع الجامعة المغربية أو على الأقل حلحلة بعد مياهها الراكدة..
السيد الوزير وإن كان أستاذا جامعيا فلا علاقة تربطه –على ما يبدو- بالوسط الجامعي غير إلقاء بعض المحاضرات وكفى، ولو أنه على علم ودراية بواقع الجامعة المغربية لقال بغلق كل الجامعات المغربية لا أقل ولا أكثر، لكنه لم يفعل لأن هذا كان سيعود عليه وعلى وزارته بالوبال الغزير لأنه لا يعني إلا أمرا واحدا هو فشل وزارته في بعث الروح في جامعاتنا كلها..
اختار السيد الوزير "لعب الدراري" لمعالجة ملف مصيري في حياة الوطن وهو التعليم العالي، فلكأني به تلميذ يفاضل بمسلكه العلمي آخرا أدبيا وهما يلجان لأول مرة مسالك ثانوية تأهيلية.. فمن التصابي إطلاق مثل هاته التصريحات، التي تبدو بريئة في ظاهرها، لكنها مفعمة بالدلالات: أولها أن السيد الوزير بدل أن يلقي باللائمة على نفسه ووزارته وحكومته، ألقى بلومه على التاريخ والآخر وهي عادة كل فاشل في التاريخ، لأنه يعلق دوما أخطاءه على مشجب الآخر والغير..
الثانية، أن السيد الوزير يدر الرماد في العيون، فبمثل هذا التصريح، لكأنما يقول لنا إن وضعية كليات العلوم وكليات التكنولوجيا بخير.. ووضعية خريجها أحسن حالا، وهو أمر يكذبه الواقع، ويكفي السيد الوزير أن يهبط إلى شارع البرلمان ويسأل المعطلين عن شواهدهم ودبلوماتهم ليعلم أن الأمر على غير ما خُيل إليه..
الثالثة، أن السيد الوزير لا يخرج عن إطار الحكومة والحزب الذي ينتمي إليه، والذي يسعى لقطع الطريق على الفئات الشعبية، فلأنه لا يوجد طريق للزيادة في متعلقات الطالب العمومي المغربي، فالوزير اختار الانتقاص من كرامته..
ما لم ينتبه له الوزير المحترم، هو كون التوجه إلى الآداب والعلوم الإنسانية، يكون في كثير من الأحيان إجبارا وليس اختيارا لعدة أسباب: منها ضعف المنظومة التربوية –مناهجا ومقررات ومكونين- مما لا يترك معه مجال للتلميذ غير الآداب، ليس لأنه الأسهل أو الأنسب ولكنه ملجأ من لا ملجأ له.. ومنها الفقر فتلامذة الشعب العلمية إنما يعدون العدة مبكرا لأنهم –مع الاستثناءات المعدودة- أصلا ولدوا في ظروف مواتية، وفرت لهم إمكانية الحصول على حصص الدعم واختيار أفضل الأساتذة وقضاء الساعات الطوال تحت إشرافهم.. وهو ما ليس متوفرا لكل المغاربة اللهم فئة قليلة جدا قد يكون السيد الوزير من المنتمين إليها..
الحاصول السيد الوزير ستظل كليات الآداب مفتوحة شاء من شاء وأبى من أبى، على الأقل كي تلد لنا شعراء وكتاب ومبدعين وباحثين وشرفاء وصدقاء ورجال.. لا سياسيين. والمعقول السيد الوزير هو تدبير ملفات الطلبة بشكل حقيقي، أو تدبير استقالتكم ورحيلكم عن الوزارة والحكومة معا..
وهذا، وإن لم يكن مطلب الواقع والطلبة المغاربة.. فهو ملتمس من طالب باحث عاطل خريج كلية أداب من جامعة مغربية، صرفت عليه الدولة ملايين الدرهم منذ التحضيري إلى سلك الدراسات العليا، وألقته في الشارع.. يرجو أن تستجيبوا لملتمسه في أقرب الآجال..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس