الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستقلال كوردستان من يقرره ؟

ضياء السورملي

2014 / 7 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل يقرره عرب العراق و سوريا ام ترك تركيا ام فرس ايران ؟
تأتي مثل هذه التساؤلات بعد ان أثار رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود البرزاني مسألة حق تقرير المصير لأقليم كوردستان في حالة خرق الدستور ومبادئ العراق الجديد ، وعلى الرغم من التأكيد بان اقليم كوردستان هو جزء من العراق الفيدرالي في حالة الالتزام بالمبادئ الاساسية المتفق عليها بين حكومة اقليم كوردستان والسلطات الحاكمة في الحكومة المركزية في بغداد الا ان هذه المبادئ الاساسية غير واضحة عندما يكون هناك نوع من استعراض القوة من الجانبين .

لا تزال امور عديدة تعتبر عقدا مستعصية بالنسبة للكورد ومطلوب من العرب في العراق وحكومتهم بالتعاون مع حكومة اقليم كوردستان ايجاد الحلول الصحيحة لها ، ومن هذه العقد هي مسالة ترسيم حدود إقليم ، وتحديد المناطق الكوردية تأريخيا وجغرافيا واثنيا وعرقيا ودينيا ولو تركنا كركوك باعتبارها المسالة الشائكة الاكبر ، فماذا نقول عن خانقين التي يبلغ نسبة الكورد فيها اكثر من تسعين بالمائة . وهناك عقدة التمثيل الخارجي للاقليم وعقدة قوات الاقليم المسلحة ، من يصرف عليها ولمن تتبع من الناحية الرسمية والمالية والادارية ، ربما هي امور تنظيمية بحتة ولكن انعدام الثقة جعل منها مسالة مستعصية وامرا معقدا والعقد تزداد يوما بعد يوم كلما اصبح الحكم المركزي قويا واصبحت السلطة في بغداد تسير نحو الدكتاتورية والحكم التسلطي .

هل ان الرفاه المزعوم الحاصل في اقليم كوردستان هو سبب غيظ الكثيريين الذين لا يريدون للكوردي ان يكون مرفها ولا يريدون للاقليم ان يكون اكثر تطورا من المحافظات الجنوبية والوسط التي يسكنها غالبية عربية ؟
هناك من ينظر للمواطن الكوردي بعين واحدة ، ينظرون للاغنياء والاثرياء ويتركون الفقراء والمساكين ، هل ان المواطن الكوردي يعيش مثلما يعيش الفرد الالماني او مثل الفرد الياباني او مثل الفرد الاميركي حتى يوصفونه بالثراء والرفاه ، ان نسبة عالية من المواطنين الكورد غير متعلمين ويعانون من عقدة الامية ، والكثير من الكورد يعاني من امراض وآفات اجتماعية تجعله مقيدا بثقافات متخلفة رجعية وان المرأة الكوردية لا زالت تعامل بشكل دوني باعتبارها انثى قياسا لفحولة الرجل حتى ولو كان عاطلا عن العمل ومتخلفا .

ان النهضة العمرانية النسبية في كوردستان سببها الاستغلال الجيد لرأس المال واستثماره بشكل جيد ولكن هذا لا يعني ان كوردستان اصبحت اقليما مثاليا بحيث يغيض العرب في العراق وفي غير العراق من هذه النهضة العمرانية ، ان الكورد ينتظرون ان ينهض اخوانهم العرب بالنهضة العمرانية في محافظاتهم وان يتعلموا كيفية استغلال رأس المال في بناء البنية التحتية ورفع الحيف عن الفترة المظلمة التي حكم بها النظام السابق الذي بنى قصورا لحكامه الطغاة وتسليم مقاليد الامور للتكنوقراط والمختصين المخلصين . المطلوب من العرب العراقيين المخلصين ان يمسكوا الملفات الاقتصادية والامنية والاستثمار بشكل جيد وان يخدموا شعبهم بحيث يرفعون الحيف والظلم الذي لحق بهم جراء العقود السابقة القاسية .

كما ان كوردستان بحاجة ماسة لبناء قرى عصرية ، تعمل على رفاهية الفلاح وعودته الى ارضه الزراعية والاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة الزراعية وتوفير المستلزمات الزراعية التي تعيد الزراعة الى حقول كوردستان وتعيد الهجرة العكسية من المدن الى الريف . وهذا يتطلب الكثير من الجهد والعمل المثابر . لقد دمر النظام السابق كل القرى والمساحات الزراعية التي تقدر بمئات الاف القرى وتهجير سكانها الى مجمعات بعد ان هدم كل ما يستطيع هدمه من هذه القرى التي أثرت على الواقع الزراعي لاقليم كوردستان بشكل خاص وانعكس هذا الوضع على العراق بشكل عام .

ان زراعة الطماطم في سهول اقليم كوردستان كانت تغذي كل انحاء العراق بالطماطم والمعجون ، اليوم اصبح الاقليم يستورد هذا المحصول من خارج العراق ، مثلما تفعل باقي محافظات العراق ، هذا المثال هو نموذج للعديد من المحاصيل والفواكه والخضر التي كانت تزرع في كوردستان ، اصبحت زراعتها وانتاجها في حلم الخيال ونفس الكلام ينطبق على التمر والنخلة العراقية العريقة .
ان استقلال الاقليم لا يأتي بالتصريحات فقط وانما يتم بتثبيت دعائم الاقتصاد في المجتمع الكوردستاني ، وان تصريحات السيد البارزاني جاءت على خلفية سياسية وانذار لمن لا يريد ان يفهم حقوق ومصالح الشعب الكوردي في العيش بأمان ورفاه ، وهي رسالة تحذيرمفادها نحن الكورد قادرون على ادارة دفة الاقليم ونحن قادرون على بناء مجتمعنا وان التجربة السابقة اثبتت ان الكورد وقيادتهم استطاعت ان تضع حجر الاساس لكثير من دعائم الاقتصاد التي تسير بشكل جيد نحو تحقيق طموحات كبيرة يسعى لها الكورد وهذه الطموحات المشروعة تصب في خدمة بناء المجتمع الكوردي واستقراره ، ومن هذه الدعامات المهمة هي النهضة العلمية التي تسير بخطى متسارعة وخصوصا في مجال التعليم العالي حيث تم بناء جامعات حكومية وكليات أهلية ساهمت في تثبيت اسس التعليم العالي للمستقبل القريب على اقل تقدير مما يوفر فرصة تطويره في المستقبل ضمن خطط طويلة الامد . وفي نفس الوقت لا يزال التعليم الثانوي والابتدائي والمراحل الاولية لتربية الطفل ليست بالمستوى المطلوب ، هذا القطاع التربوي يحتاج الى جهود جبارة لتطويره ورفع مقامه الى الاعلى ، ومتى ما تم ذلك فان مستوى الرفاه العلمي في المجتمع الكوردي سيرتفع بشكل قياسي ويسير الشعب الكوردي بخطوات حثيثة نحو تقدم المجتمع بعد ان يتعافى من التخلف والامية .

ان بناء الطرق والجسوروتطوير شبكة المواصلات في عموم كوردستان تسير بمستوى مقبول ولكنها تحتاج الى جهود اكبر لان عماد نهضة المجتمع هو شريان المواصلات والنقل ، لا يزال اقليم كوردستان يفتقد الى شبكة مواصلات داخلية متطورة تعمل على تقديم الخدمات للمواطن الكوردي مثل الباصات بين المدن والقطارات ، ولكن لا يفوتنا ان نذكر ان بناء وعمل مطارات اربيل والسليمانية وتطوير خدماتها لتصبح في مصاف المطارات العالمية ادى ويؤدي خدمة كبيرة في ربط الاقليم بالدول الاوربية والاسيوية والبلدان العربية .

لا يزال قطاع الكهرباء ليس بمستوى الطموح رغم الجهود الكبيرة المبذولة لتحسينه ، ان اقليم كوردستان يعاني من انقطاع الكهرباء بشكل مستمر وخصوصا في المناطق المكتضة بالسكان ، ولو استثنينا المؤسسات الحكومية الرسمية التي لها حصة جيدة من الكهرباء لوجدنا ان المرحلة القادمة هي توفير الكهرباء للجميع بدون استثناء .

ان اي تحسن في مستوى الخدمات او الامن وحماية المواطنين يجب ان لا يغيض العرب خارج اقليم كوردستان ، بل على العكس يجب ان يكون هذا التحسن حافزا لهم لتحسين مستوى الخدمات التي يجب تقديمها لابناء محافظاتهم ومحاولة ايقاف نزيف الفساد الاداري والقضاء على الرشوة والمحسوبية والمنسوبية في دوائر الدولة وتوفير الحماية للمواطن مهما كان جنسه وعرقه ودينه وفكره .

ان اي تحسن يطرأ على الوضع الامني في بغداد وبقية المحافظات سينعش الوضع السياسي وبدوره سيعمل على انعاش الوضع الاقتصادي والسياحي والاستثمار في عموم العراق ، ان استقرار الأمن في محافظات اقليم كوردستان لعب دورا مهما في تفعيل عمليات الأستثمار بشكل جيد وسريع ، رغم الثغرات والفساد في بعض المشاريع .

لماذا يريد الكورد البقاء ضمن العراق الفيدرالي مع العرب ، هل لانهم يحبون العرب ام يحبون العراق ، ان الكورد لم يكرهوا العرب في يوم من الايام ، والدليل رغم كل الاعتداءات والقتل الذي قامت به الانظمة المتتابعة من زمن النظام الملكي الى زمن الانقلاب العسكري الذي قام به الزعيم عبد الكريم قاسم وحكم الاخوين عارف الى الحقبة السوداء التي حكمت العراق في زمن احمد حسن البكر التكريتي وصدام حسين التكريتي حيث عانى الكورد من الهجمات المتتالية على جبالهم ومدنهم وقراهم وحرق الغابات واهانة المواطن الكوردي وتسفيره وترحيله خارج الحدود اضافة الى المقابر الجماعية التي طمرت في طياتها الالاف من الشهداء . رغم كل ذلك لم يشن الكورد اي هجمات انتقامية على المدن العربية او يتهموا العرب العراقيين بما جرى لهم وانما كان الاتهام موجها الى الحكومات التي حكمت بالحديد والنار الشعب العربي والكوردي معا .

ان الكورد ليس لهم عداء للعراق ، باعتبار ان العراق بلد له عمق حضاري وبلد يحمل في ارضه ثروة هائلة هي ملك كل من يسكن على ارض العراق من الكورد والعرب وغيرهم من الاقليات الاخرى ، كل ما يحتاجه الشعب العراقي هو من يخدم العراق ويقدم لمواطنيه الرعاية وينهض بهذا الشعب الى مصاف الدول النفطية التي تعيش برفاهية وكرامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف