الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 2 – 12 )

كور متيوك انيار

2014 / 7 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 2 – 12 )

كور متيوك
[email protected]
بعد إن نالت جنوب السودان إستقلالها عانت من العديد من الصعوبات حول بناء الدولة و مؤسساتها و إداراتها و هو ما اسرع بتلك الاحداث الجارية اليوم ، و إن الحرب التي تدور في رقعة واسعة من البلاد هي هروب للحركة الشعبية وقادتها من اسئلة الشعب المصيرية وهي : اين السودان الجديد ؟ اين الطرق ؟ اين محاربة الفساد ؟ اين محاربة القبلية ؟ اين الحكم الرشيد ؟ اين المدارس ؟ اين مؤسسات الدولة ؟ اين حق التعبير ؟ اين حرية الصحافة ؟ اين وزارة الخارجية ؟! ويظل الاجابة المفضلة دوماً من الحركة الشعبية وقادتها هو إن الدولة وليدة ، الدولة الصغيرة ، الدولة عمرها ثلاثة سنوات ، لا تستعجلوا على التنمية ، ..... الــــــــــخ .
العديد من الوزارات و المؤسسات في الدولة تم احتلالها من قبل جيوش قبلية ، فكل وزير يفضل تعيين الاقارب الاقربين و البعيدين من القبيلة ومن ثم الاصدقاء ، فالزملاء ، اما بقية شعب جنوب السودان الذين لا يملكون اقرباء لهم في تلك المؤسسات فلا سبيل لهم للعمل حتى لو إمتلكوا ارفع الشهادات الاكاديمية و المؤهلات الفكرية ، وزارة الخارجية مثلها و مثل العديد من الوزارات لم تحظى بالاهتمام الكافئ من قبل الدولة لانها لم تكن اولوية بل تم التعامل معه للاستقبال و الاتصال و المسكول كانه هاتف نوكيا 3310 وليس مؤسسة وذلك اعفى الدولة و الخارجية من رسم سياسة خارجية واضحة ، بعض المسؤولين اتخذو من الخارجية حضانة ومرتعاً لابنائهم ، فبدلاً إن يتحملوا تكلفة السفريات المتكررة لابنائهم قاموا بتحميل الدولة بتلك التكاليف ليس لكي يخدموا الدولة و الشعب بل ليخدموا انفسهم ، حتى اصبح الوزارة مثل شركات تنظيم رحلات سياحية .
لذلك لم يكن هنالك إهتمام من قبل الدولة في وضع سياسة لادارة العلاقات الجنوبية الامريكية على الرغم من اهميتها ، بل كان الفكر المسيطر هو إن امريكا دولة صديقة دون الاخذ في الاعتبار إهتمامات الولايات المتحدة كدولة عظمى ، الامنية و الاقتصادية في الاقليم و داخل جنوب السودان .
في كتاب الدكتور جون قاي نوت يوه وزير العلوم و التكنلوجيا بعنوان " جنوب السودان و افاق التحديات " عن مطبعة الاهلية للنشر و التوزيع ، الطبعة الاولى 2000م ، يقول نوت يوه إن قيام دولة لجنوب السودان يطرح سؤال حول كيفية تعامل هذه الدولة مع العالم ؟ و ماهي السبل التي من خلال وجودها في هذا العالم التي تتحكم فيه المصالح الاقتصادية للدول الكبرى ؟ .
يستمر قاي في طرح اسئلته التي كانت تشغل فكره في ذاك الوقت حول شكلية العلاقات بين الدولتين في المستقبل و هي اسئلة مازالت تطرح نفسها حتى اليوم : ما هي المصالح الامريكية في جنوب السودان و كيف تتعامل الحكومات الامريكية مع القيادة السياسية في جنوب السودان ؟ و هل لجنوب السودان مصالح محددة في تعامله مع واشنطن ؟ من بين الاسئلة الاكثر اهمية و التي طرحها قاي حول طبيعة الاهتمام الامريكي بجنوب السودان هي هل للادارات الامريكية دور في الانقسام في صفوف الحركة الشعبية ويقصد بذلك احداث 1991م و الذي قادها كل من دكتور رياك مشار ودكتور لام اكول في محاولة منهم للانقلاب ضد دكتور جون قرنق ، و التي يمكن وصفها بصراع الدكاترة ( د. جون قرنق ، د. رياك مشار ، د. لام اكول ) ، ما يجعل من تلك السؤال اهمية هو إن احداث 15 ديسمبر 2013م اعادت تلك الاسئلة وذلك لان الحكومة تتحدث باستمرار عن دعم امريكي للمتمردين ! فهل فعلاً دعمت امريكا احد الطرفين في 91م ؟ وهل فعلت في 2013م ؟ ، كذلك يتساءل قاي عن الموقع الاستراتيجي و السياسي للدولة المرتقبة في جنوب السودان للولايات المتحدة ؟ هل لواشنطن حسابات سياسية تتعلق بالشرق الاوسط تجعلها تتريث في التدخل لحسم الحرب السودانية الطويلة ؟ و الاكثر اهمية هو هل هنالك اتفاقيات سرية بين واشنطن وبعض قيادات الحركة الشعبية ؟ هل تعهدت امريكا الى شركاتها العاملة وقتها في جنوب السودان في إن تعيدهم الى العمل بتلك الحقول بعد الاستقلال ؟ .
اسئلة جون يوه قديمة ، لكنها متجددة و مازالت تطرح نفسها بقوة باعتبار إن الإجابة لتلك الاسئلة التي لم تجد حتى اليوم احداً يفكر فيها وسط فحيح القبلية ولدغات الحرب و الاستحقاقات التي ينتظرها الشعب من قادة الحركة الشعبية ، الذين اختاروا الحرب بدلاً من النهوض و التطور لتغيير الواقع الاجتماعي و التاريخي المزري كالية من اليات الهروب من التساؤل التاريخي ! إن الإجابة على تلك التساؤلات هي المدخل الحقيقي لفهم طبيعة العلاقات الجنوبية الامريكية التي مازالت حتى اليوم تفتقر إلى مفهوم واضح حول ماهيتها و شكلها و مدى قوتها ؟ ومدى إعتماد واشنطن على جوبا في منطقة القرن الافريقي و شرق افريقيا كحليف استراتيجي ؟ و هل يمكن لقيادة جنوب السودان إن تضحي بتلك العلاقة من اجل تفادي التدخلات الامريكية في الشؤون الداحلية للجنوب في قضايا حقوق الانسان و الحكم الرشيد و التداول السلمي للسلطة ؟ .
إن العلاقات التي كانت تربط الجنوب بامريكا على الرغم من إنها لم تكن واضحة ، وهذا واضح بجلاء من خلال تلك الاسئلة التي طرحها قاي ، فبالمقارنة مع فترة بداية اول تمرد في جنوب السودان ، نجد الولايات المتحدة حديثة الارتباط السياسي و العلائقي ، مع قضية جنوب السودان ولقد اخذت ما يقارب الاربعة عقود حتى يراجع راسمي السياسة الخارجية في وزارة الخارجية و الكونغرس بمجلسيه ( الشيوخ ، النواب ) مراكز البحوث و الجامعات و الصحف ، اجهزة الاستخبارات ، وهذه فترة طويلة جداً ، فلماذا احتاج امريكا كل تلك العقود ، حتى تستوعب قضية شعب يعاني الاضطهاد و القهر و الظلم و الاستلاب ، هنالك عوامل عديدة قد تكون لعبت دوراً كبيراً ومنها : في الخمسينات كان امريكا قد خرجت لتوها من حرب طاحنة وهي الحرب العالمية الثانية ، بالاضافة الى إن الدور القيادي الامريكي حول العالم لم تكن قد تحددت بدقة ، ووضحت ملامحها ، كما إن عوامل اقليمية اخرى لعبت دور كبير في التقارب الامريكي مع الحكومة السودانية خاصة في منطقة الشرق الاوسط وفي القرن الافريقي معتقدة إنها السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة ، وباعدت المسافة بين الحركات المتمردة في جنوب السودان وامريكا ؛ إلا أن العلاقة بعد وضوحها يمكن وصف العلاقة بين الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان وجنوب السودان كدولة ، فيما بعد بالممتازة و الاستراتيجية ، و إذا إستطاع جنوب السودان إستغلالها بشكل جيد يمكن إن يكون الجنوب حليف استراتيجي يعتمد عليه امريكا في المنطقة دون إن تؤثر في جوهر الدولة و سيادتها و ذلك بتحقيق المصالح المشتركة للدولتين ، لو كان هناك بورصة للعلاقات الدولية فإن بعض الدول ستشتري العلاقة التي تربط الجنوب بواشنطن باي ثمن دون تردد ، نظراً للعائد السياسي و الاقتصادي الكبير التي يمكن إن تعود من تلك العلاقات ، لكن الدخول في مواجهة مبكرة معها قد يقلل من فرص نجاح الدولة و حتمية تحولها الى دولة فاشلة يضاف الى المنطقة الافريقية مثلها مثل الصومال و افريقيا الوسطى و ربما اسوأ من تلك التجربتين بصورة لا يمكن تخيلها ، الولايات المتحدة تسيطر على كافة المؤسسات و المنظمات الدولية من الامم المتحدة و مجلس الامن الدولي و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و الاتحاد الافريقي وتسيطر على الصين و روسيا حتى ؛ لذلك من الصعب رؤية جنوب السودان تنهض دون دعم امريكي ، البعض قد يقولون إننا لسنا بحاجة الى دعم امريكي وقد يكون ذلك صحيحاً نوعاً ما و بالفعل يمكن ( العيش ) دون الاعتماد على امريكا ، احبذ استخدام كلمة ( العيش ) بدلاً عن كلمة ( البناء ) و الفرق شاسع بين الكلمتين ، فيمكن الابتعاد عن امريكا على إن يعيش الدولة و الشعب وسط بركة اسنة من الامراض كالكوليرا التي بدات تنتشر وسط المواطنين ، وكذلك اذدياد الفقر و الجهل و الفوضى و اللانظام وغيرها مما لا يمكن تخيلها ، وهذا ما يمكن إن يحصل في حال اختار النخب الحاكمة العيش بدلاً من البناء ، وفي حال اختار النخب البناء فقد يتدخل امريكا بين الوقت و اخر في توجيه اتجاهات البلاد الاقتصادية و السياسية مصحوباً مع النمو و التطور وتقليل نسبة الامية و الفقر وهذا هو الفرق بين ( العيش ) و ( البناء ) .

نواصل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد