الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنت حر ؟

محمد ليلو كريم

2014 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هل أنت حر ؟
سؤال ضروري لا بد من الإجابة عليه بصراحة ووضوح , ومن المُحير أن نتلاعب بالجواب متهربين من مواجهة أنفسنا , ولماذا نهرب من مواجهة أنفسنا ؟ .
ورغم توخينا إجابة شجاعة واضحة , نُعيد صياغة السؤال :
هل تشعر بأنك حر ؟
هناك من يولد من رحم العبودية , فلا يعرف الحرية ولا يتصور أن يعيش بعالمها , فهو عبد من عهد جده السابع عشر , وهذا النوع هو المشمول بالسؤال ما قبل إعادة الصياغة ( هل أنت حر ) , ولهذا وجهنا له السؤال كأننا نطرح عليه شيئا" لم يعرفه , ومن أين له أن يعرف شيء لم يتعرف عليه كتجربة شخصية , وإن كان قد رآه عند غيره , فنحن نرى الماسة النادرة التي تُعرض على شاشة التلفاز , ولكننا لا نمتلكها , وقد نرى الماسة عند شخص لا تفصلنا عنه سوى سنتمترات قليلة , أو لربما نكون معه في حالة عناق , ولكن الحقيقة تقول أنه من يملك الماسة , ونحن لا نملكها , وأقصى شعور نصل له تجاه الماسة هو امتلاكها , أما امتلاكها فعلا" فهذا يكون عند امتلاكها فعلا", فأما أن نكون أحرار , أو عبيد , ولا يمكن سرقة الحرية , وكيف تُسرق الحرية ؟! .. هذا سؤال , أن طرح , فيجب أن يُطرح على كل سكان كوكب الأرض , ونحن الآن منشغلين بموضوع حرية المواطن العراقي , ولسنا تلك الحضارة التي أعتقت العالم من الأمية والجهل , فحالنا اليوم ............
هل تشعر بأنك حر ؟
وقبل الإجابة ؛ اسألك : هل تستطيع أن تُميز كونك حر أم لا ؟
هذه الاسئلة موجهة للمواطن العراقي , وأتوقع أن تكون الإجابات صريحة ومختصرة , وواقعية , فهل يشعر المواطن العراقي بالحرية داخل وطنه ؟؟؟
لقد اُريد للديموقراطية أن تُعبر عن حرية الإنسان , المنضوي تحت سيادة دولة , فيكون انسانا" مشاركا" في الدولة , فاعلا", لا أن يكون منفعلا" فقط , وشعوب الدول اللاديموقراطية تعيش في علاقة أحادية مع الدولة , فهي شعوب تتلقى , ولا تُشارك , تخضع , ولا تُعطي رأيها , تُنفذ , ولا تسأل , تسير وفق مصلحة السلطة الماسكة للدولة , وليس لها الحق في مشاركة السلطة في تحديد السير, شعوب لا تسير وفق مصالحها , فهي لم تختار حكامها , ولا تنتظر انتخابات تُغير الخارطة السياسية وتُعاقب المقصر وتُكافأ المتميز , أنها شعوب مقادة بالقوة , بالنار والحديد , بالتوجيه القسري , بالخوف , ولهذا تراها شعوب غير ناضجة , منغلقة , بائسة , تتعرض للذل على يد المتسلطين , والدخلاء , والمحتلين , تجهل الحرية كمعنى يُعنى بكرامة الإنسان , وتطبيق يتجلى في النظام الديموقراطي الحقيقي , وتجهل إتجاه السير نحو الحرية , وتجهل ملامح الحرية , وتجهل تخليق الحرية , فتخليق الحرية يحتاج لإنسان يُقرر أن يتحرر , وسمعنا أن المثقف يصير مثقفا" في اليوم الذي يُقرر فيه أن يكون حرا", والشعوب تتحرر بالثقافة , لا بالسيف والخيل , أن لم يتزامن مع دور للقرطاس والقلمُ , أنها شعوب المتنبي والفراهيدي وابن رشد وأبي أسود الدؤلي وسوق عكاظ والمربد والتلسكوب والطب والإبداع , لا شعوب العشوائيات والأمية وثقافة ( الكية ) وبؤس الأقتصاد والمعيشة والفكر والوعي , الشعوب الحرة لا تتذمر من تسونامي , ولا من أعصار كاترينا , وأن تذمرت فتذمرها يولد ثورة من الترميم وإعادة البناء وتنضيف المناطق المنكوبة ورمي الأنقاض , الشعوب الحرة هي تلك التي تحمل جوازات سفر مكتوب عليها : نُحرك أساطيلنا لأجلك , وليس مكتوب عليها تهديد بالغرامة أن ضاع الجواز , الشعوب الحرة هي التي تحتفظ بالناقة والصحراء والعقال بجوار الأبراج العالية والبنايات الفخمة والحواضر المتمدنة , الشعوب الحرة لا تنهب أوطانها تحت أي ذريعة ومسوغ , تلك هي الشعوب الحرة يا من سألتك : هل تشعر بأنك حر ؟؟؟
كيف تكون حرا" ووطنك مفتوح لكل ( حرامية ) العالم , ومنهوب , وأقتصادك منهار , وحياتك مسلسل رعب لا ينتهي , وطريقك مسدودٌ مسدودٌ مسدود , وقارئة الفنجان تتحكم برأيك , التي جلست والخوف بعينيها , تتأمل فنجانا" مقلوب ( مقلوب ), وقالت ياشعبي لا تسأل , فالجهل عليك هو المكتوب , يا شعبي ...
يا شعبي قد مات شهيدا" من مات فداء" للحرية , حبا" بها , وبغضا" بغريمتها , العبودية , فهل تشعر بأنك حر ؟؟؟.
قبل الإحساس بالحرية توجب أن نستشعر مكان نزيف كرامتنا , وطريقة أيقاف النزيف , وكيف لنا أن نوقف النزيف , ومستشفياتنا بدائية , ومذاخرنا انتهازية , وأدويتنا متوفرة لكل غني , وممنوعة عن كل فقير , والطب في بلدنا تخلف عن التطور العالمي , حيث أن في بريطانيا , وقبل فترة , تم علاج مرض السلطان عبر تصحيح خطأ في الجينات , ونحن نتوسل العرافات والجنيات لتهب للفتاة زوج , وللغائب العودة , وللجائع رغيف , ولولا كرم وتسامح أولياء الله الراقدين في أرضنا لغرقت بلادنا في طوفان دونه طوفان نوح , وللبثت غارقة الى يوم يبعثون , ولقيل بُعدا" للقوم المستعبدين .....
لقد استعبدت الخطيئة قوم نوح , ونحن استعبدنا الجهل , والجهل خطيئة , ومن ارض العراق فار الماء من تنور الفيضان , ومن أرضنا العراقية فار تنور المفخخات والعبوات والدماء المراقة , وسفينة النجاة نحن من يصنعها هذه المرة , فنوح لن يحمل في سفينته غير عدد قليل من الناجين , أن سفينتنا الوطن , أن بنيناه نجونا , وأن عجزنا عن بناءه غرقنا , ولعمري أن هطول المطر بغزارة يُنذر بأقتراب الغرق , فهلموا نبني الوطن , ليحملنا على ألواح ودُسر , وما لنا لا نبنيه , ألسنا نطلب الحرية . . أم ماذا ؟؟؟؟ .
حتى عندما نطلب الحرية نطلبها كتحرر , فنذهب الى ساحات الحرية ونطلب التحرير , والتحرر , ورغم أن التحرير والتحرر جزء من الحرية , إلا أنني اتقصى أصل المشكلة , فأجد أن مطالباتنا مازالت تخضع لذهنية المواجهة العنيفة , والسلاح , والتصادم , ورفع الشعارات الثورية , وتنظيم الاحتجاجات المنددة بسياسة الحكومة , أو الشروع بأنتفاضات ضد السلطة , أو اعلان المقاومة ضد المحتل , وهذه كلها بوادر ومنافذ للوصول الى الحرية , ولكن مشكلتنا أننا نقف في وسط الطريق , ولا نُكمل ما بدأناه , مما يضطرنا للعودة الى ساحات الأعتصام , والمظاهرات , وحمل السلاح , والانتفاض ضد السلطة , والمقاومة , ورفع المزيد من الشعارات الثورية , وهكذا دواليك ما برحنا نكرر المعهودات التحررية , ولم نصل للحرية , لأننا نجد أن النزف الدموي , وتقطع أوتارنا الصوتية , وأجهاد القدمين بالسير في طرق التنديد , أسهل من بناء طابوقة واحدة , أو الشروع بحملة استصلاح لأراضينا , فتكفل المطر بتخفيض مناسيب الملوحة في ربوعنا البوار , ولله الحمد , ولكن للنعمة وجه آخر , قد نستمر بتجاهله , الى أن تكتمل ملامحه , ويعم في واقعنا , ونذهب ادراج الرياح , ونمكث في قاع الأستعباد الى ما شئنا , عكس ما نراه في واقع الشعوب الحرة , التي اتخذت من دروب التحرر وسيلة للوصول للحرية , ولم تتوقف في منتصف الطريق , في كل مرة , لأنها عرفت أن الحرية أعظم من لحظة التحرر , لحظة الثورة , لحضة التنديد , لحظة المقاومة , لأن الحرية تُنجز حين أكمال الطريق , حين البناء , الاستقرار , الإبداع , التعايش السلمي المتحضر بين افراد الشعب , ومع مؤسسات الدولة , تتجلى الحرية في نصب لها يتوسط مدينة عملاقة تعجب الناظرين , ولن نجد الحرية في الخرائب والعشوائيات والبلاد المنهكة المدمرة الخاضعة للسياسات الحمقاء , لن نجدها في تصريحات السياسي , أو تنديدات المواطن , والأصوات لوحدها لا تبني , فهل تشعر بأنك حر ؟؟؟.
أن كان الوطن كنزنا , فأن حتى العصفور لم يتحمل العيش بقفص , وإن كان قفصا" ذهبيا" . . . . . . . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد إقراره بالذنب.. القضاء الأمريكي يطلق سراح جوليان أسانج و


.. طفلان فلسطينيان يخرجان من بين نيران مدرسة قصفت من قبل الاحتل




.. غانتس: حماس فكرة لا يمكن تدميرها ولكن بإمكاننا القضاء على قد


.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل




.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف