الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-لابد من فعل شيء-, ديغول سورياً

خالد قنوت

2014 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لن أخوض في هذه المقالة بالتاريخ الاسلامي و العربي و لا بالتاريخ السوفيتي أو الفيتنامي أو الصيني و لا بالتاريخ الأمريكي شمالاً أو جنوباً فتاريخ العمل الثوري في كل منها يرتبط بأيديولوجيات استهلكت مصطلحياً و تنظيرياً في دولنا و كانت في أغلب الأحيان مدخلاً للحكم الشمولي الاستبدادي الأبوي مما أدى لخراب بنيوي في مجتمعاتنا و في سيكولوجيا الانسان فينا ليتحول الانسان فيها رمزاً للقهر لمن يطالب بحقه في الحرية و الكرامة و بوجهه الآخر رمزاً للحيونة و الاانسانية و الاأخلاقية لمن يرى نظم الاستبداد نظماً وطنية.
سأنطلق من تجربة وطنية تحررية مهمة و عظيمة لدولة فرنسا كدولة تحمل قيم و شعارات ثورتنا السورية في الحرية و المساواة و العدالة, فباريس التي سقطت بيد الاحتلال الألماني النازي في 14 حزيران 1940 بعد سقوط خط ماجينو, سقطت معها الجمهورية الثالثة الفرنسية و تم تقسيم فرنسا إلى ثلاثة أقاليم على الشكل التالي:
- إخضاع ثلاثة أرباع الأراضي الفرنسية للاحتلال الألماني و تضم شمال فرنسا و غرب الخط الممتد من مدينة جنيف إلى مدينة تور و من تور جنوباً و حتى الحدود الأسبانية غرباً.
- المنطقة الحرة و تضم المناطق الجنوبية و عاصمتها فيشي و تخضع لحكم عميل للألمان و يتزعمه المارشال فيليب بيتان.
- مناطق غربية تخضع للاحتلال الايطالي الفاشي بزعامة موسوليني حليف هتلر.

في الأشهر التي أعقبت هزيمة فرنسا كان شعوراً من الاستسلام و فقدان الإحساس الوطني عاماً, لولا بعض الألوف من الفرنسيين الذين أطلقوا شعار "لابد من فعل شيء", من ناحية أخرى انتقلت القيادة العسكرية الفرنسية بقيادة الجنرال شارل ديغول إلى انكلترا.
بدأت الأعمال الثورية ضد قوات الاحتلال الألماني بتاريخ كانون الثاني 1941 عن طريق قطع خطوط الهاتف ثم توالت العمليات يرافقها توزيع للمناشير المحرضة إلى أن بدأت المقاومة تتأسس و ببطء و تشكيل مجموعات مقاومة وطنية تتوحيد فيما بينها تحت قيادة ديغول الذي كان يصدر التعليمات و يخاطب الفرنسيين عن طريق الإذاعة, يلهب فيها قلوبهم و يدفعهم للمقاومة, من أشهر نداءاته: (أيها الفرنسيون, لقد خسرنا معركة و لكننا لم نخسر الحرب و سوف نناضل حتى نحرر بلدنا الحبيب من نير الاحتلال الجاثم على صدره) و أيضاً (هذه الحرب لا تقتصر على خسارة إقليم في بلادنا, هذه الحرب لم تنتهي بخسارة معركة فرنسا, هذه الحرب هي حرب عالمية واسعة...أياً كان ما سيحدث, فإن شعلة المقاومة الفرنسية لا يجب أن تنطفئ و لن تنطفئ).
لقد كانت المقاومة الفرنسية متعددة الأشكال منها المدني و منها العسكري اشترك بها فرنسيون من كل الاتجاهات السياسية من اليمين القومي إلى اليساري إلى الشيوعي هدفهم تحرير بلدهم و إنشاء الجمهورية الرابعة التي أبصرت النور بعد أن تم وضع الدستور في عام 1946.

"لابد من فعل شيء" سورياً
ما وصلت إليه الحالة السورية من تعقيدات و تدخلات أجنبية لا تبتعد كثيراً عن وضع فرنسا تحت الاحتلال الألماني و قيام دولة عميلة له, فالسوريون اليوم تحت الاحتلال الايراني المباشر و بسلطة عميلة و مرتهنة كلياً لكل الاملاءات الايرانية و الدولية مانحة إياهم حقوق السيادة الوطنية في القرار و المصير و كذلك السلاح الذي دفع ثمنه السوريون كما فعلت بالسلاح الكيماوي و مستغنية عن مناطق سورية في سبيل بقائها في السلطة كما فعلت في الجولان لاسرائيل و لواء اسكندرون لتركيا و بعض مناطق الجزيرة للأكراد و الكثير من المناطق الثائرة لتنظيمات متطرفة ممهورة بختم الصناعة الأسدية. من جانب آخر, تتصدر قوى سياسية و مسيسة المشهد السوري لا تمت للثورة السورية بأية صلة لولا قليلاً من بعض شخصياتها الوطنية و التي لم يعد من المنطقي بقائها في تكوينات أضحت وبالاً على الثورة و على وحدة سورية و أصبح إدراك السوريين جميعاً بأن المجلس الوطني و الائتلاف و هيئة التنسيق كلها تجتمع بالنتيجة على إجهاض الثورة السورية, بقصد أم بحسن نية.
إن شعار "لابد من فعل شيء" هو الموضوع الوطني الأساس الذي يقع على عاتق الآلاف من السوريين داخل الوطن و خارجه, و حول من يجتمعون و تحت قيادة من؟؟
في البحث عن الكارزما السورية التي تجمع القدرات السياسية و العسكرية, قد نصطدم بالكثير من التأويلات و التخوينات و التسخيف و لكن سورية لم تعدم الوطنيين و الشرفاء و اصحاب الإمكانيات العلمية و القيادية و السياسية و لكن حمى الأنا السورية المرضية قد تشطح بالجميع في أحلام السلطة و القيادة دون أسس صحيحة و واقعية, مستنسخة تاريخ من السلطة الاستبدادية الأسدية و العربية عموماً.
القيادة السورية الوطنية صارت مطلباً و واجباً وطنياً و هذه القيادة ليست بالضرورة مرتبطة بشخص محدد, و لو أننا مازلنا نفضلها في أعماقنا, لكن من الأساسي أن تضم شخصيات مدنية و عسكرية تملك عمقاً سياسياً وطنياً خالصاً مترفعةً عن أيدلوجيات عقائدية أو دينية و تعمل باستراتيجية واضحة , علمية و اقعية و بمنظومة عمل جماعية غير متسلطة مبينة على أساس الثقة و روح المبادرة و تحمل المسؤولية و تحت سلطة المحاسبة و التقييم الدائم و الأهم من خلال الامكانيات المتاحة و إن كانت شحيحة في البداية.
ليس من المفروض أن يطرح المرء اسماءً محددةً و لكن يمكن لنا جميعاً أن نضع محددات لأعضاء هذه القيادة ليتم اختيارها و ليس تنصيبها بأوامر دول و أجهزة لها حق الفيتو أوتتمتع بصفة قطع التمويل, فهناك الكثير من العسكريين المنشقين الذين تعرضوا للتشويه في سمعتهم و أخلاقهم من قبل النظام و من بعض القوى المعارضة كما تعرضوا للعزل و آخرين داخل المؤسسة العسكرية الرسمية الشرفاء الوطنيين غير المشاركين في هدر الدم السورية أو تدمير الوطن و لكن كل هؤلاء يملكون القدرات العسكرية المتعلقة بالمقاومة المسلحة و يعرفون جيداً نقاط ضعف النظام و نقاط قوته و هم حريصون كل الحرص على استعادة المؤسسة العسكرية السورية إلى طبيعتها الوطنية و مهمتها في صيانة وحدة سورية أرضاً و شعباً, أما عن السياسيين فقد كشفت الأحداث على مدى ثلاث سنوات عن الكثير من أصحاب الكفاءات و القدرات لسوريين داخل الوطن و بعضاً منهم في الخارج يملكون حساً وطنياً خالصاً و يحملون هم تحقيق أهداف الثورة في دولة الحرية و الكرامة الانسانية.
ليست القضية أن نبحث عن ديغول سوري يحمل راية تحرير سورية من الاحتلال الايراني و من حكومته الأسدية العميلة و من التدخلات الدولية المدمرة و من تنظيمات متطرفة على الأرض موالية للنظام أو مناوئة له لها أجندات لاوطنية, ثم يقود سورية نحو كتابة دستور جديد إلى مرحلة قيام جمهورية ثالثة سورية منشودة, بل القضية هي البحث و الدفع بمجموعة وطنية سورية من كل الأطياف تتمتع بروح العمل الجماعي بروح المبادرة و تحمل المسؤولية و النقد و المحاسبة و الأقرب للثوار على الأرض و قادرون على التضحية كما يضحي كل سوري منذ ثلاثة سنوات و أربعة شهور.
يكفي تجارب و إخفاقات و تجريب, في سورية هناك العديد من الوطنيين البعيدين عن النضال الفيسبوكي و عن منتديات الحوار و الدردشة التي لا تنتهي سوى باساتذة و طلاب دون عمل حقيقي
سوى الثرثرة و في سورية وطنين هم أبناء الأرض السورية ليسوا مهاجرين أو مغتربين نسوا تضاريس الوطن و فقدوا روابطهم السورية الحقيقية و ليسوا بحاجة لفنادق لكي يلقوا محاضراتهم عن الوطنية و السياسة و القيادة و هناك سوريين ثوار اضطروا للخروج تحت التهديد بالتصفية و الاعتقال و هم الأقرب للثورة و لأهدافها الأساسية كذلك هناك ضباط و عسكريين انشقوا عن المؤسسة العسكرية و هم مثال الشجاعة و التضحية لأن من لم يخدم في الجيش السوري و تحت أنظار و عيون أجهزة النظام الأمنية لا يمكن له أن يفهم مدى التضحية التي قاموا بها, و معظم هؤلاء تم عزلهم و تصفية العديد منهم لكي يخرج إلى قيادة العمل العسكري هواة و متعصبين دينياً و طائفياً أصبحوا نسخة عن النظام في الاستبداد و العنف دون استراتيجية وطنية و عسكرية لأهداف محددة.
استرجاع القرار الوطني السوري و استعادة الثورة بشكليها المدني و العسكري, يبدأ من وطنيين شرفاء ليس همهم السلطة و المكاسب المالية و إنما العمل العلمي و الواقعي و بأقل الامكانيات المتاحة و من ثم توسيع دوائر الانتشار و الاستفادة من المد الشعبي لتحقيق معادلة الحضور الوطني التي سيلتحق بها الكثير الكثير من أبناء شعبنا الذين لن يبخلوا بالغالي و النفيس إضافة لما يقدمونه منذ بداية الثورة.
نعم, "لابد من فعل شيء" و من هنا علينا أن نبدأ دون تنظير و دون محاضرات و دون أنانيات و تخوين و إنما إيمان خالص بسورية و بقدرات شعبها و باستراتيجية طويلة الأمد و بعيدة عن العفوية و الفردية و الارتجال. إن تحرير سورية من الاحتلال الايراني و المخابراتي الدولي و من النظام الأسدي و كل التنظيمات المتطرفة و التكفيرية دون استثناء هو هدف مرحلي لتحقيق هدف استراتيجي وطني عظيم هو بناء وطن للحرية و الكرامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواهب غير مفيدة للمجتمع ???? مع بدر صالح


.. تونس : لماذا كل هذه الفيود على الحريات؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. بعد حرب غزة.. هل ستفوز حماس إذا أجريت انتخابات؟ شاهد كيف رد


.. بسبب التصعيد الإسرائيلي في رفح.. تزايد حدة التوتر بين القاهر




.. أمير الكويت يصدر مرسوما أميريا بتشكيل الحكومة الجديدة | #راد