الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الاشتراكي اليمني وتشكيل تراث الخيبة

ماجد المذحجي

2005 / 8 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من حزب ماركسي لينيني قبل الوحدة اليمنية ( بكل ما يعنيه حزب ماركسي لينيني )، إلى حزب براجماتي دون تصورات واضحة ومحسوب بشكل مجاني على اليسار..ويستند إلى تراث عاطفي ورأسمال رمزي شكلته مجموعه من التضحيات لأعضائه و سطوة تفوق أفراده على المستوى الثقافي...
هكذا يمكن أن أتحدث عن الحزب الاشتراكي اليمني الذي تحول إلى حزب يدير حسابات يوميه لا علاقة لها أبداً بأي تصورات واضحة تجاه قضايا البلاد الذي يدعي انه يمثل خياراتها المدنية الحقيقية.
وهو الحزب الذي لم يشكل أي مراجعه نظريه واضحة لمقولاته السابقة.. بل قام تبني خطاب تعميمي يتداخل فيه الحس القومي مع الإسلامي دون أي محاولة للتمايز عن هذين الخطابين. بل أنه ينكر – وبشكل فيه خجل – تراثه الماركسي. ( رغم أنني لا أطالب بالرجوع للموقع الماركسي اللينني بل أريد من الحزب أن يحدد موقع جديد على المستوى النظري يتبنى فيه اشتراكيه ديمقراطيه واضحة الملامح.. وأن يتخلى عن هذا الخط الديماغوجي الذي بدأ يُفقده احترامه )
لا انفي أنني أتحدث وأنا مُصاب بخيبة حقيقية من حزب انتسبت إليه على الأقل بالمستوى العاطفي.. حزب أصبح يلعب فقط على التوازنات. كنت أشاهد الصور المنقولة من قاعه المؤتمرات التي انعقد فيها مؤتمر الحزب ( القاعة ذاتها التي اغتيل فيها المناضل السياسي جار الله عمر، وأنا شخصياً انفر من استخدام كلمة شهيد المليئة بالدلالات الدينية ).. كانت الصور تنقل الجانب النسوي في القاعة المعزول بشكل ضمني غير معلن عن الرجال ( ضمن منطق الحرملك ) وهن نساء الأغلبية الساحقة منهن يرتدين النقاب الإسلامي الذي يسمح فقط بالعينين.. أي أنهن يرتدين النقاب الإسلامي ضمن التصور المتشدد منه . تصوروا القطاع النسوي في الحزب الاشتراكي اليمني قطاع ملتزم بضوابط الشريعة ضمن التصور السلفي......
من المخيف الحديث عن هذه التفاصيل التي تؤشر نحو تحول هذا الحزب من الحامل الأساسي لقضايا التحديث في اليمن إلى حزب يقدم تنازلات متوالية للبنيه المحافظة في البلد ضمن منطق يرغب فقط في عدم خوض الصدام، ويرغب في الحفاظ على رصيد شعبي بأي صيغه كانت، ولا يستطيع إنجاز تصور نظري تجاه الذي يبتغيه أو ما يرغب بانجازه من تحولات اجتماعيه وثقافيه وسياسيه ستصدم بالضرورة بهذه الآلية المراوغة والمتذبذبة من العمل والتي لا تقرر شيء، ولا تحسم نتيجة.
الحزب الاشتراكي اليمني يعقد مؤتمره الخامس.. وهو يثير انتباه الجميع بخطاب ذو صوت عالي تجاه السلطة.. ولكنه لا يستطيع رفع صوته أبداً تجاه مشاكل البلد بالمعنى الاجتماعي ( هل يمكن أن نعترف كيمنيين أننا كشعب من أكثر الشعوب محافظه وتخلفاً على المستوى الاجتماعي؟؟!! )هذا بالإضافة إلى أنه لم يعد يتبنى بشكل واضح حقوق المختلفين أو حتى يوضح موقفه منهم ( بكافة تعبيراتهم، ابتداء من السكارى وانتهاء بالمثليين والعاهرات ) في بلد محافظ مثل اليمن.. على الأقل لم يستطع أن يجسد هؤلاء المختلفين في بنيته.
إن الحزب الاشتراكي اليمني يخسر بشكل حقيقي جماهيره الحقيقية.. وهو يستنزف المعجبين به. وهو لا يكف عن استثمار أسماء وتواريخ سابقه أصبحت لا تشكل أي رأسمال رمزي لأجيال جديدة لا تنتمي لتراث الثورة التي قدمها والخيار اليساري الذي كان رائجاً في ما سبق.
هناك سؤال حقيقي يتبادر على الذهن حين نتحدث عن كون أي شخص اشتراكي يمني: هل أنت مختلف.. هل لك موقف مختلف ومتمايز عن الأحزاب الأخرى في اليمن.. هل أنت أكثر تقدميه في القضايا الاجتماعية في اليمن؟؟، وبالتأكيد في ما يتعلق بالمرأة؟؟. هل أنت تمنح الآخرين نموذج نقدي يستطيع أن يفكك الأخر المحافظ ضمن المستوى النظري واليومي؟.
لم يعد الحزب يؤهل أفراده لأن يكونوا مختلفين أبداً.. بل أصبح ينتج إفراد براجمتين فقط يمثلون تعبير سياسي فقط، ولا يمثلون بأي صيغه موقع ثقافي يساري أكثر تقدميه من التعبيرات السياسية والثقافية والاجتماعية الأخرى في البلد. لم يعد حتى مشغولاً بهذه الفكرة. تصوروا إن همه أصبح هو تسوية المسائل القديمة بين تياراته.. وأصبح على أعضاء الحزب أن يدركوا فقط ( حسب توصيات بيان المؤتمر الختامي ) أهمية عبد الفتاح إسماعيل و قحطان الشعبي وسالم ربيع علي ( رغم احترامي الشديد لرأسمالهم الرمزي )
هو لم يعد مشغول أبداً بتأهيل أفراده نظرياً.. لم يعد مشغول بخلق رصيد مدني حقيقي لأفراده عبر تمرينهم على الحوار مع الآخرين.. لم يعد مشغول بتحقيق موقع متقدم لحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية ( تصورا أن الحزب الاشتراكي اليمني يختصر كل مشكلات المرأة بخلق كوتا نسائيه لها في الحزب وفي كافه مؤسسات الدولة.. هذا يعني أن مشكله المرأة تتعلق فقط برقمها في هذه التعبيرات.. ولا يتعلق أبداً بموقعها الاجتماعي وبمدى الحرية الحقيقية الممنوحة لها على المستوى الاجتماعي ومدى ما حققته من مساواة!! ).. لم يعد مشغول بخلق موقع متقدم للفعالية المدنية المؤسسة على التساوي وتحصيل المعرفة النقدية.
أصبحت المسالة الأكثر أهميه – والتي تناولتها وسائل الإعلام المختلفة على المستوى المحلي في اليمن أو على المستوى الإقليمي – هو من سيصعد على موقع الأمين العام وما هو التيار السياسي الذي سيأخذ موقع أكثر أولوية ضمن اختيارات الحزب على الصعيد السياسي ( هل هو التيار الجنوبي أم التيار الشمالي!!) .

الحزب الاشتراكي اليمني أصبح حزب جيد لشكل من التسويات الرديئة لأي شخص يبتغي موقع متوسط
( أن لم أقل رديء ) في إطار الاختلاف اليمني حول الضرورات اللازمة لتطور البلد. وهو حزب أغلق على كل من تبنى خياراته سابقاً أي منفذ لكي يتبنى موقع متمايز عن الأخر في المشهد السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي اليمني.

لا أنسى في الأخير أن اذكر تفاؤلي بالتوقعات التي تتحدث عن تسلم الدكتور ياسين سعيد نعمان موقع الأمين العام للحزب.. بما يمثله من حضور عالي على المستوى الثقافي والجماهيري.. وهو حضور أتمنى أن يساعد الحزب على تجاوز مشكلاته وتذبذبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات عنيفة واعتقال عدد من المتظاهرين المؤيدين لغزة قرب م


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين حاولوا اقتحام الـ-م




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا


.. عنف الشرطة الأميركية ضد المتظاهرين المتضامنين مع #غزة




.. ما الذي تحقق لحركة حماس والفصائل الفلسطينية من القبول على مق