الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش و السودان

مازن صلاح الأمير

2014 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بساعته الباهظة ، صعد البغدادي منبر مسجد الموصل ، في مشهد طال بحساب زمن ساعته 10 دقائق لكنه فعليا جر الزمن من ذيله 14 قرنا للوراء ، و حتى حينما عاد لم يجد غير قديم لم يتجدد (لقد وليت عليكم و لست بخيركم) ليفتتح به عهد خلافته أو خرافته ،لا يهم فطعم الفجيعة في القلب سواء ..
الدولة الإسلامية في العراق و الشام و التي تسمى إختصارا بداعش و التي يعتبر الزرقاوي أبو مصعب مؤسسا لها توالت عليها أربع رئاسات آخرها عند البغدادي و الذي شهدت فترته على خلاف الآخرين نشاطا جهاديا مكثفا في جبهتي سوريا و العراق ، و تضم داعش فيما تضمه من (خبوب و ربوب) قاعديون سابقون و مقاتلون و ضباط بعثيون كانو ضمن جيش صدام حسين المحلول ، و كما أسلفنا فإن نشاط الدواعش الجهادي في سوريا و العراق و سيطرتهم على مدن إستراتيجية مثل حلب و الموصل جعلهم يميطون لثام التقية عن خارطة دولتهم المرتجاة من أوربا القديمة حتى اليمن و من حدود الهند و السند حتى الأندلس - حسب تسمياتهم - ، فالدولة التي ترفع علم الخلافة الأسود تلتزم بكافة قوائم إرهاب اﻹ-;---;--سلام السياسي فليست هي بالحركة الدعوية بل نموذج أكثر سلطوية و شراسة بين كل نماذج الأصوليات الدينية التي مرت على سجاد المنطقة ..
و لكي نناقش الأمر في لبه يجب أخذ ما إستشكل في فهم أمرهم و سبر غورهم ، و كما ذكرنا عاليه فإن الحركة الأصولية الوحيدة في المنطقة التي تخوض حربا مباشرة ضد دولة بكامل جيشها و تحالفاتها و بل تسيطر على بقاع كبيرة و تطمح في المزيد ، أو كما ذكر خليفتهم (حتى روما) ، أمر يدعو للتساؤل حول مصدر تمويلهم و تدريبهم ، و بالطبع لكي يستلين العاصي وجب أخذ الأمر من أعين المراقبين على عقب الفعل منهم و خصوصا دخولهم كطرف ثالث في معادلة الأزمة السورية بعد أن كانت المواجهة محصورة بين النظام البعثي في دمشق و المعارضة السورية و جناحها العسكري الجيش الحر ، ظهرت جماعات سلفية كان طليعتها في المكان جبهة النصرة السلفية التي يرجح تمويلها الخليجي و لتأتي من بعد داعش و التي في فترة وجيزة إستطاعت أن تسيطر على مناطق واسعة داخل نطاق سيطرة المعارضة مما يعني أنهم بكل تأكيد واجهو فقط جيش المعارضة و لم يجرؤا أو للدقة لم يكونوا (مدفوعين) لمواجهة جيش الأسد في مناطق سيطرته و هو بالطبع ما أضعف قوى المعارضة و زاد من أمد الحرب زمانا لصعوبة خيار الحسم العسكري بالنسبة للجيش الحر كون أنه أصبح يقاتل في جبهتين تقاتلانه منفرداً ، و جمر التسوية السياسية دون محاسبة النظام على جرائمه مما يجعل في حكم الراجح إنطفاء الثورة تحت خرير التبول الجهادي على جذوتها الديمقراطية ، مما زاد الأمر ضغثا على إبالة على مجمل المشهد و طعمه بالقباحة ..
في الجانب الآخر من مسرح العبث و في الأراضي العراقية و بعمليات نوعية سريعة و خاطفة إختطفت داعش عدة مدن و غرزت في أعينها رايتها السوداء ، و شهدت هذه الفترة القصيرة تتويج كامل عصور الإنحطاط و بلوغ نرجسية جروح الكولونيل منتهاها بإعلان دولة الخلافة الإسلامية كتمرد أولي على نمط الدولة الحديثة و كتطبيق لنص يتكئون عليه ، و لكن ما كان أكثر إدهاشا بالنسبة لي هو البيان الصادر من (القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي) و المصدر بأنه يختص بالإوضاع في المنطقة العربية ، تحدث البيان بلسان المصفق و بيد الطروب مسميا ما يحدث في العراق بالثورة و واصفا مكوناتها بـ (قوى الفعل المقاوم المؤتلفة في جبهة الجهاد و التحرير و الخلاص ، قوة تعيد للحياة السياسية العراقية توازنها) ، و لهج لسان البيان بذكر الأوضاع في المناطق كلها و إختص بالذكر مصر و سوريا و البحرين و لم يذكر أو لم يهتم بذكر السودان و لم يأبه لأمره على الرغم من أننا نملك طيفا واسعا من القوميين العرب يفوق عدد تنظيماتهم الستة أو الخمس و هو لعمري أضخم من عدد تنظيماتهم في سوريا و العراق مجتمعتين ! ، و ختم البيان بجملة تحايا إختص إحداها لشخص (عزة إبراهيم الدوري) الأمين العام للحزب و قائد جبهة الجهاد و التحرير كما وصفه البيان ، و الذي أظنه قد يشكل إجابة والو جزئيا عن سؤال التمويل و التدريب و القيادة ..
و بالعودة لشأن السؤال ، أولا بحساب الموقف السياسي و إن كان بيان القيادة القومية يعبر فعلا عن موقف البعث و يحسم علاقة البعث بداعش و يقر بقيادته لها و بالتعريج على مضمونه و كما ذكرنا قفزه تهوينا عن ذكر الشأن السوداني ، مع العلم أن أحد الأحزاب البعثية في السودان أصدر بيانا مطابقا وقد يكون سابقا في الهتاف و التبجيل للحركة الجهادية في العراق مؤكدا بأنها ضد أذيال الغرب و مجسدا لموقف يتسم بخفة و رشاقة ليلية .! ، و هو ما يجعلنا نؤكد ما إستبان للغالب منذ أمد متطاول بأن مجهودات البعض في المسوح بالتعرب و هو في هامش مركزهم ثقافيا و جغرافيا لن يجعل منهم أكثر أولوية من قضايا أكثر مركزية بالنسبة لهم مثل فلسطين و سوريا و العراق و البحرين و مصر ..
و من جهة أخرى إن كان أمر داعش مفصول تماما عن ما سقناه عاليه ، و إن ثبت بأنهم دعاة شريعة و خلافة فقط ، فقطعا أمر السودان ليس مركزيا أيضا لهم و لا أمرهم حلم بالنسبة لنا ، و قد يشي بذلك تقسيمهم الذي وضعوه على خارطتهم ، إذ أنهم دمجوا السودان و إثيوبيا و إرتيريا في قالب واحد سمي بأرض الحبشة ، و خيرٌ ما فعلوا ، من حيث أنهم وضعونا مباشرة أمام تصورين نابعين منهما ، الأول الإعتراف بإفريقية السودان و تسديد طعنة باذخة في صدر دعاوى الإستعراب و كذبة (نحنا و مصر حتة واحدة) ، الثانية إبداء عفتهم عن أمر بيعتنا بحيث أننا إن صنفنا في خانة الأحباش فإنهم كما في الأثر (إن جاعوا سرقوا و إن شبعوا زنوا) ، فلا خير فيهم يرتجى إلا تجارة يطلبون بها فضل من الله و منة ، و أيضا من موانع حمل السودان بهم هو زهدهم المتوقع في أي محاولة للزحف نحو السودان - إن كفينا بأس الشر المقيم - ، لإفتراض أنه لجماعة أصولية تسعى للوصول للسلطة مما يستدعي أن تحصل على موارد سريعة و بقاع جديدة فإن السودان و بترديه اﻹ-;---;--قتصادي المريع و حروبه القائمة ليس مكانا محبذا لهم ، و غير ذلك فإن النظام مع إدعائاته بالأصولية و دفاعه عن الشريعة فإن واقعة مريم يحيى تبثت إرتخاء عزم الإسلاميين للشريعة أمام غلظة العصا الأمريكية مما سيحتم عليهم مواجهتم إن مد الله في آجالهم ..
ختاما و إن صار غير كل الذي سقناه ، فإنه و بمطلع العصور التي نحن فيها فإن تواجد أصوليات دينية جهادية يحتم و بكل عجلة إطالة النظر و الفحص في السرديات الكبرى و تنقيب التراث و هز اليقينيات و تفكيك الشعارات الكاذبة كالتي فوق رؤوسنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ