الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة أخرى نحو دولة الحداثة والإصلاح ..

مسَلم الكساسبة

2014 / 7 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


أرابط هنا على الشبكة الالكترونية وبشكل دائم منذ عام 2000مـ تقريبا ..ولم انقطع عن الكتابة في شتى المواضيع ، لكن بالمجمل فقد تركزت معظم كتاباتي حول اطروحة واحدة وما تفرع عنها هي الديموقراطية والاصلاح السياسي ومحاربة الجهل والتخلف العلمي والتقني الذي اعتقدت وما زلت أنه حجر الزاوية في تخلفنا وسوء حالنا كعرب..

وحينما بدأت موجات الربيع العربي شعرت بأن ثمرة ونتيجة ما قد بدأت تتبلور ، وبيني وبين نفسي شعرت بشيء من الرضا والامتنان ، شعور مبعثه الاحساس الشخصي انها مساهمة وتأثير من نوع ما مع من ساهموا في هذا الجهد ، مساهمة اثمرت ولم تضع سدى ، وهو شعور قلت يخصني لم اعبر عنه او افضي به لاحد .

وبعد المسارات التي اخذتها الاحداث في دول الربيع العربي عقب الاطاحة بالانظمة فيها - مصر- ليبيا بل وفي تونس واليمن - شعرت انه من السذاجة بمكان ان تفكر ان الاطاحة برئيس دولة او نظام سياسي ما يحل المشكلة ، او تفكر ان الاستبداد ينبع من النظام السياسي بينما هو في كثير من الاحيان مجرد يتجلى فيه كمظهر اوضح من مظاهر الاستبداد والتخلف .. فتبلورت لدي رؤية ومقاربة مختلفة نوعا ما ،

ان الامر يشبه في الطب ان تظن انك اديت ما يجب حين تستأصل ثؤلولا او طفحا او خراجا ظاهرا على الجلد ودون أن تنتبه أن جذوره ومغذياته ما زالت متفشية في الجسد فتكتشف بعد فترة ان الثؤلول عاد للنمو من جديد ..وان العلاج لا يبدا من عند الثالول نفسه بل من مكان او امكنة اخرى في الجسد فيذبل ويموت ويختفي لوحده دون أن تقترب منه او تمسه بمبضع او دواء.

فاستقر في الوعي ان الاستبداد قيم وثقافة وعقلية Mentality قائمة بذاتها متفشية في التكوينات الاجتماعية الثقافية ، وما الاستبداد السياسي الا احد مظاهرها وتجلياتها ، تماما كمثال العلة في الاحشاء الداخلية ومظاهرها على الجلد والاعضاء الخارجية فالعلاج لا يبدأ من تلك المظاهر بل من اسبابها الكامنة في الجسد .

ثم تبلورت – من واقع الصراع الحي مع الاستبداد والتخلف - رؤية اخرى هي ان الاصلاح في الدولة القطرية غير ممكن وان هناك تناقضات فظيعة وقتالة لا يقضي عليها ولا يصهرها ويذيبها الا جسد اكبر من الجسد القطري ، ولا اتحدث عن الوحدة من وجهة نظر قومية شوفينية بل من وجهة نظر عملية براغماتية انسانية معا .. وكحل يأخذ في اعتباره الهم الانساني قبل الهم الوطني القومي المحلي .. ان وحدة العرب هي سبيل خلاص الشعوب الاخرى ايضا بدورها من الشرور والمعضلات التي تسببها فرقتهم وتناقض كياناتهم مع بعضها ومع غيرها .. تلك التناقضات الخطرة والمسمومة التي لن يذيبها ويصهرها الا كيان اعلى من الكيان القطري هو الكيان العربي الواحد واكرر ليس بدوافع او مفهوم القوميين او من زاوية استعلائية شوفينية ضيقة بل من زاوية رحبة انسانية عالمية محبة ورحيمة ..
ان دولة عربية مدنية قوية وموحدة تقوم على المواطنة والحقوق المتساوية من شأنها ان تقطع الطريق على تلك الجماعات الظلامية التي تجد لها في الاحساس بالظلم والاحباط لدى الناس وفي الصراعات البينية وتناقض المصالح بين المجموعة العربية بيئة خصبة لنموها ولدغدغة مشاعر المسحوقين وهروب بعض الناس من يأسهم وشعورهم بالظلم اليها وتأييد فكرها الظلامي .. لا بل وتقطع الطريق على كل الفتن والقلاقل من كل نوع .

ولو فكرت القوى العظمى التي تعارض وحدة العرب في دولة قوية موحدة لوجدت ان المشاكل والانعكاسات الخطيرة التي تنشأ نتيجة لتفرق ما من شأنه التجمع وتقسيم ما من حقه الوحدة والصراع الناتج عن تعارض المصالح بين اجزائه تفوق بكثير المخاطر المتوقعة نتيجة القوة الناتجة عن اتحاده.. وان ما تحتاجه للتعاطي مع دولة قوية محترمة ومتحضرة اهون بكثير مما تحتاجه لإدارة الصراع في كيانات مفككة فاشلة يسودها الصراع وتعارض المصالح .. والتي لا قصد ولا ثمرة تطالنا من الحفاظ على تفككها سوى اضعافها وحلق التناقضات بينها والحفاظ على تعارض المصالح فيما بينها غير ناظرين من الزوايا الأخرى للمشاكل والانعكاسات الخطيرة الأخرى التي تنتج عن هكذا وضع في مقابل تلك "الفائدة " – من وجهة نظر تلك القوى - المرجوة منه.
ان الجهود والكلف التي تتكبدها أمريكا والعالم لإدارة الصراع بين اجزاء الوطن العربي المفككة - ومع ذلك لا تفلح في ادارته وابقائه في حدود ما تحت السيطرة- هي اضعاف الجهود والكلف التي تحتاجها لإدارة ولاياتها الخمسين , وهي بالتأكيد اضعاف الجهود والكلف التي ستحتاجها للتعامل مع دولة واحدة محترمة قادرة على ضبط وحفظ الامن والسلم الداخلي في ولاياتها واعمالها .. والمساهمة بحفظه في العالم .

إن من شان دولة عربية موحدة يتم انشاؤها على احترام المواثيق الدولية والالتزام بالأمن والسلم العالميين ان توفر على العالم الكثير من الشرور الناتجة عن وجود امة مفككة تدب الصراعات بين اجزائها ومكوناتها وتهدد بذلك السلم والاستقرار العالميين.
وان تفكك العرب وخلق تعارض المصالح بين كياناتهم الهشة هو ما يجعل تلك الكيانات المفككة الهزيلة تعيش قلقا وجوديا ملازما مزمنا مع ما يتبعه من رعب وخصائص تنعكس في انفس وطباع الناس انفسهم وسلوكهم فتبقى كيانات هشة متخلفة فتبقى خارج دائرة الفعل الحضاري الانساني اقصى جهدها الحفاظ على حياتها بحياكة المشاكل وافتعال المؤامرات بالتالي كونها سببا من اسباب القلق والقلاقل وزعزعة الاستقرار الاقليمي والعالمي ، تعتاش على خلق الصراعات البينية والتحالف والتآمر مع الأغيار ضد بعضها .. كل منها ينشد البقاء والاستمرار بأي ثمن بينما من شأن دولة كبرى ان تكون محترمة وحجر اساس في ارساء الاستقرار والسلم العالمي .

ان الاصلاح يقتضي دولة المواطنة والحقوق المتساوية وهذا غير ممكن في ظل خيمة الدولة القطرية التي هي فعلا خيمة وليست بيتا ثابت الاركان والدعائم.
إذ من الصعب تحقيق دولة المواطنة والحقوق المتساوية في الدولة القطرية وبنفس الوقت ضمان استقرارها ورضى مواطنيها ...
اذ لا يمكن ان يقبل مواطن أي قطر عربي ما ، اللبناني أو السوري أو المصري أو ....الخ - أقول لا يمكن أن يقبل عن طيب خاطر وقناعة بأن يحظى مواطن عربي اخر بالمواطنة والحقوق الكاملة لديه في حين ان لذلك المواطن قطر ودولة وهوية قائمة فعلا ، فيكون لعربي ما دولتان وجنسيتان وحقان وهويتان ولغيره دولة واحدة وحق واحد ؟

وهذا سينتهي في حال اقيمت دولة واحدة للجميع وستصبح المواطنة والحقوق المتساوية بها تحصيل حاصل حين تنتفي ازدواجية الجنسية والولاء ,, ويذوب الجميع في كيان واحد
بل وفي ظل هكذا دولة سينتهي استغلال الاسلام واختطافه وسيكون جزء من ثقافة وتقاليد دولة محترمة ملتزمة بتقاليد الحضارة الانسانية والتمدن ..ضمن حرية كاملة لكل الاطياف والمكونات في معتقدها ودينها وثقافتها بما لا يمس أو يتعارض مع قواعد واسس مدنية الدولة .

وفي حين تجد هناك حساسيات حتى بين العرب من جنسيات مختلفة او حتى العرب مواطنو نفس القطر وفقا لتصنيفات معينة في الدولة القطرية فإن هذه الحساسيات ستختفي تماما حتى مع المكونات الاخرى غير العربية في الدولة الموحدة
إن شعور الانسان العربي بالمهانة والضعة واحساسه بتخلف امته عن مسيرة الحضارة وركب الامم هو ما جعله انسانا مستوحشا مستهترا بالقيم واضعف التزامه بقيم الحضارة والمدنية .. وهذا كله سيزول تلقائيا اذا وجد نفسه في دولة حرة محترمة تكافئ بقامتها بقية الدول وتليق بمواطن قر في وعيه انه ينتمي لأمة كبرى لا لقطر مجزوء من امة .

على أن تلك الوحدة لا يمكن ولا بحال من الاحوال ان تتم بالقوة والجبر او بتفاهمات بين الانظمة دون رضا الشعوب ومباركتها ووفق شروطها وتصورها لتلك الوحدة ، ولا ان تدعيها فئة ما من فئات الامة وتعتبرها منة من مننها وثمرة لنضالاتها او تسعى مقابل تلك الدعوى للحكم والسلطة .. بل يجب ان تنبع من ضمير ووجدان الامة ذاتها الواعية المتمثلة تماما للبعد الانساني والمحلي والقيمة المضافة التي تحققها له ولوجوده وكينونته مثل تلك الدولة في حال نهضت واصبحت حقيقة واقعة.
إن دولة الوحدة تلك هي الحل السحري لكل تلك المشكلات ولإنهاء الضغط النفسي والقلق الوجودي المرعب الذي تعاني منه تلك القطريات الهزيلة سواء على مستوى الانظمة او الشعوب .والذي مله ومسخ انفس الناس واخلاقهم وجعل منهم صورة مطابقة لأنظمتهم الهزيلة ، بشرا هزيلين في طباعهم هزيلين في احلامهم هزيلين في تفكيرهم وجنوح ذلك التفكير لمجافاة الإبداع والخلق ..مستهترين بالقيم العليا التي يحرص عليها البشر ويدافعون عنها، واتحدث عن دولة مدنية حرة متحضرة تحفظ حقوق الأقليات وتتيح لها الحرية في الخيار الذي تقرره للشكل الذي تقرره للانضواء تحت لواء تلك الدولة او حتى الاستقلال بكيان يحصها ضمن اية صيغة تقترح.

وفي دولة الوحدة تلك لن يجد الناس ضيرا ابدا ان ينتخب عربي من أية اصول حتى غير عربية بل حتى يهودي لرئاسة الدولة اذا كان صالحا كما حدث في امريكا الموحدة ان انتخب امريكي من اصول افريقية ، في حين يجد رعايا القطر العربي الواحد ضيرا وربما مهانة لهم ان يتولى حتى مجرد حقيبة وزارة ما شخص ولو كان عربيا ينتمي في اصوله لقطر عربي اخر وهو ما يؤكد لنا ان العقد والمشاكل في أغلبها هي من القطرية واليها تعود .

فهل تعي ذلك تلك الدول العظمى التي تتحكم بمصائر العالم والتي تظن خطأ ان مصالحها هي مع عرب مفككين متصارعين وليس عربا متحدين أقوياء ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات