الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح داعش

احمد الطالبي

2014 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أعلن المدعو أبو بكر البغدادي أخيرا نفسه خليفة للمسلملين ،و دعاهم إلى بيعته وطاعته.

وموازاة مع النداء و الإعلان، تم نشر خريطة لما يسمى دولة الخلافة الإسلامية الممتدة من خراسان شرقا ، إلى المغرب و أسبانيا غربا ، مرورا بالحبشة و الكنانة ، وهي خريطة بلون اسود، ولست اعرف هل جاء ذلك اعتباطا أم مقصودا ،و الأرجح أن يكون مقصودا ، لأن الأسود عموما تستعمله جل الحركات الإرهابية المسماة جهادية لونا لأعلامها.
حسنا ، هو حدث لا يمكن أن يمر أمام أعيننا مرورا لكرام ، بل يستحق تناوله ولو في بضع كلمات بالنظر إلى أهميته كحدث إعلامي و بالنظر كذلك إلى التحركات التي تعبر عنه في الواقع، بل و أخيرا وذلك أهم ، بالنظر إلى السياقات الجيوسياسية التي أفرزته .
ومع أنه لا يختلف اثنان على أن المخابرات الأمريكية وعملاؤها في المنطقة حاضرون بقوة ، فإننا سنعمل على تجاوز هذا المعطى وتناول الحدث كفكرة وعلاقته بانتظارات الشعوب الإسلامية وتطلعها إلى التنمية و الحرية و الديمقراطية ، خاصة و أن الحدث أعقب ما يسمى بانتفاضات الربيع ، التي طالبت بإسقاط الاستبداد و الظلم و الفساد .
فهل مشروع داعش يدخل في هذا الباب ؟

للإجابة عن السؤال ، لابد من تناول إعلان البغدادي و تفكيكه و ربطه بسياقات الحاضر في مضمونه الحضاري الكوني ، وليس باليوتوبيا المسيطرة على وعي المسلم البسيط ، والمرتبطة أساسا بوعي تاريخي مقلوب ومزيف ، تم فيه تغييب مجموعة من الحقائق الصادمة ، المرتبطة بما يسمى دولة الخلافة الإسلامية في العهد الراشدي الذي تصر الشكيزوفرينيا الإسلامية على القفز على جراحاته و مآسيه وتغييب فضائحه وووو

- عن الدولة :

لم يعد مقبولا تناول مفهوم الدولة خارج اجتهادات فكر الأنوار ، إذا كنا فعلا نرغب في ترسيخ الحرية و الديمقراطية ، هذا الفكر الذي يعلمنا أن الدولة تعاقد اجتماعي وسياسي لضمان الحقوق والحريات الجماعية و الفردية ، وكل فكرة عن الدولة خارجة عن التعاقد بمفهومه الحديث ، هي بالضرورة باطلة لأنها لا تتماشى و روح العصر ، وهذا ما ينطبق على دولة داعش التي أعلنها البغدادي من جانب واحد و تحت قوة الحديد و النار، وفي المحصلة هي مشروع ضد الديمقراطية والحداثة..

- عن الخلافة الإسلامية

أردف البغدادي نعتا لخلافته ، ونعتها بالإسلامية ، ليوحي لنا بأن الدولة التي سينشئها هي ضد دولة أخرى غير إسلامية ، لإثارة المخيال الجماعي لكثل بشرية حاملة لوعي تاريخي مغلوط ومزيف كما أشرت سابقا ، في حين أن الدول القائمة الآن كلها تنص على إسلاميتها في دساتيرها ، ولم نر منها ومن حكامها غير القمع و الاستبداد و الفساد وتقديس ما لا يقدس ، فماذا ستكون القيمة المضافة لدولة البغدادي ، غير مزيد من الاستبداد المقدس وهدر للحقوق الإنسانية الأساسية تحت طائلة طاعة ولي الأمر و بيعته ، وربما العودة لأزمنة العبيد و الإماء وملك اليمين الذي شرعه النص مما يتنافى وما بلغته الحضارة الإنسانية من رقي بالإنسان وحريته وبكرامته...

- عن الخلافة تاريخيا :

كل المسلمين يعلمون أن الرسول – ص- مات ولم يوصي لأحد بالخلافة من بعده ،ويعلمون كذلك أنه قال بأننا أعلم بأمور دنيانا ، ويعلمون كذلك وقائع سقيفة بني ساعده في الصراع على السلطة بين المهاجرين و الأنصار من جهة ، وبين المهاجرين فيما بينهم من جهة أخرى ، وهي حقائق تاريخية لا يمكن القفز عليها ، ويعلمون كذلك ما أعقب ذلك من صراعات و فتن : مقتل عثمان – حرب الجمل بين عائشة وعلي – حرب صفين وانقسام المسلمين إلى شيعة وخوارج –خدعة التحكيم و انقسام الأمة – مقتل علي – مقتل الحسين بن علي ووووو ، مما يترتب عنه ترجيح إسم : خلافة الفتنة ...
وإذا استحضرنا فساد دولة الأمويين وما رافقها من استبداد و عنف ، من قبيل محاصرة إبن الزبير ومعه آلاف العزل في مكة ، وقذف الكعبة بالمنجنيق مرورا كذلك بتجاوزات الخلفاء العباسيين ، وإسرافهم يتبين أن ما يحمله الوعي الإسلامي من صورعن ما يسمى بالخلافة الإسلامية ، ما هو إلا تعويض سيكولوجي عن إخفاقات جماعية في مواجهة تحديات العصر الحضارية التي نجح فيها الآخر نجاحات باهرة ، وما هو كذلك سوى تعبير عن عجز مزمن أمام صدمة الحداثة .

و إذا كان البغدادي سيؤدي دوره كما أداه من قبله سابقا ما سمي بمجاهدي أفغانستان الذين أعادوا البلاد إلى القرون الوسطى ، فإن مسؤولية الأحرار من مثقفين و مفكرين و علماء دين تبقى قائمة في مواجهة هذه أللخبطة ، وتحرير الوعي من أجل بناء الإنسان الحر ، و الانخراط في بناء الدولة المدنية القائمة على حرية الضمير و التفكير واحترام كرامة الإنسان ...

فلتسقط دولة داعش و ليسقط معها الفساد و الاستبداد....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال