الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرافعة تحت التراب

احمد الطالبي

2014 / 7 / 9
الادب والفن


و أنا في قبري ، جاءني الملك يسالني :

- من هو ربك ؟
- أجبت : لا أعرف ....

ما هو دينك ؟
- أجبت : لا أعرف

- من هو نبيك ؟
- أجبت لا أعرف.

- تملكني الخوف و الوجل في حضرة الملاك ، و أنا أجيب عن الأسئلة ......

سكت قليلا ، تأملني جيدا وقال :

- لقد تأثرت لحالك ، انت بلا شك من الطيبين ، فكيف فاتك أن تعرف الجواب ؟ و بما أنك طيب ، ساعطيك فرصة للترافع و الدفاع عن نفسك ، لعله جل و علا ،يشملك بعطفه و رحمته التي و سعت كل شيء ، فإنما أمره إذا أرا شيئا أن يقول له كن فيكون ..

- إطمأنت نفسي واستجمعت قواي وبقلب حزين قلت له شكرا سيدي ، لكن كيف سأرافع و ليست لدي بدلة محامي .؟
- قال إصنعها من كفنك .
- فعلت ما قال لي ، لبست بدلتي و ترافعت قائلا :

- سيدي إنني فعلا كما قلت من الطيبين ، الصادقين ، الخيرين ، المؤمنين ..أنا من المغرب ، أنا ابن الأقاصي، أنا ابن الجبل ، أنا من انفكو ،من تمحضيت من الريف ، من طاطا من ورزازات من من من من ......و تعرفون سيدي أن نصيبنا من البلاد هو القهر و التهميش ، لا صحة لا عمل و لا طرق و لا مدارس . فكيف سأعرف الجواب سيدي والدولة تحاصرني بالجهل و الأمية و القهر و الظلم و الإستبداد ...

كان صوتي جهوريا قويا واضحا يزلزل تحت الأرض ، وكان له لا محالة صدى في السماء ..........

وأنا أترافع ، دخلت علينا اجهزة أمن الدولة من كل الأصناف المدنية و العسكرية . وضعوا القيد في معصمي و العصابة على عيني ، و أخرجوني من القبر إلى التحقيق .

بعد التحقيق ، صكوا لي اتهاما غريبا : تهديد أمن الدولة الدنيوي و الأخروي .
قدموني للمحكمة ، في الجلسة سالني القاضي عن هويتي :

- ما اسمك ؟
- اجبت المغرب .

-ما اسم ابيك ؟
- أجبت المغرب

- ما اسم أمك ؟
- أجبت المغرب

- ليديك سوابق ؟
- نعم سيدي القاضي ....

- ما هي سوابقك ؟
- حب الوطن و فقراء الوطن سيدي ، و النضال من اجل الكرامة و المساواة و العدالة ودحر الظلم عن مقهوري بلدي ..

بعد أن تأكد من صحة المعلومات ، وبأنني هو المتهم الحقيقي ، طرح علي اسئلة اخرى عن وقائع القضية ، فأجبت عنها بصدق الإنسان المؤمن بعدالة قضيته ...

.وبعد أن كنت آخر من تكلم ، انسحبت المحكمة للمداولة ،.و عند النطق بالحكم أحضروني مقيدا ومكفنا ، ووقفت لأسمع حكمي، فقال القاضي :


إقتنعت المحكمة بالتهم المنسوبة للضنين : أفرغوا في فمه محيطا من الرصاص المحمي ، وانصبوا له تماثيل في كل الساحات ، وضعو على كل تمثال لوحة ، و اكتبوا على كل لوحة قصته ، و اختموها بعبارة - فاعتبروا يا أولي الألباب-

عندما أكمل القاضي النطق بالحكم ، سمعت اصواتا تصيح :

يا وطن الضعفاء تكامل ، يا وطن الأنبياء تكامل ، يا وطن الضائعين تكامل يا وطن الفقراء ..........
فبدات اغني أنا ايضا ، فردد معي من في القاعة : يا وطن الأنبياء ، فهرب القاضي .......

- خرجنا نطوف في المدينة و نغني : يا وطن الأنبياء ، يا وطن الفقراء ، يا وطن الضعفاء تكامل تكامل تكامل ..
إنضم إلى جوقتنا كل المشردين و الفقراء و الضعفاء والمقهورين ، فمضينا نصيح و نغني ، فزغردت لنا أرواح الشهداء .

عند باب المقبرة ، انسحبت في صمت وعدت إلى قبري ، وهناك وجدت حمامة صغيرة أعرفها ، ومن يديها تسلمت مفاتيح الجنة ............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خالد النبوي وصبري فواز وهاجر أحمد وأبطال فيلم أهل الكهف يحتف


.. بالقمامة والموسيقى.. حرب نفسية تشتعل بين الكوريتين!| #منصات




.. رئاسة شؤون الحرمين: ترجمة خطبة عرفة إلى 20 لغة لاستهداف الوص


.. عبد الرحمن الشمري.. استدعاء الشاعر السعودي بعد تصريحات اعتبر




.. قطة تخطف أنظار الحضور بعد صعودها على خشبة المسرح أثناء عزف ا