الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تمثلات الشعر الكربلائي المعاصر

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2014 / 7 / 9
الادب والفن


لا بد من الاعتراف اولا بأن الشعر العراقي المعاصر يمر الان بمرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة ترسيخ الهوية , لا سيما بعد مخاضات عسيرة خاضتها الشعرية العراقية وورث وزرها الجيل المعاصر وقد امتدت لأكثر من عقدين من الزمن كان الشعر فيها يصارع من اجل وجوده , هاجس الترسيخ هذا يتجسد بوضوح في الحراك المحتدم والهادئ في الوقت ذاته في محاولة تجاوز حدود الشعر المعروفة الى التداخل الاجناسي , ومحاولة خلق افاق نصية جريئة وجادة على صعيدي الشكل والمضمون ولابد ان نأخذ بالحسبان ان الادب عموما والشعر خاصة يمثل نتاجا فوقيا محكوما بزمنة ومكانه , اذ لا يمكن فهم اي حركة ادبية دون ربطها بحاضرها ليكون هذا كفيلا بتفسير تقلباتها وتموجاتها , ولا شك ان الشعر العراقي لا يشذ عن هذه القاعدة فبوصفه ارهاصا فنيا يسيطر على الساحة الادبية لابد ان يكرس الطابع السياسي والاجتماعي للوضع الراهن . المشهد الشعري في العراق الان يعد وجها من وجوه الحراك الثقافي السائد الذي اصطبغ بلون الاحداث السياسية المتلاحقة وورث تركة سنوات طويلة من التجاذبات السياسية والاجتماعية , فبعد ان كان جيل الثمانينات يمثل محصلة لزمن الحرب , وبعد ان كان الجيل التسعيني ضحية الحصار ــ كما يقول احد الكتاب ــ لم يكن امام الشاعر العراقي المعاصر الا ان يرث تركة ليس من السهولة الافلات منها , تركة المعاناة بكل وجوهها , لذلك فان اهم ما يميز الشعر العراقي في السنوات الماضية ...
وللتدليل على ذلك لا بد من الاشارة الى عدد من الشعراء الشباب الواعدين وسنختار عينة من شعراء كربلاء بوصفهم يجسدون نفس التجديد في النص الشعري المعاصر .
فالشاعر ماجد الخياط ( اديب واعلامي ) يحاول في اكثر من نص له اجتراح مناطق نصية بكر , يقول في نصه (تهديد بالحب ... موعد أخير لإرسال الفدية ) :
احزم كل أيامك الذائبة اجمع كل إخفاقاتك العالقة أرسلها على عنوانٍ ماضٍ جاءك تهديد بالحب اما الحياة او الذكرى .......... قف عند محطات النرجس ستاتي عذبة تداعب حسرة اياك وان تنظر برهة الى الرزنامة هيئ حقيبة احلامك تصنَّع انك تبيع اللحظة لتسلمها عمرك ....... احذر من غضب الاقدار اياك ان تتراجع خطوة لا تضطر القلب ليشقى التهديد صريح جدا ستاتي وحدك لا تصطحب جراح الصدمة اقطع كل هموم رؤوسك لفتح الصفحة وسجل فيها انك تهوى ماذا والا ستخسر ولاخر مرة تلك الفرصة ...
اما حيدر الحاج وهو شاعر واعلامي شاب آخر من كربلاء يحاول لملة ذكرياته القريبة ممزوجة بعبق الحواس في قالب نصي فيه من الجرأة ما يشي بمستقبل واعد لهذا الشاعر , يقول حيدر الحاج في نصه ( ما يتبقى من ليلة حميمة..):
قوةٌ في ذاكرة اللمس وطعمِ القُبَل، وجهٌ أحمر وخدرٌ في الشفاه من ارتفاعِ ضغط الحب، الضوءُ الخافت يمنحك راحةَ اللامبالاة بتسريحة الشَعر وكَي القميص وما ليس له مفعول العقار السماوي، مهارةٌ في تأجيجِ الشغفِ واكتشافِ موهبةِ الغناء بطبقة القرار، فكرةٌ جديدة عن السيجار والثمالة دون كأس، فنُ استخلاصِ الأُكسجين من عطرِ العشق، الكتابةُ بأصابع نزفتْ آخرَ رعشاتِها في لملمةِ الثياب من أرجاء الغرفة.. ثم يبدو المشهدُ شاعرياً أكثر فيما بعد.. تمسحُ عن وجهها ما تبخّرَ من وجعِ الحنين ولهاثِ الشوق تقفزُ عن السرير كَمَنْ حلَّ معادلةً رياضية الجمرُ في وجنتها وفي الصدرِ حطب تبحثُ عن حمّالةِ الحَطب.. قرّاصتها.. وصايا أمِّها.. مسدسِ أبيها وتَبْتَسِم.
اما الشاعر علي الشاهر ( من مواليد 1987) , فقد مارس كتابة النص التقليدي والنص التجديدي بروح طموحة واضحة , يقول في احد نصوصه :
أمّي قبعةٌ ناضجةٌ
وأبي مجنونٌ ساحرْ
أخطأَ أن يخلقني رباً
فأختارَ بأنْ يأتي الشاعر.....
وفي نص آخر يقول علي الشاهر :
خرجتُ من رحِمِ الأحزانِ مرتدياً ثوبَ المذلةِ والحرمانِ والشجنِ
خرجتُ نهداً نحيلاً جُزَّ معطَفُهُ فهل سترضى بنهدٍ غصَّ باللبنِ
ويا عراقُ ترجَّ اللهَ مغفرةً بأنْ يعافَكَ.. تكفي ثورةُ الحزَنِ
فبينَ عمرِكِ والآهاتِ ملحمةٌ تكادُ تعصفُ بالتأريخِ والزمنِ
عروبةُ النِفطِ يا مولايَ عاهرةٌ تُباعُ حيناً وحيناً دونما ثمَنِ
وفي نص آخر يقول علي الشاهر :
(ج. م.)!!...
حلّقَ طفلاً..
وخلالَ العودَةِ للعُشِّ
ضيّعهُ الدرْبُ..
وأغلبُ ظنّهْ..
قدْ ماتَ زعيماً..
أو بطلَ الأبطالِ..
خلّفَ أنثاهُ (الما – ذاقتْ) طعمَ رجولَتِهِ..
إلا في مخدعِهِ البالِ..
خلّفَ أرمَلةً فوقَ رصيفِ تعاستِها
ترسمُ حُظنَهْ..
تبحثُ عن عُمرٍ
ما بينَ بقاياهُ الرمزيّة...
أوسمةً صدئةْ..
صورتُه في معركةٍ يظهرُ فيها كالفارِسْ
نظّارتُهُ السوداءُ كليلٍ دامِسْ..
يلتفُّ برائحةِ الصمْتِ..
بحثتْ فيها..
عن قِطْعةِ خبزٍ.. للأطفالْ..!
حفرَتْ في الصورةِ
في الأشياءِ المنسيّةْ..
كالآمالْ..
وجدتْ خاتمَ عُرسٍ يتلذذُ بالموتِ..
فانتفضَتْ تبْحثُ عن عزرائيلَ لكي يخْطبَها
لجنودِ الحربِ التتريةْ..
وهنالِكَ صَاحَ بها الربُّ
لا تأوي النارُ أو الجنةْ..
يا هذي.. امرأةً (عربيةْ)..!
اما الشاعر حسين الكربلائي وهو شاعر كربلائي شاب امتلك ناصية العمود الشعري , فيقول في نص له :
أصبر على الظلماء يوماً تَقشـــــعُ وأبشر بذاك الفجر نور يــطلــــعُ
عانق ظنون اليأس وابشر بعدها ما خاب من يسعى فربك يسمعُ
واقتل بعمر الليل كل شجونـهـــــم لترى أذان العشق ظهرا يرفــــعُ
عـــــــتق حكـــايتك القديمة إنهـــا كـــــأس مـن الآهات مرا يجـرعُ
فجميلة الحي التي أسميــــــتــهــا برحية الازهـــار ظلــما تــقــلــــعُ
عاهدتها بالورد يوم لقيـــــــــــتها والورد اقسم جل من لا يخـــــــــدعُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا