الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفاعل النصي للمكان في شعر عبد الامير خليل مراد

زيد مظفر الحلي

2014 / 7 / 9
الادب والفن


لم يعد المكان في حركة الابداع الادبي يشغل (( حيز / الحجم / الفراغ )) ، وتعدى ذاك بواسطة اللغة التي نقلته من بوتقة الواقعية التي تعني الحضور الجامد إلى الانحلال الكامل في جسد القصيدة وذهن الشاعر , وبهذا حقق المكان بواسطة اللغة مجال الحلمية التي امحقت الزمان والمكان وطقسيهما , وانحلا في وجدان الشاعر . واتسعت دلالة المكان وأضحت جوهر الصورة الأدبية , إضافة إلى ذلك فان عملية التفاعل النصي لا تعتمد على اللغة وحدها وإنّما تتجاوز ذلك بواسطة اللغة إلى الخيال الذي يجعل المكان يتجاوز الواقع المعاش أو يتناقض معه . ولهذا أصبح المكان رحم العمل الادبي الذي لا يمكن تجاوزه , والشاعر عبد الامير خليل مراد قد ولد من رحم هذا المكان وارتبط به ارتباطاً مشيمياً , وهذا ما نلحظه في شعره الذي مثل فضاءً رحباً عبر استنطاق دلالاته الواقعية والتاريخية والحضارية , والمكان هو أداة استراتيجية في انطاق العالم في النص , وهذا يحدث عبر اللغة في كون المكان يحمل شحنة دلالية مكثفة .
المكان في شعره يتمثل في ثنائيتين الاولى المكان الاليف : الذي يمثل حيز الطفولة والاستقرار النفسي والارتباط الروحي , وغياب سلطة الآخر التي تمثل الخوف , ويتمتع في ظله بالحماية والالفة والانتماء . وهذا ما نلحظه في قصيدته (( أبجديات كمال سبتي الأليفة )) مقطع ــــــــــ نحن ـــــــــ :
لماذا نقرأ الموتى حينَ يروحون ...! / وفي بيوتنا الرملية / نتذكرُ / أسماءهم .. واحداً .. واحداً / وملاذاتِهم التي لم يتسلل إليها ضجر / الشيخوخة / هنا نقشوا قصائد الحب الاولى / وهنا كفكفوا حلزون الامنياتِ العجيبة .
ينفتح النص على عتبة (( البيوت الرملية )) لينتج بذلك التفاعل الحي مع الاحداث , وتنفتح شهية اللاوعي نحو الماضي بكونه يحمل الالفة والحنين , وبهذا التجسيد يمنح للماضي الامل وبث الحياة وقطع المستقبل أو موته لأنه يشكل رمزية الخوف . ولهذا نرى الفعل (( نتذكرُ)) يقف على منعرجين الماضي / الحاضر لتنفتح بعدها الشهية السردية بأطلالهم التي لاتزال تبعث رائحة (( قصائد الحب الاولى )) واللوذ (( بحليب امهاتنا في عزِّ الظهيرة )) والفعل (( نتذكرُ)) يقف على عتبة الماضي (( بيوتنا الرملية )) دون الامكنة الحاضرة , ولهذا فالمكان الحاضر لا وجود له , إضافة إلى ان الزمن الحاضر الذي تقف عليه الـــــ((نحن )) تتعلق بالقارئ . ولهذا فالتفاعل الذي احدثه الفعل هو تفاعل ماضوي , والمكان الحاضر يتعلق بالقارئ مثلما تعلق به الزمن .

الثاني: المكان المعادي فهو يتمثل بالخوف والقلق النفسي وعدم الارتباط لما يحمله من خوف رهيب وسيطرة الاخر التي تجعل المكان يمتلئ رعبا , لكن ما نلاحظه في شعر عبد الامير خليل مراد فانه يقف على ثنائيتين ثنائية الاليف والمعادي .
ويقولُ لقاتلهِ :/ لا تبرحْ جنة بابل / واعبرْ شط الحلةِ كلّ نهار / لتطهر هذا القلبَ الأبيض من ديجور / الشيطان / من قال الآن / صرر الحلوى في كل فمٍ / وأنا لا اعرفُ هذا الثدي لجارتِنا ( أمّ سعيد) / أم هذا الكف لصديقي احمد / ام كيف الاجساد اختلطت / وتبدت في طرفة عين / حتى صارت كالإسمنت على الجدران....!
ينفتح المكان على دلالتين : الدلالة الاولى : دلالة التطهير (( تطهير القلب من ديجور الشيطان)) الدلالة الثانية القلق النفسي الذي احدثه الاخر وعدم الاستقرار الذي ولده القتل (( ام كيف الاجساد اختلطت / وتبدت في طرفة عين / حتى صارت كالإسمنت على الجدران )) .
الفعل السردي الذي يقوم به المقتول يقف على منعرجين : الاول : فعل اصلاحي , والثاني : الذكريات التي بعثها المكان بكونه مكان الولادة والطفولة للمقتول . فالفعل السردي وفر لنا مشهدين الاول (( صرر الحلوى في كل فمٍ / وأنا لا اعرفُ هذا الثديّ لجارتِنا ( أمّ سعيد) / أم هذا الكف لصديقي احمد )) والمشهد الثاني جسد المرأة والطفل والشيخ (( ... اختلطت / وتبدت في طرفة عين / حتى صارت كالإسمنت على الجدران )).
فالمكان نراه يقف في ثلاثة ازمنة : زمن الماضي ما بعد جريمة القتل؛ زمن المحبة والالفة كونه مكان الطفولة وزمن الحاضر القتل وعدم الاستقرار النفسي الذي فعله المكان لمجيء الاخر الذي كرع الاحشاء بالمجان . وزمن المستقبل المجهول وربما نفسها دلالة الحاضر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??