الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى توقف عن معاملتكِ كأميرة؟

عائشة خليل

2014 / 7 / 11
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


"والأمير أتجوز الأميرة وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات" هكذا ننهي معظم الحكاية الخيالية التي نرويها لبناتنا، فنزرع في نفوسهن أن الصراع دائماً مع قوى الشر الخارجية، ينتهي بتغلب الخير على الشر، وما يلي تلك المعركة الحاسمة سعادة دائمة. ولقد ناهضت النسويات تلك الفكرة الساذجة التي تنتمي لعالم الخيال والأوهام ولا تمت للحياة الحقيقية بصلة، وهي بالتالي تفشل في إعداد النساء للتعامل مع واقع الحياة الزوجية في ظل النظام الأبوي الذي تنتفي فيه الضوابط المعيارية التي تضبط تصرفات الزوج، ومع اختلال ميزان القوة في العلاقة كثيراً ما تتعرض الزوجات للإساءة والعنف الجسدي والنفسي والمادي والمعنوي وحتى المالي.

ومن أشهر من كرس لتلك الأساطير الرومانسية مؤسسة ديزني التي تنتج أفلام يمتد تأثيرها (بفعل الآلة الإعلامية الجهنمية للمؤسسة) إلى أطفال العالم في شتى بقاع الأرض، ولذا فقد أولت النسويات مؤسسة ديزني ومنتجاتها اهتمام نقدي يمحص محتوى الأفلام ويشرح تأثيراتها السلبية المحتملة، وبدأت المؤسسة خلال العقد الأخير بالتفاعل مع هذا النقد، فطرأ بعض التغير الصحي على محتوى أفلامها. ومثلما تعاملت النسويات بالنقد البناء مع محتويات الأفلام، تعاملن بإيجابية مع التغييرات التي شهدنها وطالبن بالمزيد، وهكذا ترتقي الأمم.

وفي الآونة الأخيرة ظهرت فنانة تبدع تحت اسم مستعار هو "سانت هوكس" وتعمل على تفتيت المنظومات الخرافية الثابتة واحدة تلو الأخرى، كما تقول. وأحدث مشاريع سانت هوكس يتناول بشكل نقدي أسطورة "وعاشا في سعادة دائمة إلى الأبد" والمرتبط كما نوهنا سابقا بالحكايات الخيالية التي تشكل المادة الخام لأفلام ديزني. ولذا فقد استخدمت سانت هوكس أميرات ديزني مثل "سندريلا" و"ياسمينا" و"أريال" كموضوع مشروعها الأخير. فاستخدمت صورهن وأظهرتهن بعيون منتفخة زرقاء ووجوه دامية، وكتبت فوق تلك الصور عبارة قصيرة "متى توقف عن معاملتكِ كأميرة" وبخط أصغر قليلا كتبت في أسفل الملصق "مازال أمامك فرصة للخروج من تلك العلاقة". وتهدف سانت هوكس التوعية من خلال الملصقات بموضوع العنف الأسري.

ولقد حالف سانت هوكس التوفيق عندما اختارت أميرات ديزني للتوعية ضد العنف الأسري، حيث إن تلك الأميرات يشكلن الوعي لدى الفتيات منذ نعومة أظافرهن، مما يؤدي بمعظم الفتيات للحلم بالأمير الفارس الذي سيخطفها على حصانه الأبيض ويأخذها بعيدًا ليعيشا عيشة هنية إلى أبد الآبدين. وكما يخبرنا المتخصصون في دراسة العنف الأسري يبدأ الرجل المسيء علاقته مع فتاته على أتم ما يكون فيعاملها كأميرة، وعندما تبدأ الإساءة تظل الزوجة غير مصدقة لفترة طويلة لأنها مازالت متعلقة بتلك المرحلة الأولى التى عاملها فيها كأميرة تود عودة أميرها فارسها لسابق عهدها به، وترفض أن تقتنع بأن الإساءة هي الثابت، وأن مرحلة الأميرة هي الطارئ. ولذا فإن استخدام سانت هوكس لمثال الأميرة دقيق للغاية ويعبر عن واقع حالات العنف الأسري كما كتبت عنه النسويات المتخصصات فيه، ليس فقط على سبيل المجاز وإنما أيضاً بشكل حقيقي كما فصلنا.

مازال أمامنا الكثير من العمل الجاد في مجتمعاتنا الشرق أوسطية: بدءا من الاعتراف بانتشار العنف الأسري في الطبقات المختلفة بالمجتمع، إلى سن القوانين والتشريعات التي تجرمه، إلى تدريب العاملين بمؤسسات الدولة وخاصة أجهزتها الضبطية مثل الشرطة والقضاء للتعامل معه، مرورًا بإنشاء مؤسسات إيواء لمساعدة الناجيات من العنف، ومشافي للعلاج النفسي للأطفال الناجين من العنف الأسري، وقبل ذلك كله التوعية المجتمعية بتأثيراته السلبية على الزوجات والأطفال ومهاجمة الأساطير المؤسسة للصمت المجتمعي كما فعلت سانت هوكس، والتي هي بالمناسبة شرق أوسطية كما تعرف نفسها على موقعها على الإنترنت.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفيات أكثر عرضة للانتهاكات والتحرش اللفظي أو الجسدي


.. مريم شمالي وهي ربة منزل من إحدى قرى سعدنايل




.. نعمت شفيق .. المرأة الحديدية تقمع مظاهرات الطلاب الرافضة لإس


.. حديث السوشال | علاقة -سرية- بزعيم عصابة تتسبب في قتل ملكة جم




.. المشاركة في المسيرة جنان الخطيب