الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرف الصامد من غزة إلى سيناء.

أحمد سعده
(أيمï آïم)

2014 / 7 / 11
القضية الفلسطينية


الجرف الصامد من غزة إلى سيناء.
انطلاقا من الرغبة الإسرائيلية في التدمير "الدوري" لقدرة المقاومة الفلسطينية، واختبار ردود الفعل السياسية للدول العربية في ثوبها الجديد وبالذات مصر، وانقاذ حكومة نتنياهو من المعارضة؛ تُواصل إسرائيل شن عدوانها على قطاع غزة المحاصر بالجغرافيا والسياسة، وتوسع هجماتها تحت اسم عملية "الجرف الصامد" بعد أن استدعت 40 ألف جندي احتياط كما جاء على لسان رئيس وزرائها، بينما تتواصل المجهودات الدبلوماسية المصرية للوصول إلى هدنة لوقف إطلاق النار، غير أن إسرائيل لن ترضخ للهدنة إلا بعد التأكد التام من تحقيق مهمتها في تحجيم وتصفية أي قدرة عسكرية لفصائل المقاومة وبالأخص القدرة الصاروخية التي قد تكون تراكمت خلال فترات التهادن السابقة بما يشكل خطرا نسبيا على أمن إسرائيل.
وحتى هذه اللحظة تم تدمير أكثر من 150 منزلا جراء عملية "الجرف الصامد" ما أدى إلى نزوح مئات الفلسطينيين إلى مناطق أخرى واستضافتهم من قبل أقاربهم وأصدقائهم في انتظار غدا أحلك سوادا، وبالطبع لا تكفي مستشفيات غزة لعلاج واسعاف الجرحى، وتعاني نقصا حادا في الإمدادات الطبية والأمكانيات اللازمة لإجراء العمليات الجراحية، وهو ما يستدعي من الدولة المصرية فتح معبر رفح بشكل "حذر" لتمرير المساعدات الغذائية والطبية للقطاع المحاصر مع منع تسلسل أي عناصر من غزة أو قيادات من حماس إلى سيناء.
ولأن مصر بحكم العوامل التاريخية والجغرافية طرف في الصراع بين إسرائيل وفلسطين مهما كانت محاولات التشويش على هذه الصلة، تحاول مصر لعب دور "الوسيط" لإيقاف هذه الحرب قبل أن تمتد الصواريخ الاسرائيلية لسكان رفح المصرية، أو وقوع الكارثة الكبرى في حالة الاجتياح الاسرائيلي البري المحتمل لقطاع غزة و"ترحيل" سكان غزة إلى سيناء كما حدث أعقاب عملية "الرصاص المسبوك" منذ 5 سنوات، وبالتالي اتساع رقعة الحصار الإسرائيلي لسكان غزة لتمتد إلى حصارهم في سيناء التي ستتحول في هذه الحالة لساحة معارك قد تنتهي باحتلال إسرائيلي كامل "لا قدر الله".
وتبقى سيناء هي معقل الجماعات الجهادية الإرهابية في مصر؛ وأخشى ما أخشاه أن تستغل هذه الجماعات الحرب الدائرة على الحدود وتستفز عُدوانية الجانب الإسرائيلي الذي قد يضطر للتحرك عسكريا داخل سيناء لملاحقة هذه العناصر بصورة تُحرج كثيرا مصر التي ستعجز في هذه الحالة عن أي رد فعل إلا في حدود الخطابات العنترية والشعارات، وهو أمر مفهوم في ظل التعاظم العسكري لقدرات إسرائيل وتفوقها على كل الدول العربية مجتمعة بما يجعل من التهدئة أمرا مشكوك تماما فيه، بل أن التصعيد سيستمر وبشكل أعنف إلى أن تنتهي إسرائيل من مهمتها وتحقق ثمار ما وراء التصعيد.
ومن هذا المنطلق تستميت القيادة المصرية في وساطتها لإقرار هدنة بين الجانبين، وتفادي شبح "الترحيل" لسيناء الذي قد يحدث في تطورات لاحقة، خاصة في ظل الكثافة السكانية المرتفعة لغزة، التي تسجل أكبر كثافة سكانية في العالم تبلغ وفقا لإحصائيات حديثة 55 ألف ساكن بالكيلو متر المربع الواحد ما يجعل منها بركان ديموغرافي قابل للإنفجار في أي لحظة والتدفق بحممه السكانية نحو سيناء كإتجاه أوحد.
ورغم المأساة التي يعيشها سكان غزة تحت الحصار والقصف الإسرائيلي، ترتفع في مصر الآن موجة غريبة من التبلُد وغياب التعاطف الشعبي عن هذه القضية الإنسانية؛ قد يكون مبررها "شماتة" في حركة حماس الداعمة لجماعة الإخوان الإرهابية، وهو موقف بالطبع يُعزز العدوان الإسرائيلي ويبرر له، خصوصا أن الحرب تأتي هذه المرة بعد أن أصبح الدم العربي رخيصا كالماء، ويجد من يبرر ويهلل لإراقته، فمهما كانت أعداد القتلى والجرحى فإنها ستكون أقل بما لا يُقاس مع مجازر الحكام العرب.
غير أن هذه المشاعر السلبية لدى البعض تفتقد لحقائق تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، وتتجاهل أن الحرب ليست بين إسرائيل وحماس؛ إنما هي حرب على شعب أعزل بأكمله ولا تُفرق نيرانها بين شيخ أو طفل أو امرأة، ويتناسى هؤلاء ببراءة أن وجود إسرائيل بكل نواياها الاستيطانية وأطماعها في أرض سيناء المقدسة بحسب النصوص التوراتية يقتضي منهم الوقوف مع معسكرهم الطبيعي، والشعب الفلسطيني بشكل عام يستحق منا كل المساعدة والدعم والتعاطف والتأييد، فمصر بالذات ستظل تطاردها عقدة الذنب بحكم مسئوليتها التاريخية عن المعاناة الحالية لفلسطين وبالأخص غزة التي وضعناها تحت قبضة الحصار الاسرائيلي، وأضعناها عقب حرب 1967بعد أن كانت وديعة لدى مصر تحت الحكم العسكري المصري، بل وأكثر من ذلك باعترافنا بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين كمبدأ قامت عليه معاهدة السلام؛ رغم أن مصر لا تملك فلسطين ولا تملك بالتالي حق تقرير مصيرها، وكأننا نحقق وعد بلفور "من لا يملك أعطى لمن لا يستحق".
العدوان الإسرائيلي على غزة لا مجال لتفاديه مهما كانت نبرة الصراخ والبكاء العربي، وسيستمر ويتواصل لحين انتهاء المهمة المُرادة، ونحن لا نملك إلا ما يملكه الأسير المُكبل المُجبر على مشاهدة ذئب بشري يغتصب عذراء ضعيفة، فنظل نشاهد ونبكي حتى ينتهي تماما من إفراغ كل ما بداخله من عدوانية، أو الاختيار الآخر الدنيء بالهروب من عذاب الضمير والتبرير اللاإنساني لهذا الاغتصاب بدعوى أنها فتاة سيئة السمعة رغم أنه فعل "إغتصاب". باختصار وقف إطلاق النار والتهدئة لن تتمان إلا بشروط إسرائيل بعد أن تكون قد جردت فصائل المقاومة من كل أسلحتها وقدراتها العسكرية، وبالتالي إجبارها على الموافقة بالشروط الجديدة الأقسى بالطبع من أي شروط سابقة.
وفي حين أعلن الرئيس أوباما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لم يتحرك الرئيس المصري "السيسي" ولم ينبس ببنت شفة للآن، ولم لا؟! فعملية "الجرف الصامد" رغم خطورتها في تطورات بعينها على سيناء؛ غير أنها أتت بمثابة الرياح التي غيرت دفة الغضب الشعبي المصري جراء ارتفاع أسعار الوقود ووجهته في اتجاه القضية الفلسطينية، هذا بالطبع مع استثناء مبرروا قرارات السيسي من جملة "الغضب الشعبي" فهؤلاء يقبعون في نفس موقعهم التبريري لكن هذه المرة لصالح إسرائيل وعدوانها، والرئيس السيسي بالطبع "معذور" لأنه لا يريد مواجهة من أي نوع مع إسرائيل، بل أنه أصلا (لا يستطيع)، لكن مالا يمكن غفرانه للسيسي أو مرسي و مبارك من قبله هو عدم التلويح من قريب أو من بعيد بإلغاء معاهدة السلام.
وقد لا يعرف كثير من شبابنا وثلة من كبارنا أن "معاهدة السلام" تنص على اعتراف مصر بحق دولة إسرائيل في الوجود على الأراضي الفلسطينية مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المصرية "الأرض مقابل السلام"، إضافة لتحجيم وشل قدرة الجيش المصري في الوجود على أرض سيناء كما جاء في المادة الرابعة من المعاهدة التي تسمح أيضا لاسرائيل وفقا للفرتين 1،2 من نفس المادة بتعديل ترتيبات أمنية على التواجد العسكري المصري فى سيناء باعتبارها منطقة عازلة لحماية إسرائيل، وتُلزم الجانب المصري بفتح قناة السويس وخليج العقبة ومضيق تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية، مع تمركز وتواجد قوات حفظ السلام ومراقبين من الأمم المتحدة فى سيناء، وحظر توقيع أي اتفاقيات تتناقض مع هذه المعاهدة؛ فأي عار أو ذل أكثر من ذلك؟!!
وأنا هنا لا ألوم الرئيس السابق السادات ولا أحمله مالا طاقة له به، لأنني أُدرك تماما كما كان يدرك السادات ومن حوله أن كل الطرق كانت تؤدي إلى هذا العمل اللاأخلاقي بحكم أن القدرة العسكرية لمصر لم تكن تسمح بالقضاء كليا على إسرائيل، ولم يكن هناك بدائل للإنسحاب الإسرائيلي المشروط، إضافة للاحتياج السياسي والاقتصادي لأمريكا في هذا الوقت وهو احتياج استراتيجي تاريخي لم نتخلص منه للآن؛ ما دفع السادات لإبرام هذه الإتفاقية مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المصرية، ثم جاء من بعده مبارك ومرسي وحاليا السيسي، وكلهم "ودن من طين، وأخرى من عجين" إزاء المعاهدة، وبالتالي تجاهل القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على غزة إلا من باب المزايدات السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صباح الخير أستاذ أحمد سعده
ضرغام ( 2014 / 7 / 12 - 03:55 )
صباح الخير أستاذ أحمد سعده
مقال حضرتك من أسوأ ما قرأت عن موضوع غزه الحالي. حضرتك وعمرو أديب في حلقه الأربعاء الماضي اثبتم أن الموجود داخل ألدين **مهما كان معتدلا** ليس كالذي خرج منه، خد اقرأ المقال الذي في الرابط التالي لكي تتعلم

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=423336

أن ألدين عند الله الأسلام


2 - مساء الخير أستاذ أحمد سعده
ضرغام ( 2014 / 7 / 12 - 22:41 )
مساء الخير أستاذ أحمد سعده

في الرابط التالي مقال أخر يستحق القراءه عن غزه، بقلم الدكتور خالد منتصر. دمت طيبا

http://www.elwatannews.com/news/details/519555

اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية