الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآن... إما مع فلسطين وإما ضدها.

وسام الفقعاوي

2014 / 7 / 11
القضية الفلسطينية



يبدو أن بعض السياسيين من رسميين وغير رسميين، ومفكرين ومثقفين وأكاديميين وإعلاميين فلسطينيين وعرب، إلى جانب بعض الجمهور العربي، مُتحفظ من إعلان موقف واضح وصريح إزاء العدوان / الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، ولا تستثني فيها بشراً أو حجراً أو شجراً إلا وتحصده بصواريخ طائراتها وقذائف مدافعها وبوارجها. وآخرين لا يخفون موقفهم الذي يُفهم منه أنهم "يصفقون" لهذه الحرب، (بمعنى أنهم يصفقون للعدو الإسرائيلي)، من مواقع أن المُستهدف هي حركة حماس وبنيتها التحتية، وهذا ما حاول العدو الإسرائيلي إظهاره من قبل أن يبدأ حربه هذه بأسابيع، سبقت حتى اختفاء ومقتل المستوطنين/الجنود الإسرائيليين الثلاثة في الضفة الغربية. وأنا هنا كفلسطيني لي انتمائي المعروف، ومقالاتي المنشورة التي تعبر عن أرائي في القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها. أقول ومن مواقع الاختلاف الفكري مع حركة حماس، والعديد من مواقفها وممارستها السياسية، وملاحظاتي وانتقادتي الجوهرية على إدارتها للشأن الداخلي الفلسطيني وعلاقاتها وتحديداً في قطاع غزة وخارجه قبل الانقسام وأثنائه وبعد توقيع "اتفاق الشاطئ"، أن هذه الأراء المُتحفظة أو المُصفقة، تتجاوز بوعي ومنها دون وعي، وبقصد ومنها دون قصد، حقيقة الأهداف المُعلنة للحرب على غزة، وفي مقدمتها إعادة "موضعة" الاحتلال ووجوده في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفرض إرادته السياسية والحل الذي يرتئيه. أي أن الاحتلال يريد رسم الحل السياسي بلغة البارود والنار، على طريق فرضه، بعدما قلب "طاولة المفاوضات" الفاشلة والعبثية والتي أوصلتنا نتائجها لحالة كارثية. كما أن ذلك يأتي في سياق أهدافه لضرب البنية التحتية للشعب الفلسطيني وقتل أكبر عدد ممكن منه، ولو دققنا جيداً فإن حصيلة من استشهدوا جراء العدوان/الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ خمسة أيام، وحتى كتابة هذا المقال تجاوز عددهم المائة شهيد، جلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ومثلهم معظم الجرحى الذين وصل تعدادهم لما يزيد عن 600 جريح. بحيث يحق لنا أن نسأل، كم كان بينهم من أعضاء حماس؟!، أسأل هذا السؤال، وأنا أُعلن أنه لن يهون عليَّ ولا أقبل أن يُسفك دم أي إنسان على وجه هذه المعمورة ظلماً وعدوانا، فهل يُعقل أن أقبل سفك دم عربي أو فلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي أو ظلماً وعدواناً بيد بعضنا البعض.
يضاف إلى ما تقدم قصف وتدمير ما يزيد عن 150 منزلاً، وأراضي زراعية، ومصانع وورش، ومقرات ومؤسسات عامة وأخرى مواقع تدريب علنية "وتبدو في أغلبها فارغة"، معظم ما سبق قُصف عشرات المرات منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/أيلول 2000، وازدادت أكثر بعد ما سُميَّ بعملية "السور الواقي" الإسرائيلية التي نفذت عام 2002، ولن تنتهي أهداف العدوان/الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عند ضرب البنية التحتية لقوى المقاومة بما فيها حماس. لهذا فمن يقع تحت النار/الحرب الشعب الفلسطيني كله في قطاع غزة وليس حماس فقط. وهنا لا يجب أن يُغيّب أحد ما سبق وجرى (ولا زال) في الضفة الغربية، بمجرد إختفاء المستوطنين/الجنود الثلاثة، ومناطق فلسطين 48، من حصار وتوغلات واقتحامات وقتل واعتقالات، لم تستثني أحداً بما في ذلك أفراد من السلطة الفلسطينية، أي "أجهزة التنسيق الأمني".
إن أهداف العدوان/الحرب الإسرائيلية، تتجاوز حماس وبنيتها، وكل الحقائق والبيانات وحتى المؤشرات والتقديرات لما هو قادم تؤكد ذلك، هنا تكون المسألة، إما مع العدوان أو ضده، إما مع الحرب أو ضدها، إما مع الاحتلال أو ضده، بمعنى أدق وأوضح إما مع فلسطين وإما ضدها.
فمعروف في ألف باء السياسة، أن التناقض الثانوي لا يجب أن يطغى على التناقض الأساسي مع العدو وحربه وإرهابه ضد أرضنا وشعبنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا، سواء في هذه الأثناء أو قبلها أو بعدها. فلا يجوز أولاً لمن يدعي الوعي في السياسة من رسميين وغير رسميين، وكذلك من مفكرين ومثقفين وأكاديميين وإعلاميين، أن يتأخروا في إعلان موقف واضح وصريح إزاء العدوان/الحرب، لأن التناقض في هذه اللحظة، ليس أيديولوجياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً... الخ، بل وطنياً بامتياز، فإذا ذهب الوطن لن يبقى أيديولوجية أو سياسة أو مجتمع أو اقتصاد... فهذه اللحظة هي امتحان الوطنية الحقة، والارتباط بالقضايا القومية التي طالما قيل عنها مركزية. كما تتجلى هنا لحظة الانسجام مع الذات، من خلال انسجام الرؤية مع التحليل والممارسة مع الموقف، بين انتقاد حركة حماس واتخاذ موقف حاد منها، عندما غلَّبت التناقضات الداخلية على التناقض الأساسي مع العدو وصولاً لمشهد الانقسام الكارثي، وبين تغليب التناقض الأساسي على الداخلي/الثانوي في وجه العدوان والحرب المسعورة المُشنة ضد الجميع.
وفي ذات الوقت الذي نتفهم أن الجماهير العربية في الكثير من البلدان الرئيسية في الوطن العربي، أولوياتها داخلية ارتباطاً بصعوبة أوضاعها الاقتصادية/الاجتماعية والسياسية من الأساس، ونتائج الانتفاضات الشعبية وتطوراتها، التي أضافت إليها مزيداً من الصعوبات، إلا أن البعض من هذه الجماهير، ينظر للمسألة أيضاً من زاوية أن الحرب المُستهدف منها حركة حماس، وحان وقت "الثأر" منها ولو كان على يد العدو الصهيوني/الإسرائيلي!!!. نذكركم بأن العدو الصهيوني ووجوده واحتلاله لأرض فلسطين العربية، وممارسة أبشع الفظائع والجرائم والمجازر بحق شعبها الفلسطيني هو عدوان وحرب مستمرة، ليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب، بل ضد كل البلدان والشعوب العربية في مصر (مجازر بور سعيد والسويس ومناطق القناة ومدرسة بحر البقر بين أعوام 1956 و1967 و1973)، ولبنان الذي وصل لاحتلال عاصمتها بيروت عام 1982 ومجازر قانا في 1996 وحرب تموز 2006)، وفي الجولان السوري المحتل حتى يومنا هذا، وفي الأردن أثناء (حرب الكرامة في 1968)، ووصل قصف طائراته إلى قلب بغداد وتونس ودمشق والخرطوم وغيرها. وكونوا على ثقة بأن العدو الصهيوني ليس بحاجة لذرائع ليشن عدوانه، ضد الشعب والأرض الفلسطينية أو أي دولة عربية، والعديد من الشواهد ماثلة أمامنا، لأن وجوده عنوان لعدوان وحروب وكوارث ومجازر لن تنتهي حتى لو انتهت حركة حماس...!!!.
في الختام... لي أن أتذكر وأنا أكتب هذا المقال، ودوي الانفجارات تتوالى من حولي، وحمم النار لم يخمد لهيبها بعد، واستعدادات الهجوم البري تجري على قدم وساق من قبل العدو الصهيوني، الزعيم العربي الكبير: جمال عبد الناصر، القائل أن "الثورة الفلسطينية أنبل ظاهرة عرفها التاريخ"، وهو ذاته الذي وُجِهت له العديد من الانتقادات من بعض الأحزاب والقوى الفلسطينية، نتاجاً لبعض مواقف سياسية اتخذها، ورأت تلك الأحزاب والقوى بأنها مواقف خاطئة، ولعل أبرزها قبوله بمشروع التوطين "في سيناء"، المعروف بمشروع جونسون عام 1955، ومشروع روجرز عام 1969 من القرن المنصرم، وكان بعضها انتقادات حادة، مما اضطره للمجيء إلى قطاع غزة، أثر احتجاجات ومظاهرات شعبية كبيرة قادها الشيوعيين والإخوان رفضاً لمشروع التوطين، مُلقياً خطاباً بالجماهير التي احتشدت وسط غزة، وأعلن من خلاله تراجعه عن هذا المشروع. هذا الزعيم/القائد/الرئيس الذي وعى أهداف الحركة الصهيونية وأطماعها في الوطن العربي، وليس فلسطين فقط، فلم يتأخر عندما كانت الحرب مفروضة والعدوان مستمر، في الفالوجا في فلسطين، التي حارب فيها عام 1948، وأدرك خلالها فساد الأنظمة قبل فساد السلاح، وكذلك في صد حرب/عدوان 1956، وإعلان قرار التأميم، وفي كتائب الفدائيين التي أربكت الإسرائيليين وألحقت خسائر مهمة بهم، مما اضطرهم لاغتيال قائد هذه الكتائب الشهيد المقدم المصري/ مصطفى حافظ، لكن كتائب الفدائيين لم تنقطع بعدها، وفي قرار تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية في 28 مايو/أيار 1964، التي تحت رايتها قاتل واستشهد آلاف الفلسطينيين والعرب وغير العرب –والمخطوفة الآن من الرسميين الفلسطينيين تحت اسم السلام مع إسرائيل، وكذلك في رفض التسليم بنتائج هزيمة 1967، ولاءاتها المعروفة "لا صلح لا تفاوض لا اعتراف"، لدرجة أنه مات على قضية فلسطين أثناء تدخله لإنهاء مجازر النظام الأردني بحق الثورة الفلسطينية في أيلول/سبتمبر 1970 (مجازر أيلول)... فحقاً لنا أن نتذكره لكي نعزي أنفسنا أولاً، ونكشف ثانياً من خلاله، حالة الاضطراب الذهني العام في أيامنا هذه، التي تضاربت فيها الرؤى واختلطت المفاهيم، بحيث ذهب اليقين وبقيت القشرة الخارجية التي تخفي في باطنها الاهتراء حد الاشتراك في سن السكاكين.
ما تقدم ليس دفاعاً عن حماس، فحماس أقدر مني في الدفاع عن نفسها، بل هو دفاع عن فلسطين وشعبها الذي يتعرض للعدوان والحرب والقتل والاضطهاد والتطهير، على طريق فرض الاستسلام عليه، وفق الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية. وهذا ما يتطلب منا كفلسطينيين أولاً، التصدي للعدوان/الحرب بكل ما أوتينا من قوة ظاهرة وكامنة، وأن ندرك ثانياً أن تصاعد العدوان/الحرب، رافق توقيع "اتفاق الشاطئ" أو "المصالحة" الذي لنا ملاحظات عديدة وجوهرية، على طريقة الوصول له، وعلى آلية تطبيقه المتعثرة، "لكن جوهر الفكرة فيها أن المُستهدف أيضاً وحدة الفلسطينيين، حتى ولو كانت وحدة شكلية". لذا علينا أن نعي الدرس جيداً ونتعلم من أخطاء وخطايا الماضي البعيد والقربب، فلن "يكونوا ملكيين أكثر من الملك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -