الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير .. وأبجدية الخلاف والأختلاف

ياسين الياسين

2014 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


كان المقبور صدام حسين يقود نظاماً بصيرورة معروفة إبتنت فلسفتها على عامل الخوف والرعب داخل الدولة وعلى الرعية حصراً ، وعرفت بجبنها الكبير والمتخاذل على مستوى الخارج وحصراً مع الدول الأجنبية ، وكان كثيراً مايمانع الدول الكبرى في حالة من نفاخ يمر بها بين حين وآخر ، فينتصب أمامهم عنيداً متحدياً كل إرادات المجتمع الدولي ، وما أن يوجّهون له ضربات مدمّرة تحيل ماكان يتباهى به أمام شعبه بشعارات زائفة منها (يعمّر الأخيار مادمّره الأشرار ) إلى ركام يفترش الأرض ، وعندها فقط يرضخ لكل طلباتهم والتي كثيراً كانت ماترتفع سقوفها إلى مديات لايقبلها العقل ، ومع كل هذا الأهتراء في الموقف والهزالة في القرار كان يمعن في الضحك على عقول السذّج من الناس حين يسمّي تلك المواقف بالصمود والتصدي ، وكانت وتيرة هذا الصمود الزائف ترتفع على يد أزلامه كلّما كان هناك إستسلام جديد ورضوخ جديد وبمهانة أكبر ، وهو لايرعوي إلى ضحك المجتمع الدولي عليه متمثلاً بممثليه في الأمم المتحدة الذين جعلوا منه إضحوكة الزمن حين نفخوا في صورته إلى الحد الذي جعلوا منه أن يصدّق نفسه ونظامه المهترء بأنه مرعب وجبار وقادر على صدّهم وردعهم ، وهو في حقيقة الأمر مغفّلاً مستغفلاً لأنّهم هم أنفسهم من أرادوه بهذه النفخة الكاذبة ليمعن في الممانعة أكثر ليسهل عليهم تدميره وتحطيمه ، وهذا ماحصل حين وجدوا لذلك مبرراً بأنه يمتلك من الأسلحة الكيمياوية والجرثومية والرؤوس النووية مايهدد الأمن والسلم العالميين ، وبعد سقوطه المريع الذي كان مذهلاً للعقول إنبرى للناس جميعاً أنه وأزلامه ليسوا إلاّ نموراً كارتونية ورئيسهم أسداً من ورق ، وأغرب مافي الأمر أن المحافظات السنّية التي كانت منتعشة في ذلك النظام قبع الناس فيها في بيوتهم ممسكين على أنفسهم خشية القتال مع الغازي القادم عبر البحار ، ومن المفارقات العجيبة أن أبناء المحافظات الشيعية التي كانت الضحية رقم واحد لجلاد الأمة وطاغوتها قد إستماتت دفاعاً عن حياض الوطن وكانت عصيّة على الأميركان وقد ذاق منها المحتل الأمرّين حين كان يتقدم بجيوشه نحو بغداد ، ومدينة أم قصر ليست سوى ناحية صغيرة جداً صمدت صموداً قل نظيره أمام الجيوش الأطلسية وهكذا دلوا مدينة الناصرية التي ضربت أروع الأمثلة في الصمود لأكثر من شهر بوجه الأميركان مثلها مثل المدن والمحافظات الشيعية الأخرى ، وبعد إستتباب الوضع للمحتل الغازي قام بحل الجيش العراقي وكل مؤسسات الدولة الأمنية وتشكيل السلطة السياسية المدنية التي كانت الباكورة الأولى لمجموعة أهداف قد تبلورت في دوامة أفكار المحتل الذي كان قد رسم سيناريوهات متعددة ومتنوعة فجاءت في أبجدياتها مبدأ المحاصصة المقيت ، وشيئاً فشيئاً بدأت تدب على السطح مصطلحات كان يغمطها المتمنطقون من السياسيين أول الأمر ولايصرّحون بها جهرة ، فكان كل طرف يتكلم بصيغة المكوّن الآخر ولايسمي الأشياء بمسمياتها ولايجترأ الخوض في التفاصيل أوالتصريح المباشر مثلهم مثل العاهر التي تركب السيارة في منعطف طريق وتغطي وجهها محتشمة عن صاحب السيارة الذي أوعدته بالأنتظار قبلاً من ذلك بقليل ، ومن حسن حظ أبناء السنة أنّ من كان يمثّلهم في العملية السياسية جلّهم من أركان النظام السابق ومن بعثيين كبار وقادة لهم باع في إدارة دفة الحكم في الدولة ، وليس أدل على ذلك أنّهم يمسكون بزمام الحكم ودفته في العراق منذ ثمانون سنة ونيّف من عمر التاريخ السياسي الحديث للعراق بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد عهود من ظلام عثمانية دامت أربعة قرون سوداء ، وهؤلاء الساسة من البعثيين وأركان النظام السابق هم من الذين إستفادوا من فتوى المرجع السيستاني التي صدرت إبان الأحتلال بعدم التعرّض للبعثيين والحفاظ على ممتلكاتهم وعدم إنتهاك حرماتهم بل وحرّم دمائهم على الشيعة أي بمعنى أنه منع القصاص والأقتصاص منهم إلاّ من تلطخت يده بدماء العراقيين وعن طريق المحاكم والقضاء ، فكان أولائك الساسة والقادة البعثيين يتصرّفون بحكمة ودهاء تستبطن سياسة خبيثة ومكر كبير ، وهم يعملون في الداخل بعدة أوجه وفي الخارج ليس لهم إلاّ وجهاً واحداً يعملون به ومن خلاله على تهديم العملية السياسية وتخريب المشهد السياسي ، ومحاولة خلط الأوراق وإرجاع العملية برمتها إلى المربع الأول بمعاونة أيادي عربية خبيثة في المحيط الأقليمي العربي للعراق ، وهي سوف لم ولن تألوا جهداً ولن يهدأ لها بال حتى يتم تقسيم العراق وفق أجندتهم الخبيثة بمعاونة أولائك البعثيين المتسللين إلى داخل المشهد السياسي العراقي ولب العملية السياسية بوجوه متعددة ، وفي حين كان يفترض أن يمثل الشيعة في المشهد السياسي والعملية السياسية سياسيين من الداخل ممّن تعايشوا مع كل إرهاصات المشهد الظلامي الأسود الحالك في عهد الطاغية المقبور وأزلامه ، وهم وحدهم من كانوا يخبرون دهاليز النظام ومكامن الخطر فيه ومعرفة كاملة بسبل معالجتها ، ولهم المعرفة التفصيلية الكاملة بتفاصيل سير وحياة كل أولائك المتسللين إلى داخل المشهد وفي مفاصل مهمة منه وحساسة بل وحتى في لب القرار ، ولكن ومن سوء حظ الأغلبية الشيعية أن من كان يمثلهم في ذات المشهد السياسي لفيف من لمم جاء من خارج الوطن تشكل بألوان مختلفة من كل حدب وصوب لايفقه في السياسة وليس له بها خبرة أوممارسة أوقرار ، وجاؤوا جياعاً يطلبون المال أولاً والجاه والسلطة ثانياً ، فوجدناهم يتهافتون تباعاً على نهب المال العام ولايهمهم منه أنه سحتاً حرام من غيره ، وتركوا الوطن وهمومه جانباً وتركوا تركين ثوابته بأيدي أولائك البعثيين الذين لم يستثنوا دقيقة واحدة تمر دون أن يكون لهم لقاء مع زعيم عربي في الخارج يؤشر لهم على أجندة جديدة ومسار جديد ، أومؤتمر لهم في عاصمة عربية أوأجنبية كتركيا التي لم تألوا جهداً وعملت ومازالت المستحيل لتفتيت العراق وقبله سوريا وترسم لهم ماسيقومون به في المراحل المقبلة ، وكل ذلك يجري بتسابق مع الزمن ، والمسؤولين الشيعة لايعلمون بأصل مايجري في المشهد السياسي ومايحاك لهم فيه ، ووجدتهم يتهافتون بخسّة ودناءة على دبي وشرم الشيخ في مصر يبتاعون الفلل والشاليهات والعقارات ، وأولادهم ملؤوا صالات القمار وكانوا فيها من السخاء المادي ما أذهل أصحاب تلك الصالات حتى أن أحدهم صرّح ذات مرة علانية عن واحداً من أولاد تلكم الساسة ومدى سخائه وخفة يده في العطاء على صالات الروليت والقمار ، وهي من أموال الشعب المحروم الذي مازال يسكن قسم منه كبير في أكواخ من صفيح التنك ، ومثل أولائك الدخلاء على العراق من المحسوبين على الشيعة كانوا هم سبب مأساة المكوّن الشيعي في العراق ، وهم يكابرون ومازالوا ولايعترفون بأخطائهم وقد أخذتهم العزّة بالأثم ، والغريب أنّهم كانوا في أحسن حالاتهم لايجيدون إلاّ لغة إصدار بيان صغير على إستحياء يستنكر فيه العمليات الأرهابية التي كانت منهج إبادة شاملة للعراقيين وللمكون الشيعي خاصة مرسوم ومخطط له بتؤدة في الخارج ، ويجلسون مساء ذات اليوم في حفل عشاء فاخر مع حاضنات الأرهاب ورعاته ومموّليه ، وبهذه اللامبالاة واللامسؤولية وهذا السلوك اللاأخلاقي إستطاع أولائك الساسة من المكون الآخر بفضل حنكتهم وتجربتهم أن يستثمروا غفلة هؤلاء وتجاهلهم وتخاذلهم عن قضية شعبهم الذين جاؤوا ليس لخدمته وإنما لخدمة أنفسهم والحفاظ قدر الأمكان على مراكزهم ومناصبهم ، وبهذا إستطاع أولائك أن يمدّوا أياديهم طولى إلى كل مفاصل الدولة والقرار وإستطاعوا أن يؤمّنوا الحماية لكل ساستهم الكبار من المتورّطين بالفساد والأرهاب ودماء الأبرياء ، وإنقاذهم من فكي الأجهزة الأمنية والقضاء معاً وتهريبهم بسلام إلى خارج العراق بل وتمكّنوا من شل وتعطيل كل قرارات القضاء نفسه وتعطيل وحتى تجميد حقيقي لكل قرارات الأعدام بحق الأرهابيين بحجج خبيثة وواهية إنطلت بسهولة على ساسة الشيعة المتخاذلين فضلاً عن كونهم قليلي الخبرة والممارسة ، وهذا التعطيل تم توظيفه فيما بعد في عمليات تسلل كبيرة ومهولة ومرعبة لأرهابيين عتاة وقتلة مجرمين من داخل أكبر السجون العراقية من تلك القلاع التي يستحيل على جرذ أن يفلت منها ، وقد تم ذلك حتى في قلب العاصمة نفسها في أكبر عملية تهريب وتحدي لأرهابيين مجرمين من داخل سجن أبي غريب الشهير والكبير ، وعلى هذا الأساس إزداد المشهد يوماً بعد آخر تعقيداً بل وأصبح أكثر تعقيداً وبات معه لاينفع أي علاج من قبيل الترقيع والطلاء ، وبات الحل مستعصياً إلاّ بمحرّك قوي يتم تفجيره من داخل العملية السياسية من خلال إنقلاب جذري وحقيقي داخل البيت الشيعي نفسه ليتولّى ويتبنّى عملية تصحيح مسار خاطيء أمضى العراقيون به من عمرهم سنوات عشر عجاف ، وتوجيه دفته إلى عملية بناء حقيقية وترصين دعائم البيت الشيعي من الداخل بقرار صلب وحازم ليقف معتداً منتصباً بقوة وصلابة أمام الهجمة الكبيرة والشرسة للأرهاب وعتاته من الخونة والجبناء والمتخاذلين من كلا المكوّنين السني والشيعي على حد سواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج