الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين الجريحة.. إلى كل ذي قلم حر، كيف تكون النُصرة؟

جلال خشيب

2014 / 7 / 12
القضية الفلسطينية


فلسطين الجريحة.. إلى كل ذي قلم حر، كيف تكون النُصرة؟
جلال خشيب*
11/07/2014

أثناء كل مجزرة صهيونية في حق شعبنا الفلسطيني تعبّر الشعوب العربية عن سخطها وتجدّد رفضها لهذا الكيان الغاصب وتبدي في سبيل ذلك كافة أشكال النُصرة الرمزية للإخوة الفلسطينيين .. لكن .. ما إن تهدأ الأوضاع حتّى يرجع كل منّا إلى شأنه وهمومه الشخصية وانشغالاته اليومية وكأنّ شيئا لم يحدث، وكأنّنا قدّمنا الواجب وزيادة.. فهل ساهمنا بذلك حقا في رفع الظلم وإحقاق الحق؟ و هل لمساهمتنا أثر دائم أو مستمر؟ ... لا أعتقد ذلك حقا.. في البداية لستُ ممن يُنكر على أصحاب النصرة الرمزية سواء عبر التظاهر في الشوارع أو من خلال التنديد بالغاصبين وفضح المتآمرين عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو حتّى بصور رمزية يعبّر بها البعض عن موقفهم الناصر للإخوة و الناقم على الأعداء فكل تلك الأشكال من النصرة تُبقي وعينا الجمعي في حالة اتصال دائم عبر الأجيال مربوطا بقضيته الكبرى في عصره، قضية الأقصى المُغتصب والشعب المغدور... ولكنّي لا أرى أن لهذه السلوكات الرمزية أثر فاعل على المدى البعيد، إنّها تُبقينا –لوحدها- أفرادا وشعوبا في حالة ترقب دائم، ننتظر وقوع الخطيئة حتّى ننتفض ضدّ الجلاد، نصرخ ونشجب ثم نستكين، لتكون أفعالنا ردودا ونُصرتنا رعودا من الكلمات الفارغات.. كلماتنا هنا في هذا المقال تستهدف الفئة المتعلمة من الشعوب، الجامعيين بالأخص وأصحاب الأقلام الحرة المستنيرة على وجه الدقة.. نُصرتنا للقضية الفلسطينية تبدأ من الذات، حينما نتعلم كيف نعيش للأمة، كيف نحيا لأجل قضية عادلة أو مبدأ سامٍ بدلا من أن نعيش لأنفسنا، هكذا فقط نحيا كِبارا ونموت كِبارا، هكذا نضع أسس النصرة ولبِنات الانتصار، فنصرة الأقصى وإحقاق الحق تتّم ابتداءً على مستوى الذات، في صقل وعينا الذاتي باستمرار حتّى يُدرك رسالة الوجود أو كما أسميناه يوما في إحدى مقالاتنا هنا بوعينا الوجودي، لِما نحيا وما هي رسالة المثقف المسلم في الحياة .. أن نساهم بأقلامنا في بناء الإنسان وبسلوكاتنا في غرس قيم الحضارة بأبعادها الإنسانية بدلا من التورط في نَزَعاتٍ مذهبية-طائفية بينية تتغذى على نرجسية الذات وكراهية الآخر المختلف عنّا قلبا أو قالبا.. حينما نركز على ما يجمعنا و نتحاور فيما يُفرّقنا لنصلح الصدع ونجسر الهوة.. حينما تتحوّل أقلامنا إلى بنادق تُسقط بيادق الإفك على الذات وإلى معاول تحفر في عقلنا الجمعي المتشكل بزيف عبر أوهام الزمان.. معركتنا يا قوم هي معركة البناء، إنّها معركة بناء الإنسان.. ذلك الذّي يحيا لأجل هدف نبيل ورسالة سامية في الحياة، تجمع ولا تنفّر، توّحد ولا تفرق.. تُسخّر نفسها لتُبدع في إيجاد سُبل عديدة نحيا بها في سبيل الله بدلا من البقاء مستغرقة غارقة في أوهام الجهاد في سبيل الله تحت رايات الخداع ولو كانت نفوسا تمتلئ إيمانا وإخلاصا.. لا نعتقد أنّ شعب غزة وفلسطين يحتاجون منّا رجالا يرفعون السلاح إلى جانبهم في معارك الوغى هناك، فتلك الأرض لا تلد إلاّ أسودا كواسر يتنفسون عبق المعارك.. كل ما يحتاجونه منّا أن نصلح الذات، كلٌ في قُطره، حتى يأذن الله بجيل النصر كنتيجة حتمية لصلاح الحال.. نوجه رسالتنا في آخر السطر لأصحاب القلم، إلى ذوي المسؤولية الكبرى في الأمة، حملةَ رايات الجهاد الأكبر في الأمة، جهاد الإصلاح، معركة البناء والنهضة.. إنّ فضح السلطة وتعرية الفاسدين لا تُعّد في نظري سوى رسالة أولية لأي مثقف مبتدئٍ في الميدان أمّا معركة البناء، بناء العقول النقدية المستنيرة التّي تُنشأ بدورها أمّةً وحضارة فهي رسالته الكبرى.. إنّها معركة طويلةٌ في الزمنِ عميقةٌ في الأثرِ تحتاج إلى أقلام مشحوذة وجريئة تكتب للأجيال لتُحيي فيها بذور الخير بدلا من أن ترتهن لملابسات الحاضر اليومي فتتيه وتذبل فلا تُبقي لها أثرا بعيدا في الزمان.. هكذا تكلم قلمي الجريح.
...
* جلال خشيب: باحث مهتم بالدراسات الدولية، التنظير في العلاقات الدولية، الجيوبوليتيكا، الفلسفة السياسية والفكر الإسلامي، دراسات عليا/تخصص دراسات آسيوية، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد