الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افكار على هامش الحرب على غزة

عايدة توما سليمان

2014 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بامكاننا أن ننحصر في النقاش دفاعا عن حاوية النفايات، التي اتضح في هذه الايام انها أعز ما نملك في قرانا، وبامكاننا أن نغضب على مظاهر التحدي التي يبديها هؤلاء الشباب امام قوات الشرطة فنكون مثل الاهل الذين يضيع طفلهم وعندما يجدونه بدل أن يفرحوا بعودته يشبعونه لوما وتأنيبا على ضياعه ويعبرون عن خوفهم عليه بغضب عارم،فهو بضياعه كشف كم هم مقصرون في رعايته



تصعب الكتابة عن الحرب وصور القتلى من الاطفال والشيوخ والنساء والاشلاء الممزقة والمحترقة تقفز لتملأ العيون والوجدان، والدمار الكبير في غزه يشحن النفوس بالغضب والشعور بقلة الحيلة . فالكتابة فعل متزن وخاصة في الشؤون السياسية والانسانية، والحبر حين يسيل على الورق ليأتي تدوينا لموقف وفكرة تعمم على الناس، خاصة اذا ما كان موقفا انسانيا نبيلا أو وطنيا صادقا أو دفاعا عن المظلومين والمقهورين، عندها تكون الكلمة مقدسة، ومن يقدس الكلمة لا بد أن يتعامل مع كل ما يكتب بحذر ومسؤولية، ولكن الى جانب العواطف الجياشة فمثل هذه الحرب التي لم تبدأ ولن تنتهي الا لأسباب وحسابات الخسارة والربح السياسية لدى حكومة الاجرام الاسرائيلية، تتناثر الافكار وتقفز التداعيات التي تستحق أن تسجل، وأن لم تكن مختمرة تماما أو تعتمد على تحليل علمي خاضع احيانا للتهذيب والتقليم والرقابة الذاتية المذوته لدينا جميعا، مهما قاومناها.




اعلام معدوم النزاهة:


عندما يتبارى الاعلام على اخراس الاصوات المختلفة وعندما يخضع لقوانين اخفاء الحقيقة وتجييرالاحداث لخدمة اهداف سياسية قذرة يفقد مصداقيته ويطعن في الصميم بالدور المنوط به في البحث عن الحقيقة كاملة وتقديمها للرأي العام والجماهير لاطلاعها وايقاظها من سباتها. ففي كل مرة تستصدر حكومة الحرب والعدوان أوامر تجنيد جنود الاحتياط يتحول غالبية الاعلاميين اليهود الاسرائيليين الى جنود احتياط يخدمون الاهداف العسكرية. والا ما معنى أن تطغى صور الثقب في جدار أو زجاج مكسور من نافذة يتيمة على صورة اطفال حرقت جثثهم باطنان من المتفجرات. وكيف يطغى صوت المحلل العسكري الذي يبرر قصف منزل يحتشد على سطحه العشرات من الاطفال والنساء والرجال لمنع هدمه ويحوّل بتلون ونفاق معيب جريمة حرب الى خطأ في التشخيص أو مباراة في لوم الضحايا أنفسهم في اصرارهم على التصدي والمقاومة السلمية.
هذا الاعلام الذي تحتل شاشاته وتملأ ميكروفاناته اصواتا عنصرية تدعو الى اجرام أكبر ومجازر أكثر، يكاد لا يأتي من خلاله صوت واحد عقلاني يفضح الحقيقة المرّة عن بشاعة ما يرتكب ضد الشعب الفلسطيني بأكمله وعن عملية الاختطاف التي قامت بها حكومة اسرائيل للمواطنين في جنوب البلاد فزجت بهم في الملاجيء رهائن لسياستها المغامرة .
ان اخراس الاصوات التي توضح للجمهور الاسرائيلي أن نتنياهو الذي يسعى من خلال مشاهد الدم والرقص على الجثث، الى رفع اسهمه السياسية الآخذه بالانحدار ويسعى الى التفوق في يمينيته على بينيت وساعر وليبرمان الذين التفوا عليه من اليمين ويغالون في اظهاره بمظهر غير القادر على توجيه الضربات لحركة حماس و"اعداء الدولة"، هو خيانة للرسالة الاعلامية وللمهنية المفترضة وللانسانية قبل كل هذا وذاك.




الرؤساء وطعم الحصرم


قوافل الوزراء والمسؤولين الحكوميين المتوجهين الى قرانا ومدننا العربية عير مسبوقة في الايام الاخيرة، والاجتماعات بين رؤساء السلطات المحلية العربية واليهودية كل في منطقته تشي بحالة تأهب غريبة من نوعها، والبيانات التي تصدر عن بعض هذه الاجتماعات يندى لها الجبين وتجعلني اتساءل: أهي السذاجة أم قلة الخبرة أم انها الانسياق الى عملية زحف على البطون تساوي الضحية بالقاتل وتحول العمل الوطني الى لعبة مقيته باهتة ومشكوك بأمرها.
لست ضد هذه اللقاءات بالمبدأ، ولكن بشرط أن ندخلها مرفوعي الهامة واضحي المقولة والموقف، ومدافعين عن حق شعبنا والجمهور الذي نخدمه في العيش الكريم وفي حرية التعبير وفي الحماية من التحريض العنصري وانفلاته الهمجي. اما أن تتحول هذه اللقاءات الى اجتماعات شبيهة بحلقات الدروشة من "تعايش الحمص" ، وتكون البيانات ممجوجة محشوة بتعابير "منع العنف من جميع الاطراف" ومساواة جرائم جيش دولة منظم وقوات شرطة ضد جماهيرنا بأعمال شباب غاضب قام باحراق حاوية نفاية أو اطارات سيارات فهذه مصيبة وهذا ليس مسوؤلية أو اعتدال واتزان. ولجميع من يدافع عن هذه المواقف الباهتة والمتراجعة عن الحد الأدنى من الخطوط الوطنية الجمعية، بحجة خدمة مصالحنا اليومية نقول "حطط عن بغلتك" واترك لنا الدفاع عن حقوقنا، وان مصلحتنا لا تتلخص باسراب وافواج من السياح تزور قرانا دون أن تلمس وجعنا، ونذكر بأن السياحة الداخلية في الولايات المتحدة الامريكية لـ"للمحميات الطبيعية" التي حشر فيها النظام الرأسمالي العنصري الامريكي السكان الاصلانيين " الهنود الحمر" هي من انشط انواع السياحة هناك، فهل هذا ما نسعى اليه كانتونات من قرى ومدن تجيد تقديم الحمص والكنافة للوافد ؟
قلنا في الماضي ونقولها إن الدمج بين لجنة رؤساء السلطات المحلية مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية هدفت الى خلق توازنات دقيقة بين الحقوق القومية والوطنية والموقف السياسي وبين الحق في الخدمات والمصالح اليومية للجماهير العربية. هذا الانفلات الذي نشهده في الايام الاخيرة هو نتيجة لهذا الفصل الاعتباطي بين الامرين، وهو نتاج تراجع التمثيل الحزبي في السلطات المحلية لحساب التمثيل الطائفي والعائلي واصحاب رؤوس الاموال.
من غير الطبيعي السكوت عن محاولات السلطة تتويج رؤساء سلطات محلية، مهما كانت أهمية الدور الذي يلعبونه في حياتنا، ممثلين سياسيين للجماهير العربية، ومن الخطر بمكان التغاضي عن تعاون البعض مع توجهات حكومة اليمين هذه والا فسوف نجد انفسنا، اكثر من أي وقت مضى قبائل تتناحر في التنافس على رضى القامع ، ومساومته على الفتات .




شباب ينتفض أم تنفيس عن غضب


منذ عامين وأكثر ونحن نشهد خروجا عن المألوف في حركة الاحتجاج بين جماهيرنا العربية، يأخذ فيها الشباب دورا غير مسبوق في التنظيم، واشكالا غير اعتيادية في التحرك. رأينا انطلاقة "الحراك الشبابي" في النضال ضد مخطط برافر والمظاهرات التي نظمها وقادها مجموعة من الشباب المحزبين وغير المحزبين وهزت البلاد ونافست بدون تردد مظاهرات لجنة المتابعة الباهتة والتي اعتراها الوهن في السنوات الاخيرة.
في التظاهرات التي ما زالت تسيطر على العديد من قرانا ومدننا حتى اليوم يبرز وبوضوح غياب الاحزاب حتى ما قبل يومين عن التنظيم والدعوة الرسمية للتظاهرات فيما عدا المظاهرات التي نظمها الحزب الشيوعي والجبهة الدمقراطية، ومن ناحية أخرى كان يكفي أن يقوم أحد الشباب أو الشابات بوضع ستاتوس في صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي ليتناولها العشرات والمئات لتعميمها ونشرها وتأتي ولادة تظاهرة أو مظاهرة.
في هذا الحراك الشبابي اندفاع وحماسة متوهجة واتساع للجميع، بما في ذلك شباب غاضب غير مسّيس مندفع أحيانا بمشاعر اليأس من امكانيات التغيير والغضب على السياسات العنصرية والاوضاع السيئة . بامكاننا أن ننحصر في النقاش دفاعا عن حاوية النفايات، التي اتضح في هذه الايام انها أعز ما نملك في قرانا، وبامكاننا أن نغضب على مظاهر التحدي التي يبديها هؤلاء الشباب امام قوات الشرطة فنكون مثل الاهل الذين يضيع طفلهم وعندما يجدونه بدل أن يفرحوا بعودته يشبعونه لوما وتأنيبا على ضياعه ويعبرون عن خوفهم عليه بغضب عارم، فهو بضياعه كشف كم هم مقصرون في رعايته. يمكننا كل ذلك وبسهولة ولكن الاصعب أن نسأل أنفسنا لماذا يندفع الشباب وراء دعوة مجهولة الاصل والتفاصيل، يشعرون انهم صناعها وأبطالها؟
والاصعب أن نسأل انفسنا أحزابا وهيئات وطنية لماذا يجد الشباب انفسهم منساقين الى شعارات طنانة واحلام غير واقعية، ويهربون الى الطوباوية والعدل المطلق دون الوعي الى موازنة ذلك مع الوضع الراهن؟ وخلف ذلك كله اين دورنا نحن من هذا ؟
افكار قد تكون هلوسات ويبقى الاكثر وضوحا من كل ذلك أن هذه الحرب التي يشنها نتنياهو وحكومته وجيشه هي بكل قساوتها عابرة مهما طالت، وعلينا قبل كل شيء التصدي لها وخلال ذلك مواجهة انفسنا وغيرنا بالاسئلة الصعبة، فما سيبقى هو نحيب الامهات الثكلى وأجساد الاطفال المشوهة وركام البيوت المدمرة... وما تحدثه هذه الحرب من تحولات سياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي