الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حروب الاعلام ...ساحة الاذكياء...ثم الاقوياء

كامل القيّم

2014 / 7 / 12
الصحافة والاعلام



لم يكن في الحسبان ما جرى وما يجري في العراق من متغيرات في ملفات السياسة والعسكر واتجاهات الصراع ،مفاجأة من العيار الثقيل على اهل السياسة والمراقبين والعراقيين بشكل عام، تلك المسرحة تؤكد تناسي التخطيط والتنبؤ ورسم الاولويات، وكان اللهو بالأيام والظهور الاعلامي على حساب متطلبات تمدد واتساع صناعة عدو او مارق او متخفي جديد هو الظاهر بلا باطن، فبعد سنوات عشر من المواجهات والتحديات الداخلية منها والخارجية، ظل السياسي العراقي يتأوه ويتباكى على نصرة الضمير، ويعتمد على الايثار النفسي تارة والدولي والاقليمي تارة اخرى، لم يقرأ صناع السياسة في العراق ، ومن يدير ادارة شؤون البلد والناس التاريخ ولو مرة واحدة بشكل شمولي، ويسعى الى فهم اللعب السياسي، حينما تتعلق الامور بمصالح البلدان، هل من الحكمة ان نسذّج طريقنا نحو عالم ملئه التمنيات والتجامل، عالم مثالي خالِ من العواقب( والتحديات) ؟هل يمكن ان نتصور ان البلدان سارحة ومارحة في ظل ثقة الجار( مثلاً) او ابن العم الدولي، ألم تعطنا الحروب الكونية والصراعات الحضارية، ومنذ فجر التاريخ دروساً غاية من الروعة في مسار الادارة والسياسة وحسن التوجس من الاخر، وهل هناك مثالا(تاريخياً) يحتذى به لانتطارنا الرحمة من الاخر، حتى نضع السيوف في الغمد ونُنعم بنوم عميق عن نيات افاعي الاعلام والسياسة وادارات الحروب والازمات، عجيب امرنا وعجيب من لا يتعلم من مدارس الماضي ويعشق الانتظار والنصرة دون ثمن او مجهود.
سرنا على خطى التأخر في رسم السياسات وندور في حلبة من يحكم ...من يصبح ...تناسينا ان الفكر يصبح بودقة للقفز على الحاضر ويتطلع ويتلمس المستقبل الذي تبرقه جهادات العلم والتحليل ومختبرات مراكز البحث والتطوير، سرنا الى الوثوق والاتكاء على ما يقفز الى توافق الشخوص، والى مزاجات ثقافات القادة النصف مدرسية، العالم في وادي ونحن في وديان عوالم السياسة وعلم الادارة والنفس والاجتماع والاعلام، ونزوّق يوميا بالإعلام على اننا بلد الحضارات وربما ترحمنا تلك اللفظة التي اسأنا لها بشكل سافر ، ولانعلم متى تاتي الحضارة والادارة التي تعتصر مما حفل به السومريون والبابليون والإمبراطورية الاشورية من حنكة القيادة وجعل الاخر تحت الرحمة ...وليس العكس . الزمن يمضي والشاطر والفاهم والعالم هو الذي يجعل سير قطاره اسرع وابهى واشمل لإسعاد الناس وحماية امنهم وتاريخهم .
مآسينا اننا نتناسي المفيد والعاجل والمفروض والمطلوب للحاضر....ومن ثم نتأسف عليه ونقول كان يجب، ومن المفروض، ونحن تأخرنا، وتوجد اخطاء في...، لا اريد ان اعرّج على مفاهيم قاموس الاخطاء الكبرى لمرحلة رسمت بامتياز وبفطنة هائلة الحبكة( برمال المنضدة الامريكية ) وكان البعض يعتقد ان الوجوه الوسيمة للاحتلال مُترعة المسؤولية والذكاء الخارق الذي سيجعل العراق ( ينام الليل ويُسعد في النهار ) ويتألق ويقفز دول الجوار أمناً ومنعةً وتنمية وتعليم ....كان واهم والى الان من يعتقد ان نيران القاعدة وداعش مرت وتمر دون ( رتوش السياسة الامريكية ) التي صنعت لنا القدر القذر في مسارات السياسة وبناء الدستور وشكل الحُكم الذي سئمنا انتظار ثماره ، كنا نقول ولازلنا ان امريكا لا يمكن ان تحمي بلد كالعراق ....ومن يراجع التاريخ يفهم السبب، مادامت هناك مصالح وهناك مصانع إقليمة، للأسف السياسيون منا لا يقتربون من استيعابها، وكأن جملة( الزرق ورق) التي (اطلقها اعلاميا) احد السياسيين هي اقرب لوصف الجراحة الامريكية لحال العراق(وهي جزء من مفهوم الفوضى الخلاقة وحصر التشدد والافكار غريبة الاطوار في مناطق محددة وتصديرها اقليميا لصالح اسرائيل)...لان الناتج اسوء بكثير مما حصدناه من ترهل وجهل وانكسار المواطنة، التي عصفت وتعصف بالبلد....والبعض ينتظر الرحمة من لا رحمة له .
واليوم بعد ماحصل الذي حصل، وتوالي مشاهد عقم البناء السياسي الذي نشهد، من مأساة الموصل الى التشنج بين المركز والاقليم الى الافتراق السياسي الواضح ،الى استنفار قوى المنطقة نحو الحدود العراقية والتغذية اليومية التي ترميها لداعش وغيرها، تلك امور حصلت لسبب ما وليس (قدر او صدفة)، والعامل الاهم من ذلك( التخبط والخوّر في ادارة السياسة الخارجية) بما فيها الاستحقاقات الدولية تجاه العراق في بناء مؤسساته ومنها العسكرية، والثانية ضعف( بل انعدام استراتيجية بناء البلد ووضع الاولويات التي تصون ثرواته ووحدته وامنه) والثالثة التراخي والتأجيل والتناسي لبعض المفاصل الاساسية لإدارة الازمات واللعب على الوقت في الخروج من مازق( الدولة الناشئة المستهلكة لكل شيء) الى(الدولة الفاعلة المصدرة لكل شي بما فيها الرعب لمن يعبث بها) هكذا كنا ننتظر من وجوه السياسة الكثيرين الذي يلوكون الجمل الوطنية في الاعلام دون (نتاج)، والذي للأسف توقف وانصدم بالأزمات والمواجهات مع داعش ومن ازمة الموصل. لانه اعتمد على مسار الشخوص والانا الاعلامية بكلمات الترقيع والتجميل والتحشيد نحو اي كان.
على اية حال ..ملخص الفكرة التي اريد وبحرقة ان اسوقها وقد تعلمتها مذ كنت طالبا في الاعلام على ان ( الاعلام والدعاية لايرحمان ...وليس هناك اخلاق حينما تتهدد البلدان بالدم والرعب والمصالح العليا) تتغير اناشيد اخلاقيات المهنة الاعلامية من حروف ( مواثيق الشرف..والاخلاقيات.. المكوية باناقة، وامتياز ) الى جهود ميدانية لرسم حال المواجهة الذكية بالصوت والصورة، والتصريح ،والتقارير، والكلمات، والصمت احيانا ...بكل رموز علم الاتصال والتاثير ...انها حرب الاذكياء وليس حرب الاقوياء فقط ...ومشهد اليوم الذي يؤشر وبوضوح على ان اعلامنا يترنح ويكبو ويتعلم وكأننا لا نملك ...وكأننا لانملك ومنذ 10 سنوات اخطبوط اعلامي بغاية التعدد والامكانات والقدرات ،وكأننا لا نملك اكثر من 30 فضائية وعشرات الاذاعات والصحف والمواقع...وكأننا لا نملك اكثر من 10 اقسام وكليات للأعلام ...وكأننا لا نملك عشرات الخبراء الاعلاميين الاكاديميين والمهنيين، الذين يمكن ان يغيروا المعركة ونتائجها بتغيير في الادارة الاعلامية التي لازالت تتوسل النشيد والاغنية والمقابلات التحشيدية وبتكرار اصبح معيباً .....وهي تحلق خارج فضاء الدعاية وذكائها ونظرياتها الشديدة التعقيد، ليس مهما ان تملك عشرات الفضائيات ومئات المواقع حتى تستطيع لجم الدعاية المعادية، نعم ليس مهما ان تتعدد الوسائل ، بل الاعتى ان تتعدد (خلايا التخطيط ) لإدارة الحرب الاعلامية من انتقاء للكلمات حتى طريقة عرضها وحجبها وتكراراها ...وفنون الافادة من كل المعطيات التي يمكن ان تساعدنا في اضعاف الاعلام المعادي ...نحن نسرف في رد الفعل بشكل جارف لان لابديل عن ذلك في ظل غياب العلم والمهارات وتقنيات التأثير ..
الكل يجتهد ( تصوراً ) في ابتداع الية الرد والمواجه على خطى الصراخ واختلاق الاحداث والتعبئة ما قبل الفضاء، لم يرتقي جهدنا الاعلامي وبكل اسف الى مستوى الامكانات والوسائل والفرص، بناتج يعيد الكفة ويعطي زخماً لمجريات ما يحصل ...والكثير يشتكي ويتهم ويشتم وسائل اعلامية اجنبية وعربية ومحلية ، على انها تزّيف الحقيقة وتعمل لصالح اعداء العراق في الترويج لأكاذيب وطروحات ليس لصالح الواقع (وبالطبع انا منهم) ولكن علينا ان نفهم( ونحن كمتخصصين في علم الاتصال والدعاية) نفهم ان ليس الجميع بالضرورة معك وان الجزيرة مثلا او العربية او الاخريات، متى كانت مع العراق وقضيته ؟ ولماذا تريد منها ان تقف معك وهي مملوكة لدول تمدك بالانتحاريين، وتدعم بالمال والسلاح الجماعات المتطرفة في بلدك ...ليست مع فكرة التقبل( بل مع فكرة ان الفضاء لا يرحم) ولا يعول عليه وان السياسة والحرب ذراعهما الاعلام، فكيف تكن قوياً وذكياً ومتحسباً بالإعلام وبتصدير الرموز ونظريات الرعب الاعلامي والمواجهة النفسية ...عنذاك سوف لن تشتكي من هول الجزيرة والعربية وفضائية الحدث والبي بي سي.. الخ .
في وسط انك لا تملك زمام المبادرة في تزويد الشبكات والوكالات الدولية والمراسلين بالمعلومات والوثائق، وليس لديك ناطق ميداني بمستوى المواجهات والمواقف خالية من الخطاب باللغات الاخرى، بالطبع سيعتمد الكثيرين على مهاراتهم وعلى الوكالات والقنوات المتاحة في عمليات التغطية الخبرية للأحداث ....بمعنى اخر هناك فقر ..وبطأ. وعدم تحسن...وذات اعلامية مشخصنة ...وهناك انفعال ..وهناك طلب لتلقي الرحمة او الانصاف في نقل الحقائق ...كل ذلك مغلق في حالات وساعات ومواقف محددة ...عليك انت ان ترجم الاخر بالعري المعلوماتي وتجعله سخرية اعلامية بالحقائق او انصافها وبالوثائق وجبروتها.. وبدهاء وذكاء وعلمية الخطاب، وليس بكلام السياسة والوجوه التي لا تحسن الا الرفض والاسف والتحريض. إنها لعبة وساحة مفتوحة فقط للأذكياء ولمن يحسن فهم التاريخ والنفس وقيم الكلمة والصورة والزمن ..الفضاء لا يرحم فقراء المهارات....انه مع الابتكار والصناعة الاعلامية ..اي صناعة تحتل العقل وتحيّده ..افهموا يا سادة ان حرب الاعلام ليس فيها قوانين.....انها كالختل والوضوح (ثنائية متباينة لكن متجانسة )..لا تُمسك لمن يسترخي.. ويتشكى. وينتظر نجدة الضمير .انتهى .

د.كامل القيّم / مركز حمورابي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية
جامعة بابل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟