الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستحيل يتعشش فقط في عقول من يؤمنون به

صبري المقدسي

2014 / 7 / 12
العولمة وتطورات العالم المعاصر


"المستحيل" كلمة رائعة تجعل الملايين من البشر يتخلون عن تحقيق أحلامهم، فيما عدا البعض منهم الذين يصرخون قائلين: ممكن التحقيق والانجاز، ولا يوجد شىء اسمه "المستحيل". فالمستحيل إذن كلمة لا وجود لها إلا في عقول الفاشلين والعاجزين كما يقول المثل. ولكن الناجحين والمبدعين هم الذين يدخلون التاريخ، ومن أبوابه الواسعة. ومنهم المخترعين والمكتشفين والمبدعين، الذين ينجزون أعمالا كانت في يوم من الأيام، مستحيلة التحقيق والانجاز، وأصبحت اليوم أمراً ممكنا نراه، وواقعا نعيشه. يؤكد على ذلك المثل الانجيلي الذي يقول: (لو كان لكم ايمان مثل حبة الخردل، لقلتم لهذا الجبل انتقل من مكانك وسوف يطيعكم). فالأمر إذا يتوقف على الانسان. فإذا آمن بشىء ما، يكون قادرا على تحقيقه وإنجازه، وإذا لم يؤمن فلا يمكنه تحقيق شىء ما.
هذا يؤدي بنا الى نتيجة مفادها أن الكلمة (المستحيل)، تستحيل في الحقيقة على من لا يحاول، ولكنها ممكنة لكل من يحاول ويعمل ويكافح، وذلك في كل أمر، وكل مجال. كل ما في الأمر إذن، أن لا نضعف تجاه التجارب والصعوبات، وأن نعرف كيفية التحكم في الحياة. إذ حينما تتحكم على حياتك، تكون قادرا في التحكم في مصيرك ومصير الآخرين، والتحكم أيضا في العالم. وبعد ذلك تستطيع أن تكون بفخر واعتزاز ملكا للعالم، ومن دون منازع، كما حدث في حالة (بيل غيت). والشىء الوحيد الذي عليك القيام به للوصول الى تلك المرحلة هو طرد الشك والخوف من قلبك وعقلك، فهما العدوان اللدودان اللذان يعيقانك من القيام بالعمل المطلوب، ويردعانك من التقدم في مسيرة النجاح والابداع.
فلو ذكرت قبل قرن من الآن، بأن شخصا ما سوف يمشي على القمر، كان في الحقيقة سيضحك من قولك كل من يسمعك، بل لأعتبرك الناس من المجانين أو من الممسوسين بالروح الشريرة. ولو قلت لهم بأنك سوف يكون بإمكانك إرسال رسالة بريدية الكترونية فيما بين القارات، وفي مدة لا تتجاوز ثوان محدودة، لقالوا لك بأنك مجنون من الدرجة الاولى. وكذلك اليوم، لو قلنا بأن القمر سوف يكون محطة الاستراحة للإنطلاق الى الكواكب والنجوم الاخرى في المستقبل، فإنه سوف يضحك من قولنا الكثيرين. ولو قلنا بأن الناس سوف يذهبون لقضاء شهر العسل في الفضاء الخارجي، لقالوا بأننا نحلم كثيرا. ولو قلنا بأن البشر سوف يستبدلون استخدام السيارات بالطائرات الخاصة، وبأنهم سوف يجعلون من أسطح منازلهم مطارات، قد يبدو الأمر نوعا من أنواع الخيال العلمي البعيد عن التحقيق، ونكون قد أعطينا فرصة للمستهزئين. وكذلك الامر بالنسبة الى الأمور الأخرى، إذ من كان يتصور بأن البشر سوف يكون بمقدورهم التقرّب الى بعضهم البعض، وبهذه السرعة، بحيث يجعلون من العالم (قرية كونية صغيرة)، ولاسيما بعد الثورة الإتصالاتية الحديثة. ومن كان يتصور بأنهم سوف يصبحون على علم ودراية بكل ما يجري في العالم، وفي مدة لا تتجاوز الدقائق المعدودة، في حين أن الأخبار قديما، كانت تأخذ مدة شهور بل سنوات الى أن تصل من بقعة الى أخرى، ومن قارة الى أخرى.
وما كان كل ذلك ممكنا، لولا الطموح في تحقيق وإنجاز الأمور المستعصية. فالاختراعات والانجازات البشرية الرائعة التي تراها أعيننا اليوم، ما هي إلا نتاج للطموح البشري الذي خرج للعيان، ولكي يقول الطامحون والمبدعون، للفاشلين والعاجزين، أين هو (المستحيل)، فنحن قد غلبنا المستحيل، بإصرارنا الذي لا يلين. فالمستحيل إذن لا يوجد في قاموس الناجحين والمبدعين، ولا يتعشش حقيقة إلا في عقول من يؤمنون به، والذين يقفون عاجزين عن تحقيق أحلامهم، والذين تجدهم يتحججون في أقاويل وحكايات لا معنى لها لتبرير عجزهم، وعدم قدرتهم على تحقيق إنجازاتهم. ومحدوديتنا أيضا لا تكمن في عدم إمكانية تحقيق الأمور، وعدم إنجازها، بل تكمن في أيدينا وقلوبنا وعقولنا. إذ نحن فقط نبني حاضرنا، ونوجه مصائرنا، ونقود مستقبلنا. وعندما نصل الى هذا الوعي، ونحس بهذا الواقع، ونعرف تلك الطاقات والقابليات الفكرية الخاصة التي في دواخلنا، حينئذ فقط، يصبح كل شىء ممكنا، ولا شىء يبقى حاجزا، ومستعصيا على التحقيق والإنجاز.
لذلك فلو فكر الانسان في صنع شىء ما، فإنه إما يستطيع فعله أو لا يستطيع فعله. فالأمر ينحصر إذا في كون الشىء مستطاع أو غير مستطاع. وليس في كونه ممكنا أو غير ممكن التحقيق. ولنأخذ مثلا مخترع السيارة الامريكي (هنري فورد)، الذي آمن بتحقيق حلمه في إختراع السيارة، بالرغم من معارضة كل المهندسين في تلك الفترة. وكذلك( توماس أديسون) مخترع المصباح الكهربائي الذي فشل أكثر من 1000 مرة في تحقيقه وإنجازه الى أن كان له ما أراد، وقال للمستحيل أين شوكتك، فأنا قد غلبتك.
والآن جاء دورك يا من تحاول وتفشل، وتقول في نفسك هذا غير ممكن، أو ذلك صعب التحقيق، أو ذاك مستحيل الوجود والانجاز. حاول أن تأخذ ورقة وتكتب عليها بعض الأهداف في حياتك. وتحت البند الأول ضع الأمور التي تستطيع إنجازها. وتحت البند الثاني، ضع الأمور التي لا تستطيع إنجازها. وتحت البند الثالث ضع الأمور التي يستحيل عليك إنجازها وتحقيقها. وبعد فترة ومن خلال مختلف مراحل حياتك، ستجد في نفسك المقدرة على تحقيق حتى الأمور المُستعصية والمستحيلة. وتجد في نفسك القابلية على تحقيق كل شىء، ولا يعصى عليك شىء ما على الإطلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟