الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والجنون –11 التجنين -3

عبدالله الداخل

2014 / 7 / 12
الادب والفن


من يبني السدودَ بوجه الزمن؟
وكيف تملؤها الساعاتُ والأيام؟
تمر فوقها، تمحوها؟
لماذا يستحيل بناؤها مرةً أخرى؟
ألأنَّ العيون تكون مفتوحة حتى نهاياتِ أجفانـِها؟
وكيف يكون التجنينُ وسيلةَ الموتِ في احتلال العقل
مثلَ وسيلة الإقناع بالقوة
لمّا يبرّرُ الإلهُ قسوتـَهُ المقدسة؟

يُلصِقـُنا الدينُ بجزءٍ من الزمن
جزئِهِ القديم الصغير الذي عرفناه
حفظناه كأسمائنا التي لا تتغير
أسماء الوهم والعبودية،
وهو ملتصقٌ بنا
فيصدأُ الحاضرُ؛
جزءٍ صغيرٍ بحجم عقل اليوم
لذا لا نرى قطرةً من هذا المحيط القادمِ نحونا
فنبقى صغاراً

في التجنين يكبُرُ الموتُ طحالباً
على سمادٍ من جسد الحقيقة؛
فيمرّ الدين منتصراً
بكل مراحلِهِ، أسمائهِ، وثيابهِ
بأقاصيصه الرعناء
وطقوس الجنون
وجنون الطقوس
وأكوام الكذب
وتأسيس الجيوش
وتدريب القتلة،
وإذلالهم،
ودق طبول الاحتلال وتجفيف الحياة
وتبرير الجريمة
وشراء الحكماء، أو قتلهم

يمرّ الدينُ
واحداً، متدرّجاً، متكبّراً، مذهلاً، ومخيفاً!
وتمر موجات الغباء
مرورَ كراتِ شوكٍ كثيرة
بريح صحراءٍ كبيرة
فتكون سدودُ البشر
الكثرةَ التي تُوهِمُنا بالصدق!
لكنَّ من لم يفهم نموَّ كتابٍ
ومن لم يعِ الجوعَ في الروح وأسبابَ السفر
من أين يأتي بعقلٍ أكبرَ من عقله
يعلـّمه الزمنَ الطويلَ وأنَّ الماءَ خالقـُهُ؟
وكيف للشك أن ينمو بماء الحقيقة نحو التحدي؟

لكن الشكَّ أسرعُ من يميني
بإسنادي حين تعَـثـّـُري:
تلك قصتي البطيئةُ الأخرى
قصة الشك الذي سال فيَّ
ويحيا الآن في دمي وكفيَّ وإبهامي،
فقد تساءلتُ هل من جنةٍ في مدنٍ زوّروها كالسماء
أو فاضلٍ في الأغنياء!
وشِعرٍ بين ثرثرات الغزو،
حين تكون للإعصار عينٌ تبللنا
فكم بكت تلك السماءُ على موت العقول!
وحين اعتصرنا ثيابَ اللغات
مضينا نكره بعضَنا كالأنبياء
حراسِ أبواب السدود بوجه الأزمنة
مالكي مفاتيح الجريمة
في عصور الغش الكبير
عصور أفواهٍ قديمة!

ظننتُ اللهَ يُحَدِّثُ الأنبياءَ فقط
لكنه يُشغِلُ أمّاً فقدتْ
في ساعةٍ أولادَها
أو يكلـّمُ طفلةً مغتصَبة!

هكذا ننسى حزننا الأول؛
لكنا عاقلون لأنـّا نهتم بالقتلى
موتانا الذين يروننا ولا نراهم
فالسماءُ مرآةٌ ذاتُ جانبٍ شفاف
كما في دوائر التحقيق
وعينِ الرجل المسن المحلق
في سماء المعابد

هكذا تمرّ ألفُ فرصةٍ في الحياة بعد أخرى
فرصُ الجرأة والصدق والحرية؛
نحن عاقلون لأنـّا نهتم بالموتى الذين يروننا ولا نراهم
فنحمل أثقالَ السنين عنهم بأجفاننا
فينقش الزمانُ كلامَه الأخرسَ المعبّر
على الوجه
وفي العينين والبَشَرة؛

عَصَرْنا نفوسَنا
وجميعَ معارفنا في النفس والحُب
وفي التأريخ الخبيث من مُدى الأحجار حتى الأساطيل
من أجل نظرةٍ حيّةٍ واحدةٍ من حبيب
عاشَ في ثنايا القلب الذي قد شاخ في محبته
فله مثلـَه نبضٌ
ورجْعٌ في الحنايا
وأوجاعُ الفراق في الروح وفي القلب وفي العينين

لكنا ورثنا الخطف والقتل والتعذيب
من عهدٍ بعيد،
عهد الامتلاك المطلق والعبيد
سِرُّهُ اللهُ ورغبةٌ أخرى من مشيئات القرود!

ورثنا الموتَ من اللهِ وثقبٍ في السماء الجميلة
لأن الماضي كثيرُ الجوع
ينمو بغابةٍ
ببردٍ ورطوبة
وتناطـُحِ الأشجار
فليس يخدعنا ذاك العناقُ المؤقتُ في الشمس
عند لقاء السماء
فالأشجارُ تُرينا كيف تكون الأمهاتُ عدوة
لأبنائها
والآباءُ منافسين أو غرماء،
لذا سنحيا خارجَ الغاب،
بعد موت الله!

الجنون الذي لا شفاءَ منه
نادرُ الصفح كالخيانة
كسجنٍ في نهاية الصحراء،
فتمضي الطيورُ ولا تعود
تخسرها المياه
ويهرب العندليبُ من الواحة
يهزمه ضفدع!
لذا لعنتـُهم بكل شهقة رحّب صدري بها
وكل زفيرٍ يودّعني
فكنتُ في نَفَسٍ واحدٍ
ألعنهم مرتين! *
فالموت الذي حل بالوطن
والجو الذي لوثته طبولـُهم
جاء بآلهةٍ كاذبة
وأنبياءَ نصّابين
وأغبياءَ دعَوا أمواتـَهم شهداء!
هكذا تكون أنت جباناً كالأسود يُنذِلها الجوع
جاهلاً أن عدوَّك االلهُ وأنتَ
وما تبقى فيك من رملٍ
وما بعينيك من أقذاء
وما في الأزمان مما يقلبُ المعاني جميعاً على أعقابها؛

الشك الذي بعينيَّ من ظلِّ أصفادي،
والدينُ ظِلُّ الموتِ في الأرض
يعبر البحارَ
يجتاز الصحارى والجبالَ والوديان
ومحيطاتِ الجليد،
(مع الموت
لا شيءَ له معنى)
فقد جاء يوماً لقريتنا
ودق بعنفٍ على بابنا
فصاحت جدتي: من الطارق؟
أنا البردُ والليلُ والجوع والمطرُ
والطينُ والدينُ والله والخطرُ
قالت جدتي: "ش تريد؟ وَيْعة* روحي؟"
وكم كان في الروح من وَيَعٍ*!
فمضى الضعفاءُ من أهلي واحداً واحداً
ضحايا وحدةٍ كاذبة
وكذبةٍ واحدة
كبيرةٍ بحجم الله
خارجَ أحلامنا الخرساء
فلم يقولوا كلَّ ما لديهم بقريتنا
قبل ما رحلوا
ولم يعيشوا بأيٍّ من عوالمهم
في الحب والصدق والحرية
لأنَّ في الزيف والخوف واللهِ
كـُنـْهَ كآبتِنا
لغزَ هزيمتِنا
وأسرارَ العبودية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سعدي شيرازي، ثانية ً!
*/ي/ =/ج/ في لهجات عربستان وبعض مناطق جنوب العراق والخليج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا