الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخميني وبوليفار

محمد خضر خزعلي

2014 / 7 / 13
السياسة والعلاقات الدولية


تسلك الدول في سياستها الخارجية مسالك لا تعترف بالطائية ابدا , فيكون همها مصالحها لتحصيل اكبر قدر من المكاسب واقل قدر من الخسائر , فالبراغماتية عكس الطائية .
بعد الثورة الخومينية عام 1979 وظهور حكم مناوئ للولايات المتحدة , بدأت مراحل التقارب بين ايران وكوبا , لكن لم تتشكل علاقات متينة وواضحة بين ايران ودول اميركا الجنوبية الا في حدود عام 2005 في عهد احمدي نجاد.
بسبب الحصارات المتتالية على ايران من قبل الغرب والولايات المتحدة , سعت ايران لاستغلال اي فرصة لتعزيز مواقفها الاقليمة والدولية , وبناء شبكة تفاعلات مع اي نظام يرى بضرورة احداث تغير في بنية النظام الدولي , لينتقل من قطبي الى متعدد الاقطاب , يسمح لايران ولغيرها من القوى بلعب دور اكبر سواء اكان اقليميا او دوليا كما تطمح الصين وروسيا والبرازيل.
استغلت ايران تصاعد موجات من الكراهية والرفض والنبرات المعادية ذات الصبغة الثورية البوليفارية في اميركا الجنوبية ضد سياسات الولايات المتحدة , وخروج حكومات ترى في ضرورة التركيز الاكبر على سياسات التعاون الجنوبي الجنوبي للخروج من نظام دولي تهيمن عليه الولايات المتحدة واليات العولمة خصوصا الاقتصادية , والتي ترى فيها دول اميركا الجنوبية محض اليات لافقار الشعوب بصبغ تبدو انسانية اكثر.
دول اميركا الجنوبية دائما ما كانت تبدي تعاطفا مع القضايا العربية , لكن لم ترى منها اي بادرة توحي بجدية في بناء علاقات خارج الهيمنة الامريكية , وهنا وجدت ايران ودول اميركا الجنوبية ضالتهما لتعزيز التعاون فيما بينهما من ناحية , بالاضافة الى تعزيز التعاون مع دول مثل الصين وروسيا وجنوب افريقيا كخطوة في طريق احداث تغير في بنية النظام الدولي من قطبي الى متعدد .
ولذلك فقد شهدت العلاقات بين ايران ودول اميركا الجنوبية تطورات على اكثر من صعيد كما يلي:
1-فتح سفارات متبادلة بين ايران ودول اميركا الجنوبية في السنوات السابقة بعد عام 2005.
2- تبادل عشرات الزيارات على مستوى القمة بين احمدي نجاد وروساء فنزويلا الاكوادور وبوليفيا ونيكاراجوا , فضلا عن الزيارات على مستوى الوزراء بين الطرفين لبحث كافة الامور المشتركة .
3-توقيع اكثر من 300 اتفاقية بين ايران ودول اميركا الجنوبية , تبحث كافة اهتمامات الطرفين في شتى المجالات والمشاريع الاستثمارية خصوصا فى مجال النفط والطاقة والزراعة.
4-ارتفاع حجم التبادل التجاري من بضعة ملاين الى حدود 3 مليار عام 2008 والان يقترب حجم التبادل التجاري لحدود 10 مليار.
5- تسعى ايران لكسب الود الامريكي الجنوبي في قضايا برنامجها النووي , وهو الامر الذي ظهر جليا في مواقف عدة دول امريكية جنوبية مثل بوليفيا وكوبا التي دافعت عن حق ايران امتلاك برنامج نووي سلمي , وتصويت فنزويلا لصالح ايران عام 2006 ضد قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية , بالاضافة الى موقف البرازيل حيال البرنامج النووي الذي ابدى تعاطفا مع ايران عام 2010 , وتأكيد البرازيل على ان العقوبات تجلب مشاكل اكثر مما تحل منها.
6-قيام ايران بانشاء مصارف في تلك الدول بالاضافة الى بعثات انسانية كما حصل في زلزال هايتي وتقديم مساعدات وبعض القروض بفوائد قليلة الى الدول الفقيرة في اميركا الجنوبية مما ضمن لها التأيد الشعبي وارتفاع اسهمها عند تلك الحكومات.
7- بدأ ايران بتزويد بعض الجيوش بالسلاح , فهي ومن عام 2006 قللت من مصروفات استيرادها للاسلحة لانها اصبحت منتجة له , وبدأت التصدير الى دولة الاكوادور , بالاضافة الى دمج عسكري لضباطها في سلاح الصواريخ الفنزويلي , والتنسيقات العسكرية مع تشيلي وبوليفيا.
المصالح المشتركة للطرفين :
1- الدفع باتجاه بناء تكتل دولي قادر على المشاركة في صنع القرار العالمي كخطوة لكسر هيمنة القطب الواحد.
2-سعي البرازيل في موقفها الداعم للبرنامج النووي الايراني وتأكيدها على ان العقوبات لا تجلب الا المزيد من المشاكل هو في الاساس خطوة للتمهيد لكسب رضا على نيتها في بناء مفاعلات نووية , وهنا نفهم التقارب بين ايران والبرازيل وموقف كل منهما تجاه الاخرى.
3-كسب ايران لوجود البرازيل في بعض الهئيات الدولية والتكتلات الكبرى مثل مجموعة لبريكس , التي ترى فيها ايران طريق نحو كسر الهيمنة الامريكية , في حين تسعى البرازيل لتكون دولة فاعلة اقليما في قارتها بالاضافة الى حلمها بالمشاركة في الفعاليات الدولية المختلفة كواساطتها مع تركيا لحل الازمة النووية الايرانية عام 2010 لتسوق لنفسها ومصالحها.

موقف الغرب واسرائيل:
تشير التقارير الى العلاقات بين ايران ودول اميركا الجنوبية تمثل غزوا ايرانيا لتلك الدول , ولذلك تحاول اسرائيل بناء علاقات مع تلك الدول من ناحية , وبدأ الولايات المتحدة بالتخلي عن سياساتها الداعمة للانقلابات في تلك الدول من ناحية ثانية , فالدول والشعوب لم تعد تثق ابدا بالولايات المتحدة , بل حتى كولومبيا الحليف الامريكي بدأت تعيد النظر بطبيعة علاقاتها مع الولايات المتحدة لصالح جيرانها اللاتين خصوصا بعدما اشتمت بوادر التراجع الامريكي عالميا.

موقف حاتم الطائي:
على الرغم من الطبيعية الثورية لدول اميركا الجنوبية ضد الاستعمار واسرائيل وسياسات الولايات المتحدة وتعاطفها مع القضية الفلسطينية وموقفها من غزو العراق , الا ان الدول العربية لم تستطع حتى الان من استثمار هذه البادرة اللاتينية , وما زالت العلاقات الاقتصادية بين العرب واللاتين في حدها الادنى وفي مجال القهوة البرازيلية وبعض الاستهلاكيات الاخرى , اما على صعيد الاكاديمي فلا وجود لتخصص او دراسات تعنى بدول اميركا اللاتينية والجنوبية الا ما انشئ حديثا في الجامعة الاردنية مثلا وما زال لا يلبي الطموحات , هذا فضلا عن الاستعلاء العربي على دول اميركا اللاتينية من اعتبارهم اقل تطورا حسب الصورة النمطية التي صورتها الامبريالية , مما ادى لتكون ايران البديل العربي في المنطقة لطموحات اميركا الجنوبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتهاء عملية تقديم أسماء المرشحين لانتخابات الرئاسة الإيراني


.. بيان خماسي عربي يؤيد جهود الوساطة حيال الأزمة في غزة




.. الدكتور خليل العناني: بايدن يحاول وقف الحرب من أجل حسابات ان


.. نتنياهو: قطعنا شوطا طويلا من أجل إعادة المختطفين وحافظنا على




.. لماذا يمثل ابن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام المحكمة؟