الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تُبايع .. لا تُبايع

علي فردان

2005 / 8 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


مات الملك فهد بعد سنوات من المرض، مات وترك خلفه أكثر من 40 بليون دولار. مات بعد حكم كان الأسوأ منذ توحيد المملكة، ففي عهده "الميمون" أصبحت البلاد مرتعاً للتطرف والفقر والفساد.
منذ أن نشأت هذه البلاد تحت راية "الوهابية" وفي ظل حكم آل سعود، تعامل آل سعود مع المواطنين وكأنهم مُلك يمين، أو بالمصطلح الفصيح "عبيد" وآل سعود أسياد. البلاد كلها هي مُلك لآل سعود، فأين ما تذهب تشاهد لوحات بأن هذه الأرض أو تلك، وهذه المزرعة أو تلك هي لأمير أو أميرة. لم يتركوا شبراً واحداً للمواطنين، بل حتى البحر دفنوه وباعوه، وإيرادات النفط ذهبت لهم ولحواشيهم، تم صرف الكثير منها لنشر المذهب الوهابي الذي لازال العالم يحصد ثمار هذا التوجه. في عهد الملك فهد أصبحت عائلات أقل من عدد أصابع اليدين تملك أكثر من 90% من ثروة البلاد.
منذ أن حكم الملك فهد، انحدر مستوى دخل الفرد سنوياً من أكثر من 24 ألف دولار إلى أقل من 6 آلاف دولار. التعليم، كما يُطلق البعض على الملك فهد بأنه رائد التعليم، التعليم أضحى مهزلة، فالمدارسة المستأجرة تزيد على 60% من مجموع المدارس الحكومية، والمدارس الحكومية هي عبارة عن خربة لا تصلح إلاّ للفئران. أما الجامعات، فهي أصبحت مركزاً لتخريج العاطلين، ومستوى التعليم انحدر بشكل جنوني، والفساد الإداري في القبول والتسجيل، فالواسطة والرشوة هي سمة القبول في التخصصات الرئيسية المطلوبة.
في مجال العمل، عانت البلاد والعباد من الفساد، وأصبح الدخل كما ذكرت، والبطالة زادت على 30% من خريجي الجامعات، وأصبح العديد من خرّيجي الجامعات يعمل بأجر أقل من 250 دولار شهرياً. أصبح الشباب يجوب طول وعرض البلاد باحثاً عن وظيفة تسد حاجته، ولكن لا فائدة. في نفس الوقت كان الملك فهد قد صرّح بأن كل سعودي يملك أكثر من مليون ريال في البنك.
أمّا التطرف الديني، فللملك فهد أيادٍ بيضاء، عفواً، حمراء، نراها كل يوم بلون الدم الذي ينزف في العراق، كما نزف سابقاً في نيويورك ومدريد ولندن. التطرف الديني هو السمة المميزة لفترة حكم الملك فهد، فقد صرف من أموال النفط ما يزيد على 70 مليار دولار داعماً نشر المذهب الوهابي. في عهد الملك فهد وصل عدد المساجد إلى أكثر من 80 ألف مسجد تقوم بتخريج جنود بن لادن. بناء المساجد والمؤسسات الدينية وكذلك مدارس التعليم الديني وطباعة الكتب التي تحث على الكراهية، كل ذلك من أهم ما تميز به عصر الملك فهد.
في مجال الحريات، وهذا مربط الفرس، لم تتحرك الدولة إلى الأمام، بل العكس، وأكبر شاهد هو وجود قادة الإصلاح المدني في السجون، وهم الأستاذ متروك الفالح والأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ علي الدميني. بالنسبة للشيعة، فلهم النصيب الأكبر، فقد عانوا الأمرين في عصره، خاصةً في فترة الحرب العراقية الإيرانية، وما تلاها من توجه حكومي فاضح تمثّل في طرد الشيعة من المناصب الرئيسية في أرامكو، وسجن المئات منهم وإعدام آخرين، ولا زال الحبل على الجرار.
لقد وعد فهد ولم يفِ بوعده، وعد بإعطاء الشيعة الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية، وكذلك فتح أبواب العمل لهم في جميع المجالات، أي المساواة مع بقية المواطنين، إضافةً إلى تنمية المناطق الشيعية التي تعاني من كل شيء، من سوء البنية التحتية وسوء المدارس الحكومية والخدمات العامة، وغياب أي مؤسسة تعليمية من مؤسسات التعليم العالي، فلا توجد جامعة أو حتى كلية واحدة في منطقة القطيف بأسرها، في الوقت الذي تنتشر الكليات في كل بقعة من ا لشمال إلى الجنوب.
إذا ما كان الشعب في عمومه قد عانى الأمرين خلال العقدين الأخيرين في عهد الملك فهد، فالشيعة عانوا أضعاف مضاعفة، وزاد على ذلك بأن كل أدوات القمع والتهميش تمت بخيرات أرضهم، فأرض الشيعة هي أرض النفط والماء، وهي أيضاً سابقاً المصدر الرئيسي لجيش الملك عبدالعزيز الذي نهب التمور من القطيف والأحساء تاركاً أهلها يعيشون الفقر حتى الموت.
يوم الأربعاء هو يوم البيعة للملك عبدالله، فلا يجوز أن يذهب الشيعة للمبايعة دون أن يكون هناك ثمناً لهذه البيعة. البيعة تعني الحرية للشيعة، وتعني المساواة، وتعني الغنى، وتعني التعليم المتميز وتعني الوظائف في السلك العسكري والدبلوماسي. البيعة تعني الاعتراف بالشيعة علناً بأنهم مواطنون ولهم حقوق، وأن من حقهم أن يكون لهم نصيب في ثروة أرضهم، البيعة تعني أن يعيش الشيعة في حالة من الرفاه، إذا لم تزد على المناطق الأخرى، فعلى الأقل تشابه إلى حد كبير منطقة الرياض. البيعة تعني وجود جامعات في القطيف وتعني وجود مؤسسات حكومية كبيرة فيها أيضاً، مثل إدارة شركة سابك، أو أرامكو، أو المؤسسة العامة لتحلية المياه، أو غيرها.
الأربعاء هو يوم فاصل في حياة الشيعة، فعليهم أن يكونوا عند المسؤولية، وأن يطالبوا بدستور مكتوب يكفل لهم حقوقهم، لا كلمات مطاطة تمحوها شمس اليوم التالي. مطالب الشيعة كانت ولا زالت بسيطة، هي اعتبارهم مواطنين ويتم التعامل معهم على هذا المبدأ وبما يترتب عليه من حقوق وواجبات. الواجبات عرفناها منذ زمن، أمّا الحقوق فلم نر منها إلاّ وعوداً كاذبة، خاصةً عندما تكون الحكومة في وضع حرج داخلياً وخارجياً، كما حدث بعد احتلال الكويت وبعد تحرير العراق؛ ما أن تعود الأمور إلى طبيعتها إلاّ وتكشر الحكومة أنيابها مرةً تلو الأخرى لتنهش في الذين دعموها من الشيعة.
الأربعاء يوم فاصل في حياة الشيعة ولا يجب أن يفرّطوا فيه فقط ليثبتوا لآل سعود بأنهم مع وحدة الوطن، فوحدة الوطن "في خبر كان" منذ أن قامت هذه الحكومة بالتمييز ضد الشيعة، حين أرسل عبدالعزيز شيوخ الوهابية ليشهدوا على الشيعة بأنهم مسلمون بنطق الشهادتين. وحدة الوطن في خبر كان منذ أن كفّر شيوخ الحكومة الشيعة ودعوا لقتلهم وطردهم ونفيهم، منذ أن قامت الحكومة بسرقة النفط والماء من المنطقة تاركةً الشيعة يعيشون في حالةٍ يُرثى لها بينما تعيش المنطقة الوسطى على خيرات النفط والماء المسروق من المنطقة الشرقية.
الأربعاء هو يوم يجب أن يتذكّره الشيعة ويحاسبوا عليه من يذهب ليبايع باسمهم، فهؤلاء لن ينساهم الناس ولن يذكرهم التاريخ إلاّ بأفعالهم، ولن ننسى الذي باع منطقة القطيف أول مرة، فنتيجةً لتلك الكارثة لا زلنا ندفع ثمنها يوما بعد يوم، وعاماً بعد عام، وربما قرناً بعد آخر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ