الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رائعة الدكتور يوسف زيدان -جُوَّنتنامو -

حذام الودغيري

2014 / 7 / 14
الادب والفن


"ما الأسر إلا استيلاء على جسم سجين ولكن لا سبيل لحبس الأرواح" (يوسف زيدان)
"الإنسان لم يخلق للهزيمة. يمكن للإنسان أن يُقتَل، نعم ، ولكن أن يُهـزَم، لا !" ( Ernest Hemingway )
كيف يمكن لرواية عنوانها وموضوعها "جونتنامو" أن تكون مشوّقة وممتعة ومبهرة الأسلوب وتجعلك تعيد قراءتها مرتين وأكثر كي لا يفوتك منها كثير مما سوف يفوتك حتما؟!
بعد رواية "محال" التي جاءت بعنوان مبهم الدلالة لتعدد قراءاته جاء الجزء الثاني من ثلاثية يوسف زيدان، بعنوان صريح، صارخ بالقهر "جونتنامو"! فما الجديد الذي سيحمله لنا هذا الكتاب وقد ظهرت في الغرب روايات وشهادات مثل : "جونتنامو"، "جحيم جونتنامو" أو "سجين جونتنامو" تحكي عن الإهانات وفنون التعذيب التي يتعرض لها معتقَلو هذا المعسكر الرهيب من اعتداءات جسدية واعتداء ات نفسية، تشهد بانحطاط إنسانية الإنسان، وبورطة "حقوق الإنسان" ؟
حلِمَ يوسف زيدان ـ التلميذ في المرحلة الإعدادية ـ أنه يكتب رواية مثل رواية إرنست هيمنجوي الشهيرة " العجوز(الشيخ) والبحر" ، التي شغف بها وأدهشته بقلة معطياتها وقوة الحلم فيها. فهي قصة بسيطة تتمثل في الذهاب إلى البحر، والتمكن من صيد سمكة والعودة الى البيت. ولكن تلك السمكة ، لم تكن أية سمكة، إنها السمكة التي سوف تنقذ الشيخ الهزيل المتجعّد من الموت جوعا والتي سترد له اعتباره وتلمّع صورته وتجعله يشعر أنه جدير بتقدير ومحبة الصبي، الإنسان الوحيد الذي كان على صلة به. أما خاصية الشيخ فهي أنه رجل يحلم بالأُسود وحين يستيقظ ويباشر يومه، فإنه لا يعود يشبه، ولو للحظة، شيئا أقل قوة، وأقل نخوة وأقل نبلا من الأسود: فلا يمكنه بعد ذلك أن يكون حشرة، أو ضبعا، أو سمكة قرش. فلا بد أن يصبح أسدا ذات يوم ، ثم أن يظل كذلك كي يرقى إلى مستوى ذلك الحلم، وإلا فإنه سيفشل لا محالة. إنه الحلم، هذه القدرة الرهيبة الخارقة التي يمتلكها الإنسان، و القادرة على إنقاذه...
بعد أكثر من أربعة عقود، حقق يوسف زيدان حلمه ! فجاءت هذه الرواية القيّمة البديعة التي تحكي سبع سنوات لمعتقل زجّ به ظلما في السجن، لكونه اقترف ذنبا لا يعرفه هو ولا يعرفه معتقلوه... "أنا ما عاديتُ أحداً ولا حاربتُ يوماً، ولا اقترفتُ ما يستوجب الأسر(...) ولا أنتمى إلى هؤلاء الجالسين من حولى وحول أجسامهم السلاسل(...) ربما قمتُ عن غير عمدٍ بخطأ غير مقصود، فقد كنتُ جديداً فى المهنة وغريباً عن المكان، لكننى لستُ العدوَّ الذى يظنون. " ( نذكّر أنه باسم الحرب على الإرهاب، أعلن بوش عام2001 حق الحكومة الأمريكية في اعتقال أي شخص، في أي مكان، من جنسية أمريكية أو من غيرها، أثبتت ممارسته للفعل الإرهابي أو يشك في علاقته بالإرهاب الدولي. )
إنها رحلة تطهيرية cathartic لبطل الرواية وللقارئ معا، حيث ننتقل تدريجيا عبر المعاناة وعبر الأحداث من الظلام إلى النور.
في بداية الرواية نقرأ: " ففي جوف ليلة بهماء كالعماءالأول، أخذتني هذه الطائرة العسكرية من سجن "قندهار" وحلّقت إلى حيث لا أعرف، مع أسرى لا أعرفهم، وحراس عرفت قسوتهم من قبيح أفعالهم ومن صدق قوله تعالى: " وإذا بطشتم بطشتم جبارين".
وفي الصفحة الأخيرة منها : "هذا السحاب الأبيض يذكرني بالبهجة القديمة البيضاء. كأن كل ما كان، ما كان...هاهي الطائرة تهبط، فتنطوي مع هبوطها أيام الظلم والظلام، والحسرات التي لن تعود. أيامي الآتية ستمتلئ بفرح ...وأمل... ونور."
إنها "ولادة جديدة" للبطل...ألِذلك زيّنت بعض الصفحات بحرف النون الذي يرمز عند بعض المؤولين لخروج يونس من بطن الحوت! ؟
من يدخل جونتنامو لا يعرف متى وإذا كان سينتهي التعذيب النفسي والتعذيب الجسدي اللذان يراد بهما استخراج معلومات يمكن أن تساعد على منع أو إحباط هجمات إرهابية محتملة، وهذه الحالة من الترقب تقود إلى الجنون وإلى الاكتئاب وإلى الانتحار أحيانا. والأسرى يسكنون خلايا، أو أقفاصا فردية منفتحة الجوانب الأربعة حتي لا يكون عندهم أي شعور بالخصوصية. هاهو الضابط الأمريكي يقول:
"بالتأكيد، لست هنا لأرحِّب بكم، فأنتم لا تستحقون ذلك. جئتُ لأحذِّركم. أنتم تجسيدُ الشر. أنتم "أعداء مقاتلون "لأمريكا. وقد استخدمتم ضدنا أحقر الوسائل، لكنكم الآن مهزومون، ومن حسن حظكم أنكم أحياء. وأنا أعرف أن لكم أدمغةً فاسدةً مريضة، مليئةً بالعنف والإرهاب، ولذلك أحذركم (...) العصيان جزاؤه الموت، والتفكير فى الهرب جزاؤه الموت، والتخريب جزاؤه الموت (...) واعلموا الآن أن الكلام بينكم ممنوع، والاعتراض ممنوع، وعدم طاعة الأوامر.. "
هذه الرواية ليست تقريرا عن جونتنامو، إنه عمل إبداعي مستقىً من الواقع فتفاصيل السجن وأحداثه قد تطلّبت من المؤلف جهدا بحثيا ضخما، لعدم تمكنه من التواجد في نفس مكان شخصياته، وبما أنه يحرص في أعماله الروائية على المحايثة ، فقد كان وقت الكتابة يفرض على نفسه أياما طويلة من العزلة الكاملة عن محيطه، يعيش فيها على ماقل من الطعام والماء حتى يشعر بنفس الإحساس الذي يريد تصويره، أما شخصيات الرواية وبطلها فهم من نسج الخيال...
إنه ذات بطل "محال"، الذي لا اسم له، ولكن هذه المرة سنعرفه أيضا بالسجين رقم "6ـ7 ـ6" أو " پْرِس"، الاسم الذي أطلق عليه بسخرية حين قال إنه يعمل في الصحافة والإعلام، أو "أبو بلال" كما نطق اسمه لأحد رفاقه السجناء، دون تفكير، فلزمه هذا اللقب طوال السنوات السبع في هذا المعتقل المرير بكوبا.
كيف سيستطيع "پرس" مصارعة الرعب والتوجس المستمر من أي شيء ، وكيف سيتمكن من مقاومة تدمير الروح؟ وكيف سيتحدّى الحقد والكراهية "وللقهر مقدرة على هدّ أركان اليقين" ؟
هذا الشاب (31 سنة) سيتشبث بالأمل في رَوْح الله وبالإيمان برحمته وفرجه وبالثقة في جزاء الصابرين وسيستمد القوة من أحلامه وخياله ورؤاه وأيضا من كوابيسه...كما أن له نعمة "الشيخ "نقطة " الأكبري، إنه أناه الأعلى ، ومرآة روحه الصافية، وضميره الحي... وهو من يجعل شخصيته المتدينة مختلفة عن شخصية باقي المعتقلين "الجهاديين"، ويجعلها مائلة للمحبة وللانفتاح ...فهو يتحادث معه كثيرا في رؤى النوم واليقظة من دون التلفظ بحرف، ويتحاوران بالنظر، ويحضر في الأوقات الحاسمة التي ينتظر فيها إشارة! "هل كان الشيخ يحدثنى بذلك، أم كنت الشيخ والمريد ؟! " كما أنه يجتهد في التصرف بكرامة حفاظا على احترام النفس،لا من أجل القيام بدور البطل، فلا يوجد أبطال في الجحيم!
الرواية مليئة بالأحداث والتأملات والتساؤلات، فالبطل يحفظ القرآن عن ظهر قلب، "وليس معى غير قُرآنى الجوَّالِ فى بئرى السحيقة"، فبضوئه يستأنس ويستنير وعلى تعاليمه يصوغ حياته و" المريدُ يجد فى القرآن ما يريد". ففي الفصل الأول، حيث اللقاء الأول مع جونتنامو يكون منهمكا في الذكر والصلاة والتمعن في آي سورة "الرحمن" لدرجة أن الأسلوب يصبح قرآنيا صرفا، فيتساءل سائل: وهل لشاب، عادي، في عمره، أقصى إبداعاته مطلع قصيدة يتمنى أن يكتبها ولا يقدر على تكملتها كل هذه القدرة على بداعة اللغة وعمق التفكر والتفكير؟ هناك أسئلة كثيرة حول الدين وتصاريف الحياة وكنهها ترجّ معظم الناس ، أو تلامس تفكيرهم لكن لا يستطيعون التعبير عنها، وقد تكون أحيانا في منتهى العمق والأصالة، و مهمة الأديب تتجلى في إيصال هذه الهمسات المختنقة الخجولة، وتوقيع صداها بكلمات بيّنة وبأسلوب فصيح جميل رصين... ولا ننس أن يوسف زيدان يعتبر اللغة البطل الأول لرواياته، فاللغة هي جذور الأمم وبقاؤها. وهذه هبة نشكره عليها.
الخوف من خطر الجنون هاجس عنيف، يتردد عند "پرس"، ويزعزع ثقته في نفسه، ففي حالات قصوى لا يعود يعرف المقصود بالعقل حتى يحدد ما الجنون، فالأيام متشابهات في سنوات السجن الانفرادي، والتحقيقات لا تنتهي بأسئلتها المملة المتكررة والإهانات مستمرة ولهذا فإنه يقول:"شغلتُ فراغى بالذِّكر وبالصلوات المهموسة، ودفعتُ عن عقلي الجنون بالدوران بين معانى الآيات التى أحفظها على ترتيب ورودها فى المصحف." إلا أن هذا لم يمنعه من تمنّي الموت مرارا والتساؤل عن جواز الانتحار.
وكان له أيضا هاجس نقاء القلب، لكن كيف لا يحقد على ظالميه ومعذبيه ؟ "ومع أنني ما كرهت أحداً في حياتي، غير أن هذا الحيوان البشري وزملاءه أخذوا يحرضونني على الكراهية، كلما جاءوا للعبث بي وكلما رأيتهم في أحلامي الكوابس." فكان يأمل أن يطلقوا سراحه حتى يسامحهم فيبرأ قلبه من الغل والمقت... ولحسن الحظ..." فى أمسية ساكنة قلت في نفسيا مواسياً : لعلهم مثلي محبوسون، فجاوبنى الشيخ من دون صوت : بل هم محرومون ياولدي لأنهم هاوون فى هاوية الكراهية . ومن اليسير على الناس أن يكرهوا، وسهلٌ عليهم أن يجهلوا فلا يفهموا أو يتفهّموا، أما الحبّ فيحتاج مغامرة وجهدًا وإجلاءً لمرآة الروح . الحبّ هو أجنحة الحرية، وهو فضاؤها الفسيح .."
تتسلسل أحداث الرواية بإحكام، وتبهر بـ"واقعيتها" وتدهش بمفاجآتها وتأسر بأسلوبها القوي المؤثر بالانفعالات والأحاسيس التي تخرج بشفافية ورهافة من قاع القلب ومن المفاصل. (انظر مثلا مونولوج ومناجاة البطل حين يستحضر زوجته مهيرة).
يضيق المجال ، في إطار هذه القراءة للإشارة إلى معظم المواقف المربكة بتأثيرها وصدقها...لكن لنتوقف عند "الروح الجهادية " التي ستظهر فجأة عند "أبو بلال"، فبعد حلم غريب، قبل الفجر، توضأ ونوى الصلاة، "فناداني من داخلي هاتف يقول بلسان عربي مبين: أقم الصلاة ، فهذه البقعة من الأرض لم يعبد فيها الله من قبل، ولا ارتفع فيها الأذان (...) وبكل ما في من ألم دفين، ومن اشتياق إلى الله رب العالمين، رفعت "الأذان" عاليا، ونغمت الكلمات الخالدات: الله أكبر، الله أكبر(...)اهتاجت الزنازين كلها بالتكبيرات، كأنها كانت تنتظر الإشارة منذ زمن سحيق. وعند قولي "حي على الفلاح" أتاني جندي يخسني بفوهة سلاحه. (...) توافد جنود أشداء...وانهالوا علي بالضرب المميت المسكت، فما سكتّ ولا انكسرت.....كلما اشتد ضربهم اشتددت في التكبير، حتى غدت كلمة الله هي العليا، ولما جاوبني بقية الأسرى زاعقين بالتكبير والتهليل، أضحى المكان أرض جهاد تعلي النداء السماوي، فتبلغ أصداؤه المدى. " سيعاقب على شغبه هذا، وسيهدأ فورانه لينصرف إلى عالمه الروحي الداخلي.
كما سنتوقف عند علاقته بالنساء، فحين ظهرت له المجندة "سالي" رأى ثعبانا ، فتساءل إن كان الله بعثه ليدرك أن الثعبان والمرأة بينهما صلة قربى، فكلاهما سام. بل إنه يرى النساء أشد خطرا فهن الفتنة التي لا تكف شرورها بينما الثعابين لا تهاجم ابتداء ... وهنا يتراءى له الشيخ يشيح عنه بوجهه، "ففهمت الإشارة وطردت عني الخواطر المشوشة، وذكرت بقلبي قوله تعالى " لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا" . لم يناقش سم المرأة أو خطرها فقط استسلم للقدر المكتوب ! وهذه النظرة الدونية للمرأة يراها أيضا مع زوجته، فهو السيد وهي المملوك، وإن شاب علاقتهما الود.ثم نجده يفتخر مرارا أو يحمد الله الذي عافاه من الرجس وأذهب من قلبه شهوة النساء التي ابتلى بها كثيرا من العباد.
لكن الحارسة "سالي" بجمالها الشهي ومعاملتها له بالحسنى وبسمرتها الأليفة ، إذ يشتركان في اللون، جعلته يخايل ملامحها في منامه "جمح بي قبيل الفجر الخيال وزال طهري". وتوالى ظهورها وخسوفها واشتهاؤه لها "أتاني الهواء برائحة جسمها فهزني قلق لذيذ، واسترحت لهذا القرب الذي يثير الكوامن...فجاوبتها على استحياء، من غير جرأة على توجيه وجهي نحوها". وذات يوم بعد أن أخذته لكوخ الاستحمام وأرادت أن تشبع رغبته منها وتعرّفه معنى "الأجركسوفيليا" التي سألها عنها...بدت له مفترسة مثل الكلبات الطالبة... وصار وجهها قبيحا "فأخذت أصيح كالمستغيث: أستغفر الله...أستغفر الله..." وفي الأيام التالية أراحه يقينه بأن الله سوف يظلله بظله يوم القيامة..."فهذه امرأة لها سلطة علي وذات منصب وجمال، وقد دعتني إليها في الحرام فقلت بلسان حالي: إني أخاف الله..." فهو لم ير نفسه كلبا حين كان يفترسها في منامه وفي صحوه...لكن في الخيال يجوز كل شيء ونبقى أطهارا، بعكس الواقع
ثم تظهر الدكتورة النفسية "سارا" : "وهل من شأن امرأة مليحة كهذه، أن تعالج سجينا يعاني من اضطراب نفسي؟ لا، والله، هي من شأنها أن تثير في النفس الاضطراب بوجهها المضيء كالشمس وشعرها القصير البراق كخيوط من ذهب مذاب، وعينيها...مالها تحدثني كأنها تعرفني، فتربكني. وما معنى ابتسامتها الهادئة هذه، الفاتنة بامتلاء شفتيها ونصوع الأسنان المصفوفة. اللهم إني صائم" لكن، لعله سرعان ما يدرك أن "سارا " رفيعة المكانة، وأن عينيها المتوهجتين بالذكاء البلوري الأزرق بعيدتان عنه فتصبح المرأة ـ الشمس " هي امرأة جميلة وجادة الملامح، وحسناء، ونقاؤها يثير الشغف لا الشهوات(...)هي تسر القلب والروح حقا وصدقا...". وهي التي ستتولى تأهيله ، لكي يتهيأ للعودة إلى الحياة الطبيعية وإلى حياة الحرية ...فستعرّفه على طبيعة النساء، ليصبح أكثر تفهما لهن، وستجعله يوسع نظرته إلى ديانة الأخرين ، فأعطته كتابا عن المورمون أدهشه من خلاله التشابه بين ديانة المورمون والإسلام وأخبرته بأن لها مرشدا روحيا على ديانة الطاوية، مثل شيخه "نقطة " "فكلاهما يعبر عن حالة روحية واحدة". فصار يتمنى أن يبقى بقية عمره قريبا منها، لكنها ردت عليه بإن حياة عريضة تنتظره ولن يتذكرها كثيرا بعد ذلك...
"وعند وداعها لي قلت: ليتك كنت مسلمة! فقالت وهي تبتسم: وليتك كنت مسيحيا!
ومن أبرع ما جاء في الرواية، تصوير انقلاب أحوال المسجونين بين عشية وضحاها، من إخوة متحابين في الله إلى فرق متنافرة فما أن اقتربت زيارة لجنة التفتيش ، وعُرض على أبو بلال أن يتحدث إليها بالنيابة عن بقية محبوسي العنبر بصفته يجيد الإنجليزية.. حتى بدأ يظهر الانشقاق والتمزق، فمنهم من يرفض الكلام مع الكفرة الفجرة ومنهم من يقترح الإضراب عن الطعام، ومنهم من طلب محامين إلخ...وفي النهاية وافق معظمهم على أن يتحدث إلى اللجنة بمطالبهم... كما أنهم اختلفوا حول أمور لا حصر لها: حرمة مشاهدة التلفزيون، الحكم الشرعي وكراهة الذهاب إلى صالة التريض، وجوب الجهاد ضد الحراس (باستعمال سلاحهم السري "النابلم") ..."الخمود صار صفة لأوقاتنا والتجافي"...و"أذاني في المواقيت لا تعقبه العبارات التي كنت أسمعها سابقا فيطيب قلبي لوقعها الرنّان" فقد اشتكى عبد الله المكي منه لأبي صعب، وادعى أنه ينكر وجود الجن "وقد أفتى أبو صعب بأن هذا كفر صريح ولابد لمرتكبه من الاستتابة أو القتل، ولا يصح بعد الآن أن يؤم الصلاة ويرفع الأذان شخص مثلي مشكوك في عقيدته" بعد أن كانوا يسمونه "صوت الإسلام" وكانت عيونهم تتعلق به وكأنه حبل نجاة، ويبكون ويجهشون لخطبته وإمامته التي كانوا يصرون عليها.
لاتزال أحداث ومواقف وشخصيات ونوادر ومعلومات، وقراءات صوفية عديدة ومتميزة تزخر بها الرواية...أترك لكم متعة اكتشافها.
"جونتنامو" تجمع بين الوثائقي والخيالي ، ويتألق فيهما معا الفيلسوف ومحيي التراث المخطوط الإسلامي يوسف زيدان، فيخلق في القارئ ذلك البعد الذي يسمح له بفتح الطريق أمام التنديد بالظلم وبالعنف الديني وأمام استيعاب النفس الإنسانية ، و فهم بعض الظواهر الإجتماعية والآليات السياسية ...
صدق يوسف زيدان حين قال: كتبت هذه الرواية بنزف الدم ومداد الروح. إنها حقا من روائع الأدب العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا