الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشيش في عالمنا العربي -مجتمع يفقد الوعي-

علي ياسين عبيدات

2014 / 7 / 14
الادب والفن


الحشيش في عالمنا العربي
"مجتمع يفقد الوعي"


هل نعتبرُ هذا جلداً للذات أم شيئاً من المازوشية؟ أم هو موقفٌ عِدائيٌ من الزمن، وسخطٌ على المحيط؟ وهل نحن على أبواب أدب اللا معقول الجديد إن كان مُتعاطي الحشيش كاتباً على خطى صموئيل بيكت و يوجين يونسكو و جان جينه..؟ و إن كان مُتعاطي الحشيش محسوباً على سواد الناس والحرفيين، فهل سنكون قبالة مجتمعٍ يدلهمُ بؤساً ويضجُ بقتلى قارعة الطريق وُسكارى الأزقة الضيقة في عوالم المدن السُفيّلة كما في الكثير من مُدننا العربيّة..!

كأن الشارع العربي يأنسُ للحشيش ويطوفُ حول المطحون منه والناشف من سجائره والمغلي في أوآنيه، ليكون الزمن مسخاً يرفضه الجميع وليكون المحيط ضجيجاً لا حاجة لهم في سماعه، وكما يخبرنا المنهج الاجتماعي فإن النتاج الأدبي مرهونٌ بالمحيط وبالطابع العام الذي يكلل الطابع النفسي للأديب، ليخرج لنا إبداعه برسم ما يحدث وعبر منظومة ما يدور، فلا يمكن إنكار دور المحيط كحلقة أوسع في الفرد كحلقة أضيق، سواء كان مُتعاطي الحشيش كاتباً أو حرفيّاً يحمل (دبلون صنايع).

لو اختصرنا انعكاس الحشيش في تيارين، الأول إن كان المُتعاطي كاتباً (وهذا منتّشر) والثاني إن كان المتعاطي فرداً عادياً في المجتمع( وهذا منتشر أكثر) فبين أن نستقبل أدباً غريباً لم نألفه أو سلوكات لا أخلاقيّة من عوام الناس نرى الحشيش وانعكاساته على المجتمع. فلماذا يتعاطاه المُتعاطي..؟

لنبدأ بعوام الناس، أولئك العاطلين عن العمل والمعدمين وأهل الكبت والتفريغ بكل طرقه، وتتلخص مشاكلهم في الفقر والبطالة وفي عدائيتهم للزمن وموقفهم منه، فبمعيّة الحشيش يتوقف الزمن ويكف العقل عن تفكيره المطول (من وجهة نظر المُتعاطي) فبدلاً أن يتحاور هو وأصدقائه في ليلة سمر عن البحث عن عمل وعن المستقبل المشوش، تراهم يحاولون أن يتنصلوا من منطقية العالم والتفكير فيما سيكونون عليه مستقبلاً لأنهم على يقين تام بأن لا نتيجة من التفكير في الأمور المحسومة، ويندرج هذا في خانة يأسهم وإحباطهم المستشري، ليكونوا في ذروة التحايل على الظروف وعلى المحيط عبر ضحكاتهم المطولة وغرابة تصرفاتهم التي تنتج من امتزاج الحشيش بدمهم وانعكاسه على سلوكاتهم وما يدور في مخيلتهم وعقولهم، فعندما يغيب الإدراك يتوهم المُتعاطي أنه نال كل ما يفتقر له في الحقيقة، وبهذا هم يتحايّلون ويفرغون كبتّهم العميق.

أما الكاتب، فهو صاحبُ موقفٍ من كُل شيء، بدايةً من زرقة السماء ونهايةً بالزمن والإله..! لنكون أمام تيارٍ جارفٍ من المواقف الأكثر عمقاً والأبلغ تحايلاً وتأويلاً، بعضهم يبحثُ عن السورياليّة، والآخر يحاول أن تكون العبّثية في يده قبسةُ قابسٍ وطيعة يسويها بأرخبيل حبره وتشظي أدوات تعبيره، وبعضهم يتخذُ من قوانين بلاده وكبته ورقابته ومصادرة رأيه ذريعةً تحثهُ على أن يفقد أو يتفّاقد الوعي ليقول ما يحلو له وما ترتضيه روحه ولا يرضاه رقيبُه.


استناداً للشعبية الواسعة التي حصدها الحشيش ونالها الحشاشون، بوسعنا أن نرى ما ذُكر في كل مدينة عربية صار الحشيش فيها من لوازم السمر ومن محفزات التسلية والنشوة (الكيف)، فالحشيش على التلفاز وفي السينما، ومؤخراً صار بطل النُكتة والطرّفة العربية حشاشاً، وكأننا نبحث عن اللاوعي ونتمنى أن نفقد وعينا جميعاً..! فهل يتوجبُ علينا أن نُعالج الحشاش أم أن نقطع الطريق عليه ونعرف لماذا حشش وكيف وصل إلى هُنا، سيما أن الأسباب صارت مُعلنة...!!

علي ياسين عبيدات (كاتب ومترجم عن الفارسية)
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?