الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للأسف يا سعد الدين ابراهيم

احمد عسيلي

2014 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


شهدنا خلال السنة الماضية ، سقوط العديد من الرموز الفكرية و الإعلامية ، و التي كانت تتشدق لعشرات السنين في ذم الدكتاتورية ، و الدفاع عن الإنسان و حقوقه ، لنكتشف لاحقا زيف هذه الطبقة و كذبها . هذا السقوط شمل كل التيارات في المنطقة ، من إسلامية و ليبرالية و يسارية ، كتاب و فنانين و روائيين . و قد فوجئنا بالعديد من كتابنا ، و روائيينا ، يشجعون العسكر ( و أحيانا يعاونونه بشكل مباشر ) في قتل الشعب ، لدرجة أصبحنا شعب بلا نخبة ، و لنكتشف أن كل حياتنا الثقافية ، و الفكرية ، و الفنية ، و السياسية ، التي عشناها قبل الربيع العربي ، كانت مجرد كذبة ،أرادت بها الأجهزة الأمنية الضحك علينا ، وتسليتنا .
آخر من صدمني في سقوطه الغريب ، هو الأستاذ سعد الدين ابراهيم ، بخروجه علينا في مجلة الديمقراطية عدد يوليو 2014 بمقالة تافهة ، و رخيصة ، تمجد حكم العسكر ، و بلغة مطابقة للغة علي عقلة عرسان في سوريا ، أو مصطفى بكري في مصر ، مستخدما نفس وسائل كتاب السلاطين في سطحيتهم و استهزائهم بعقل القارئ .
بدأ الدكتور سعد الدين مقالته الموسومة ب (خسوف الإسلام السياسي : الإخوان المسلمون نموذجا ) بمدح الإسلام الشعبي و تعظيمه ، لدرجة تبرير فكرة المهدي المنتظر ، و إيمانه أن الله سيبعث رجلا ينقذ الأمة ( أي أمة ؟؟ ) كل مائة عام ، ربما في تلميح مبطن حول بعث الله للرئيس السيسي ، و لا أدري منذ متى حدث هذا التغير المفاجئ في فكر الأستاذ سعد الدين ؟؟ ثم يضخم من أعداد المصريين الذين نزلوا لتفويض السيسي في 26 يوليو 2013 ، ليجعلهم ثلاثين مليون ، وفق إحصائيات الأقمار الصناعية ؟؟؟ بالرغم من أن غوغل أصدرت بيان نفت فيه قيامها بالإحصاء ، و لا أعرف منذ متى كان المؤمنون بالديمقراطية يقرون أن الأقمار الصناعية هي مصدر الشرعية ، فعلى حد علمي البسيط ، كان صندوق الإنتخاب هو مصدر الشرعية عندنا كديمقراطيين ، لكن عند الدكتور سعد الدين أصبح القمر الصناعي هو مصدر الشرعية ، و يجب علينا أن نحتكم ( للقمر الصناعي ) منذ اليوم ، علما أنه حتى هذه الشرعية المختلقة لم تصدر عن أي جهة مسؤولة ، لكن لا بأس...فهلموا بنا إلى القمر الصناعي !!!
ثم يتمادى سعد الدين ابراهيم لينصهر في لغة خطابية خشبية تذكرنا بلغة القذافي و لغة عبد الناصر و حافظ الأسد ، حين يصف مظاهرات التفويض بأكبر تجمع بشري شهده تاريخ الكرة الأرضية ، كما وصف القذافي مشروعه الفاشل لجر المياه ب ( النهر الصناعي العظيم ) ، فكل عمل عند كتاب السلاطين هو خارق و سيخلده التاريخ ، و كل إنجاز هو الأول في التاريخ و الآخر في الزمان ؟؟
و يستطرد ابراهيم ليقول أن خبرة عشرات السنين و التي تراكمت لديه في دراسة الإخوان جعلته يجمل صفات الإخوان بالآتي :
1ـ التظيم السياسي الوحيد الذي يستخدم الدين في السياسة : لكن يبدوا أن ابراهيم نسي حزب النور مثلا ، و هو حزب إسلامي سلفي ، و متشدد أكثر من الإخوان المسلمين ، و يعمل في السياسة أيضا ، لكن لا بأس بالنسبة للدكتور ابراهيم ، فحزب النور شريك في الحكم و من عظام الرقبة .
2ـ الإخوان هم التنظيم الوحيد في مصر الحديثة ( خلال القرنين الماضيين ) الذي يستخدم العنف المسلح لفرض رؤيته على المجتمع ؟ : و كأن البلاد عاشت بجو ديمقراطي خلال تلك السنين ، و كل التنظيمات أتت إلى الحكم عبر الشرعية الإنتخابية ، و كأن تنظيم الضباط الأحرار ، حركة مدنية ، و لم تستخدم القوة و لا العنف أبدا في فرض رؤيتها على الشعب ، و كأن عبد الناصر استخدم الحوار و النقاش لفرض حزب الإتحاد الإشتراكي ، على من تضحك يا دكتور ؟؟
3ـ الإخوان المسلمون هم الوحيدين الذين مارسوا ، و تمرسوا دور الضحية ، و أنهم يدعون دائما أنهم مستهدفون ، و أنهم في السجون : أولا حقيقة أن الإخوان تعرضوا بشكل قاسي للسجن ، لا أعتقد أن أحد ينكرها بما فيهم سعد الدين ابراهيم نفسه ، الذين يقول في مقالته نفسها أنه حضر كدارس في علم الإجتماع جلسات محاكمتهم في السبيعينات و الثمانينات ، فهل هو كذب قولهم أنهم ملاحقون ؟؟ علما أن لديهم إحصائيات تشير إلى أنهم ، و خلال عهد مبارك وحده ، قد تعرضوا لأكثر من 35 ألف حالة اعتقال ، ألا يعني هذا الرقم شيئ للدكتور سعد الدين ؟؟
ثم ألا يشترك معهم الشيوعيين بنفس لعب دور الضحية ، و في عشقهم لهذا الدور ، لدرجة جعلت البعض يصفهم بالمازوشيين ، و قد تناول هذه الظاهرة أحد أهم رموز الشيوعيين المصريين ، و هو الروائي صنع الله ابراهيم ، في عمله يوميات الواحات . فكيف قادته خبرة ثلاثين عام إلى استنتاج هذه الخلاصة ؟؟ يبدو أن الدكتور لم يطلع على كتابات الشيوعيين ، و لا على أي تيار مصري أو عربي أخر ، فالكل يشكوا دور الضحية ، و هي شكوى فيها شيئ من الحقيقة ، فلماذا قادته استنتاجاته أن الإخوان هم الوحيدين الذي يلعبون هذا الدور ؟؟
و يبدو أن الإرتباك ، أو ربما الحقد على تيار الإخوان المسلمين ، سيطر على الدكتور سعد الدين ، لدرجة جعلته يقتبس قول للمرحوم جمال بنا و هو ( الإخوان المسلمون لا ينسون شيئا و لا يتعلمون شيئا ) فيكرر هذا الاقتباس 3 مرات في صفحتين فقط ؟؟
و أما الأدلة على سقوط الإسلام السياسي ، حسب وجهة نظره ، هو تراجعهم في الإنتخابات التي جرت في تونس ؟؟ و ليبيا و كل المغرب العربي ؟؟
لكن حسب علمي ، حزب النهضة مازال شريكا في الحكم بتونس ، و له أغلبية برلمانية ، و أيضا حسب علمي ، الحزب الإسلامي في المغرب له أغلبية أيضا ، مكنته من إيصال أول رئيس وزراء إسلامي إلى الحكم ، فكيف استدل الدكتور على أن الإسلام السياسي في مرحلة الخسوف في تلك البلدان ؟؟
و لأن الشطط يجب أن يصل لمنتهاه ، لذلك يربط الدكتور سعد الدين بين حركة الإخوان ، و تنظيم داعش ، الذي يحاول استقطاب بقية الحركات الإسلامية ، و الذي يقوم بتدريبات في ليبيا و موريتانيا ؟ فمن أين استدل على كل هذا ؟؟
الدكتور سعد الدين ابراهيم ليس بحاجة لوثاق أو حقائق ، فالخيال عنده كفيل بحل كل الإشكاليات ......
للأسف يا دكتور سعد الدين ابراهيم ، كنت أتمنى أن نخوض مع الإسلاميين صراع فكري أنت أحد رموزه ، كنت أتمنى أن تبقى متمسكا بفكرك كما عبرت عنه كتبك و مقالاتك ، لكن يبدوا أن الربيع العربي أراد أن يكشف لنا جميع عوراتنا ، و عوراتنا أكبر حجما مما كنا نتخيل ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا