الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندي نكتة على الأكراد

ماهر المنشداوي

2014 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في نهاية سبعينيات القرن الماضي كنا صغارا وصغار ذاك الوقت من طلاب الابتدائيه يعادلون في تفكيرهم (( طلاب الاعدادية)) في هذا الزمان --- في ذاك الزمان كان الموت يأتي على ثلاثة أنواع أما عن شخص تعدى المئة عام أو طفل مات بسبب الكوليرا او صعقة كهرباء وهو يحاول سحب طارته الورقيه أو فلان دهسته سياره --- في يوم من أيام الصيف كنت اجلس على حجر مصبوب بالاسمنت ( صبه) قرب باب بيتنا المؤجر ومرت سيارة تحمل تابوت ملفوف بالعلم ركضت خلف السيارة الى ان توقفت عند بيت ( أبو قاسم) وماهي الا لحظات وشاهدت امرأة قد شقت ثوبها بالكامل وكانت شبه عاريه وتصرخ وتركض في الشارع وهي اخت قاسم الذي ينام في التابوت --- من استراق السمع ونحن ننتظر ان ينسحب الكبار من الاكل كي نكمل خلفهم سمعت إن العصاة هم الذين قتلوا قاسم في السليمانيه ---
في الليل بينما كان والدي وابن عمي الكبير يمارسون طقسهم المحبب بأحتساء ماتيسر لهم من قناني الويسكي ولحبي العظيم (للمزه) كنت اجالسهم وسألت أبي
( بويه شنو عصاة؟)
قال ( بويه ذولي جماعة الملا بالجبل يختلون ويكتلون الجيش )
(زين همه شيردون ليش يكتلون الناس)
(لا بويه همه يردون يكتلون الناس لان الناس تريد تكتلهم)
لم افهم المقطع الاخير في حينه ولكني طالما فهمت من والدي حين ينتعش بكأسه عشقه لفتاة كردية ورغبته بالزواج منها لكن رفض والده قضى على هذا الحب
في اليوم الثاني للعزاء تأتي مجموعه كبيره من النسوه وهي تلطم على الصدور وتهتف ( فلشّكْ برزان بيست بأهل العماره) وعلمت حينها ان برزان هو مختصر للملا مصطفى البرزاني وإن الدعاء عليه لأن كل القتلى ( في حينها لم يكن هناك مصطلح شهيد) من اهل العماره في اصولهم
في الثمانينيات صرت أكبر قليلا وفي هذه المرحله زُرِع في داخلي شيء آخر إستبدل صورة الكردي من المخيف المرعب القاتل الذي يختبيء في الجبل الى الغبي الذي لايعرف شيئا حين تسأله ولم يكن يمر يوما الا وكانت هناك خمسة نكات مضحكه عن الكردي وحتى مسامرة ليالينا حين نجتمع مع الاصدقاء كان سر جمالها وضحاتكها اننا نتحدث النكات عن الاكراد
مرحلتي الثالثه مع الاكراد إبتدأت مع بداية قراري بأن أمنح عقلي مساحة لاتنتمي للعاطفه رغم غلبة العاطفة عندي على العقل ( والى اليوم ) وتحديدا حين صرت في ال 18 من عمري وأنا أشد الرحال صوب الموصل الحدباء أم الربيعين --- هذه المرحلة التي جذبتني دون تخطيط مني ان يكون الاكراد أقرب الاصدقاء لي وخصوصا الذين يتحدثون بلكنة اهل الجنوب (بسبب المعايشه القسريه لعشرات السنين في مدن الجنوب) --- في هذه المرحله صرت اقسم الاكراد الى ثلاثة انواع --- اهل السليمانيه ( الاكثر تحررا وانفتاحا ) أهل اربيل ( الاقل معرفة باللغه العربيه ونطقها الصحيح) اهل دهوك ( الاكثر جنوبية من كرديتهم) --- كنت حين اجالسهم القي عليهم نكاتا عن الاكراد وكانوا يضحكون وربما يزيدون عليها --- ريبوار كان يغني لي ( العصاة درع للوطن) مع لحن عسكري – وسردار (ابن الخير) كان مثالا للانسان البسيط السخي --- ديار كان وجهه يشبه وجه الانبياء وكنت احبه جدا رغم انه زاحمني على (بيان) تلك الكردية الهادئه الصغيره التي احببتها في خيالاتي دون ان اصارحها --- يحيى هذا الثوري الذي يشبه الجبل يسرني بأسراره وانه ينتمي الى حزب كردي ---- تارا بنت السليمانيه هذه المرأه المتحرره جدا هي اول من علمتني ان المرأة محترمة وجميلة بحضورها وحديثها قبل نوع ملبسها ---- كانت جامعة الموصل جميلة بهم وخصوصا حين صنفنا الجمال بالدم لا بالشكل فكنا نقول على المصلاويات انهن جميلات ولكن جامدات --- هناك وقبل ثلاثين عاما عرفت الاكراد ( شعب مناضل وطيب وسخي وكريم ) تستطيع ان تأخذه الى الاعدام من اول جلسة لك معه لفرط حبه للانسان ومنحه الثقه --- فقط حينها ادركت ان الذي يرعب الكرسي الحاكم تحاك ضده حكايا الغباء من اجل اسقاطه وزاد من يقيني هذا حين انفصل الشمال عن حكم البعث مع بداية التسعينيات وقام طيار من اهالي الغربية بمحاولة انقلاب فتناسى الجميع نكت الاكراد وتم توجيه بوصلة الغباء نحو الدليم ليتم استنساخ نكات جديده برعاية المخابرات الصداميه
اليوم ---- الاكراد ليسوا اغبياء بل هم ارهابيين وسراق وانفصاليين – هكذا ترى القيادة الحاكمه وهكذا تزرع خبثها في جيل لم يعرف الاكراد عن قرب --- الاكراد اليوم مدرسة في الاقتصاد والسياسه وحب الحياة – الاكراد اليوم صورة طموح لك ياابن الجنوب --- تعلم كيف تبني بصرتك مثل اربيل --- وتعلّم كيف تجعل ذي قار مثل السليمانيه --- وتعلّم منهم كي تنتمي لمدينتك وتقاتل حد الموت من اجلها --- الاكراد اليوم ليسوا مسعود البرزاني ( ان كنت كارها له) بل هم شعب حي يقطف ثمرة كل مامر به من ظلم وجور وقتل وتشريد فتعلّم منهم كيف تجعل من مقابرك الجماعيه درسا للحياة الافضل بعيدا عن غبار مدينتك ---- لاتكرهوا الاكراد فأنهم اهلنا وإن صاروا يوما دولة كونوا انتم لها الحماة من الحاقدين والحاسدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا