الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن و-إسرائيل- والجغرافيا

عزيز العصا

2014 / 7 / 15
القضية الفلسطينية


بسم الله الرحمن الرحيم
نحن و"إسرائيل" والجغرافيا
لا شك في أن ما يجري على الأرض من أحداثٍ هذه الأيام، تجعل لدى كل منا غصة في الحلق، وتثير الاشمئزاز، وتؤجج الغضب والحنق في النفوس؛ فالأطفال (يُحرّقون) والآباء والأمهات يذهبون، إلى غير رجعة؛ تحت ردم البيت الذي بنوْه بعرق الجبين وبعذابات السنين، والأجداد والجدات تطايروا، أشلاء، بعكازاتهم التي سبقتهم إلى القبور.
والأسوأ في المشهد؛ أن جميع من ذكر أعلاه يقضون نحبهم (في آنٍ معاً) داخل حفرة، عميقة جداً، هم وبيتهم وجيرانهم؛ بصاروخ احتلالي قادم من عمق أرض الآباء والأجداد.. أما المسبب في هذا كله فهو تلك الحرب (المجنونة) التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، بما يشبه الحرب التدميرية-الشاملة التي لا تبقي ولا تذر. وعندما تسأل قادة إسرائيل وصانعي القرار فيها، يقولون: فلتوقف المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ علينا.
أمام ذلك الشرط فلنتوقف، معمقاً، للبحث عن سيناريو للخروج من (براثن) هذه الحرب. وقبل الدخول في تفاصيل هذا السيناريو، أود أن أذكّر الجميع، بما قاله جورج بوش-الأب بُعَيْد حرب الخليج في العام 1991، والتي أطلق عليها العراقيون (أم المعارك)، حين قال: "على إسرائيل أن تفهم أن الجغرافيا لن تحميها".
لقد قال الرئيس الأمريكي (في حينه) عبارته تلك بعد أن (عجز) التحالف الثلاثيني الذي غزا المنطقة، في حينه، عن أن يحمي اسرائيل من الـ (39) صاروخاً التي أطلقها العراق خلال تلك الحرب، وقد كان لكل صاروخ منها قصة (مؤلمة) لقاطني الكيان الاسرائيلي قابلها، من جانبنا، قصة (فرح) لن ننساها. الأمر الذي جعل الإسرائيليين (يجنحون!!) للسلم فكان مؤتمر مدريد، ثم مفاوضات واشنطن، إلى أن انتهى الأمر بـ "اتفاقية أوسلو".
الآن؛ ولأن الشئ بالشئ يُذكر، فقد بات من الضروري أن نقول لقادة الاحتلال أن الشعب الفلسطيني، بكل تفاصيله؛ الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، يشعر بالمرارة (بل علقم العلقم) مما تمارسونه من ظلم (صارخ) ضده من خلال الممارسات اليومية المعيشة، مثل:
1) تنكركم، التام، للاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات، التي لا تخضعوا منها للتنفيذ سوى تلك البنود التي تخدمكم، ورفض تنفيذ أي (فتات) قد يكون لصالح الفلسطينيين.
2) يتضح من تصريحاتكم، في كل وقت وحين، تنكركم (التام) لحق شعبنا في العيش الكريم على أرض الآباء والأجداد، التي لم يعد يملك أكثر من 8% منها بعد أن سلبتم جغرافيته التي عمَرَها عبر آلاف السنين، وتاريخه الذي صاغه بعرقه ودمه على تلك الجغرافيا.
3) ها أنتم (تُفلِتون) العقال للمستوطنين لكي (ينهبوا) ما تبقى من الأرض، وما فوقها وما تحتها من ثروات، ويلوثوا البيئة (بل يسممونها)، ويخطفوا الأطفال؛ ليُحرّقونهم ويرمون بهم على قارعة الطريق (كما حدث مع المرحوم محمد أبو خضير الذي لم نفق هَوْل مصابه بعد)، ويداهموا المساكن الآمنة ليعيثوا فيها فساداً، ويدمروا الممتلكات ويستبيحوا كل شئ.
4) ها أنتم تحاصرون غزة، حصاراً مطبقاً، يجعلهم يسامون سوء العذاب؛ فالجريح منهم ينزف حتى يموت، والمريض يقضي نحبه قبل أن تصله حبة الدواء، والحرمان يطال كل شئ في تفاصيل حياتهم.
إن ما ذُكِرَ أعلاه، وغيره مما لا يتسع المجال لذكره، وبالاستناد إلى الوقائع على الأرض، يجعل كل فلسطيني، بلا استثناء، يضع تلك السلوكيات تحت الضوء؛ ليخرج بنتيجة مفادها: أنكم غير جاهزين للسلام، وأنكم غير قادرين على استيعاب أي جيران لكم على هذه الجغرافيا.
وعليه؛ فإن أي سيناريو سيقودنا إلى أن القادم من الأيام لا يبشر بخير ما لم (يجنح) الاحتلال للسلم؛ فالكل الفلسطيني عاقد العزم على التحرر من نير الاحتلال، بكل السبل، بما يجعل الجغرافيا لن تحمي أحداً حتى لو كان في بروج مشيدة. وأما الموت الذي نتجرعه، فلم يعد أسوأ من الواقع الذي نحياه (وإياكم) على هذه الأرض.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 10/07/2014م

عزيز العصا

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة