الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلام وهم

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2014 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بالتزامن مع العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ارتفع نسق الكتابات التي تنظر لعملية السلام في الشرق الاوسط وتدعو الى احيائها فقد نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية الاسبوع الماضي ثلاث مقالات متعاقبة لكل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ثم الرئيس الاميركي باراك اوباما و السفير السعودي السابق في اميركا تركي الفيصل ذهبت كلها في نفس الاتجاه وهو الحديث برومنسية عن مرحلة ما بعد تحقيق السلام اذا نجح مشروع التسوية القائم على حل الدولتين . هذه الخطابات تبدو وكانها تكرار من نوع " سبق رؤيته" لآمال قديمة باحياء مسار بدأ منذ اتفاقية اوسلو و اثبت عجزه عن الوصول الى السلام الذي نعني به وضع نهائي مستقر لا صراع بعده و هذا لن يتأتى طبعا الا بحل شامل و عادل للقضية الفلسطينية برمتها وبكامل ابعادها المتراكمة منذ اكثر من ستين سنة وان انسداد هذا الافق والاصرار على المضي فيما لا يمكن ان ينتج شيئا جديا ينطبق مع مواصفات الحل هو مضيعة للوقت وزيادة للمعاناة الانسانية للشعب الفلسطيني و معها احتمالات تعرضه للعدوان والعقاب الجماعي في كل مواجهة والاهم و الاخطر من كل ذلك ان الجري وراء تسوية ميتة سيصادر الحق الشرعي للفلسطنيين في البحث المنظم عن خيارات اخرى للخروج من الجمود الحالي وعندما نتكلم عن خيارات فيجب ان نفترض في اقل الاشياء وجود مراجعة جذرية للوضع تؤدي الى اعادة بناء مشروع وطني فلسطيني ببرنامج متكامل في الداخل والشتات ليكون عنوان التعامل مع اي مستجدات على الارض او في الميدان السياسي سواء بما هو مطروح الان و ما قد يظهر مستقبلا
لقد خلفت عملية التسوية عدة ثغرات في الجانب الفلسطيني اسهمت في اخراج القضية من حقلها الاصلي كصراع لانهاء الاحتلال له استحقاقات معينة يجب الايفاء بها حيث ان طرفا رئيسيا (الفلسطيني) قد غرق في مسائل السلطة وشكل الدولة المنتظرة و التنسيق الامني و الوضع الداخلي فيما تمدد الطرف الاخر اي اسرائيل عبر ظاهرة الاستيطان و اكتسب مزيدا من الدعم الدولي للافلات من اي التزامات اتجاه المفاوضات التي قامت بينها و بين السلطة الفلسطينية على مدى عشرين سنة . ففي المحصلة جرى اضعاف الفلسطيني و تقييده و تقليل سقف مطالبه تدريجيا بينما سمح للاسرائيلي ان يستغل سياسة الامر الواقع للحد الاقصى الى الحد الذي سيسهل معه تصفية القضية ككل فيصبح التعامل مع تبعتها تحصيل حاصل . واذا كان هذا هو البعد الثنائي بين الفلسطينيين و الاسرائيليين فالامر لا يختلف في السياق العربي الاشمل مع مبادرة السلام السعودية التي وضعت تصورا للتطبيع العربي الاسرائيلي مقابل الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة و من ذلك الجزئية المتعلقة بالدولة الفلسطينية على حدود ما قبل النكسة . ولم تحدث الاستجابة الاسرائيلية مع هذا العرض و تعاملت معه بنفس الطريقة مع مسار التسوية الثنائية
هناك قناعة متجذرة بان السلام غير ممكن لا اليوم ولا الغد و لاحتى في عشرين سنة قادمة اذا لم تتضمن المبادرات او الافكار الساعية الى جلبه فهما حقيقيا لخصائص السياسة الاسرائيلية و اهدافها ثم حلولا لتكييفها مع المسعى . فقد حان الوقت ان يغير المجتمع الدولي اتجاه الضغوطات من الضحية نحو المسؤول عن التدهور اذا اراد فعلا ان ياتي بالاستقرار الى منطقة الشرق الاوسط لقد وجدت اسرائيل بطريقة لتكون لها استراتجيتين ، الاولى تنطلق من هوسها الامني الجنوني حول مسألة البقاء و هي التي زرعت في منطقة متمايزة عنها اجتماعيا و سياسيا و يدعم هذا الواسع طيف واسع من شبكات الضغط الموالية لاسرائيل في كل انحاء العالم .. و الاستراتجية الثانية لتتعامل بشكل طبيعي كاي دولة وفق المعطيات الجيوسياسية وغالبا ما كانت الاوضاع المحيطة باسرائيل في خدمتها ومنها صنعت لنفسها صورة" الواحة الديموقراطية " في وسط القفار
انما يجعل اسرائيل تشن عدوانها على الفلسطنيين ثم تفلت منه هو استراتجيتها الاولى و العودة الى التهدئة و الدخول في معالجات التسوية تتم بالاستراتجية الثانية . أي ان فكرة السلام الجادة لا يمكن ان تتحقق من اساسها قبل ان تأتي على ذكر ما يمس الاستراتجيتين في آن واحد اذ لا جدوى من التعامل فقط مع البراغماتية الاسرائيلية المستفيدة اصلا من افضلية جيوسياسية و يترك الاساس وهو الشكل العدواني الخارج عن كل الاطر و القوانين . على مدى سنين يحاول الرعاة الدوليين للوضع في الشرق الاوسط مثل اميركا و الاتحاد الاوروبي اثبات مصداقيتهم في جهود التسوية عبر مناوشات خفيفة مع بعض من ابعاد السياسات الاسرائيلية مثل الاستيطان وسرعان ما تمتص اسرائيل نتائج هذا الصدام فتقدم بعض التنازلات ثم تسحبها وما ان يحدث احتكاك او ان تهاجم اسرائيل غزة مثلما تفعل الان تجعل من الحديث عن امنها اولوية قبل كل شيء وينخرط الرعاة الدوليون في حملة لشرعنة الاعتداء الاسرائيلي ويفقدون بذلك هيئتهم الحيادية المفترضة وكأن شيئا لم يكن وبعدها ينادون بالتهدئة لترتيب الوضع السياسي بما يتفق مع ما تريده اسرائيل الاخرى التي يروج بان هناك بصيص امل للسلام معها
المنطق البسيط يقول انه لا سلام تحت رحمة العدوان و دون تكافؤ على الارض ولابد من اجبار اسرائيل على ان تتخلى عن عقيدتها الامنية المتضخمة و الا يحتل امن هذا الكيان الا جزءا ضئيلا جدا من منطقة مليئة بالتحديات و الاشكالات . لا نتصور ان هذا ممكن ان لم يتخذ الفلسطينيون قرارات مصيرية حول مستقبلهم كأن يحركوا بانسجام ورقة المقاومة الشعبية و الانتفاضة مع العمل السياسي والتواصل مع المؤسسات الدولية وان يحظوا بدعم عربي وبجهود واسعة لممارسة ضغوط فعالة في العواصم الكبرى لخدمة القضية الفلسطينية في ظل التغيرات التي تعرفها المنطقة و بروز ارادة التغيير الديموقراطي الذي فلسطين جزء منه كهوية على الاقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة