الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية في دوّامة الخواء !

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



1
ماهي الاوضاع التي يمكن أن تؤول اليها حال المعارضة السورية، بعد أن شكل صعود تيار الجربا/البحرة الى الاستمرار في رئاسة الائتلاف – اذا صحّ التعبير – وفقدان ميشيل كيلو لرهاناته الكبرى في صفوف المعارضة، التي اعتلى عرشها منذ عام تقريباً، وفشله أيضاً في استيلاد هيئة حكماء، دون الإشارة الى الأسباب الحقيقية لذلك الخلل ومسؤوليات كل طرف فيه.
من الجلّيّ استمرار النزاع على تشتيت الجهود الضائعة، في وقت تكتسح فيه الجماعات الاسلامية التكفيرية الجهادية والارهابية للمشهد على الأرض، وتعتزم فيه جبهة النصرة التي لقيت ( سابقاً ) تأييد كيلو وصبرا والخطيب وكثيرون آخرون، الاعلان عن إمارة جديدة لها، في أرض بلاد الشام، تزامناً مع اعلان كيلو" موت الثورة " وانتهاء صلاحية " الائتلاف " ..وكذلك تقديم أعضاء في الائتلاف لمشروع اصلاحي، يلملم ماتبقى ، أو يستعيد ما أضاعت المعارضة بتناحراتها المريرة: حلم السوريين، وتضحياتهم، بتصارعاتها ونزاعاتها الدونية.
أتساءل وسط هذا الخواء عن أية قيمة يمكن ان يضيفها كيلو اليوم الى نضال السوريين بعد سلسلة تصريحاته وكتاباته مؤخراً، والتي عكست بعضاً من اوجه الصراع على قيادة المعارضة، بعد ان كان شريكاً حقيقياً وفعالاً في كل حدث او عمل ارتبط به الائتلاف منذ عام.
بالمقابل هل يمكن للعطار إصلاح ما أفسد الدهر؟ هل يستطيع البحره وفريقه، القيام بعملية اصلاحية اسعافية عاجلة ؟ وهل سيمنح الوقت ويتملّك الأدوات اللازمة لذلك؟ وهل قضية السوريين اليوم، هي مشكلة بيت المعارضة الداخلي فقط؟
ليس من السهل بمثل هذه السرعة، تقديم مشروع اصلاحي للائتلاف الوطني، ثمة ما هو مهم القيام به، هي المراجعة العاجلة لواقع الائتلاف، والكشف عن أوجه الخلل ومعيقات الأداء التي برزت طوال السنة والنصف الماضية من عمره..وفي ضوء ذلك يمكن التحدث عن مشروع اصلاحي، تقوم أسسه على المكاشفة والمعالجة، واقتراح أوجه ووسائل ذلك، وان تطرح الافكار أمام الجمهور السوري، بكل وضوح، وان يكون شريكاً في ذلك بصورة حقيقة.
أي اصلاح لا يكون جذرياً فهو لن يكون مجدياً. فلم يعد خافياً على السوريين، الاسباب التي قادت الى كل هذا الوهن والضعف والفشل الذي اعترى عمل مؤسسات المعارضة، ومن خلالها يمكن الانطلاق في أي مشروع للاصلاح.
في اعتقادي المطلوب إعادة البناء من جديد. متضمناً ذلك اعادة النظر في مكونات الائتلاف وعضويته، وأنظمتة وقوانينه وطريقة صنع القرار. وان يشتمل على هيئة للرقابة والمتابعة، وإعادة النظر في الاشخاص المكونين له، من حيث اخضاعهم للمحاسبة والاستبدال.. المحاسبة على الأداء قبل النتائج. يجب اظهار كل شئ الى العلن ، اية مشروعات، او جهود اصلاحية تتم في الغرف المغلقة، لن يكون لها قيمة، ويجب أن يتشارك السوريون في اعادة البناء هذه بشكل صحيح.
2
تتفاقم الخلافات داخل مؤسسات المعارضة السورية، وتنتقل من مأزق الى آخر، إن لم نقل الى فشل اكثر تجذراً في حياتنا العامة، وكأن نداءات وأماني السوريين لم تعد لها قيمة وأهمية بشان تنسيق المواقف وتوحيد الجهود والكف عن التنازع على المواقع والمغنانم والمحاصصة. بات المشهد اكثر من مملل، كاشفاً الغطاء عن جميع الشخصيات والتحالفات والتيارات المكونة لجسد المؤسسة التي نصبت نفسها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري، فيما تعاني من التشرذم والاختلاف والخواء بآن واحد معاً.
مع انتخاب هيئة رئاسة الائتلاف الوطني، تكون قد انتهت جولة في المعركة المستمرة منذ عام على المناصب وتحالفات السيطرة على إدارة عمل المعارضة السورية، دون ان يكون الصراع على برامج عمل وخطط مرحلية او استراتيجية تصب في خدمة اهداف الثورة، واسقاط النظام. اتسمت الصراعات بالولاءات للقوى الاقليمية والدولية الداعمة للتيارات المكونة لهذا الجسم السياسي الذي ولد واهناً، بتقويض المجلس الوطني، فآل الائتلاف الوطني الى المصير ذاته.
جاءت نشأة الائتلاف عبر قوى وشخصيات، لم تستطع أن تقدم شيئاً للسوريين، بمرور عام على الثورة أو مايزيد حينذاك، بل إن سياساتها التسلطية والأحادية، قد عطلت عمل المجلس الوطني، وكان واضحاً أن لن يكون مثمراً. وهو في الحقيقة ماحملته سنة ونصف من عمره الذي لم تحقق فيه المعارضة السورية أي انجاز يذكر، الإنجاز المطلوب هو الاقتراب ما أمكن من "اسقاط النظام" ومن ثمّ بناء الدولة المدنية الجديدة
قضت مكونات الائتلاف صراعاً دام ثلاثة أشهر، من أجل الرئاسة، انعكست سلباً على أدائه الوطني على كل المستويات وترافقت مع أحداث كبرى خسر فيها السوريون الكثير، من معارك القلمون الى إعلان دولة الخلافة، ولم يستطع الائتلاف القيام بأي شئ حيال استمرار قصف المدن وتدميرها وتهجير وقتل المدنيين، أو اعادة انتخاب الأسد لولاية جديدة. ولم تتمكن حكومته المؤقتة من القيام بواجباتها. لاشك أن الظروف الاقليمية والدولية تلعب دوراً في ذلك، لكن ضعف هذه المؤسسات وتشتت قواها وشلليتها، وغياب خططها واستراتيجاتها، هي أهم أسباب الفشل.
اليوم، يجري الحديث عن أن الائتلاف لم يعد ثمة امكانية لوجوده واستمراره، وقد انتهت صلاحيته وفقاً لميشيل كيلو،الذي كشف العمل على انشاء تجمع وطني يكون بديلاً عنه، بعد أن مني مرشحه بالخساره، وتراجعت قدرته على التأثير داخل الاتحاد وكتلته الديمقراطية، في ظل خلافات واسعة تعمقت مع احمد الجربا الرئيس السابق للائتلاف.
المهم في هذه المسالة، أية شخصيات وتيارات سوف يضمها التجمع الجديد؟ في ظل التجاذبات السياسية المتناحرة القائمة، وأية استراتيجيات سوف يتم التوافق عليها والعمل من اجلها، وماهي القوى المرشحة لقيادة هذا التجمع، والقوى الاقليمية الداعمة لها.
ليست هناك استقلالية في القرار السياسي للمعارضة السورية، والمال السياسي، هو المحرك لها. لايمكن أن يكون الإستناد إليه مداناً، طالما أن الثورة السورية غير قادرة على تأمين مصادر تمويلها وطنياً، لكن الإشكالية تكمن في الارتهان السياسي للقوى الداعمة، دون ان تُستغل تلك الاموال في الأوجه الصحيحة التي تقود الى تحقيق اهداف الثورة. ثمة اهداف للثورة، ولكن لاخطط ولا استراتيجيات لدى قوى المعارضة جميعها، خلا سياساتها بما يخدم اهدافها الخاصة والحزبية.
جميع القوى السياسية المكونة للائتلاف، مدانة بالتقصير وبالفشل، وشريكة فيه، ومثلما حمل تشكيل الائتلاف منذ البدء بذرة الصراع بين مكوناته، فإن أي تجمع جديد أو جسم سياسي، سيصاب بالتشرذم وصراعات القوة والقرار، طالما أن شيئاً في تصورات القوى بشأن إدارة الصراع مع النظام لم يتغير، والأطراف المعارضة لم تتوصل الى فهم حقيقي حول العمل الجماعي، ولم تؤمن به، فإن الحركة السياسية محكمومة بالفشل، الاشخاص والقوى والتيارات والأطراف الخارجية هي ذاتها، والأدوات والرؤى هي لم تتغير أو تتطور.
ليس حكماً قاطعاً أنها ستفشل، لكن القراءة الموضوعية لمعطيات واقع المعارضة السورية المأزومه، تقود الى ذلك.
السوريون جميعاً لاتخفى عنهم اسباب النزاعات والصراعات، داخل الائتلاف والحكومة وغيرهما من مؤسسات المعارضة، وبالتالي فإن ثقتهم بهذه القيادات والتيارات مفقودة، ولايكن الحديث عن تأييد العشرات بأنها ثقة الجمهور، خاصة وان الحديث عن الشرعية في التمثيل، والأحقية في القدرة على قيادة المعارضة، أضحت مسائل في الخلف، والشرعية التي تتمسك بها مؤسسات المعارضة هي " الاعتراف الدولي" وليس الوطني، وهو أمر لاقيمة له.
من وجهة نظري ان مؤسسات المعارضة تعاني من خواء فكري وسياسي حقيقي، ولا صلة لها بالواقع على الأرض، وغير قادرة على بناء الثقة، مع جمهورها الوطني، بفعل افتقادها للمقدرة على العمل بروح جماعية على ارضية المصلحة الوطنية.
من المهم أن تسعى قوى المعارضة الى القيام بمراجعة وطنية شاملة لدورها وعملها ومؤسساتها. واعتقد أنه من الضرورة ان يأخذ هادي البحرة دوراً مسؤولاً في ذلك، بالدعوة إليه والعمل من أجله، وفي اعتقادنا هذه فرصة تاريخية للمعارضة السورية، بعد انكشاف كل الأوراق، بأن تعيد بناء نفسها، وأن تتخذ قرارات حاسمة وجريئة بعد دراسة واقعها بكل شفافية وجراة، وان الاستمرار في هذه الحال هو إدانة لها وممارسة مشينة بحق الثورة، واستهانة بتضحيات السوريين.
الدعوة لرئيس الائتلاف أن يتفرغ جدية، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته للقيام بـ:
1- مراجعة عمل الائتلاف، واشراك الباحثين والدارسين والخبراء المستقلين السوريين، في ذلك.
2- اعادة النظر بإنشاء هيئة للرقابة والمتابعة، يقرّ انشائها الائتلاف وتكون مستقلة عنه، وتنحصر مهمتها في مراقبة أداء الائتلاف الوطني ومؤسسات المعارضة المختلفة.
3- اعادة النظر في قرار إنشاء الحكومة المؤقتة، خاصة بعد فشلها في الأداء، وفي انتفاء ضرورة وجودها، واستبدالها بهيأة تنفيذية عامة، تعمل في الداخل.
4- انشاء قناة تواصل فعّالة مع جميع مكونات ومؤسسات المعارضة، بهدف التنسيق والعمل المشترك.
5- إيلاء قوى المجتمع المدني دوراً أسياسياً والعمل على مساندتها لإجراء تقييم شامل، وإعادة البناء.
6- إعادة النظر جذرياً في العمل الاعلامي للائتلاف .
تبدو المسؤوليات الملقاة على عاتق رئيس الائتلاف هادي البحره، وفريقه الرئاسي صعبة، والعمل أشبه بأرض ملغومة، وهو جزء من مكونات الائتلاف ومنغمس في اشكالياته، ومسؤوليته عن الوصول الى هذه الصورة الغير مرضية، لاتقل أهمية عن مسؤولية الأطراف الاخرى التي كانت ولاتزال فاعلة في مسار الائتلاف، حتى وإن تنكربعضها اليوم لشراكته ومسؤولياته عما آلت اليه الأمور .
من الضرورة إنقاذ مايمكن ..أو ماتبقى. بناء الثقة مع الجمهور تبدأ من الوضوح والشفافية في النظر الى الواقع والعمل بجدية من اجل المعالجة، وان تعمل رئاسة الائتلاف على اطلاع السوريين على استراتيجياتها وإشراكهم في وضعها واتخاذ القرارات، خاصة وان أعضاء الائتلاف لم يعودوا يمثلون أحداً..بعد كل هذا الخراب.. والصراع على أشياء وأمور أخرى . هل كانوا يمثلون أحداً حقاً ؟!
هل ثمة – في الأفق - مايؤثث الخواء..ويبدد السأم ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لبن
عمران ملوحي ( 2014 / 7 / 16 - 00:34 )
.., الصيف ضيّعت اللبن...

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-