الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاتم التليلي ... وجع هذا الوطن

مها الجويني

2014 / 7 / 16
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



يقال أن تونس هي إمراة ، هي الكاهنة الأمازيغية وهي تانيت وهي السيدة المنوبية و هي أروى القيروانية ... و لكني لأول مرة أرى تونس في أحد رجالها و هو الكاتب حاتم التليلي .. لاول مرة أرى تونس خارج الخمسة و الخلال و الجبة العكري و العين البنية و مشموم الفل و السفساري ...
أرى تونس في وجه شاب أسمر مرهق يحمل سيجارة كريستال و ورقة و قلم و قارورة ماء و حزمة من النصوص المسرحية .. إنه وجه حاتم المقاوم للفقر و للبطالة و لما يسمى سوء الحظ ... هل فعلا صديقنا المبدع لم يحالفه الحظ ؟ له من الفكر و الثقافة و العلم و التجربة و الرصيد النضالي يخول له التموقع في أعلى الدرجات و لكنه يبحث عن عمل يضمن له ثمن قهوة الصباح و شراء بعض الكتب .. ألا يشبه حاتم تونس الضارب تاريخها في القدم و التي لها من الرصيد الحضاري و الفكري و الخيرات ما يخول لها مكانة راقية بين الأمم و لكنها كاللبؤة الجريحة تتلقى الضربات من كل الجهات و تحلم أن تنتصر ؟
إنه حاتم المقاوم على شاكلة هذا الوطن الجريح ، يدفع ضريبة المحسوبية المستفحلة داخلة مؤسستنا الجامعية ، فحاتم من وراء أسوار المدينة و لا يستعمل أحمر شفاه و لا يملك مقدمتين لتخول له تمرير ملفه و حاتم يكتب النثر و يناقش أصحاب التاريخ المزور .. حاتم من ريح أرض منسية ، تحترق أيادي نسائها لتصنع الخبز و تجني الزيتون ... هناك حيث تغيب للقاءات حول الديمقراطية و نظافة البيئة و ووصايا التسجيل للإنتخابات ...
إبن تونس الأعماق ، التي كٌتب على المنتسبين اليها النسيان و النكران ، فحاتم من مناضلي ما قبل 14 جانفي و أروقة كلية رقادة و شوارع القيروان و كل من عرفوه لا ينسون صدى كلماته و هو ينادي للحرية و يحدثهم عن المقاومة و الفن و الشعر و الدغباجي و الحامي و الكرامة المتأصلة فينا ...
لكنه ككل شرفاء الوطن يزرع ليحصد ثمار تعبه أولئك العابرين للقارات ... و ليسأله أحد البيروقراطين : من أنت ؟ و أين كنت أيام الثورة ؟ نحن لا نعرفك ... فعلا سيدي لا تعرفه فحاتم كان يناضل ضد الظلم عندما كان أمثالكم يساومون بدماء أولاد الحفيانة ... لك الحق يا صاحب الفخامة فكيف من ليقول : "تعب الليل أغلق جفينه و نام ..تصبحون على جمرة الحب "، ان يكون مشهورا في عين مجتمع ساسته على شاكلة "سنية بن تومية " و "القصاص" و لحبيب اللوز و لاعقي أحذية قطر و السعودية ؟
و كيف لمن يكتب عن الفن و الجنون و الحرية أن يسمع صوته أمام ضوضاء التكفير و ملاحقة المختلفين و مصادرة الفكر الحر أن يسمع ؟ ما أشبه بتونس تلك الخضراء التي تغللت في جبالها حلقات سواد تأكل السلام فيها و تقتل الأبرياء ... عشرات ، مئات و عدد الضحايا يكبر و الجلادين في حرية في حماية إسلام الإخوان ..
حاتم المبدع على شاكلة تونس من تقاوم الرجعية و الخصاصة و كل ما خلق الله من عاهات و لم تفقد ولو مقدار حبة خردل من روحها الطيبة ..
حاتم الأصيل كأرض تانيت من أبى أن يغادرها عبق النسري رغم كليوغرامات بخورهم الأفغاني ..
حاتم القلم الصلب كخمسة أمي الفضية لامعة رغم عباياتهم الخليجية السوداء ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو