الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إفطار رمضاني في معبد

أحمد الخميسي

2014 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في 9 يوليو الحالي أقام المعبد اليهودي بالقاهرة إفطارا رمضانيا دعا إليه وشارك فيه" التحالف المصري للأقليات". هكذا ينتقل المعبد اليهودي من العمل الديني إلي العمل السياسي نبشا في حقوق الأقليات وفقا للمفهوم الأمريكي الاسرائيلي لحقوق الأقليات الذي يرى أن سكان النوبة أقلية خارج النسيج المصري ذات مطالب مستقلة عن الاحتياجات الوطنية المشتركة. وإذا لم تكن الأقليات الموجودة كافية لتفتيت وحدة مصر فإنهم يخترعون أقلية كالبهائيين ثم أقلية كالأمازيج يتربح البعض من اختراعها. وأخيرا أو بداية يقدرون أن عشرين يهوديا – هم كل ما تبقى من اليهود بمصر- هي أقلية جديرة بذرف دموع الديمقراطية. ووفقا لمنطق أن كل عشرين شخصا أقلية يمكن بالتفتيش في الجذور العرقية البعيدة للسكان تقسيم شبرا إلي آلاف الأقليات! ونصبح لنجد مصر – ليس وطنا للجميع- لكن مجموعة دكاكين عرقية وقومية ولغوية تتربح باسمها منظمات حقوق الإنسان. وهو المخطط الذي ينشط على أساسه التحالف المصري للأقليات الذي ظهر في مارس 2012 لتأجيج كل ما هو مختلف داخل أطياف الوحدة الوطنية وصولا إلي تقسيم مصر. الجديد الآن دخول المعبد اليهودي طرفا سياسيا في العملية راعيا لكل من يفتت القضايا الوطنية المشتركة إلي جزر حقوقية متناثرة. أما عن التبرك بزيارة المعبد اليهودي فقد فسر البعض ذلك بالحديث عن اليهود المصريين الذين قاوموا النبذ السياسي والاجتماعي القاسي وأهمية تعزيز التعايش بين مختلف الأعراق والأديان! هكذا يبدو أن علينا أن نعتذر لليهود المصريين عما لاقوه من تعسف من جانب الشعب المصري وأن نؤكد لهم بزيارة ودية أننا شعب متسامح وديمقراطي، وهي بالمرة رسالة إلي السفير الإسرائيلي الذي يتردد على المعبد وإلي دولته التي تشكل قلعة للتمييز الديني والعنصري في المنطقة.
فهل عاني اليهود المصريون حقا من النبذ أم أنهم على العكس عاشوا ينبذون المجتمع المصري وينأوون بأنفسهم عن الانخراط في قضايا الوطن ووحدته؟. للتذكرة كان موسى قطاوي وزيرا للمالية أيام سعد زغلول، وقبل ثورة يوليو كانت الطائفة اليهودية أغنى طائفة يهودية في الشرق الأوسط، وكان ثمانون بالمئة من سماسرة البورصة من اليهود. وشارك اليهود المصريون في الحركة الثقافية والفنية بكل مجالاتها. إلا أن ظهور دولة إسرائيل الاستيطانية حول ولاؤهم وآمالهم إلي تل أبيب، وخلال العدوان الثلاثي على مصر تم القبض على مائتي وثمانين منهم عملوا لصالح إسرائيل. وكان تاريخهم ومازال هو الحفاظ على عزلتهم والنأى بأنفسهم عن الوحدة الوطنية وعن الانخراط في معارك الشعب. ولم نسمع بيهودي واحد شارك في مظاهرة تم فيها إحراق العلم الصهيوني، لأنهم عاشوا هنا وهم يؤمنون بأن وطنهم هناك، وأنهم " يهود" وليسوا مصريين. وكل الاستثناءات في ذلك المجال تؤكد القاعدة العامة ولاتنفيها. وللمقارنة يكفى أن نتذكر تاريخ الجماعة القبطية التي رفضت منذ صياغة دستور 1923 أن توصف بالأقلية، أو أن تشارك في الانتخابات كأقلية، وتمسكت بالمشاركة في الحياة السياسية بوصفها جماعة مصرية، معلنة رغبتها في " فناء الاختلافات الدينية في الجنسية المصرية". ومازالت في الضمائر صيحة مكرم عبيد العظيمة " نحن مسلمون وطنا ونصارى دينا"، وعام 1992 رفض البابا شنودة التطبيع مع إسرائيل وحرم زيارتها وأدان في مؤتمر عالمي في يوليو 1992 المذابح ضد المسلمين في البوسنة والهرسك. وعندما قتل عشرون قبطيا في حادثة الكشح عام 1999 أعلن البابا شنودة " نحن لا نحب أن نكون أقلية تحتاج إلى حماية ونرفض أي تدخل أجنبي لكي يعطينا حقوقنا". ولم نسمع من اليهود المصريين حديثا كهذا يشاركون به الشعب المصري آماله! بل إن ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية تعلن تعليقا على العدوان الاسرائيلي على غزة " مايحدث في غزة تطرف وتعصب من الطرفين" متبنية بذلك الموقف الأمريكي الإسرائيلي الذي يساوي بين القاتل والضحية! وبهذا يواصل اليهود عزلتهم عن الشعب المصري و" نبذهم " له ! ويؤكدون أنهم خارج نسيجه الوطني وأن عيونهم تشخص كل يوم إلي دولة المجازر الإسرائيلية! بذلك جعلت هذه " الأقلية " من نفسها" أقلية"! أما الشعب المصري فقد اتسع صدره عبر كل العصور لكل الأطياف.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوري يقترح على بريطانيا والاتحاد الأوروبي حلا للهجرة غير الن


.. بايدن يرفض إجراء تقييم طبي مستقل.. هل قطع دابر شك الديمقراطي




.. بعد -نصائح- خامنئي لبزشكيان.. هل ينم ذلك عن صراع ومن يمتلك س


.. مطالبة بوقف -نزيف الدم-.. مؤتمر لبحث حرب السودان في القاهرة




.. حماس تقصف سديروت برشقة صاروخية.. ومقتل ضابطين إسرائيليين بمع