الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب المركزية علي مصر الآن

عماد عبد الملك بولس

2014 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب المركزية علي مصر الآن...

قلتُ في مقال سابق أن الحرب لن تُعلن علي مصر إلا في حال بدأت في التحرك الإيجابي و بناء ما تهدم علي مدي عقود... و ها هي ذي الحرب تستعر علي مصر، دليلا أنها في الطريق الصحيحة.

و الحرب علي مصر أُعلَنَت علي عدة محاور في آنٍ واحد داخلية و خارجية، و لكن المحور الأهم، و الذي أظنه المحور المركزي، هو محور الاقتصاد.

و الحرب علي مصر قديمة قدم الدهرلغناها الوافر (المنهوب أبدا)، و للخوف الشديد أن تقوم لها قائمة تستعيد بها مكانتها اللائقة. و للحرب علي أغني بلاد الدنيا أولوية واحدة: إفقارها باستدامة نهبها لا لأن الذين ينهبونها فقراء أو يحتاجون إلي ثروتها، و لكن لأن الإفقار لا مثيل له في كسر الروح المعنوية و شل الإدارة و الإرادة و الأهم من كل ذلك: إجبارها علي بيع القدرة علي تقرير المصير لمن يشتري بالأرغفة حينا و بالرماح و الرصاص حينا. و من أساليب الحرب عليها إفقارها بتدميرها و زرع الفساد في كل مناحي حياتها، بل و ضمان ديمومة التدمير و فساد الذمم و الإدارة بزرع عناصر في نسيج الدولة (عملاء للأعداء) و تحت كل المسميات من تعاون دولي و جمعيات دولية و شركات دولية و نوادي اجتماعية و أنشطة ثقافية دولية و منظمات سياسية دولية، الخ...

و المثال الأوضح للناهبين هو كما صاغه المتنبي شعرا، إذ قال:

"نامت نواطير مصر عن ثعالبها و قد بشمن و ما تفني العناقيد"

أي أن نوم الحراس و الحامين للبلاد يشجع مزيدا من الثعالب (و ناهبين أكبر حجما بالطبع) لسلب أغني بلاد الدنيا دائما.

و ممنوع علي مصر – منذ تحررت جزئيا من الانجليز و الاستعمار – أن تقوم لها قائمة اقتصادية، لأن القوة الاقتصادية – في حالة مصر – قد تقودها للحرية الكاملة و بسط السيطرة علي دائرتها القريبة، و نشر الفكر المصري التحرري في منطقة لا بديل للغرب عن استغلالها بل و استعبادها.

عبد الناصر تم استدراجه إلي معارك مزيفة و تم استنزاف مصر باستغلال فكره الطموح و تعجله النتائج، إلي أن كُسِر جيش مصر في 67، و استنزفنا في إعادة بنائه البقية الباقية من الثروة و تم زرع بذرة تدمير الإدارة المصرية في هذا العهد . و السادات تم اغتياله في الوقت الذي كان سينطلق فيه بالاقتصاد المصري، و ليس لأغراض أو صراعات سياسية أو دينية، بل فقط لكي لا يقود انطلاقة مستحقة لمصر المنتصرة، في نفس الوقت، بعد ضمان وجود مبارك كبديل له ليرعي من بعده إهدار بل و هدم الاقتصاد، و العلم و التعليم، و السياسة و الأدب، و الاجتماع، عن طريق رعاية كل انتهازي و طفيلي و نصاب و جاهل و قريب و نسيب علي حساب كل مخلص و كفء و عالم و مجتهد، و حتي الدين في مصر تم الهجوم عليه و اختراقه، لا فرق بين إسلام أو مسيحية و غيرهما، كل هذا لتدمير مصادر قوة مصر بحيث لا يمكن بناؤها إلا بالجهد الجهيد، و تم تطبيق نظرية "اللا طفو و اللا غرق" بكل قوة (، حتي جاء أوان تطبيق نظرية "الهدم من الداخل بدون تكلفة حربية كبيرة"

إن الميدان الحقيقي للحرب المصرية هو ميدان الاقتصاد، مع العلم بأن هذه البلاد تستطيع النهوض خلال عام واحد بشرط واحد: العمل.

و إن تعجب أحد لماذا لا نعمل؟ أجيب: نحن نعمل و لكن بلا عقل و لا علم، فنهدر عملنا و مواردنا، بل و نهمل مواردنا لدرجة السكوت علي سرقتها، فنحن سكتنا علي سرقة حقل كامل للغاز مشترك مع إسرائيل و قبرص (أكاد أجزم أنه يوجد مثله الكثير في المياه المصرية) و قبله تفريغ خزان البترول المشترك مع كلا من ليبيا و السعودية، و النهب المنظم و الممنهج (و الذي يتمتع بأقصي تغطية بل و تعمية إعلامية ممكنة) لكل ثروات مصر لحساب مافيا من الدمي تمسك بخيوطها أيد خارجية. حتي سيناء تم الاستيلاء عليها من أجل الاقتصاد، و إسرائيل تمنع الاستغلال الاقتصادي لسيناء بالإبقاء عليها علي كف عفريت، و أزمة حلايب و شلاتين أيضا صناعة صهيونية ماسونية.

الطابور الخامس ليس فقط من الساسة و الصحفيين و الحقوقيين، فهؤلاء النسبة الأصغر، و الجيش الحقيقي هو جيش رجال الأعمال، و خصوصا الذين يملكون شركات دولية أو لها علاقات دولية قوية، أو يشاركون في هذه الشركات.

هؤلاء يمولون و يرعون و يفسدون و يهدمون أو علي الأقل يوفرون حصان طروادة لجيش الناهبين للثروات و الموارد المصرية، فالوزارات المعنية بالعمل و الاقتصاد تم استهدافها و إرباكها المستمر علي مدار أكثر من خمسين عاما تارة بالجهلة يختبئ خلفهم الخونة، و تارة بعلماء أكفاء يتم اسنخدامهم لاكتشاف أساليب النهوض و إقالتهم سريعا بعد ذلك لتحطيم المقومات التي أشار إليها.


في الحرب الاقتصادية، الداخل أهم من الخارج، و الحذر من الأصدقاء (و ممن يَدًعون الصداقة) أهم من الحذر من الأعداء، و بناء خطة الحرب الاقتصادية لا يتم إلا بشرطين: تكوين إدارة جيدة للحرب، و منع الفساد من أكل البناء، و القضاء عليه إن أمكن.

ما يمنع المصريين من العمل هو أن مفاهيم "الدولة" و "الوطن" و "المواطنة" مُختَلَفٌ عليهم، و قيمة "العمل" تم تدميرها عقودا عن طريق الفساد و الوساطة و الرشوة و حديثا النصب الواسع و العميق بالبلايين عن طريق التجارة في ممتلكات الدولة المغيبة، إلي أن فقد المواطن الثقة في العمل في مصر و (لمصر: و هو مقتنع أنه و مصر مسروقان مسبقا و منهوبان دوما)

و الحل في مفهومي، بالإضافة إلي تنقية الإدارة و استبعاد الغير وطنيين و الغير أكفاء منها، هو جيش من العمال الذين يهدفون إلي مصلحتهم و يشعرون و يستطيعون التعبير عن احتياجهم، و يمكنهم الثقة في الدولة من جديد أنها سترعي مصالحهم، بمشروعات فورية لا تستهدف إلا هذه الفئة المحتاجة للعمل و لبناء مستقبل غير منفصل عن مستقبل الدولة، مع قيادة ذات مهمات محددة، و إنجازات يمكن قياسها. هذه هي الطريقة لتصحيح المعادلة بين الدولة (الوطن) و المواطن، ليستعيد المواطن الثقة أنه يعمل لوطنه و لنفسه، و ليس لطبقات لانهائية من اللصوص، و تأكيد و تقنين المصلحة التي تربط المواطن بوطنه عمليا من خلال امتلاك الأرض و استغلالها، و تيسير إجراءات العمل، و عقاب كل المعوٍقين للعمل و الإنتاج، و تقنين التسهيلات للمنتجين و أصحاب الكفاءات.


و بسرعة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل