الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب ... يا للغباء

آريين آمد

2014 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في التاسع من نيسان من العام 2003 لحظة سقوط الصنم في ساحة الفردوس انطلقت النفوس والحناجر والأحلام تغني لغد أفضل .... رقصنا كثيرا وهتفنا كثيرا لإيماننا بان القادم سيكون أفضل ألف مرة، وبأن عصر الحروب العبثية قد انتهى من العراق الجديد، بعد أن عرفنا أوجاع الحرب وذقنا مرارتها، وتيقنا بشكل عملي بان ابن الحرب يتيم، فطوابير الأرامل والأمهات الثكالى كانت تزداد أثناء الحروب كل يوم وكل ساعة. ولان جميع الحروب التي خضناها نحن جيل الحرب منذ الثمانينات كانت حروب عبثية، لذلك فإنها لم تصنع بطولات حقيقية، رغم إن الكثيرين تزينت صدورهم بأنواط الشجاعة، مع إنني أرى إن كل مشارك بالحرب هو شجاع بالضرورة، غير إن حجم العبث في تلك الحروب دفع أبطالنا المميزين في المعارك من أصحاب النياشين وأنواط الشجاعة يخفون أنواطهم عن الأنظار على اقل تقدير، إذا لم يبادر الكثيرون منهم بإلقائها في اقرب سلة للقمامة، فلم تعد لها أي معنى يذكر، ولم يعد يتذكرها احد، وكأنها لم تعد تنتمي إلينا نحن الذين كنا حطامها وحطبها ووقودها مرغمين لا مختارين، وفي هذه النقطة تحديدا اعتقد بأننا الشعب الوحيد الذي لا يحتفل بذكرى شهدائه ولا يكرم مقاتليه المتقاعدين سنويا، في مفارقة غريبة في التاريخ، رغم إننا من أكثر شعوب الأرض ابتلاءا بالحروب، إلا إن سجل تكريمنا لشهداء الحروب خالي من فعاليات تليق بتضحيات من ماتوا أو من قاتلوا ببسالة ...
كان وهمنا كبيرا حين تصورنا إن الحرب قد غادرتنا في 2003 والى الأبد، فخزين الذاكرة من الألم والمعاناة لم يعد قادرا على تخيل وتحمل فكرة تشكيل قوات عسكرية وتسليح وتجهيز من جديد لشن المزيد من الحروب، حتى قرر قادتنا الجدد اختيار نهج مختلف، نهج رافض لفكرة الحرب مهما كانت أسبابها، وان الحوار هو الحل، وهو البديل عن السلاح وصوت المدافع، نهج يستهدف بناء إنسان جديد في عراق جديد.... فكم كانت الأشياء وردية في 2003 ، كل شيء كاد أن يكون ورديا، حتى أحلامنا كانت وردية، كنا متفائلين لدرجة خيالية، كنا نسبح في بحر من الأوهام حتى صحونا على واقع اشد قتامه من أيام ولت ببركة قائد الضرورة.... صحونا لنكتشف إن الموت بدأ يتخطفنا واحدا تلو الآخر في الشوارع وفي الأزقة وفي الساحات العامة والمقاهي والمطاعم وفي سيارات الأجرة أو عند السيطرات الوهمية.... أصبح للموت ألف طريقة وألف وجه بشع، وإذا كانت حروب صدام تأكل شبابنا في الجبهة فان الإرهاب بدأ يأكل الجميع ولا يستثني أحدا، رجال ونساء وأطفال وشيوخ، وبدلا من أن يهتدي قادتنا الجدد لابتكار طرق تدحر الإرهاب، وجدناهم يمارسون سياسيات لم تخدم سوى الإرهاب من خلال المزيد من الإجراءات التعسفية والإقصاء والتهميش والاخصاء. كنا نطعن يوميا آلاف المرات، وكل طعنة كانت تقتل حلما من أحلامنا الوردية، والتي باتت تسخر منا لأننا لم نعرف كيف نصونها وندافع عنها أمام الإرهاب القادم من الصحراء ومن كل بقاع العالم، وأمام الطغيان وأمام الميليشيات المسلحة وعصابات الخطف والفاسدين القابعين في المنطقة الخضراء... اليوم وبعد احد عشر عاما من التفجيرات اليومية والقتل على الهوية نجد أنفسنا منغمسين من جديد في حرب جبهوية من نوع جديد. إنها حرب المدن التي تعني فيها العمليات العسكرية ببساطة شديدة، هدم المدنية على رؤوس ساكنيها، ولا يهم إن كانوا عراقيين أم دخلاء!!!!! المهم إن القائد العام للقوات المسلحة وبعد أن خسر 35% من أراضي العراق في نينوى والانبار وصلاح الدين يبحث عن نصر سريع ليواجه أعدائه في العملية السياسية!!!!!!! فهل هناك عبث أكثر من هذا؟؟؟؟؟ أن تجد نفسك عالق بين الإرهاب وجيش مهزوم، وليس أمامك إلا مواجهة الإرهاب، دفاعا عن النفس والعرض، فهؤلاء الإرهابيون إن تمكنوا منا فإنهم سيأتون على كل شيء، الأموال والعرض والأنفس وكل الأشياء الجميلة، وان عدم مواجهتهم لن يزيدهم إلا قوة ووحشية وتمدد ..... لكن السؤال الكبير هنا هو كيف يمكن لنا أن نخوض هذه الحرب القذرة بأقل الخسائر البشرية، فلم يعد لدينا مزيدا من القدرة على التضحية بالمزيد من الشباب بدون حسابات دقيقة وصحيحة، وكثرة الضحايا البشرية ستثقل فاتورة الحساب في النهاية، وكل يوم يمر على هذه المعركة تزداد فيه الثارات الداخلية، فصحيح جدا إن العنوان الأول والأكبر في هذه الحرب هو الحرب على الإرهاب، إلا إن الخسائر الكبيرة في المدنيين يخلق ثارات ستعمل على تمزيق المجتمع العراقي بشكل أعمق. هذه الحرب من اشد الحروب قسوة وفظاعة، واخطر ما فيها إنها تحولت إلى حرب مقدسة بفتاوى صريحة من المراجع لدى الطرفين المتحاربين، وجميع المؤشرات تشير إلى إننا تحولنا مرة أخرى لحطب هذه المعارك، شئنا أم أبينا، وليس لنا في النهاية إلا أن نكرر مع أنفسنا ولكن هذه المرة بصوت عالي .... يا للغباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في