الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 8 – 12 )

كور متيوك انيار

2014 / 7 / 17
السياسة والعلاقات الدولية



بما إن الاهمية السياسية و الاولوية التي تضع بصددها السياسة الخارجية للدولة هي تحقيق مصالح الدولة في الخارج مستوعباً معها التناقضات الداخلية إلا إنه من الصعب القول إن كافة الحكومات تضع سياساتها الخارجية لتحقيق المصلحة العليا للدولة ، ففي اغلب الاحيان يكون للارادة و الرغبات الشخصية دور كبير في توجيه دركسون السياسة الخارجية او الانحراف بها في اقرب طريق للوصول الى الوجهة المقصودة ، جنوب السودان ليس بمنأى عن تلك التاثيرات و المتغيرات و المنحنيات الداخلية و الخارجية للصراع الدولي ، قد لا يكون التقارب الجنوبي الروسي او الجنوبي الصيني لاهداف استراتيجية تحقق امال وطموحات المواطن الجنوبي على المدى القريب و البعيد لكنها ربما ستحقق اهداف تكتيكية للبعض ومن الصعب الجزم إن تلك ممكن الوصول اليها ، لاسباب عديدة هو إن روسيا بعد نهاية الحرب الباردة ليس هي الاتحاد السوفيتي التي تبعثرت الان كالسراب ، وهذا ليس بالضرورة تعني إن موسكو لا ترقب في لعب ادوار دولية لكن خططها ومقدراتها الاقتصادية تغللان تحركاتها ، . وفقاً لهنري كيسنجر في مقال له حول رؤيته للازمة الاوكرانية قال " يجب على الغرب إن تفهم ، اوكرانيا بالنسبة لروسيا لا يمكن إن تكون مجرد دولة اجنبية ، ولقد ظلت اوكرانيا جزءاً من روسيا لقرون " ، الكثيرين من المراقبين و المتحمسين و المنتظرين افول وغسق شمس النظام العالمي الجديد ، بعد ضم روسيا للقرم اعتقدوا إن روسيا تعود و الولايات المتحدة تتراجع لكن الامر لم يكن كما تصوروا بل إن اوكرانيا التي يحاول اوروبا وامريكا خطفها هي بمثابة قضية امن قومي بالنسبة لروسيا ، فالاسطول الروسي في البحر الأسود ، الذي يعتبر ركيزة موسكو في بسط نفوذها في البحر المتوسط يعتمد على عقد إيجار طويل الأمد في منطقة " سيفاستوبول " بشبه جزيرة القرم .
في حديث لكيسنجر لشبكة CNN الامريكية اشار الى انه على المرء أن يسأل نفسه السؤال التالي : لقد أنفق بوتين 60 مليار دولار على الألعاب الأولمبية وأقام مراسم الافتتاح والإغلاق محاولا إظهار روسيا على أنها بلد طبيعي ومتطور ، وبالتالي من المستبعد أن يقوم هو نفسه بعد ثلاثة أيام بشن هجوم بقرار ذاتي على أوكرانيا . لذا فكيسنجر يعتقد إن بوتين كان يتصرف وفقاً لتطور الاحداث ولم يخطط لها مسبقاً و الدليل على ذلك هو إنه لم يستجيب للدعوات التي قدمت اليه من قبل الانفصاليين في جنوب وشرق اوكرانيا للانضمام الى روسيا وظل متردداً في الانخراط بشكل اكبر بعد إن اعلن الحكومة الاوكرانية الحرب على الانفصاليين . لذلك من المستغرب إن البعض مازالوا يفهمون تطورات الاحداث بين روسيا اوكرانيا بمثابة شروق لروسيا وغسق النظام العالمي الجديد .
يقول الدكتور جون قاي في كتابه سابق الذكر وفي الفصل السابع بعنوان " جنوب السودان ومصالح العالم " واعتقد إنه كان دقيقاً جداً عندما اختار ذلك . فالباحث الوطني قد يهمه كثيراً فيما يخص السياسة الخارجية للدولة ، وفي المراحل الحالية لتشكل بذور الدولة ، قضية مصالح العالم في البلاد وليس مصالحنا في العالم وقد يرى اخر إن قاي لم يتوفق بتلك التنوينه ( عنوان ) فيقول مثلاً كان ينبغي إن يكون العنوان هي " مصالح جنوب السودان في العالم " وهذا في نفس الوقت صحيح نوعاً ما ، وذلك إذا كنا نتعامل من منطلق وليدية الدولة اسم الدلع للدولة الفاشلة والمنهارة ، والمتكلة على حيطة الاصدقاء و الحلفاء و الاعداء في أنِ واحد في وضع غريب على التجربة الدبلوماسية العالمية ، لكن الخطر الخارجي الحقيقي سياتي عندما ننظر الى مصالحنا في العالم بانانية متجاهلين مصالح العالم في بلادنا ، الكثيرين مسؤولين ومواطنين يتذمرون بشدة من تواجد مواطنين يوغنديين بكثافة في البلاد متناسيين إن يوغندا ممتلئة بالعديد من الجنوبيين ، فيوغندا قدمت دعم لا يستهان بها في حرب التحرير لذلك لابد إن تحسد ثمار ذلك الدعم دولاراً وعنباً وليس شوكاً وحنظلاً ، فالعديد من الدول قدمت الكثير حتى يتحقق الاستقلال لجنوب السودان وتلك الجهود التي قدمت ينبغي ان تؤخذ في عين الاعتبار ، الدول عندما تقدم مساعدة ما ؛ فهي لا تفعل ذلك حتى تؤخر من حلول يوم القيامة او من اجل الرحمة و المغفرة لمواطنيها حتى يستطيعوا الدخول الى الجنة او الدخول الى ملكوت الله ؛ انهم يفعلون ذلك من اجل تحقيق تطلعاتهم عبر تحقيق تطلعات الاخرين ، وذلك قد يكون سياسة بعيدة المدى قد تتجاوز العشرين عاماً ، فمَن دعم الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان في بداية تكوينها لم يكن يعرف متى يحقق الثورة اهدافها او حتى متى تتكون دولة جنوب السودان لكنها النفس الطويل و الصبر لقطف الثمار ، ومبدأ تبادل المنافع هي سمة اساسية من سمات العلاقات الدولية .
إن تجاهل الدول التي ساعدت شعب جنوب السودان في تحقيق الاستقلال ومحاولة طمس تلك المساهمات و المساعدات بغض النظر عن السبب التي جعلهم يقدموه سيكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار وتطور الدولة على المدى البعيد وسيكون ذلك مؤشر على إن مستقبل البلاد قد لا تكون مبشرة ، تلك الدول لها اليد الطولى التي يمكنهم من إن تثير القلاقل في اي بقعة كان في العالم ، فعندما ناخذ قلقهم ومصالحهم في عين الاعتبار فنحن لا نفعل ذلك خوفاً منهم بل نتقي رد الفعل العكسي .
اثناء زيارة وزير الخارجية مريال بنجامين الى روسيا استضيف في قناة روسيا اليوم ( RT ) في برنامج ( Worlds Apart ) التي تقدمه اوكسانا بويكو قال ( بنجامين ) إنه لا احد يقدم شيئاً من اجل لا شيء ، فكل من يقدم مساعدة لتحقيق اهداف الاخر ، فلا بد إنه يتوقع المقابل ، مضيفاً إن الولايات المتحدة تتوقع المكافاة لدعمها الاستقلال باعطائها الاولوية في الاستثمارات النفطية و الموارد الضخمة لجنوب السودان . لقد كان سيادة الوزير موفقاً في جزئية تبادل المصالح موفقاً لكن في الجزئية الثانية حول إن امريكا تريد مكافاة لمساعدتها على الاستقلال لم يتوفق فيها وعلى الرغم من انها ليس المرة الاولى بل تكرر على لسان اكثر من مسؤول حكومي لكن لم اتوقع إن يكون الحديث بنفس الشاكلة على من يمثل الدبلوماسية ، الولايات المتحدة لها اهتماماتها وهذا لا يبرر تلك اللغة الذي ينكر جميل الصديق مهما كان الاسباب التي تؤدي الى نكران ذلك الجميل .
بزيارة وزير الخارجية الى موسكو في اواخر شهر مايو فهي اغلاق الجسر امام الولايات المتحدة حتى لا تحصل على مرادها ، في الحصول على موارد جنوب السودان كما يقال على لسان المسؤولين ، و اعادة استثمار دورها التاريخي في الاستقلال في شكل عقودات لشركاتها كما صرح من قبل وزير الاعلام وكررها وزير الخارجية في موسكو ، لذلك فجنوب السودان تدير لها ظهرها مفضلاً موسكو على واشنطن ، بعض المراقبين وصف زيارة وزير الخارجية الى موسكو بانها عودة للتاريخ اي ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ونشاة الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان ، وهذا الاعتقاد بتاريخية العلاقة مع موسكو ليس دقيقاً ويفتقر للمصداقية و الموضوعية ، فلم يكن هناك اي نوع من انواع التواصل بين الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان وقيادة الاتحاد السوفيتي بل الصلة الوحيدة بين الاثنين كان دولة اثيوبيا باعتبارها معتنقة للاشتراكية .
فيما يخص العلاقات الجنوبية الروسية ، روسيا مرت بمراحل صعبة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وناهية الحرب الباردة في العام 1989م ولقد اثر ذلك على اقتصادها لذلك لابد إنها تبحث عن اسواق جديدة وواعدة للاستثمار ، بما إن روسيا تبذل محاولات كبيرة للنهوض فانها من الحكمة إن تتجه نحو افريقيا كونها القارة الواعدة اقتصادياً .
لم يكن هناك اي نوع من انواع التواصل المباشر بين قيادة الحركة الشعبية و الاتحاد السوفيتي حتى انهيارها وظل حلقة الوصل هي الحكومة الاثيوبية لذلك لا يمكن وصف العلاقة مع موسكو بالتاريخية و لايمكن إن تكون استراتيجية ، وفي رسالة لدكتور جون للقيادة العليا للجيش الشعبي وذلك حول التطورات في اوروبا و الاتحاد السوفيتي في 20 يونيو 1990م قال : " الحقيقة أنه منذ عام 1983م ، شرق اوروبا ، الاتحاد السوفيتي ، الولايات المتحدة ، .... الخ من الدول الكبيرة لم تقدم لنا اي منها اي عون عسكري . ولذلك اثر التغيير في الوضع الدولي على امداداتنا العسكرية بلا اهمية وغير مباشر " . كان للحركة الشعبية مندوب لها في موسكو حتى ابريل 1994م عندما تم اخطاره بانه شخص غير مرغوب فيه ويعتقد إن تلك الخطوة قد تمت بايعاز سوداني .

نواصل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة