الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مبادرة النظام المصري لوقف إطلاق النار كتبت بأيدي صهيونية
عليان عليان
2014 / 7 / 17القضية الفلسطينية
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/6438672f-204e-4a82-92de-963f7a3c9735.jpg)
قبل الشروع في قراءة بنود مبادرة المخابرات المصرية المطروحة لوقف إطلاق النار بين المقاومة والكيان الصهيوني ، والتي جاءت بناءً على إلحاح من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري ، لا بد من تثبيت الحقائق التالية :
أولاً : أن هذه المبادرة جاءت بعد الانتصارات التكتيكية ذات المغزى الاستراتيجي الهائل لفصائل المقاومة الفلسطينية ،التي طالت صواريخها المتطورة 70 في المائة من الكيان الصهيوني ، وبعد نقلةً نوعية غير مسبوقة للمقاومة على أرض فلسطين في مواجهة العدوان .
ثانيا: أن هذه المبادرة جاءت بعد توسلات من نتنياهو للرئيس الأمريكي باراك أوباما ، للتدخل من أجل التوسط لوقف إطلاق النار مع المقاومة عبر قناة النظام المصري ، بعد أن تمكنت المقاومة الفلسطينية من لجم منظومة الردع الإسرائيلية على النحو الذي لجمت فيه مقاومة حزب الله هذا الردع عام 2006 ، عندما دكت المقاومة الفلسطينية ولا تزال تدك أعماق بعيدة في الكيان الصهيوني ، بصواريخها المتطورة من أقصاه إلى أقصاه أي من نهاريا وحيفا شمال فلسطين المحتلة ،إلى عسقلان وأسدود وسديروت وجميع مستوطنات غلاف غزة ومستوطنات النقب وديمونة جنوباً ، ومن القدس شرقا إلى تل ابيب غرباً مروراً بمطار بن غوريون " اللد ".
ثالثاً : أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية ضربت في الصميم ، بعد أن أصبح الإسرائيليون يمضون معظم الوقت في ملاجئهم وفي ما يسمى " بمنطقة بيت الدرج " ، بعد أن حولت المقاومة الفلسطينية مدن ومستوطنات العدو إلى مدن أشباح ، تنعدم فيها إلى حد كبير الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وبعد أن أدرك قادة العدو أن استمرار هذه الحرب سيؤدي إلى تآكل أكثر فأكثر لجبهته الداخلية ، ما قد يسرع من الهجرة اليهودية المضادة التي باتت تقلق القادة الإستراتيجيين لهذا الكيان .
وها هم المستوطنون يكررون ذات الصرخة ، التي أطلقها مستوطن صهيوني غداة الحرب على غزة في تشرين ثاني 2012 : " أقدمنا على حرب على قطاع غزة ، لمنع وصول الصواريخ الفلسطينية إلى سديروت ، لكن بعد إشعال هذه الحرب ضربت صواريخهم قلب تل أبيب " وكذلك الصرخة التي أطلقها مستوطن آخر والتي جاء فيها " النار التي تشتعل من فوقنا في تل أبيب ومن تحتنا ، تجعلنا لا نطيق البقاء هنا ، أنا من نيويوك وسأعود إليها " فهاتان الصرختان اللتان تكاد تعبران عن حال المغتصبين والمستوطنين الصهاينة ، لمؤشر على ما آلت إليه الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني .
وهاهو عالم الصواريخ الإسرائيلي موتي شيفر ، يصرح في الثالث عشر من تموز – يوليو الجاري "بأن القبة الحديدية التي صممتها ( إسرائيل ) لإسقاط الصواريخ الفلسطينية ، لا تعدو كونها كذبة كبرى ، ولم تتمكن من إسقاط الصواريخ المنهمرة على " المستوطنات (والمدن الإسرائيلية)".
وهاهو الحاخام السابق للجيش الإسرائيلي أفيخاي رونتساكي يصرح في الخامس عشر من تموز – يوليو الجاري " بأن المقاومة الفلسطينية ركعت إسرائيل بأكملها على ركبتيها ، وأن حماس وبقية الفصائل الفلسطينية تستمد قوتها من روحها القتالية، فليس لديهم دبابات أو طائرات، ومع ذلك فقد قاموا بتركيع دولة كاملة على ركبتيها، دولة كاملة هربت للملاجئ ".
رابعاً:. أن انتصارات المقاومة أنهت شهر العسل الطويل جداً ،الذي عاشه الكيان الصهيوني منذ الربيع العربي عام 2011 ، الذي تحول إلى خريف بامتياز جراء احتوائه أمريكياً ، عبر أدوات بمسميات أيديولوجية إسلاموية مختلفة ، وعبر نهج كامب ديفيد بنسخته المنقحة الذي يسهر عليها ويرعاها السيسي.
خامساً : أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، كشفت بما لا يدع مجالاً للشك ، بؤس قيادة السلطة ، وعرتها أمام الجماهير الفلسطينية ، التي رأت بأم عينها رئيس السلطة الفلسطينية يشن حرباً نفسية على المقاومة عبر تأكيده على قدسية التنسيق الأمني مع الاحتلال ، وعلى أن يد ( إسرائيل ) هي العليا ، متجاهلاً الحقائق على الأرض التي تصب في مصلحة المقاومة ، باعتراف مصادر إسرائيلية .
وفي موازاة الحقائق سالفة الذكر لا بد من تثبيت بعض الحقائق ،المتعلقة بصاحب المبادرة " نظام السيسي وجهاز مخابراته " وأبرزها :
أولاً : أن هذا النظام كان ينتظر بفارغ الصبر ، أن ترفع فصائل المقاومة الراية البيضاء ، ومن أجل ذلك لم يتحرك إلا متأخراً لوقف إطلاق النار وبناءً على طلب أميركي ، والدليل على ذلك أنه لم يأل جهداً في الإمعان في الاستمرار في إغلاق معبر رفح في ظروف الحرب ، وهو إجراء لم يقدم عليه حتى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في حرب 2008 ، ما يعني أن نظام السيسي شكل بالنسبة للمقاومة الفلسطينية خطوة بل خطوات للوراء عن نظام مبارك .
ثانياً : أن هذا النظام أطلق العنان لوسائل إعلامه ، أو تلك التي تدور في فلكه ، في الهجوم على المقاومة متلطياً بالحرص الكاذب على أرواح المدنيين الفلسطينيين ، ومقللاً من قيمة انتصاراتها ،التي كشفت مؤخرة هذا النظام ومؤخرة معظم أطراف النظام العربي الرسمي ، ووصلت الأمور والانحطاط بإعلاميي كامب ديفيد أن يشتموا الشعب الفلسطيني في القطاع ، وأن يطالبوا الجيش المصري بالوقوف إلى جانب جيش العدو لتدمير المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
في ضوء ما تقدم يمكن قراءة المبادرة المصرية أو الإجابة على سؤال : هل عكست هذه المبادرة نتائج المواجهة ؟ وهل عكست مخرجات الحرب ، من زاوية الانتصارات غير المسبوقة لفصائل المقاومة ، بشهادة أوساط عديدة في الرأي العام الإسرائيلي ؟ على النحو التالي :
أولاً : المبادرة تساوي بين الكيان الصهيوني " قوة الاحتلال " وبين فصائل المقاومة حين تنص على وقف الاعتداءات الفلسطينية مقابل وقف الاعتداءات الإسرائيلية ، حيث تعتبر المقاومة شكلاً من أشكال العدوان وتصفها بكل وضوح وبدون خجل " بأنها أعمالاً عدائية " ، متجاهلة حقيقة هذا الكيان بوصفه كيان غاصب واستيطاني عدواني إجلائي ، وأن مقاومة الاحتلال عمل مشروع بموجب القانون الدولي وكفلته جميع الشرائع السماوية والأرضية .
انظر النص ( مادة 1 " أ " " ب") :
أ-تقوم إسرائيل بوقف جميع الأعمال العدائية ضد قطاع غزة براً وبجراً وجواً، مع التأكيد على عدم تنفيذ أى عمليات اجتياح برى لقطاع غزة أو استهداف المدنيين.
ب-تقوم كافة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بإيقاف جميع الأعمال العدائية (Hostilities) من قطاع غزة تجاه إسرائيل جواً، وبحراً، وبراً، وتحت الأرض ، مع التأكيد على إيقاف إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين.
ثانياً :المبادرة في ذات البند (1- أ) تستجيب للطلب الإسرائيلي بمنع تصنيع الصواريخ الفلسطينية التي يجري تصنيعها في ورش تحت الأرض ، ومنع حفر الأنفاق الخاصة بالمقاومة من خلال النص على عبارة " وقف الأعمال العدائية تحت الأرض ".
ثالثاً : المبادرة تتحدث في المادة (1 – ج ) بشكل عام " عن فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية ، في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض" ...
وهذا النص يعني أن فتح المعابر الخاصة بالقطاع ، أمر مشروط بوقف المقاومة (هذا من جهة ) ومن جهة أخرى فإن هذه المادة لا تذكر معبر رفح " بالاسم " وكأن المعبر خاضع للاحتلال الإسرائيلي ، شأنه شأن معبر المنطار ومعبر كفر أبوسالم وغيرهما ما يشي بالعودة لاتفاق المعابر سيء الذكر لعام 2006 ، لذي سبق وأن وقعه محمد دحلان مع الجانب الإسرائيلي ، الذي يمنح العدو الصهيوني صلاحيات كبيرة على المعبر ، رغم أنه يقع على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
رابعاً : المبادرة لا تنص على انسحاب قوات العدو الصهيوني من الشريط الفاصل بين القطاع ومناطق 1948 ، بمسافة معقولة تسمح للمزارعين الفلسطينيين بمزاولة عملهم بحرية في أراضيهم في الشريط الشرقي للقطاع ، ما يعني أنها تشكل خطوة للوراء عن اتفاق التهدئة لعام 2012 ، الذي نص في حينه "على عدم تهديد حرية الحركة والعمل في المناطق الحدودية " ، ما يعنى حرية الحركة والعمل للمزارعين الفلسطينيين ، في الشريط الشرقي للقطاع– الذي تم تجريفه بحدود نصف كيلو متر - حيث تم منع المزارعين الفلسطينيين في العمل في أراضيهم ودفع العديد منهم حياتهم ثمناً لإصرارهم على مزاولة الزراعة على أرضهم.
خامساً :لم تأت المبادرة على موضوع حرية الحركة للصيادين الفلسطينيين ، ما يعني تركه للمفاوضات اللاحقة ما يسهل مهمة العدو الصهيوني في تجاوز هذه المسالة ، كما حصل في اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2012 ، وفي الذاكرة كيف قبل العدو آنذاك حرية حركة الصيادين في البحر ، بمسافة ستة أميال بدلاً من 12 ميل ، لكنه في التطبيق لم يسمح سوى بأقل من خمسة أميال فقط.
سادساً :المبادرة تجاهلت تماماً إجراءات العدو الفاشية في الضفة الغربية إبان الحرب ، ممثلة بالاغتيالات والتصفيات الجسدية ، وبالاعتقالات التي طالت أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني ، وطالت أيضاً عدداً لا بأس به من الأسرى المحررين وفق صفقة شاليط ، ولم تطالب بالإفراج عنهم .
من خلال ما تقدم يمكن الجزم أن المبادرة المصرية ، تلبي المصالح والشروط الإسرائيلية وتضع العدو الصهيوني في وضعية المنتصر الذي يفرض شروطه ، ولا تلبي الشروط والمصالح الفلسطينية رغم أن الحقائق على الأرض ووقائع الميدان ، تستدعيان أن تكون شروط وبنود المبادرة ، لمصلحة قطاع غزة وفصائل المقاومة وبالتالي فإن المبادرة المصرية تسعى لتمكين العدو من تحقيق الأهداف التي عجز عن تحقيقها بالحرب.
واللافت للنظر أن المبادرة المصرية ، طبخت في المطبخ المشترك للمخابرات المصرية والإسرائيلية ، من وراء ظهر المقاومة ، بدليل أن مسئولي المخابرات الإسرائيلية ، طاروا إلى تل أبيب من أجل وضع حكومة العدو الصهيوني في صورتها ، ولإجراء ما يلزم من تعديلات تصب في مصلحة ( إسرائيل ) ، ولم يذهبوا إلى غزة للتشاور مع فصائل المقاومة بشأنها ، ولا نبالغ إذ نقول أن للأمريكان والصهاينة دور أساسي في صياغتها .
.لقد جاءت المبادرة المصرية لتنقذ ( إسرائيل ) من ورطتها وأزمتها ، ولتقدم خدمة مجانية لها ، بعد أن لجمت المقاومة قوة الردع الإسرائيلية ، وبعد أن ضربت العمق الإسرائيلي على نحو غير مسبوق مزعزعةً الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني ، وبعد أن فشلت حكومة العدو في تحقيق أهداف العدوان على قطاع غزة ، وفي اصطياد منصة صاروخية واحدة للمقاومة.
لقد أصابت فصائل المقاومة برفضها الصيغة الراهنة للمبادرة المصرية ، وبرفضها أن تفرض عليها فرضاً قبل التشاور معها ، وهي بهذا الرفض تثبت ولاءها لشعبها وتقديسها لدماء الشهداء ، لكنها ستكون أكثر صوابية حين ترفع الشعار الرئيسي " لا لوقف إطلاق النار قبل إلغاء الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة ، وبدون إطلاق سراح المعتقلين في الضفة منذ بدء العدوان على قطاع غزة ".
وأخيراً أعتقد بضرورة اشتراك أكثر من وسيط ضامن للمبادرة ، في حال تعديلها وفقاً للحقائق الفلسطينية ، وعلى أن يكون الوسطاء الآخرين الضامنين للمبادرة ، من خارج حلف قطر – تركيا ، لأن إشراكهما يسيء للمقاومة ولدماء الشهداء ، بحكم تحالفهما المعلن مع الكيان الصهيوني ، علماً أن القبول بمبادرة المخابرات المصرية في حال تعديلها تفرضه فقط الجغرافيا السياسية وليس أكثر.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات التشريعية بفرنسا.. ما مصير التحالف الرئاسي؟
![](https://i4.ytimg.com/vi/IV0OCMsycnw/default.jpg)
.. بسبب عنف العصابات في بلادهم.. الهايتيون في ميامي الأمريكية ف
![](https://i4.ytimg.com/vi/1BJ_We2hKNM/default.jpg)
.. إدمان المخدرات.. لماذا تنتشر هذه الظاهرة بين الشباب، وكيف ال
![](https://i4.ytimg.com/vi/LCf774ATTIY/default.jpg)
.. أسباب غير متوقعة لفقدان الذاكرة والخرف والشيخوخة| #برنامج_ال
![](https://i4.ytimg.com/vi/qtLYs0d2QGk/default.jpg)
.. لإنقاذه من -الورطة-.. أسرة بايدن تحمل مستشاري الرئيس مسؤولية
![](https://i4.ytimg.com/vi/KZr1e0fp6Vk/default.jpg)