الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليك أيتها البعيدة ...

عائشة مشيش

2014 / 7 / 18
الادب والفن


تقولين لي أحياناً : كُن عقلانياً ، لست أدري ، كيف أكون عقلانياً عندما يتعلق الأمر بكِ ؟! كيف تطالبينني بالعقلانية وحُبي لكِ لا يُقاس بمقاييس العقل والمنطق؟! وهل نطلبُ من الإعصار أنْ يكون نسيماً وهو الثائر الهائج ؟! وهل نطلب من النسيمِ أنْ يكون إعصاراً وهو العليل اللطيف الذي قابَ قوسين أو أدني من الموت؟! هل نستطيع فرضَ عقلانيتنا وإرادتنا على هذه العناصر الطبيعيّة ؟! لا ولن نستطيع ذلك ، إنَّكِ إذا راقبتِ تلك العناصر لن تطلبي مني ثانيةً أنْ أكون عقلانياً، ستدركين جيدًا أنَّ الذي يدفعُ الإعصار بأنْ يكون كذلك هو نفسُه الذي يدفعني إليكِ ، وأنَّ الدافع الذي يدفعُ النسيم بأنْ يكون كذلك هو نفسه الذي يدفعني إليكِ ، وإنْ استطعتِ تحويل هذه العناصر إلى شيءٍ آخر ها أنتِ استطعتِ تحويلي، حتى لو فرضنا جدلاً أنّك استطعتِ ، لن نرى لا أنا ولا أنتِ جمالاً ، بل سيتحوّل كلّ ذلك إلى بلاستيك بلا قلبٍ ينبضُ بالأحاسيس والمشاعر ويدفقُها في مجراها الطبيعيّ و إلى مُستقرها الذي تعشق .
قوةٌ عظيمةٌ تجذبني إليك بلا هوادة ، إنَّها قوةٌ غاشمةٌ مجنونة من كثرِ جنونها أحسُّها ليست مني ومني ، أنساقُ إليكِ تبعًا لإرادتها فأنا بلا إرادةٍ معكِ ، وإنْ كنتُ بإرادةٍ، فإنَّها تنحو نحوّكِ مؤلفةً قواعد نحوٍ وصرف تحددُ علاقتي بالأشياء والموجودات، مِلتي عدمُ الإيمان بشيء أبدًا إلّا شيءٌ واحد هو كلُّ الأشياء هو أنتِ، إنّي مؤمنٌ وملحد ، مُلحدٌ بكلِّ شيء ، مؤمنٌ بكِ لا أحد سواكِ، متصوفٌ ، متعبدٌ في كهفِ عينيك ، عينيك الجامعتين لشراسةِ عيون الذئاب ولطفِ عيون الغزلان، مشتاقٌ إلى روحك منذُ قبل البَدْء إذ لم تكنِ الكلمات، أيُّ قوةٍ لعينة فعلتْ فعلتها وفصلتْ روحينا في ذلك الزمان الخالي من الزمان ، في ذلك المكان الخالي من المكان ؟! أنا أعرفكِ منذُ زمنٍ لا أعرفه ، في مكانٍ لا أعرفه ، فهل تذكرتِني الآن كما تذكرتُك ؟! أسمعكِ تجيبين ب " نعم " ، واللقاء الأولُ كان ذلك التذكر ، كانَ الحبّ ، وإلّا لماذا عرفنا بعضنا سريعًا ؟! ما هذه القوة التي فكّت الحدود والقيود منذُ البداية عندما صارَ للبداية معنى ، وللزمان والمكان معنى ، وسرُّ عذابنا وعذاب كلِّ البشر في المعنى !!
يا أنتِ ، يا أنا ، هل تسمعينني ؟! عندما يأتي الليل أحتاجُكِ كثيرًا، وتزداد تلك الحاجة حدّ الجنون إذا ازداد صمتُ الليل إلّا من أصوات طبيعيّة خفيفة هامسة تعطي لذلك الصمت معنى وحلاوةً وزينة ، هناكَ مُنادٍ يصيحُ بصمت من أعماقي البعيدة جدًا مُنادياً لكِ ، مستنجداً بكِ ، صوتٌ عميق بعيد واضحٌ بعدمِ وضوحه، حقيقيٌّ بغموضه وعدمِ حقيقته، لا أقوى على كبحه ولا قمعه ، فلا تكبحوه ، فهو عنيدٌ جدًا ويزداد عناداً عندَ المحاولةِ لكبحه، غامضٌ حاولتُ التعرف عليه فلم أفلح، حاولتُ استدعاء وإغراء صاحبه ليأتي ولم يأتِ ، إنَّه يناديكِ ويستنجدُ بك بقوة ، أشعرُ أنَّه بورطة ، ويضعني بورطة بمنعي من التحقق منه ، ولا يكونُ بوسعي عندها فعل شيء ، فقط ترتعشُ شفتاي بلا إرادة مع جفاف في الحلق ولستُ بعطشان، وتتوه عيناي في عالمٍ لا يوجدُ فيه نقاط وغايات فتنحدر الدموع ، هل تسمعين ذلكَ الصوت حبيبتي ؟! ... ........
منه إلي......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش