الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخوان المسلمون والعدوان على غزة: عود على بدء

محمد بهلول

2014 / 7 / 18
القضية الفلسطينية


في وضع بالغ الدقة على المستوى الإقليمي حيث الصراع على النفوذ و الجيو سياسة على أشده في المنطقة ، لم تجد اسرائيل غير النافذة الاردنية لتحاول من خلالها إظهار وجودها و تأثيرها في هذا الصراع ، حينما قدّمت نفسها على انها المنقذ للخاصرة الاردنية الرخوة في مواجهة داعش، بعد فشلها الذريع في لعب آي دور حقيقي في الازمة السورية. بل على العكس اثرت سلبا على واقع المعارضة السورية و تراجع الحاضنة الشعبية عنها ، و قبلها في إطار الاستعراضات البهلوانية في الملف النووي الإيراني . جاء فقدان المستوطنين الثلاثة ليعيد إظهار القدرة الحقيقية الامنية لإسرائيل و عجزها ليس فقط عن تقديم اي دور إقليمي بل عن حماية مواطنيها وجبهتها الداخلية و الذي أعاد الى الواجهة في أوساط الرأي العام الاسرائيلي السؤال الوجودي اما امام القوى الدولية فالسؤال المطروح في الغرف المغلقة للاستراتيجيين هو دور اسرائيل في المنطقة و تأثيرها الايجابي و السلبي في شبكة المصالح الاستراتيجية للقوى الدولية الغربية و اساساً الولايات المتحدة الامريكية .
اسرائيل المربكة امام الاختطاف اختارت الرد المحدود لأسباب لها علاقة بالقدرة الذاتية و لضغط الحلفاء الدوليين و الإقليميين من عدم حرف الوجهة الاعلامية و اتجاه الصراع و تأثيراته من العراق و سوريا الى صراع فلسطيني -عربي-إسرائيلي و ما يحمله من تداعيات و تأثيرات على الرأي العام العربي و الاسلامي امام تناقض الخطاب الاعلامي و الجهادي ل (دول و قوى مؤثرة) و حقيقة أهدافها و ممارساتها الواقعية على الارض. لذلك تحايلت اسرائيل على رغم معرفتها المسبقة بمقتل المستوطنين ( كما أكدت التسريبات الاعلامية الإسرائيلية ) و اتجهت الى ممارسة ابشع انواع التنكيل و الاعتقالات في عموم الضفة الغربية متجاهلة العنوان الأساسي لحركة حماس اي قطاع غزة و التي اتهمتها اسرائيل صراحة بمسؤوليتها عن عملية الاختطاف .
حماس مارست اللعبة بذكاء متميز و قدرة فائقة على المناورة ، الهجوم الاسرائيلي على الضفة و الردود الموضعية الصاروخية من قبل فصائل المقاومة ، تملصت منها حماس و أعطت الإشارات شبه الواضحة عن عدم رغبتها بالتصعيد و هي لعبة وقع في شركها الإسرائيليون و الذين حاولوا التغطية على جريمة المستوطنين بحرق الشهيد محمد ابو خضير بتصعيد بالنقاط ، واجهته حماس برفع درجات التصعيد من خلال دخولها المباشر و إطلاقها عشرات الصواريخ باتجاهات مختلفة طاولت رقعة جغرافية واسعة من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، اسرائيل أرادت تصعيداً بالنقاط وردوداً موضعية على اختطاف المستوطنين و قتلهم و للتغطية على هبة جماهرية واعدة في الضفة و القدس و مناطق 1948، اثر جريمة حرق الشاب محمد ابو خضير و لقطع الطريق عن حملة إعلامية و شعبية منظمة لفضح عدوانية و وحشية المستوطنين المتطرفين الذين بدأوا بالتحول واقعياً الى تنظيم إرهابي يهودي يشبه الى حد كبير (داعش) ، في حين ان حماس برويتها و هدوئها و صبرها المديد استدرجت اسرائيل الى ملعب التصعيد و العدوان على قطاع غزة .
يمكننا هنا رصد سلة متكاملة من الأهداف التى تسعى حركة حماس من الوصول اليها جراء التصعيد و العدوان ، في حين لا يمكننا الا رصد سلبيات هذا العدوان على إسرائيل .
اسرائيل تخوض هذا العدوان في ظل اكتشاف و اعتراف العالم ولاسيما الدول الغربية التعنت الاسرائيلي في عملية التفاوض و السلام، في حين ان المفاوض الفلسطيني يقدم كل التسهيلات الممكنة و يتوافق مع الأشتراطات الدولية، و ما الفتور في العلاقات الاميركية- الإسرائيلية و الذي بات واضحاً للعيان الا مظهراً من مظاهر عدم الرضى الغربي عن السياسة الإسرائيلية المتطرفة و الغير واقعية، خصوصاً ان هذا العدوان يأتي في وقت تحشر فيه القوى الغربية و الدول العربية و الاسلامية السائرة في هذا الفلك امام غول التطرف الذي استولدته و رعته و استخدمته و بدأ ينتفض عن دور الاستخدام الى دور المقرر .
هذا الواقع يفقد العدوان الاسرائيلي التغطية الدولية و الإقليمية ، و هو ما يتبدى و للمرة الاولى بسلسلة من المواقف المتوازنة سواء من قبل الامم المتحدة و المنظمات الدولية و حتى بعض الدول الغربية . كما ان الاعتراف بالفشل الاستخباري الاسرائيلي و مفاجئة المؤسسة العسكرية و الامنية بالقدرات الصاروخية المتنامية لفصائل المقاومة الفلسطينية و دخول ما يزيد عن نصف سكان اسرائيل ( حتى الان) في دائرة الاستهداف، يجعل من العدوان غير شعبي على المستوى الاسرائيلي لاسيما ان أهدافه غير واضحة و ما التصريحات المتناقضة للقيادات السياسية و العسكرية ما بين سحق المقاومة و صفر صواريخ، الى الاكتفاء بتهدئة مقابل تهدئة و التى تذكرنا بتصريحات نتنياهو العنترية حول قدرة اسرائيل على ضرب المفاعل النووي الإيراني و التي أوصلت اسرائيل الى مجرد مراقب عن بعد في المفاوضات الدائرة حاليا، الا إشارات واضحة عن مدى التخبط و الإرباك التى تعيشه القيادة الإسرائيلية و بالتالي عدم تخطيطها للعدوان الحالي و استدراجها اليه .
حماس من جهتها ، تستعيد موقعها المقاوم و المقرر على الساحة الفلسطينية بعد ان تراجع هذا الدور طيلة الفترة الماضية بسبب التبدلات الإقليمية ، و لعل الأساس اليوم ، هو اعادة تقديم الاخوان المسلمين الذين تعرضوا للتنكيل و الإقصاء - تحديداً في مصر-كتيار إسلامي معتدل و مقاوم في مواجهة الاسلام المتطرف الذي ظهر طيلة السنوات الثلاثة الماضية في موقع الاستخدام للدول الغربية و تحديداً اميركا و حلفائها الإقليميين .
ان مراجعة صامتة- أجرتها حماس و معها التنظيم الدولي للإخوان المسلمون ما من شك انها قد حصلت ، فالإسلام السياسي ليس حكراً على المتطرفين ، الولايات المتحدة التى استمالت الاخوان في زمن الربيع العربي و عادت و تخلت عنهم لصالح الحلفاء التقليديين ، يوجهون اليوم ضربة قاصمة للأمريكيين في وقت هم أحوج ما يكون الى اللعب على وتر الصراع السني-الشيعي .
حماس التى تخلت عن محور المقاومة على وقع أوهام الربيع العربي و التفاهم ما بين الاخوان و الولايات المتحدة تعود اليوم بقوة الى موقعها في إطار الحلف المقاوم لتوجيه صفقة قاسية لكل الطامحين على التبدل الجيو-سياسي على وقع الصراع السني –الشيعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا