الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكذوبة الحروب الدينية

احمد عبدول

2014 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


اعتادت المجتمعات البشرية منذ بواكيرها الاولى ,ان تضفي على مجمل نزاعاتها وخصوماتها وحروبها مسحة دينية صرفة سواء كان مصدر ديانة تلك المجتمعات مصدر سماوي ام مصدر ارضي (وضعي ). ولاشك ان هكذا نزوع يعد امرا مبررا لاسيما لدى تجار الحروب ومشعلي الفتن من القادة والزعماء السياسين , إذ ان هؤلاء لا يستطيعون ان يحشدوا الجماهير بشكل يضمن لهم النصر في غزواتهم وفتوحاتهم الا بعد ان يتم ربط تعاليمهم وتوجهاتهم بمصدر الهي خارجي مقدس يقف وراء تلك الحروب والغزوات مما يدفع الجماهير ان تنساق كالفراش المبثوث لنيل النصر الرباني أو الشهادة المطرزة بشتى المطامع والملذات الأبدية.
القادة والرؤساء والكبراء على امتداد التاريخ لا ينفكون عن تصوير معاركهم التوسعية على انها معارك بالنيابة عن الدين وهم لم ولن يتوقفوا عن هكذا فعل ما دام هذا الأمر يوفر لهم فرص مؤاتية للبقاء والتوسع في السلطة والقوة والنفوذ . لا يوجد في قاموس الحروب البشرية جمعاء باستثناء بعض حروب الأنبياء التي فرضت عليهم فرضا , ما يسمى بالحروب الدينية , فقد جاءت معظم الأديان بذات القيم والتعاليم والأخلاقيات ومن هنا فهي لا تتقاتل ولا تتنافر ولا تختلف فيما بينها, الا في بعض ما يتعلق بالجوانب التفصيلية بخصوص بعض الأحكام والنصوص الفقهية التي تتباين من ديانة الى اخرى وفقا لظروف ومستجدات وحوادث طارئة . الأديان واحدة في ثوابتها ومتبنياتها لذلك فهي لا تتقاتل , الذي يتقاتل هو البرامج والإطماع والمصالح والمغانم السياسية التي تغلف بغلاف الأديان وتطلى بطلاء الشرائع السماوية , فالحروب الصليبية على سبيل المثال لم تقم على أسس دينية كما يروج له بل قامت على أسس سياسيه اقتصاديه توسعية . حروب ما يسمى بحروب الردة في التاريخ الإسلامي والتي اندلعت بعد وفاة الرسول بفترة وجيزة لم تكن حروبا دينية كما يصور لنا ذلك المؤرخون ,بل هي حروب قامت على أساس اختلاف الرؤى والتوجهات , كذلك هي حروب الجمل وصفين والنهروان , والتي قامت على خلفية أطماع ومآرب نفعية ضيقة إضافة الى جملة من القراءات المغلوطة لبعض النصوص والمواقف لإطراف وقوى إسلامية متطرفة ,لذا كنا نجد الإمام علي ابن أبي طالب بعد كل معركة يصلي على قتلى الطرفين وهو لا يمر بقتيل إلا ويردد قوله ( زعم من زعم انه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء هذا العابد المجتهد ......... )(الطبري حوادث عام 36 ).
يروى ان أبا سلامة الدالاني سأل الإمام عن أصحاب الجمل قائلا (فما حالنا وحالهم ان ابتلينا غدا ) فرد قائلا (إني لأرجو ان لا يقتل احد نقى قلبه لله منا ومنهم إلا ادخله الله الجنة )(الطبري الجزء السادس حوادث عام 36 ) كذلك فقد كان الإمام علي ينصح أنصاره بالمواظبة على الدعاء لحقن دماء الطرفين بقوله (اللهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وذات بينهم وأهدهم من ضلالتهم )(نهج البلاغة الجزء الثاني ص 185 ) .
الأديان لا تتقاتل والمذاهب لا تتنازع لكن الذي يتقاتل ويتنازع هو الطموح السياسي الذي يؤسس لامتلاك سلة المغانم الدنيوية والزمنية .الأديان لا تتقاتل شانها في ذلك شأن القيم والمبادئ والأخلاقيات والتي هي أساس الحضارات التي أراد لها (صموئيل هنتغون ) في كتابه (صراع الحضارات ) ان تتقاتل وتتنافر وهو ما لا سبيل الى إثباته بحال من الأحوال , فالحضارات الإنسانية يكمل بعضها بعضا كما هو حال الأديان السماوية التي يأتي بعضها لبعضا مكملا ورديفا وخاتما .

لا نزال نتذكر ان عددا من خطباء المساجد كانوا بعد عام 2003 قد روجوا لرواية مفادها ان الإمام المهدي قد حث الرئيس الاميريكي بوش الأبن على الإطاحة بصدام حسين في الوقت الذي حرص فيه بوش الأبن على تصوير دوافع تلك الحرب بالدوافع الدينية والانجيلية , علما إنها لم تكن سوى مشروع جديد لإحكام السيطرة على منابع النفط في منطقة الخليج العربي .
هكذا هو حال قادة ورموز ووعاظ معظم الأمم والشعوب لا تستقيم أحوالهم ولا تفلح تجارتهم الا عن طريق ربط مخططاتهم وبرامجهم النفعية والسياسية بمصدر سماوي مقدس .
ان ما نشهده منذ التاسع من نيسان من صراعات وحروب واقتتال وفتن يحب ان يوصفها البعض بالحرب الطائفية بين السنة والشيعة هي ليست كذلك بكل تأكيد بل هي صراعات وفتن وخطوب ترتبط بأجندات سياسية محلية وإقليمة تريد العودة للعراق الى مربع القمع والديكتاتورية وحكومة الفرد الواحد .
ان ما يروج له منذ سنوات على اننا نشهد حربا دينية طائفية بين السنة والشيعة ما هو الا محض افتراء ,إنما الصواب اننا نشهد حربا تقودها كتل وأحزاب سياسية قد تضررت من المشروع السياسي الديمقراطي داخل العراق لذلك راحت تروج لهكذا تسميات ممجوجة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أين موضع داعش الوهابية وخليفتها البغدادي
نايـــــــــــــــــــــــا ( 2014 / 7 / 20 - 01:12 )

وماذا عن داعش الوهابية، التي أعلنت إنشاء دولة الخلافة الإسلامية لإقامة شرع الله في العراق والشام وتعمل على إرهاب وتهجير مسلمي ومسيحيي المنطقة الذين لا يقبلون بحدّها المتوحش ؟
هل كل المغرر بهم الذين يحاربون في صفوفها لهم مطامع ويبحثون عن مناصب ومكاسب سياسية ؟


2 - اخي وعزيزي
احمد عبدول ( 2014 / 7 / 20 - 14:05 )
اخي العزيز بعد السلام والتحية .
تنظيم مايعرف بداعش ما هو الاتنظيم ارهابي مسلح وهو لا شك ذراع عسكري وسياسي تتحكم به قوى اقليمية محورية في المنطقة تريد من خلاله تعادل القوى في المنطقة ,حيث ينطبق على ذلك التنظيم ا مااشرنا اليه من ربط المشروع السياسي بالتعاليم السماوية (الكتاب والسنة) لكي يسهل انقياد الجماهير تحت رايتها التي تبشر بالويل والثبور ومن هنا فان مواجهة مثل ذلك التنظيم ضرورة قصوى وملحة نعم كل المنضوين تحت راية داعش هم مغرر بهم من قبل شيوخ السوء ووعاظ السلاطين وهم بعد ذلك تبع لاصحاب المصالح والمشاريع السياسية التوسعية . .

اخر الافلام

.. إسرائيل توسع عمليات هدم منازل الفلسطينيين غير المرخصة في الق


.. عقب انتحار طالبة في المغرب مخاوف من تحول الأمر إلى ظاهرة بين




.. #فائق_الشيخ_علي: #صدام_حسين مجرم وسفاح ولكنه أشرف منهم كلهم.


.. نتنياهو يتوعد بضرب -الأعداء- وتحقيق النصر الشامل.. ويحشد على




.. في ظل دعوات دولية لإصلاح السلطة الفلسطينية.. أوروبا تربط مسا