الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 12 – 12 )

كور متيوك انيار

2014 / 7 / 20
السياسة والعلاقات الدولية



في حال استثنينا تصريحات وزير الداخلية و الخارجية التي سبق واشرنا عليه و الصادرة في الربع الثاني من شهر ابريل 2014م ، فسنجد غرابة في تصريحات نائب وزير الخارجية الذي نفى عدم استشارتهم في التمديد لبعثة الامم المتحدة و التفويض الجديد الممنوح لها ، فالناطق الرسمي باسم الوزارة رحب وكذلك الحكومة كما نقلته سودان تريبيون بالاضافة الى السفير دكتور فرانسيس دينق الذي كان حاضراً في جلسة مجلس الامن الدولي ، فهل يعقل إن يكون حاضراً للجلسة بينما لم يتم استشارة الحكومة في ذلك ، لابد إن هناك غياباً في التنسيق بين الاطراف الثلاثة بوزارة الخارجية ، وعدم التنسيق في اروقة وزارة الخارجية يعود بنا الى التخبط في ادارة العلاقات الخارجية مثل الامتناع عن التصويت لمشروع قرار غير ملزم و الذي صوت عليها 173 دولة من 193 دولة يدعم تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين وذلك كما نقلته وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية في يوم 12 ديسمبر 2013م ، لكن في 29 نوفمبر 2012م صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة في جلستها رقم 67 باغلبية ساحقة لقرار منح فلسطين صفة دولة مراقبة ولقد صوت جنوب السودان لصالح القرار ، وبعد جدل وغضب من اصدقاء جنوب السودان امريكا واسرائيل تم استدعاء كل من دكتور فرانسيس دينق ودكتور فرنسيس نزاريو نائب رئيس البعثة و الذي قدم استقالته مؤخراً ، ويعتقد إن السبب الذي جعل دكتور فرانسيس يصوت لصالح القرار هو عدم مقدرته على التواصل مع وزير الخارجية في اللحظات الاخيرة و رئيس البعثة دكتور فرانسيس دينق ؛ في حديث لي في وقت سابق مع مسؤول كبير وسفير سابق ، سالته حول ملابسات التصويت لفلسطين اكد إن التوجيهات الى البعثة هو الامتناع عن التصويت لصالح دولة فلسطين إلا إن دكتور فرانسيس نزاريو خالف تلك التوجيهات ، لو لا التخبط فكان ينبغي أن نصوت لصالح قرار دعم اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها قضية انسانية و الامتناع عن التصويت لصالح دولة فلسطين لكن العكس هو ما يحصل .
العلاقات الجنوبية الامريكية لها ما يفوق العقدين من الزمان إلا إن الجانب العاطفي والمفاهيم السطحية ما زالت تسيطر على العديد من المسؤولين و المواطنين ، فالاعتقاد السائد هي إن الولايات المتحدة دافعت عن استقلال جنوب السودان حباً في الشعب الجنوبي و إحساساً بالمعاناة و التشرد ، لذلك اثناء ازمة فانطاو قال احد الدبلوماسيين الغربيين إن المسؤولين في الحكومة تفاجأوا بحجم الضغوطات الدبلوماسية للانسحاب من فانطاو ، واثناء الحرب الحالية صرح مسؤولين حكوميين إنهم لا يعرفون لماذا لا يقبل العالم بالرواية التفسيرية لحقيقة ما حدث في البلاد ، لذلك المرء لا يتفاجأة إن السياسة الخارجية يحكمها ( الزعل ) وليس خطط مدروسة ومحكمة ، فعندما يزعل الحكومة من موقف دولة ما او تصريح ما ، يتم ترك تلك الدولة و البحث عن اخر بديل عنه وهكذا دواليك ، جنوب السودان بعيداً من العواطف الجياشة والدموع المنهمرة ففيها تجتمع الكثير من المصالح الامريكية منها الاستراتيجية طويلة المدى ، فتطوير مؤسسات الدولة وإنشاء البنى التحتية الضرورية مثل المدارس و المستشفيات وغيرها من الخدمات الاساسية يضع واشنطن لها اهمية وذلك لمساعدة الدولة و الشعب في النهوض و التطور ، عبر مؤسسات الدولة الامريكية الحكومية و الشعبية تسعى امريكا لتوسيع مجالات اهتمامها ومساهماتها في جنوب السودان وذلك للتنويع في مصادر الدخل .
البعد الامني حاضر في العقلية الامريكية التي اعادت رسم السياسة الخارجية في افريقيا وخاصة في منطقة القرن الافريقي و شرق افريقيا ، ففي 16 يوليو 2013م إلتقى الجنرال ديفيد رودريغيز قائد القيادة الامريكية في افريقيا ( USAFRICOM ) برفقة بعض المسؤولين الامريكيين بالرئيس كير في جوبا ويعتبر القيادة الامريكية في افريقيا المسئولة عن العلاقات العسكرية مع كل دول القارة الافريقية ومقرها في المانيا وتهدف الى زيادة التعاون الامني والشراكة مع دول القارة ولقد تم إنشاءها بهدف محاربة الارهاب و حماية المصالح الامريكية في المنطقة بعد تزايد الاعتماد الامريكي على مصادر الطاقة الافريقية ، الجيش الامريكي يقوم بتمويل جزء كبير من ميزانية الجيش الشعبي وذلك للمساعدة في تحويل الجيش الى جيش محترف وقومي لكن تلك المساعدات تم ايقافها عقب الحرب التي تشهدها البلاد ، امريكا تبدي إهتماماً لا يخفى على احد ، في الاستثمار بقطاع النفط ففي 3 يونيو 2013م نقلت وكالة رويترز للانباء عن هنري أودوار رئيس لجنة الطاقة والتعدين في البرلمان إن شركة توتال التفطية الفرنسية ستدخل في شراكة مع اكسون موبيل الامريكية و الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية للتنقيب عن النفط في ولاية جونقلي . و في 8 يونيو 2013م نقلت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في العدد 12611 نقلاً عن صحيفة المصير إن السفيرة سوزان بيج قالت " أنها تتوقع أن تبرم بلادها مع دولة جنوب السودان صفقات تسمح لشركات أميركية وصفتها بالكبيرة للعمل في مجال النفط والتنقيب في الدولة الجديدة " .
في 4 اكتوبر 2013م نشرت سودان تريبيون إن واشنطن تدرس دخول الصناعة النفطية في جنوب السودان .
وزير الخارجية في مؤتمراته الصحفية التي عقدها في كل من لندن ، فبراير 2014م ولقاءه بقناة روسيا اليوم في روسيا ، اواخر شهر مايو ، و بروكسل اثناء حضوره القمة الافريقية الاوروبية 2 ابريل ، ظل يركز على جانب إن جنوب السودان دولة وليدة ولم يقف على ذلك فقط بل ظل يذكر الحضور بالحروب في جنوب افريقيا ، الصومال ، السودان ، سوريا ، افريقيا الوسطى .... الخ وهذا واقع لا يمكن الهروب منه ، لكن ايعني ذلك إن جنوب السودان لابد له إن يخوض حرباً دموياً لكي تنهض على خطى من سبقوه ، لابد إن شعب جنوب السودان لم يكن في مخيلته ذلك ، بل كان يتوقع من الحركة الشعبية الافضل و إن يكون البلاد ، نموزج يحتذى به بدلاً من مسايرة التاريخ ، ومن الغريب إن البعض مازال يعيش تحت تخدير نشوة التصادم الايدلوجي بين الراسمالية و الاشتراكية ، نشوة الحرب بين روسيا و امريكا ، اعتقد إن وزارة الخارجية اختارت الخطاب الخاطئ لتجيير وجه الحكومة بالخارج .
من خلال السرد الطويل لمنحنيات العلاقة مع واشنطن نجد إن الاخيرة لم تقف لحظة دون إن تمد يديها للمساعدة ، لكن الحكومة لا تريد ذلك فهي تريد إن يستمر المساعدات المالية و الاقتصادية دون إن تقوم بدورها المناط بها ، كذلك إن الحديث المتكرر عن وليدية الدولة وحاجتها للمساعدة يتنافى تماماً و الحديث عن استقلالية الدولة و السيادة ؛ من الغريب جداً إن يحضر وزير الخارجية مؤتمراً للمانحين لدعم جنوب السودان في اوسلو بينما يغادر في اليوم التالي من انتهاء المؤتمر الى روسيا ويهاجم نفس الدول التي تبرعت بما يفوق النصف مليار دولار بالقول إنها تريد مكافاة وتريد موارد جنوب السودان ، إما إن يكون الزيارة الى روسيا لم تكن مجدولة في جدول اعمال الوزير وقرر فجاة اثناء وجوده في اوسلو إنه يجب زيارة روسيا وفعل ، او إن الزيارة مجدولة وتم الاتفاق عليه مسبقاً ودراسته وهنا يكون الطامة الكبرى ؟ .
في الختام لا يسعنا إلا إن نلفت عناية صانعي القرار وراسمي السياسة الخارجية إن جنوب السودان ليس بمقدوره تحمل تبعات الترحل من امريكا الى روسيا لان هذا سيكون نتائجها وخيمة وهي عسكرة البلاد باسلحة امريكية وروسية كما يحدث في سوريا ، في حال شعرت امريكا إن مصالحها وتاثيرها تقل ، وكذلك الامر بالنسبة لروسيا ، مع ذلك من المهم إن يضع الخارجية إطار يحدد كيف تريد إن تكون شكل العلاقة مع روسيا دون إن تكون بديلاً للولايات المتحدة ، على الخارجية إن تدرس ملف العلاقات الجنوبية الامريكية بعناية ، و الاخذ في عين الاعتبار المصالح الامريكية في جنوب السودان الامنية و الاقتصادية و السياسية وكذلك الاستراتيجية ووضع رؤية الحكومة لتلك المصالح وكيف يمكن للحكومة إن تحقق مصالح البلاد من خلال تحقيق واشنطن لمصالحها .
إن التقارب مع روسيا و دخول العلاقة مع واشنطن في حالة ركود سيكون تكلفته باهظة على الامن القومي الجنوبي ووحدة اراضيه ، فعندما ينتهي حرب الحكومة مع التمرد سيجد إن الحكومة السودانية تنتظرها في قضايا الحدود و المناطق المتنازعة عليها و المدعاة ومناطق ابيي وفانطاو و العديد من المناطق محل الخلاف بالاضافة الى قضية الديون التي تثيرها الحكومة السودانية من حين لاخر وكذلك تصدير النفط وليس هناك دولة يمكن إن يساعد جنوب السودان في هذا خلاف الولايات المتحدة من خلال لعبها الدور الدبلوماسي او خلق نوع من توازن القوى يمنع السودان من التفكير في الخيارات العسكرية كما سبق وطالب بها السفير ناتسيوس دون ذلك فمن المحتمل إن يحتل السودان مناطق اخرى من البلاد في المستقبل القريب ، في حال شعرت إن الولايات المتحدة لن تتحرك ضدها .
يجب إن يبتعد الحكومة عن محاولة حشر نفسها في الصراع الدولي ، فالحركة الشعبية التي فشلت في شرح مشروع السودان الجديد الى نفسها ، لا تملك الاهلية الاخلاقية و الفكرية التي تجعلها تتحدث عن الصراع بين روسيا وامريكا .

ودمتم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30