الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا .. الجهاد كفائي ؟

ياسين الياسين

2014 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لاشك أن مرجعية السيد علي السيستاني لم تك مرجعية من فراغ ، ولو لم تكتمل عندها وفيها كل شرائط المرجع لما إنبسطت لها الوسادة مؤيدة برعاية ونصر من الله ، ولم تفلح إرادة الشيطان ومردته في الوقوف بوجهها ومحاولة ثنيها أوعلى الأقل محاولة ثلم وتكسير هيبتها والتقليل من شأنها ومن أهمّية وشأنية قراراتها ، وبأعتداد من لدن السيد حفظه الله ورعاه بشخصيته وثبات منهجه وسداد رأيه في التصدي لكل محاولات الشيطان بالصبر والجلد على الشدائد والمصائب والمحن التي تمر بها الأمة وشأنه لايقل أهمية عن شأن الأولياء وأولي الأمر من عباد الله الصالحين الذين كانوا خير راع لرعيتهم على تعاقب الأزمنة والدهور ، وهذا ليس غريباً على شخص السيد علي الحسيني السيستاني فهو ولاشك سليل الدوحة المحمدية وحامل راية آل بيت رسول الله في الوقوف بوجه الظلم والظالمين ، وكان سماحته وبحق حبر الأمة العلاّمة ومرجعها وفاهمها الفهّامة ، وكان خير خليفة لأمام العصر في زمن الغيبة بسبب ما لأعتداد الرجل بالمنظومة الخلقية النبوية والعترة الطيبة الطاهرة من آل بيت النبي الأطهار ، ومن ملامح هذا الأعتداد غض نظره تماماً عن موضوعة المنظمة العالمية التي مابرحت أن أعلنت أنها أعدت في العام الذي أعقب سقوط النظام تخصيص جائزة نوبل للسلام إلى سماحة المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني لدوره الرائع والرائد في منع وقوع مذابح أهلية قد يكون لها أول ولن يكون هناك لها آخر ، ونحن نعرف أن هناك سياسيون وزعماء وقادة وعلماء يتهافتون ويحلمون باللحظة التي سيكون لهم فيها الشرف بالحصول على هذه الجائزة ولكنها كانت عند أبعاد السيد حفظه الله ترف دنيا لاتتهافت إليها نفسه فزهد بها كما هو زاهد بغيرها ، ولذلك وجدناه في زمن تأسيس الأدارة المدنية الأولى برئاسة الأميركي (ل. بول بريمر) ورغم إدارته للدولة العراقية ولمدة عام كامل وبصفته المسؤول الأول لها وإصداره قانون إدارة الدولة الجديد إلاّ أن السيد علي السيستاني رفض وبشكل قاطع كل محاولات رئيس السلطة المدنية إيّاه بلقائه شخصياً وذلك لأعتبارات عليا جداً في المنظومة القيمية والأخلاقية التي يتعامل بها مع الأجنبي كمحتل لأرض المسلمين وليس بصفته ضيفاً أوطالباً لعلم في مسألة من المسائل الشرعية أوالأصولية ، ووجدناه إكتفى بقتال العراقيين الشيعة على وجه الخصوص بعد إنكفاء أبناء المكوّن السني عن قتال الأميركان ، ودفاع الشيعة المستميت عن حياض الوطن وكانت الناصرية والفاو وأم قصر عصيّة على المحتل حتى إعترف بذاته بعظم المهمة والصعوبة البالغة عند محاولة إقتحامه تلك المدن ، ووجدنا السيد السيستاني حفظه الله إكتفى بدفاع الناس عن مدنهم وأرضهم ولم يصدر فتوى جهادية بقتال الأميركان ، وهو يدرك تماماً وببصيرة المرجع والراعي أهمّية الصمت أزاء قتال العراقيين للأميركان الذي يوحي بالرضى عنه ، وبذات الوقت أهمّية صمته عن إصدار فتوى جهادية تجاههم ، وذلك لأعطاء المحتل فرصته ليكون على المحك أمام حججه ودعواه من أنه جاء لمساعدة الشعب العراقي وتحريره من جور الطاغية المقبور وظلمه الذي حاق بأبناء المكوّن العراقي الأكبر خاصة ، وليترك الباب والخيار أمامه مفتوحاً وعلى كل الأحتمالات فيما لو أنه صدق أولم يصدق ، وقد تغابى الأميركان جداً حينما أعلنوا في الأمم المتحدة عن أنّهم إحتلّوا العراق وليسوا محرّرين له وحسب ، وهنا إنقلبت الموازين ومال ميزان القوى بأتجاه كفّة أخرى ليس بصالح المحتل ، فكان العداد والأعتداد على أشدّه لمقاتلتهم ، وبدأ ذلك بصمت أيضاً حين تمت مسايرة المحتل إلى آخر سيناريوهاته ومحاولة النزوع لمعرفة رغباته الحقيقية وأجنداته على الأرض حتى وجدناه يرضخ أخيراً ويركع رغماً عنه منصاعاً لأرادة الأمة وإجماعها ويسلّم بالخروج من أرض الرافدين خاصة بعد إشتداد ضربات المقاومة الشيعية الجادة والحقيقية وليس تلك التي لبست لباس المقاومة الشيعية من المكوّن الآخر وبدأت تعين المحتل وتتعامل معه بخسّة ونذالة عن طريق زرع العبوات الناسفة للسيارات المدنية في المدن وتفجير المفخخات في الأسواق العراقية الشعبية وتجمعات المواطنين في الساحات العامة بغية إحداث رعب وإيهام الآخرين بأن عملية إخراج الأميركان خطأ كبيراً ، وقد زادوا من تلك العمليات القذرة إبان فترة خروج الأميركان لغرض عرقلة إنسحابهم وبقائهم فترة أطول ، ومن المعروف للجميع أن بقاء المحتل لابد سيكون لمنفعة القاعدة والسلفيين التكفيريين وأذنابهم من حواضنهم ومناصريهم من المكوّن الآخر لأنه يخدم قذارة أجنداتهم ، والتأريخ خير شاهد على عمالتهم له وللصهيونية العالمية التي تربطهم معها أوثق الروابط والصلات والمواثيق والتنسيق العملياتي وهذا بدأ واضحاً للجميع ولم يبدو مستوراً ومخفياً بعد ، وبعد خروج المحتل بدأ سير العملية السياسية كما أرادته لذلك إرادات الناس المتمثلة بالكتل السياسية التي إبتلانا الله بها ، وكانت أسوأ من مثل أبناء الشعب العراقي في هذه المرحلة الحرجة من التأريخ ، ولم تكن تلك الكتل بالمستوى النزيه والشريف الذي مثل بصدق إرادة ناخبه العراقي بل كانوا أسوأ من وضع الناس ثقتهم بهم ، ومع كل هذه الأرهاصات وماتبعها من نكوص سياسي وجدنا السيد علي السيستاني يتعامل مع الأحداث بدقة وترقب وسعة أفق كبيرة لم تكن عند غيره ، وكان مكتبه والناطق بأسمه يصرّح بأستمرار جهرة وعلانية من أن المرجعية تقف على مسافة واحدة من كل القوائم والكتل السياسية ويذكي في ذات الوقت بذاكرة المواطن أن ينتخب الأصلح منهم جميعاً ، وتداخلت في الأمر عدة أمور منها سوء إختيار المواطن وتأثيرات السلطة المادية عليه فضلاً عن عمليات شراء ذمم ضعاف النفوس منهم بسبب الحرمان والفقر والفاقة فسال لعاب الكثير منهم لوعود كاذبة أطلقها المنتفعين من السياسيين ، والأمر الآخر تمثل في ضعف الشخصيات السياسية الشيعية التي تخللت المشهد السياسي وكانت بعيدة في طبيعتها عن كل خبرة وحنكة وملكة قدرة في ميدان ليس لهم به باع ، فكانوا عبئاً ثقيلاً على الأمة وعلى الشيعة خصوصاً ، وبسبب أولائك تم إختراق السجون وإطلاق سراح القتلة والأرهابيين ، وبسببهم مرّرت أكبر عمليات إرتشاء المسؤولين وأكبر صفقات الفساد المالي ، وبسببهم تم إختراق كل الحواجز الأمنية ووصول المفخخات إلى أماكن كان يفترض بها أن تكون آمنة للمدنيين ، وبتقصير كبير حتى من مستشاري رئيس الحكومة الذين بلغت أعدادهم حداً يفوق أعداد مستشاري كل رؤساء العالم ، ومع هذا وجدناهم نائمين لايعرفون بما يجري تحتاً منهم من تخطيط وتآمر ولم يفيدوا من تكلّفوا بتقديم إستشاراتهم له بشيء على الأطلاق حتى تم بيع العراق في أجزائه الشمالية إلى أعداء العراق والأمة الأسلامية من أرباب داعش وأذنابهم من قذارات العملية السياسية المتمثلة بممثليهم في أسوأ برلمان عرفه التأريخ على صفحاته التي سجلها باللون الأسود المضمّخ بدماء الأبرياء ، وهنا فقط جاءت الفتوى العظيمة للسيد علي السيستاني بجعلها كفائية وليست عينية بعين محدقة مبصرة بصدق ووعي كبير لجم الأخطار المحدقة بالأمة من خلال تفرّس ودراسة ودراية ووعي وتمحيص ليس عادياً ، ووجدناه حفظه الله قد وضع نصب عينيه أموراً عدة ، ومن هذه الأمور أن البصرة فيها أكثر من شركة أمنية يعمل فيها أعداد غير قليلة من الأجانب جلّهم من دول مختلفة وآخرين وأولائك هم المادة الأساسية التي تعمد إليها داعش والقاعدة في شراء ذممهم وتنفيذ أجنداتهم ، ومنها أيضاً أن محافظات الجنوب العراقي مثل القادسية والمثنى وذي قار مفتوحة على الصحراء الممتدة إلى داخل مملكة الغدر والخيانة والعمالة في السعودية وتزامن مع الأحداث أن مملكة الغدر والخيانة حشّدت أكثر من ثلاثين ألفاً من جيش درع بني صهيون على الحدود العراقية بحجة حماية المملكة من الأرهاب ، فضلاً عن أن خطتهم كانت تقضي أول الأمر بحسب مؤتمر الخيانة لرؤوس عفنة ومبتذلة من أولائك المشاركين في العملية السياسية مع داعش عقد في الباكستان وهي المطبخ الثاني بعد الأردن في طبخ عمليات الغدر بالعراق ، فكانت خطتهم إيّاها تقضي أولاً بإحداث البلبلة والقلاقل في البصرة وإحتلالها ، وبعد فشلهم في هذا المشروع الذي كانوا سينطلقون به من الكويت تحوّلوا إلى الموصل التي كانت لهم صيداً سهلاً بسبب عمالة أبناء الموصل وخيانتهم من المسؤولين الراتعين في المشهد السياسي والمنتفعين منه ، وبالرغم من أن القوة المهيلة بأعدادها الموجودة في الموصل هي من أبناء الموصل فقط بضباطها ومراتبها ومن مكوّن واحد هو المكوّن السني فقط ولاغير ، وبعد التداعيات التي حدثت جراء خيانة أبناء الموصل أنفسهم تداعى أبناء الجنوب الشيعي لنجدتهم والدفاع عنهم من خلال مقاتلة داعش في كل شبر من أرض العراق ، ومن هنا ومن هذه الأخطار والتداعيات والتصدّعات وجدنا الفتوى الرائعة للمرجعية الرشيدة في كفائية الجهاد من عينيته هو لأبقاء قوى ضاربة على الأرض في المحافظات الجنوبية تحسّباً لأجندات مملكة الغدر والخيانة في السعودية من مباغتة الجنوب بهجوم لقواتهم يتزامن مع أراذل داعش والقاعدة ، فجاء قرار المرجع الكبير وفتواه في الجهاد الكفائي الذي أفشل كل مخططات ومشاريع أنذال آل سعود وداعش والقاعدة على حد سواء وخيّب ظنّهم وظنونهم وباءت إلى الجحيم خططهم ومؤامراتهم ، وجاء مؤتمر عمان في الأردن مطبخ التآمر الدائم على العراق لدمل الجروح ومعالجتها ، ولأيجاد مخرج آخر لتقسيم العراق والتآمر على وحدته الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف