الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات الربيع العربي وحلف الخائفين من الديموقراطية

محمد أحمد الزعبي

2014 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


                                                                                
تيمنا بالشكل الهندسي المعروف بالبنتاجون ، رأينا أن نستخدم تعبير  " المسدّس  " المعادي لثورات الربيع العربي كلها ، وعلى رأسها ربيع غزة الأحدث ،  والذي هو سداسي مختلف الأضلاع  يتكون  بصورة أساسية  من  : أمريكا وروسيا واسرائيل وإيران ومصر السيسي وسورية الأسد ،  ، وتتحدد مهمته ووظيفته  المعلنة والمضمرة ، بالقضاء على ثورات الربيع العربي كلها ، ومن بينها بل وعلى رأسها " ربيع غزة الفلسطيني  ". 
لا شك أن ثورات الربيع العربي  ، التي انطلقت من تونس  في 18 ديسمبر 2010 ، وما يزال أوارها مشتعلاً حتى اليوم في سورية والعراق وغزة  ، إنما كانت / جاءت ردّاً على هزائم الأنظمة العربية المتكررة والكبيرة ، سواء منها  البعيدة وغير المباشرة ( وعد بلفور ، سايس - بيكو ، الاحتلال الأوروبي لمعظم أقطار الوطن العربي ) أو القريبة والمباشرة  ( هزيمة 1948 ، هزيمة 1967 ، هزيمة 2003 ) . ولأن هذه الثورات الوطنية ، تضرب في عمق الجرح العربي  الذي تسببت به  تلك الهزائم  المتوالية والمتكررة ، والذي تجسد ( الجرح )  في  النصف الثاني من القرن الماضي ، في صورة مجتمع مجزّأ ، متخلف ، ممنوع من التنمية والتطور ، محكوم من قبل ديكتاتوريات تمثل أقليات  قبلية أو طائفية  مرتبطة  بالدول الاستعمارية  بصور وأشكال ودرجات مختلفة ، فقد استنفر أعداء ذلك الربيع العربي كل طاقاتهم وكل إمكاناتهم  لوضع حد لهذا الربيع  ، وتجفيف ينابيعه القومية والدينية والإنسانية  ، خوفا من أن  يمتد لهيبه إلى دولهم وإلى مصالحهم .  ولقد كانت أبرز الأسلحة  التي استخدمها هذا الحلف السداسي  ضد ثورات الربيع العربي هي : 
         1) توزيع الأدوار فيما بينهم  ، بحيث يقف هذا مع ثورات الربيع العربي ، بينما يقف الآخر مع الأنظمة المستهدفة من هذه الثورات . وينطبق هذا بصورة أساسية على موقف الدول  الكبرى التي تحتكر  المال و العلم والتكنولوجيا ، والتي تقوم بدور قائد الأوركسترا في توزيع الأدوار والمهام بين عناصر ذلك السداسي الذي اشرنا اليه . ولما كانت هذه " اللعبة " على درجة عالية من التعقيد ، كان لابد من اللجوء إلى الكذب والخداع والتضليل واستبعاد " نظرية المؤامرة " ، والتقيّة ، ... الخ  ، لإخفاء هذا الحلف السداسي عن أعين الآخرين وهو ماحدث ويحدث  امام أعيننا بصورة فعلية .  
           2) اللعب بورقة التطرف التكفيري الإسلامي السني وتحويله الى قوة مادية ملموسة ، ذات شعارات معلنة ، وعلم أسود يزيد عمره على 1400  سنة هجرية ، ومن ثم شيطنته ، وتقديمه للعالم على انه  هذا هو        " الإسلام " الذي على المجتمع الدولي محاربته ، ولكن تحت مسمى آخر هو " الإرهاب " . 
        3) ولقد اقتضت عملية توظيف هذه الورقة السنيّة في خدمة مخططات ( حلف الخائفين من الديموقراطية  ) إحياء التناقضات التاريخية التي عفا عليها الزمن ، وتوظيفها في  تنفيذ هذا المخطط الإمبريالي المعادي لثورات الربيع العربي . والمعادي بالذات لمطلب الديموقراطية والتعددية الذي هو المطلب الرئيسي لهذه الثورات . لقد كانت الورقة الأساسية في هذه اللعبة هي اختراع / تكوين  ( دولة العراق والشام / دولة الخلافة الإسلامية  !! ) السنية  ووضعها في الجهة المقابلة لدولة ولاية الفقيه الشيعية ، لينجزا معاً  في المستقبل القريب أو المتوسط ، ما عجزت حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران أن تنجزه  ، أي الحرب الشاملة بين السنة والشيعة في " الشرق الأوسط الجديد " والتي ستؤدي عاجلا أم آجلاً الى تجزئة الوطن العربي إلى دويلات ميكروية تعيش تحت الحماية الإمبريالية المباشرة و/ أو غير المباشرة ، ويتم رفع العلم الإسرائيلي على مآذن دمشق وبغداد ، تماماً كما هي الحال الآن في القاهرة وعمان . إن ما قامت به داعش في الرقة بالأمس ، وما تقوم به في الموصل اليوم ، إن هو إلّا البرهان العملي على صحة رؤيتنا للعلاقة الجدلية بين أطراف ذلك السداسي المشبوه ، والذي أطلقنا عليه " حلف الخائفين من الديموقراطية  " ونعني بذلك تحديدا حلف الخائفين  من ثورات الربيع العربي التي تطالب بالعدالة والمساواة ، وبالحرية والكرامة ، وباحترام حقوق المواطنين جميعا ودونما تمييز من أي نوع كان .  
      4) اللعب بورقة الحداثة والعلمانية والليبرالية  ،  والتي عادة ما يجسدها قسم كبير من المثقفين ، وكبار ضباط الجيش ، الموالين للحضارة وللثقافة الغربية ، سواءً بحكم انتمائهم الطبقي ( فئة الأغنياء ) ، أو بحكم دراستهم ومعايشتهم لتلك الثقافة  التي يعتبرونها النموذج المثالي الذي على بلدانهم ان تحذو حذوه للخروج من مأزق التخلف التي هي عليه اليوم ، إن الإشكالية التي يطرحها موقف هذا التيار الاجتماعي ، هو أنه تيار إقصائي بامتياز ، من  حيث اعتباره أن كل من لا يتفق معه في الرأي ، وخاصة إذا كان من التيار الإسلامي  ،  أنما هو " إنسان متخلف " ،  وبالتالي لا فائدة من الحوار معه ، وإن اجتثاثه من المجتمع هو الموقف العقلاني. 
      5) اللعب بورقة العمائم البيضاء والسوداء ، الذين يتلطون تحت عباءة السلطان ، يخدمهم ويخدمونه ، يقدمون له المخارج  والمداخل الفقهية ، ويقدم لهم الدولارات والحماية ،  والنجومية في وسائل الاعلام  وليس بعيداًعنا   موقف شيخ الأزهر المتماهي مع انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي ، ولا موقف مفتي مصر الذي ناشد الجيش المصري أن  يضرب " بالمليان " المتظاهرين السلميين ، وأنه شخصيا       ( كمفتي  طبعا)  يضمن لهم الدخول إلى الجنة ( !!) . ألا يذكّرهذا بصكوك الغفران المسيحية التي كانت  وراء  الثورة الفرنسية عام 1789 بل ووراء علمانية أوروبا بصورة عامة . كما وأنه  ليس بعيدا عنا موقف مفتي بشار الأسد الشيخ  أحمد حسون مما يقوم به بشار الأسد في سوريا صباح مساء ، ولا سيما تدميره المساجد  والكنائس  المخصصة لذكر الله والمعروفة عند الجميع ، ومنهم  فقهاء الأسد بالتأكيد  ، بأنها بيوت الله . 
         6) نعم إن حلف الخائفين من الديموقراطية ومن حقوق  الإنسان  ، هو من يقف وراء كل الدماء التي سالت وتسيل في وطننا العربي  منذ 1948 وحتى اليوم ، ولكن دون أن  يعني ذلك اننا نعفي انفسنا كأفراد وكشعوب  وكحكومات  من المسؤولية ، ومن أتكاء صمت المجتمع الدولي على صمتنا كعرب وكمسلمين ، ليس فقط حيال ماجرى  ويجري في دول الربيع العربي منذ عام  2012 وحتى اليوم ، وإنما حيال ماجرى ويجري في غزة منذ بضعة أيام فقط .
ان ماأرغب  قوله   في ختام هذه المقالة  لبعض الداعشيين  المغرر بهم  ، والذين يتبارون بإطالة الذقون  وتقصير الثياب ، وقطع الرؤوس ، ورجم النساء ، وتهجير مخالفيهم في الدين أو تدفعهم الجزية ،  إن أحد صحابة رسول الله  ( وربما كان  سيدنا عمر ) قد قال قبل الف وأربعمائة عام من اليوم " لا تلزموا أولادكم على أخلاقكم فلقد ولدوا لزمان غير زمانكم "  ، فكيف تريدون إلزام هؤلاء الأولاد بمواقف ومسالك مر عليها خمس وثلاثون جيلا وليس جيلا واحداً فقط ؟!. إنكم تنفذون بذلك مخططات أعداء العروبة  والإسلام  ، مخططات السباعي المعادي لثورات الربيع العربي  الوطنية والقومية والإسلامية ، سواء أكنتم تدرون أو لا تدرون  .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت