الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأخيرا:- عزفت ديمقراطيتنا لحنها الأخير

جاسم محمد كاظم

2014 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيرا:- عزفت ديمقراطيتنا لحنها الأخير
تعرف الديمقراطية بأبسط الكلمات بأنها نظام للحكم يقيم العلاقات بين أفراد المجمع وفق مبدأ المساواة مابين المواطنين ويضمن مشاركتهم الفاعلة في وضع التشريعات التي تنظم لهم الحياة وفق مبدأ الشعب هو مصدر السلطة أو هي حكم الشعب لصالح الشعب بواسطة الشعب .
دخلت الديمقراطية تربة ارض الرافدين بعد نهاية التاريخ وموت الإنسان كما يقول فيه ميشيل فوكو وجلست فوق أنقاض ديكتاتورية عسكرية مقيتة وبدل أن تبتدئ بتاريخ جديد وتدون لنفسها كما دون الرومان لجمهوريتهم فإنها سارت على نهايات درب الدكتاتورية السابقة .

أدركت الحوزة الدينية حجم مكونها الهائل لذلك أصرت على أن يكون نظام الحكم برلمانيا لأنها ببساطة تضمن الهيمنة الشيعية على كل المؤسسات والتشكيلات الحساسة للدولة من هيئة المخابرات . الاستخبارات . الأمن الوطني . الهيئات العسكرية المتنفذة إلى السيطرة المالية على مؤسسات الدولة .
وان أعطت هذه الحوزة تنازلات كبيرة جدا من اجل إصدار الدستور بشكله الحالي لكل المكونات الأخرى وان كانت لا تعرف مسبقا حجم الكارثة التي ينذر بها هذا الدستور مستقبلا .
ومن داخل الصف الشيعي تصارعت كل الكتل السياسية على الفوز بزعامة هذا المكون والانفراد بمسك مقود السلطة .
استغلت الطبقة الحاكمة الجديدة الديمقراطية أبشع استغلال وكان شعارها المخفي في طيات نفوسها " جئنا لنبقى " ونمت لها حاشية من المتملقين والأذناب والمستثقفين ولاعقي القصع يجملون لها ما تفعل من خلال الأعلام الاستهلاكي المغشوش .
وشرع الديمقراطيون الجدد لأنفسهم ما لم يشرعه السلاطين والملوك والأباطرة من النقد والامتياز إلى نكاح الصغيرات .

وإذا كان قانون الديمقراطية هو الفصل مابين السلطات فان شعار الديمقراطيين الجدد هو مسك كل السلطات القضائية .التشريعية إلى التنفيذية فأصبح رئيس القضاة و رئيس الشرطة فالمفتش العام والمدير العام حتى البواب من طبقة الحزب الحاكم ثم نسمع بعد ذلك الترنيمة المضحكة المنادية بفصل السلطات .

وإذا كانت الديمقراطية تضمن نفسها من خلال المؤسسات المنتجة للخدمة والبضاعة كما يقول التصنيف الاقتصادي السياسي الحديث المؤمن بالتغيير فان الديمقراطية العراقية أنتجت مؤسسات من نوع خاص تتمثل بمجالس الإسناد وشيوخ العشائر والمليشيات المسلحة وتضخيم المؤسسة الدينية وتحويل العراق إلى كاتدرائية هائلة بعقيدة جامدة لا تعرف سوى لغة الإتباع والطاعة العمياء .

احتضرت ديمقراطيتنا بعد عامين فقط من تأسيسها المبني على الشراكة الوطنية واستحوذ الحزب الحاكم عل مقاليد الأمور وترك الآخرين يضربون أخماسا بأسداس وبدل قانون الشراكة في أدارة الدولة وصلت الأمور إلى الاشتباك في مواجهة غير معروفة النهاية .

أخطئت الديمقراطية العراقية بأول أخطائها القاتلة حينما ساندت السلطة الديكتاتورية في سوريا وتمردت عل عرابها الأميركي ولم تدرك بهذا العمل اللاشعوري بأنها انزلقت بحرب طائفية قوامها الدولة الشيعية في العراق مع التنظيمات السلفية في بلاد الشام ووجدت الأخيرة لنفسها الذريعة بنقل الحرب إلى داخل العراق الديمقراطي بالاستفادة من حالة المد والجزر مابين المكونات والطوائف المحتربة مع بعضها لنصرة من يساندها بالمذهب والمعتقد .

تحسرت أميركا في آخر الأمر لأنها ضحت ب 5 ألاف من خيرة شبابها لإقامة ديمقراطية جديدة في الشرق الأوسط وخاب توقع بوش الابن ولم يماثل توقع لورنس العرب من إسرائيل قبل أكثر من نصف قرن .
وبدل أن تجني إمبراطورية العم سام ثمار الديمقراطية اللذيذة وجدت نفسها تغرق في مستنقع موحل وسلطة تعج بالمليشيات المسلحة وطريق يمتلئ بالعبوات الناسفة عاد فيه التاريخ إلى الوراء بظهور أنظمة للحكم تعود إلى ما اقبل ظهور الحضارة والإنسان وزمن عادت فيه الحروب الدينية مابين الطوائف المتناحرة بعدما نسيها التاريخ طويلا .

وبدل أن يجني المواطنون ثمار الديمقراطية ويتقدم بة التاريخ إلى الأمام فأنة عاد إلى الوراء آلاف من السنين وتساقطوا في الشوارع والأزقة ووصل الأمر بهم إلى التهجير وتهديم المنازل في حالة لم يشهدها تاريخ العراق قديمة وحديثة .
وتمنى البعض حكم الديكتاتوريات بدل هذه الديمقراطية الممتلئة بالمليشيات التي قتلت من العراقيين في 5 سنوات مالم تقتله إسرائيل وكل منظماتها من الهاغانة والبلماخ والأرغون من الفلسطينيين في 50 سنة .

ديمقراطيتنا الموقرة بدل أن تفصل السلطات وتحررها فأنها عملت على فصل الدولة وتفكيكها بعضها عن بعض وبدل أن يتشارك السكان بوضع التشريعات المنظمة لحياتهم فأنهم اشتبكوا بحرب طاحنة ربما لا يجيب التاريخ الحديث عن نهايتها المتوقعة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاسم محمد كاظم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا حظت برجيله .. ولا خذت سيد صريوط !
نصير عزيز ( 2014 / 7 / 21 - 20:23 )
تحية الى الاخ جاسم ..
لازالت اللعنه تطارد الشعب .. ولازال الحال على نفس المنوال
سياسيوا الطوائف والمناطق المتحاصصين .. سجلوا اسمائهم الغبيه في سجل النفايه ؟
انهم .. ينفذون مخطط التدمير الممنهج بالحرف
المال والثروة .. نهبت والدمار في نفسية الفرد على قدم وساق والمستقبل المجهول ؟
انهم جاءوا لابادة ماتبقى من شىء سمي وطن ..!!


2 - الاخ جاسم
انور الموسوي ( 2014 / 7 / 22 - 09:46 )
شكرا لك على هذا المقال


3 - تحية للاخوة نصير واستاذ انور وشكرا جزيلا على الرد
جاسم محمد كاظم ( 2014 / 7 / 22 - 16:27 )
تحية للاخوة نصير واستاذ انور وشكرا جزيلا على الرد

اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته