الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتِ معي في الفردوس

محمد الذهبي

2014 / 7 / 21
الادب والفن


انتِ معي في الفردوس
محمد الذهبي
الساعة صفر في حي الساعة حيث تقع كنيسة اللاتين او كما يسمونها كنيسة الآباء الدومينيكان، مرت على انتهاء مهلة الارهابيين التي اعطوها للمسيحيين خمسة دقائق، كانت جوليت بقرب الصليب، حيث يقف السيد المسيح بشموخ، اخرجت شمعة من جيبها واشعلتها وهي ترتعش، لقد شاهدتهم في الطريق، رجال اللحى المتسخين، ابتلى بهم العراق ابان الفتح الاسلامي، حيث قتل في السابق مايزيد عن سبعين الف مسيحي وصودرت اراضيهم في بابل وغيرها، كانت نساؤهم غنائم الفتح يجود بها الخلفاء على خاصتهم، جوليت طالبة كلية طب الاسنان، ربما ستكون جارية لابي حذيفة يبيعها متى شاء، تعرف التاريخ جيدا، واحصت من قبل عدد الذين ازهقت ارواحهم من المسيحيين، وهي جميلة جدا، وجنتان متفتحتان كازهار الرمان، وعينان خضراوان تحاكي طبيعة الموصل وارضها الخضراء، وقوام ممشوق حد الالتهام، وهي تعلم انهم جائعون، تركوا نساءهم في السعودية وقطر، كما ترك اسلافهم نساء الصحراء ليتجهوا الى العراق، حيث الغواني الجميلات، فكانت حصة احدهم لاتقل عن خمس او عشر نساء.
كانت تخاف من التاريخ ان يعيد نفسه، ودائما تفكر بآشور جديد، تنجبه النساء ليخلصها من ان تكون جارية لهؤلاء، وكأنها استحضرت روح جوليت قديمة سبقتها في مراحل زمنية سحيقة، كانت جارية لاحد المسلمين، لم يكن انسانا سويا، كان يطالبها بالركوع له، ويعتبرها عورة، ويعذبها اشد العذاب في النهار ثم يلهو بها في الليل، فهي ملك يمينه، وهي تخشى ان تكون كجوليت القديمة، تناهى اليها صوت عذب من اعلى الكنيسة العريقة، لاتخافي ياجوليت، لن يكون هناك سبي آخر، نزت من عينيها دمعتان، اتجهت الى الاورغن الضخم قرب المذبح وهي تحتل موقع الجوقة، وانشدت:
ربي يسوع يحبني
يكون عونا لي في كل بلية
يخلصني من عذاب سرمدي انا اخشاه مع ابناء قومي
هو وحده المخلص
وانا انتظر في الكنيسة
وما هي الا لحظات حيث كانت العينان مشدودتان باعلى الكنيسة، قرعت الساعة العريقة قرعة اولى، فانتفض قلب جوليت كالعصفور الصغير، سوف يأتون، اصحاب اللحى المصبوغة سوف يأتون، ياالهي، لم اعهدك تتخلى عن احد، والدموع التي تذرفها جوليت كانها غيمة ماطرة مرت على الكنيسة فغسلتها عن آخرها، واذا بالمسيح امامها، هو ، هو، لا احد غيره، كان يحمل صليبه وهو يردد: يا ابتاه اغفر لهم فانهم لايعلمون مايفعلون، الحق اقول لك ياجوليت: ستكونين معي في الفردوس، بكت جوليت بحرقة، فهي لاتعلم مصير اهلها، لقد فروا كل واحد باتجاه، ساكون معك في الفردوس، نعم ، امسحي دموعك، الله لن يتخلى عنا، اصطحبها الى اعلى المذبح، ونظر الى الامام، ليرى مجموعة من اللصوص يسرقون الاشياء الثمينة، هو وجوليت يراقبان المشهد، احدهم نادى باعلى صوته: الله اكبر دمروا بيوت المشركين، جوليت تسمعه وكانت تنتظر من المسيح ان يفعل شيئا، ولكنه كان يبتسم فقط لانه يسمع قول امه: اما العالم فيفرح لقدوم الخلاص، واما احشائي فتلتهب بالنار عند نظري الى صليبك، ثم انه جعل جوليت على يمينه، وهو يسمع اصوات اللغو، ابو قتادة هذه الساعة ثمينة، ساقوم بانزالها، اما آلات الشيطان فسوف احطمها، حطموا الاورغن، وقتلوا القساوسة، واختفى المسيح، فاستيقظت جوليت مذعورة وهي تنام على يد والدتها في خيمة مهترئة عند حدود اربيل، ضاع كل شيء البيت والامان والعائلة والدراسة، كل شيء انهار امام التتار في نوبة ايمانية شعر بها احدهم لحظة حاجته للجنس، لم تكن الحلبيات بجمال الموصليات، ملتح آخر يردد نفس العبارة: اين ملك اليمين، لي يومان لم اجاهد جهاد النكاح، كانت تتخيلهم كالقطط المتسخة على جدران البيوت، قطة تموء من الخوف والالم، وقط ظالم يمتطيها وهو يعض فوق رقبتها لئلا تتحرك، اي مجانين هؤلاء، واية متعة يجنون مع هذه الوساخة، انهم وحوش وآن للعالم ان ينتبه الى خطرهم، وآن له ان يحظر عباداتهم الكريهة، اي اله اوصى بهذا الظلم والجور، واي حيوان يتصرف بهذه الهمجية،من اين جاء هؤلاء ومنذا الذي اغراهم بمدينتي، بكت بصوت عال وصاحت: يا الهي لماذا تركتني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج