الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألذ .. ألذ .. ألذ

حسن إسماعيل

2014 / 7 / 21
الادب والفن


أكثر الفترات حبا لقلبي الساخر في التاريخ البشري فترات الجاهلية
حيث البدائية والعفوية والحربائية الفطرية
وقدرة البشر على اللف والدوران في نفس المكان دون ملل
واللدغ من الجحر مرات ومرات ولكن بتغيير بسيط في المقادير .. مقادير السم 
وقبوله بإبتسامة بلهاء

كانت الغرائر في الجاهلية منتصبة  
والأحاسيس مشتعلة والأفكار محلقة والحدود ملتحمة والخرائط باهته واللغة معجزية
كان المناخ غير ملوث والشمس ساطعة والقمر يصنع الخيالات ويكتب الشعر  
والخيم مليئة بالخمر والنساء
والخيول باهظة الثمن والفرسان سيوف

لماذا .. 
لأنها كانت فترات حقيقة 
عارية من كل  الأغطية والتبريرات والأقنعة التقوية والتقنية التكنولوجية  
كانوا إذا وجدوا إلها لذيذا من العجوة .. يأكلوه
يأكلوه فورا بلا تأجيل للغد
وإذا وجدوا إلها غالي الثمن .. باعوه فورا 
البشر والآلهة كانوا في سوق العرض والطلب

كانوا يدركون قيمة الأشياء في سوق القطيع ..
كانوا أول من قص شريط الرأسمالية 
ومعرفة أن الزبون على حق
وكيف تصنع احتياج بيد وباليد الأخرى تصنع تسديده

الزبون يحتاج أن يشعر بسلام داخلي 
وأن أخطائه تمسح بأستيكة 
وأنه يحتاج أن يأمن مستقبله الأرضي
وإن أمكن مستقبله السماوي 
فاشترى صكوك الغفران وقصور في الجنة
وشطب اسمه من قائمة النار

كانت هذه بعض من احتياجات الزبون
وعلى أساسه تم تسديد احتياجاته ومخاوفه ورغباته ..تلاته ف واحد
وليه تدفع كتيييير طالما ممكن تدفع أقل

فصنعوا لكل قبيلة إله
ولكل طقس إله
ولكل شهر إله
 ولكل رغبة إله
ولكل إله معبد
ولكل معبد صندوق  
ولكل صندوق كاهن  
ولكل كاهن مساعدين 
فالحاشية هي سر بقاء الكل

كان هذا هو السوق المقدس في الجاهلية 
وكانت زبائن تأتي من كل فج عميق
من كل قبيلة ومن كل طبقة ومن كل أمة
من يقدم قربانه 
من يعطي نذوره 
من يزرف دموعه
من يبوح بطلبته

وكانت الزبائن بتنبسط .. بترتاح
بتعرف تنام بالليل
وكمان بتحلم مش بكوابيس .. بالعكس 
بأحلام جميلة جدا
خضرة .. نهر .. ستيلا 4%
على رأي المثل الشعبي " الجعان يحلم بسوق العيش "

في الجاهيلة كان الإنسان ذكي 
يعرف كيف يتأقلم ويتكيف بطريقته وبأدواته وإمكانياته البدائية والبسيطة 
وجهي عملته .. رغبته وقدرته


وأمام أسئلة القطيع كان كهنة المعابد تخترع الإجابة 
فالحاجة أم الإختراع
والزبون على حق
والمعبد الذي لا يعرف كيف يريح زبائنه يخسر
ولا يجذب قطيعه .. يخسر
ولا يرهب قطيعه .. يخسر

والقطيع متاح ومرن ومتفاعل
يطبلوا له يرقص .. يغنوا له يصفق
يرهبوه فيرتعب
لا يشك ولا يبحث ولا يسبح عكس الإجماع
مطيع طاعة عمياء معصومة من الإستفهام

كانت أيام جميلة وسلسة وكانت الناس مهضومة
والآلهة العجوة .. كانت ألذ ألذ ألذ

  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث