الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة تستحق الحياة والحرية

بدر الدين شنن

2014 / 7 / 22
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عندما تتعرض الشعوب لحرب عدوانية تهدد حريتها .. ومقدراتها .. ووجودها ، دون أن تتوفر لها قيادة سياسية ، مجمع عليها وطنياً ، يسود نقص مقلق في معايير الموضوعية ، وفي التماسك العقلاني ، في معالجة ما تتعرض له البلاد من محن .. أسبابه .. خلفياته .. أهدافه .. وكيفية الفوز عليه .
ردات الفعل .. التعصب .. الانفعال المشحون بمشاهد الدمار .. والموت .. والدماء .. وبؤس ومرارة التهجير والتشريد .. تفقد نسبة لابأس يها من الناس ، الاستعداد للاستماع .. إلاّ لما يلبي الرغبات المتوترة .. المتألمة .. إلاّ لما يمكن أن يحقق الثأر الغريزي ، المبني على معادلات .. النفس بالنفس .. والدم بالدم .. والتدمير بالتدمير .
كل خطاب يقوم على التحليل .. والتعليل .. وتحديد الخيارات ، التي تحترم معطيات الواقع ، وتجنب ما يتأتى عن استمرار ، ماهو انتهازي ، وعبثي .. مؤلم ومحزن ، هو خطاب منفر يثير الريبة .. ممل .. لايجذب .. ولايحفز لشيء ليس هو من المألوف خلال توترات تداعيات الحرب .
لكن في غمرة القتال الضاري ضد العدوان الإسرائيلي على غزة ، وفي غمرة الجري المحفوف بالخطر المقدس ، لإنقاذ الأبرياء المعرضين للموت .. والإصابات الحاملة للموت ، ينبغي ، حتى لايسهم ذلك في إضعافنا ، ألاّ يستمر طويلاً .

لقد أوجد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة ، الكثير من الالتباس في فهم تحركات وعلاقات فصائل المقاومة . وهو يحاول أن يضع المقاومة وحاضنتها الشعبية في الحرب ، في حالة عدم وضوح الرؤيا ، من خلال ، اللعب على المفارقات بين فصائل المقاومة ، وبينها وبين حاضنتها الشعبية الفلسطينية والعربية ، واستثمار أخطاء بعضها وخاصة " حماس " لبث روح ، التنافر ، لعله ينمي بواسطتها قواه المادية والمعنوية . ويتمثل ذلك بشكل رئيس وسافر ، بإصراره ومعه الدول الغربية ، والدول العربية المتغربنة ، على أن ما يجري في غزة الآن ليس عدواناً إسرائيلياً ، بل هي حرب بين ( إسرائيل وحماس ) وحسب . بين خصمين ، آن الأوان لإنهاء الاقتتال بينهما ، والاتفاق على التهدئة .. والعيش المشترك ، وإنهاء حالة العداء لإسقاط أحدهما الآخر . أي أن الحرب هي وسيلة " ساخنة " لعقد الصفقة التاريخية بينهما ، التي سيتم بموجبها ، نقل حماس نهائياً إلى إطار النظام العربي ، الذي يشتغل على طي صفحة الصراع العربي الإسرائيلي ، وعلى ضم إسرائيل إلى فضاء النظام العربي ، ضمن منظومة العولمة الأمريكية .

وهذا الإصرار على على ثنائية حرب العدوان ( إسرائيل ـ حماس ) يستند إلى التزام " حماس " المعلن بالإطار " الأخواني الدولي " ، الذي تعهد للغرب ، بالتعايش مع الكيان الإسرائيلي ، والاندماج بالعالم الغربي إقتصادياً وسياسياً ، وفق النظم والاتفاقيات الدولية ، مقابل دعم مشروعه ، بناء نظام " إسلامي " معتدل في البلدان العربية ، يكون بديلاً للنظام العربي الراهن المترهل . ما معناه عملياً ، انتقال " حماس من خيار المقاومة وتحرير فلسطين ، إلى خيار العمل ضمن النظام الفلسطيني القائم على التخلي عن العنف في الصراع العربي الإسرائيلي ، والوصول ‘لى " الحقوق الفلسطينية " حسب " اتفاق أوسلو " ، من خلال التفاوض .

ويستند أيضاً إلى الالتزام العربي الرسمي ، والدولي ، بعامة ، بهذه الثنائية ، وإلى أن التعامل مع هذه الثنائية ، يسرع قولبة " حماس " ، ويضعف الأطراف المتشددة فيها ، واحتواء حالة الغضب الشعبي المقاوم من سلوكيات " القيادة الساسية في حماس " فيما سمي " الربيع العربي " ضد بلدان عربية هي الحاضنة الداعمة للنضال الفلسطيني من طرف ، ومن طرف آخر سوف يعزل سياسياً ثم ميدانياً الفصائل الفلسطينية الأخرى ، المصممة على مواصلة خيار المقاومة والتحرير ، ما سيؤدي إلى فتح المجال للسلطات الإسرائيلية لإدارة حربها العدوانية حسب مخططاتها ، والتعاطي المريح مع ارتداداتها الإقليمية والدولية التحررية والإنسانية ، من موقع قوي ومبرر .

وقد رحبت " القيادة السياسية في " حماس " ، كما يبدو ، بالتعامل الإسرائيلي والدولي بهذه الثنائية في العدوان على غزة ، وذلك على خلفية الاعتقاد " الواهم " أن هذه الثنائية ، تتيح لها المجال لتغطية تحركاتها " الأخوانية الدولية " وما سببته لها من عزلة لايمكن تجاهلها في الأوساط الفلسطينية والعربية ، وتمكنها من توظيف ذلك في تحسين مواقعها في حكومة الرئيس عباس التفاوضية ، ومن ثم استخدام انجازات وتضحيات فصائل المقاومة الأخرى ضد العدوان الإسرائيلي ، لعلها تستعيد نفوذها ودورها ، بطبعة جديدة " في الفضاء السياسي الفلسطيني والإقليمي والدولي .

وفي هذا المجال يلعب النظام العربي المتواطيء ، والإعلام العربي الرسمي ، والمأجور ، والدولي ، دوراً أساياً في إبراز وتكريس هذه الثنائية . وذلك بالتعتيم المتعمد على فصائل المقاومة التي تقاتل ، في كل المعارك والميادين ضد العدوان الإسرائيلي ، وبتجاوز غضب غالبية سكان غزة ، من هذه الثنائية ، وإبراز دورهم ، فقط ، بتلقي صواريخ وقنابل الموت ، للاستثمار الإعلامي والسياسي ، وتجاهل قلقهم ، مما قد يأتى عن الثنائية المفبركة من مساومات ، للحفاظ على سلطات " حماس " وإبقائهم تحت الحصار الداخلي والخارجي في آن .

وفي المقابل .. يصر الشعب الفلسطيني وكافة فصائل المقاومة .. وكل الشعوب العربية وقواها التحررية .. على أن حرب العدوان الجارية الآن في غزة ، هي بين إسرائيل وجميع البلدان العربية .. باعتبار أن غزة جزء من فلسطين ،، وفلسطين جزء لايتجزأ من الوطن العربي .. وباعتبار هام جداً ، أن المشروع الصهيوني يستهدف كل البلدان العربية ، لإخضاعها . وسلب ثرواتها .. والهيمنة عليها ، وحرب العدوان هذه ، ليست سوى حلقة في سلسلة الحروب الإسرائيلية الممنهجة ، لتهجير الشعب الفلطيني ، واستلاب وطنه فلسطين ، بكل الوسائل التدميرية الدموية والعنصرية ، لبناء " إسرائيل اليهودية العنصرية على كامل التراب الفلسطيني . ولايمكن أن تنتهي هذه السلسلة من الحروب ، إلاّ بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بإسقاط المشروع الصهيوني .
وهذا الإصرار يستند إلى المشروعية التاريخية ، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ، ولحقوق الشعوب العربية بالحياة والتحرر والحرية . ولاينتقص من هذه المشروعية التاريخية وحق تقرير المصير ، ما تقوم به قوى عربية رسمية وغير رسمية متواطئة مع المشروع الصهيوني ، لضمان سلطاتها ومصالحها الانتهازية ، التي عقدت لهذه الغايات اتفاقيات سلام مع الكيان الإسرائيلي ( اتفاقية كمب ديفيد واتفاقية وادي عربة ) وأقامت علاقات شبه علنية مع إسرائيل . وأسست لمشروع تفاوضي تسووي برعاية منظومة الدول الاستعمارية ( الأمريكية ـ الغربية ) للتوصل إلى صناعة صيغة تعايش وسلام مع مغتصبي الأراضي والحقوق العربية .

ليس المقصود من إضاءة الواقع بشفافية ، الهجوم على قوى المقاومة المقاتلة البطلة في حماس ، أو على أي فصيل مقاوم مقاتل بطل آخر ، فهم جميعاً يمثلون شرف الأمة وكبريائها ، ويشقون أفق تحررها ووحدتها , وإنما هو الحرص على تعزيز قدرات المقاومة في مواجهة العدوانية الإسرائيلية ، وفي التعبير عن أن غزة تستحق الحرية .. وتستحق الحياة ، وإبعاد رؤية شبح غزة ، بين وقت وآخر ، أنها " بلد موتى بلا قبور " .

إن المعارك والمذابح اليومية في كل شبر من غزة ، تسقط ثنائية ( إسرائيل ـ حماس ) الكاذبة . وتظهر حقيقة ، أن كل شعب غزة .. كل المقاومة في غزة .. تقاتل ضد العدوان .. وتدفع ثمن كسر العدوان .. وكسر الحصار .

ما يعني ، أن على القيادة السياسية في " حماس " أن تتعامل مع هذه الحقيقة باستقامة وموضوعية ، وتساعد على إبرازالوجه الحقيقي لقوى المقاومة . وهذه هي فرصتها التاريخية للعودة الصادقة الثابتة إلى خندق المفاومة .

ليست مذبحة حي الشجاعية وحدها جريمة حرب ، تستوجب الإدانة والمحاسبة والعقاب ، إن كل عمليات العدوان الإسرائيلي على غزة .. والحصار الإسرائيلي لغزة .. هي جرائم حرب .. وهي جريمة إبادة جماعية ,, واغتيال شعب .

إن جريمة اغتيال شعب غزة لن تمر .. كما مرت مذابح دير ياسين ، وكفر قاسم ، وقانا ، وصبرا وشاتيلا . وأولئك الحكام العرب .. وعتاة النظام الاستعماري الدولي ، الذين يدعمون الكيان الإسرائيلي في عدوانه ومذابحه .. على أنه حق له مشروع في الدفاع عن النفس .. ولايحق للفلسطيني أن يدافع عن حياته وبقائه ووجوده ، يتحملون كامل مسؤولية الإبادة العنصرية الصهيونية لشعب غزة .. لأطفال .. وشيوخ .. ونساء .. وكافة سكان غزة . ويوصمون بالعار .. على مدار الأيام والتاريخ .. لأشخاصهم .. ونظمهم .. ودولهم .

لن تبقى سماء غزة ممتلئة بالقنابل الحرارية القاتلة . إن شعب غزة الموحد المقاوم .. سينتصر .. وسيملأ سماءه ببالونات قزحية الألوان .. تحمل إلى أطفال غزة .. الأمان .. والحرية .. والفرح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع


.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف




.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا


.. خلافات في حزب -فرنسا الأبية-.. ما تأثيرها على تحالف اليسار؟




.. اليمين المتطرف يتصدر نوايا التصويت حسب استطلاعات الرأي في فر