الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد بعض الاليات الاساسية لاشتغال الارهاب المصطنع

محمد البلطي

2014 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إن تنظيمات "الأرهاب المصطنع" الذي ترعاه الدول لا تعلن عن هويتها الحقيقية و لا تكشف عن أهدافها الحقيقية.فهي لاتقدم نفسها للجمهور على أنها أداة في يد أي كان و تنفذ مشاريع قوى خارجة عنها.هذه التنظيمات تقدم نفسها على أنها تنظيمات أصيلة و لها هويتها و كيانها الخاص المستقل عن أي هوية خارجية.أي أن تنظيمات الإرهاب المصطنع لا تعلن للجمهور إرتباطها بدولة وطنيةأو بقوة أقليمية أو قوة عالمية.لذلك فهي تتقنع بهوية أخرى تكون مقبولة إجتماعيا وسياسيا و ترفع شعارات قادرة على جلب أنصار لها و متعاطفين سواءا محليا أو إقليمياأو عالميا,بحسب دورها و حجمها.لذلك و في كل الأحيان رفعت هذه الجماعات شعارات ثورية و تقدمية و دينية و قومية و ليبرالية و طبقية...الخ و هو ما من شأنه ضمان إنتشارها لدى الفئات الإجتماعية التي يمكن ان تشكل جمهورها وحقل اندابها .

ترفع تنظيمات الإرهاب المصطنع هويات غير هويتهاالأصلية و تتبنى أيديولوجيا غير إيديولوجيتها الأصلية.و كما كان قراصنة البحر يُخفون علمهم الاسود الذي تتوسطه جمجمة و عظام ليرفعوا علما آخر لإخفاء هويتهم الأصلية بهدف المغالطة فان تنظيمات الإرهاب المصطنع تسلك المسلك عينه لذلك أُطلق عليها تسميّة "العلم المغلوط"(الفولس فلاغ).و ترفع هذه التنظيمات"علما مغلوطا" ليكون بامكنها إقناع الناس عبر الشبكات الإعلامية بشرعية وجودها و معقولية مشروعها.

أما "الدولة الراعية" من جهتها و في إطار خطة العمل فانها تقوم بتصنيف الجماعة على أنها متطرفة و إرهابية,و ذلك لإضفاء المصادقية عليها لدى الجمهور و التأكيد على أن لا علاقة لها بالدولة الراعية,و ذلك حتي لا يرى الناس مصلحة الدولة الراعية في ما يحدث.

وهوما يعني انه في الإرهاب المصطنع تكون الإيديولوجيا المعلنة مجرد غطاء لحجب الطبيعة الحقيقية للتنظيم.إنها أداة لإستقطاب الفئات الشعبية الفقيرة و ذوي المستوى الثقافي و المعرفي المحدود كما بالنسبةللتنظيمات "الجهادية" ,فتلك الفئات قابلة اكثر من غيرها لغسل الأدمغة كما انه من السهل اقناعها بتقديم التضحيات الكبار في سبيل قضية التنظيم.

إن الإيديولوجيا يجب أن تكون مقنعة جدا و ذلك بتبني قضية مقنعة.قضية قومية أو طبقية أو دينية...الخ و ذلك حتى تبرركل ما يمكن أن يقترف من عنف و قتل و دمار و تخفي الإخطاء و التناقضات.

و مما تجدر اليه الإشارة هنا أن قواعد التنظيم لا تعلم شيئا عن الإيديولوجيا الفعلية للتنظيم و لا أهدافه الحقيقية,و القيادات المتوسطة بدورها لا تعلم بل إن بعض القيادات العليا في التنظيم لا تعلم ذلك,فوحدها مجموعة قليلة من العناصر المؤسسة هي التي تعرف و في أغلب الأحيان تكون هذه العناصر هي القيادة الفعلية للتنظيم بحكم كونها العناصرالمؤسسة فهي الأقوى و قراراتها هي النافذة.

و ينتج عن ذلك أن الإزدواجية تطغي على التنظيم في كل مستوياته:الإيديولوجيا و القيادات و الأهداف.حيث تكون هناك الإهداف المعلنة و التي تنسجم مع أطروحات الإيديولوجيا المعلنة و الأهداف غير المعلنة و هي الأهداف الحقيقية التي أُوجد التنظيم من أجلها.

و في أعمال الإرهاب المصطنع لا يجب أن تكون الأهداف موضوع العنف ضعيفة وبلا قيمة با يجب أن تكون أهدافا ذات أهمية حتى تحقق الغايات المرجوّة.أي يجب أن تكون مقنعة للجمهورو حتى للخاصة من الناس ليكون حجم رد الفعل عليها في حجمها مثل شنّ حملة إعتقالات أو تعطيل الدستور و إعتماد الأحكام العرفية و قوانين الطواريء أو إعلان حرب ما...الخ ففي الحادي عشر من سبتمبر مثلا إستهدفت الإعتداءات رمز القوّة الإقتصادية و العسكرية الأمريكية,وليس أقنعُ من إستهداف رموز قوة الدولة و لا أدعى لرد فعل قوي بحجم إعلان حروب على عدة أطراف.

إن التحدي الكبير بصدد الإرهاب المصطنع هو محاولة الفصل و التمييز بين الخطاب العلني و الخطاب السري و بين الأهداف المعلنة و الأهدافالسرية/الحقيقية.لذلك فبغض النظر عن ما تحاول الجماعة إعلانه و الترويج له عبر شبكة الأنترنات و وسائل الإعلام يجب النظر الى الواقع الفعلي و الى النتائج الفعلية و المباشرة للعمليات الإرهابية,ففي كل حالات عمليات "الفولس فلاغ" يُحاول التنظيم إقناع قواعده و المتعاطفين معه بأهداف معيّنة للعمليات.هذه الأهداف المعلنة من قبل القيادة تُناقض النتائج المباشرة للعملية.غيرأن قيادة التنظيم تغرق العالم في المقولات الإيديولوجية و الخطابة و الشعارات الديماغوجية التي تدعي الإنسانية و الأخلاقية و العدالة و الخير و ذلك بهدف تغطية التناقض بين الأهداف المعلنة و النتائج الفعلية.فمثلا يقول الخطاب الرسمي للقاعدة أنها نفذت هجومات الحادي عشر من سبتمبر إنتقاما و ثأرا من الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لسياستها غير العادلة تجاه المسلمين و العرب و أن العملية تهدف الى إقناع الولايات المتحدة بتغيير سياستها تجاه العرب و المسلمين.هذه الأهداف المعلنةلم يتحقق منها أي شيء. ما تحقق هو العكس تماما, حيث زادت الولايات المتحدة من دعمها لإسرائيل و" أقنعت" الولايات المتحدة و الغرب بأن إسرائيل في خطر و هي في حاجة الى دعم أكبر و الى حماية أكثر من الإرهاب العربي و الأسلامي إضافة الى أن الأحداث أدت الى حرب شاملة و مدمرة ضد بلدين مسلمين هما أفغانستان و العراق التي كانت خططها موجودة في ادراج البنتاغون قبل وقوع الاحداث نفسها وذلك الى جانب الحرب ضد المعارضة في عدة دول باسم محاربة الإرهاب.

لقد كانت النتائج الفعلية و المباشرة لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر كمثال نموذجي لعمليات الارهاب المصطنع هي غير ما أعلن إبن لادن و صحابته مع ذلك فهم يصرون على الرأي ذاته,رغم تناقضه الصارخ مع الوقائع.

كما تشمل الإزدواجية ضحايا عمليات "الفولس الفلاغ".إن الضحايا لذين يسقطون أثناء العمليات الإرهابية المصطنعة ليسوا المستهدفين الفعليين من تلك العمليات و إنما هم وسيلة لبلوغ أهداف أخرى.فاغتيال الرئيس الأمريكي "كيندي"لم يكن هدفا في حد ذاته بل المستهدف هو سياسة إدارته تجاه كوبا و فيتنام و الإتحاد السوفياتي و إغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ليس هدفا أخيرا ونهائيا و إنما كان المستهدف هو سوريا ككل و وجودها في لبنان و حزب الله و المقاومة و إيران و إتفاق الطائف الذي إستنفذ مشروعيته التارخية حسب بعض الأطراف اللبنانية و القوى الإقليمة و الدولية.و قتل قرابة الثلاثة آلاف شخص يوم الحادي عشر من سبتمبر ليس غاية في حد ذاته و إنما هو وسيلة و مطية الى ما بعده,لقد كانوا فتح شهيّة لإبادة أكثر من مليون عراقي و آلاف الأفغان و الأكراد و اللبنانيين من قبل العقلية المالتوسيّة للمحافظين الجدد.

و رغم أن العرب و المسلمين هم الذين أعلن إبن لادن مثلا و صحابته الجهاد باسمهم إلا أنهم كانوا دائما أول الضحايا و أكبر ضحية"لجهاده".وهو شان كل تنظيمات الارهاب المصطنع حيث من يدفع ثمن عمليات تلك التنظيمات هم من تتدعي تلك التنظيمات تمثيلهم والدفاع عنهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ