الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا .... ثلاثية الرب

حسين رشيد

2014 / 7 / 22
الادب والفن


قصص قصيرة جدا
ثلاثية الرب

حسين رشيد

صيام

بالنسبة له انه اليوم الاول من رمضان، دخل وهو متجهم، الوجه يشكو من السهر. وهي علامات او اشارات عليكم ان تتلقوني اليوم كوني صائم. وكانه صائم لنا، ساعات اولى مضت التفت نحوي متسائلا هل انت صائم، تجاهلت السؤال كرره، وكررت تجاهلي، اعاده بنبرة اعلى، واعدت تجاهلي لسؤاله بصمت اعلى.

لم يحتمل نهض من مقعده متجها نحوي وذات السؤال، حتى سمع الاجابة بالنفي، عاود الجلوس وهو يتأفف ويتعوذ، بدوري فتحت الدولاب واخرجت كيسا من القهوة الجاهزة واذبته في الماء الساخن واخذت ارتشفه خارج الغرفة، ورغم ذلك لم اتخلص من لذعة لسانه.

في اليوم الثاني عاود بث نفس الاشارات مع زميلنا الآخر في الغرفة والذي اتى صائما، وبعد دقائق من الجلوس كرر سؤال الامس هل انت صائم، وبنفس التجاهل، وليعاد سيناريو الأمس السؤال والتجاهل وكيس القهوة، وقبل ان ينتهي الدوام الرسمي الذي قلص ساعة، اتفق الاثنان على تقديم النصح والإرشادات لي وتحذيري من الحساب ويوم القيامة واليوم الموعود ودقات الساعة، واذا الارض زلزلت الخ من ايات واحاديث، وهما يشرحان نعيم الجنة من خمرة وفاكهة وغلمان وحوار حسان، وعذاب النار والدرك الاسفل الذي هو مكاني مثلما قالا، قبل نهاية الدوام الرسمي بدقائق، وبعد ان صمت، اقترحت عليهما الصيام في السنة المقبلة، رغم العبوس الذي بان عليهما، الان ان غبطة ازالته ونظرا الى بعضهما البعض وهما يقولان يبدو ان حديثنا قد اثمر. لكني اصوم بشرط هو ان تأتيا في اول رمضان المقبل وانتما صائمان سوية وتفطرا سوية كذلك، عاد العبوس الى محياهما ونطقا بذات الوقت يبدو انك لن تصوم ابدا؟!

عذاب

طوال ايام الاسبوع الاول من شهر رمضان والاسبوع الذي تلاه، وهما يتحدثان عن الجنة والنار، والعذاب والراحة والنعيم، وناكر ونكير، وعذاب القبر، والمرور على الصراط المستقيم، وابواب جهنم التي ستكون مشرعة لي ولأمثالي المفطرين. وهذا ما استمرا عليه حتى الاسبوع الرابع وقرب نهاية شهر رمضان حيث بانت الفرحة على محياهما وهما يعدان دقائق الايام الاخيرة ومتى سيكون العيد وكم يوما سيطول. وقد يكون هذا الامر الوحيد الذي يفيدنا فايام العيد المقررة ثلاثة ربما تستمر خمسة او اكثر حسب اجتهاد كل طائفة ومذهب ومعتقد. كل تلك الايام وانا استمع لحديثهما من غير رد او نقاش، لكن قبل نهاية الشهر بيومين حدثتهما عن امر قد يحدث في ذاك اليوم الموعود، حيث يصدر الله عفوا الاهيا عن جميع البشر ويدخلهم الجنة جميعا ويغلق ابواب النار او جهنم مثلما يقولون. علامات الاستهزاء والاستخفاف تدور في عيونهم وملامح وحركات وجهيهما وهما يشككان بكل ذلك، مع تحفظهما على هذا العفو الرباني. حين اكملت لهما ان جميع من في المعمورة سيفرح ويرضى بهذا العفو حيث سيكون هناك اجماع على هذا القرار ممن كانوا يظنون انهم سيدخلون الجنة ومن كافة الاديان والطوائف والمذاهب. الا ان صوت من كان يظن انه ضمن الجنة، واننا في نار يتحول الى معرضة هذا العفو. وتدور رحى صراع جديد. اذ يعلن الاعتصام والاحتجاج على هذا القرار وانه غير عادل وغير منصف حيث ستقدم لائحة طويلة عريضة بما فعله كل طرف. وبعد طول نقاش ومفاوضات وارسال وفود وعودة وفود، تصر المعارضة المتفقة على هذا والمختلفة في كل شيء آخر، على رفضها العفو رغم قبول كل الطوائف في ارجاء المعمورة به. الامر الذي يجبر الاله باعادة فتح ابواب النار وخاصة ما يعرف بالدرك الاسفل ورمي اتباع المعارضة فيه.

خلاف

وسط سعير النار والعذاب وما يعرف بالدرك الاسفل، اشتد الصراع المؤجل، واخذ كل طرف يتهم الآخر بانه السبب بما حصل له، كونه كان الرافض. وتعالت الاصوات وتنوعت لغة التهديد والوعيد، والاجتهادات والفتوى فيما بينهم. الامر الذي اجبر الاله على ارسال مبعوث ونذير اخير لهم، نزولا لطلباتنا، وجاء الامر بغلق فوهات النار وتبريد المكان، دخل عليهم المبعوث ناقلا رسالة الاله، كنا نأمل ان يعودا الى رشدهما، لكنهم بدل ذلك عاودا العناد بينهما، بشان الاغلبية ومن الاكثر، وحين تم العد والفرز تبين ان اعدادهم متساوية، فاحتكموا الى أي طرف رجاله اكثر، وكانت الارقام متساوية ايضا، كذلك عدد النساء، والشيوخ والشباب حتى جزعوا من وجود نسبة تفضل طرف على آخر. والمبعوث الالهي ينظر لهم ويسجل كل شيء صوت وصورة. ويبث بشكل مباشر الى الجميع.

شعروا بالتعب والوهن حتى اخذوا يتساقطون واحدا تلو الآخر، حتى صرخ بهم المبعوث ماذا قلتم هل انتم موافقون، نظر كل طرف الى الاخر، وحولوا نظرهما الى كبارهم او مجالس الشورى التي شكلت حديثا، وبدورها المجالس اختلت كل على جهة وتناقشت، وسط هرج ومرج وصياح ونفور بالتالي ارتكنت الى التصويت، وهنا تعادل الطرفان، وبقى صوت الرئيس في كلاهما، لكن قبل ان يدليا بصوتيهما، سقط الاول ميتا، وتبعه الثاني، وعاد الخلاف، وتم انتخاب رئيس جديد لكل طرف من خارج مجلس الشورى على امل ان يدلي كل منهما بصوته وينتهى الامر. لكن قبل ذلك تساقط العديد امواتا، هنا تبسموا على امل سقوط موتى في طرف اكثر من الاخر، لكن تبين انهما متساويان، وعاد الاختلاف ومع اعلان التصويت، سقط عدد آخر مرة اخرى، واخرى واخرى وهكذا الامر الذي دعى الى استدعاء المبعوث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!