الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح غزاوية !!

فراس مدحت المصري

2014 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ملامح غزّية !! بقلم : فراس مدحت المصري

في مكان واحد وتجمع صغير تستطيع أن تألف مادة لعلم النفس , فكل زاوية في هذا المكان تتحدث عن مشاعر حتى التخمة تختلف عن الأخرى ,وما أكثر وزاياه.
قد يكون الحدث واحدا لكن مشاعرهم وعقائدهم وتعابيرهم تتفاوت وتختلف أحيانا من شخص لآخر لكن تجمعهم الفرحة الحزينة وتكون جياشة لدرجة ما يسمونها دموع الفرحة .
لا أدري كيف أبدأ , فعلى هذه الأرض جبابرة لا تأمن لردود أفعالهم جانب , لكني سأبدأ بنهاية حرب 2012 وما كان من ردود أفعال وتطلعات وطموحات محدّثة على أرضية التغيرات السياسية والحصار ولقمة العيش وغيره من الإعتبارات , منهم من أنهى مشروع زواجه ومنهم من قرر فتح مشروع على اساس اقتصاد جديد وسوق جديدة , ومنهم من قرر أن يمضي في درب الجهاد , وأمّ رحل أحد ابنائها أو جميعهم أو حتى لو تبقى ابن واحد , فتعجل من زواجه كي ترى حفيدا لها .
وغيرهم الكثير , لكن دعونا ننظر مثلا في أم عاشت أقسى أنواع لحزن مهما كانت قوية لفقدان أحد أبنائها أو أكثر , وتأتي بعد فترة قصيرة لتعيش أقوى مشاعر الفرح لذلك الشاب الوسيم التي انتظرت فرحة أي من ابنائها الذين مضوا كذلك لتتضاعف مشاعر الفرح مع غصة لا تحتملها مدينة وذكريات وابتسامات تلوح بالأفق لأبنائها وبناتها إذا لم يكن أكثر , وتمضي في الحياة بشبيه ما يسمى الإستقرار , وتتعايش وتجامل وتتعبد , حتى تأتي حرب أخرى لتأخذ ما تبقى من أبنائها لتعود وتبتلع الحزن أضعافا وتحترق أحشائها من الحزن , وتنظر لما تبقى من ذريتها نائما لا يعلم أن أباه قد رحل لتتضارب المشاعر من حزن على الإبن إلى التفكير في رائحة ما تبقى لها والإحباط الذي تراه في مستقبل هذا الشاب اليتيم بلا مأوى ولا تحويشة ولا حتى أرض يستر حالو فيها.
كيف لي بل لأعظم أطباء العالم أن يترجم هذا الجسد وهذه العين الغامضة وهذه الحسرة القابعة بين ثنايا تجاعيدها واختزال سنينها في مجموعة شيب تلملمها.
كيف لأعظم أطباء العالم أن يترجم صوتا واثقا لشاب فقد من شاركوه طفولته , من كان يلاعبها وكأنه رجل كبير , من التحف معهم في حرب وبرد تحت غطاء واحد , نعم فقد إخوته أمام عينيه , فيبحث عن أمه ليرتمي في أحضانها ويبكي كطفل صغير " يما قتلوا اخوتي" فتشاركه الحزن وتطبطب عليه , بحث هنا وهناك حتى وجد جثة يكشفون عنها فأثاره الفضول ليرى أمه قد رحلت عنه بدمعة القهر على ابنائها الذين سبقوها بلحظات , فيصرخ بصوتٍ غزّي لا أحد في العالم لا يقف عنده لحظات بل وأيام وسنين " إمي ماتت وإخواتي ماتوا الله أكبر كلهم شهداء الله أكبر " ورحل.
كيف لأعظم أطباء العالم أن يترجموا , فرحة وتكبيرا وابتسامات في نفس ذاك اليوم وتلك الأم تلقي بالزعاريد تباعا وذاك الشاب يقفز هنا وهناك ويكبر وضحكاته تتالى مع " الحمد لله والله أكبر".
الإنهيار والإكتئاب والإنتحار والمرض النفسي , يصيب أقوى شخصيات العالم إن تجرع جزء بسيط جدا من هذه التضاربات في المشاعر , لكن مع أبناء وأمهات غزة , المعالة تختلف وليس هنالك أحد بالعالم يحتمل جزء مما يحتمله أهل وشعب غزة.
فعلا نحن شعب يحب الحياة كما يحب الموت أيضا , نحن شعب يصعب فهمه لذلك تصعب هزيمته.
لهذا أعود وأكرر أني أفتخر أني فلسطيني , وأفتخر أني غزّي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف