الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجريد الأكراد والسريان من الجنسية -بروتوكول تموز 1938

مهند الكاطع

2014 / 7 / 23
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


كانت السنوات بين عامي 1925-1948 سنوات حافلة بالاضطرابات الدموية في شرق الاناضول ، وفضلاً عن الخسائر البشرية في سلسلة من المذابح والأقتتالات والمواجهات ، أو الخسائر المادية المتمثلة بحرق آلاف القرى هناك ، فقد كان تغيير عشرات الآلاف من سكان شرق الاناضول لمناطق سكناهم بحثاً عن الأمن والحياة من أهم النتائج لأحداث تلك الحقية . لا ننسى ايضاً بأن تلك المرحلة شهدت اضطرابات فيما يتعلق بالتسويات الحدودية ، وتحديد الجنسيات بموجب بروتوكولات، وتبادل بعض القرى والمناطق والسكان ايضاً بين فرنسا وبين تركيا بما تقتضيه مصلحة الطرفين ، وبغض النظر عن مصالح السكان.
المصالح للحكومات وحدها هي اللاعب الرئيسي في عملية التبادل تلك ، فتركيا كان من مصلحتها التخلص من أكبر عدد ممكن من المجموعات "الإثنية" التي تسبب لها اضطرابات و ثورات بما تشكله تلك المجموعات من كثافة سكانية كبيرة تجعل من الاتراك نفسهم أقلية وسط تلك المجموعات ، بالمقابل فرنسا لا تجد مانعاً في التخلي عن جزء مهم مثل لواء الاسكندرون إذا كان ذلك سيُسهم في أمن حدودها الجديدة وتعزيز الثقة مع تركيا حيث تم في سنة 1939 اتفاق لتخيير سكان لواء الاسكندرون بين الجنسيتين السورية والتركية بعد ضمه إلى تركيا وتشجيع النزوح منه ، فنزح قسم كبير من الاسكندرون إلى داخل العمق السوري وتم تسجيل كل من يحمل الهوية الهاتائية نسبة إلى اقليم (هاتاي التي حلت مكان الاسكندرون) في السجلات السورية ، واستمرت عمليات نزوح العوائل إلى سورية 1941م ففي آب و ايلول سنة 1941م نزحت 300 عائلة إلى حلب فقط وكان معظمهم من السريان الارثوذكس.

و في مثل هذا اليوم (23 تموز) من عام 1938م وقعّت فرنسا وتركيا اتفاقية جديدة عرفت ببروتوكول الجنسة أو بروتوكول تموز 1938 . يصف الباروت هذه الاتفاقية بقوله: "مهدت هذه الاتفاقية دخول القوات التركية إلى لواء الاسكندرون تمهيداً لضمه إلى تركيا" ، وينشر الباروت بعض ما تضمنته هذه الاتفاقية بشكل رئيس على مستوى "الجنسية" عموماً والمسألة الكرديّة بشكل ضمني كما يلي:
1- إلغاء ماتنص عليه معاهدة الصداقة والتحالف الموقعة بين الجانبين في شباط 1930 من حق تنقل بين حدود البلدين بأسم الرعي إلى اراضيهم في تركيا ، وبذلك تم ضرب التكاملات العشائرية البشرية بين العشائر المقيمة جنوب السكة (الحدود) وشمال السكة ، وكان معظمها من العشائر الكردية ثم العربية.
2- إقرار بروتوكول الجنسية الذي نصّ على أنَّ كل من يحمل الجنسية التركية على الأراضي السورية يعتبر فاقداً لها إن لم ينقل سكناه للأراضي التركية و يراجع الدوائر القنصلية التركية قبل 15 آب 1938 (خلال اقل من عشرين يوم فقط) !
وبسبب عدم واقعية البروتوكول فأن عشرات الآلاف فضلوا خسارة جنسيتهم وبالتالي ممتلكاتهم في تركيا على العودة الغير آمنة إليها ، خصوصاً بأنه لا تزال في ذكريات التنكيل بمنّ صدق وعود العفو السابقة وعاد إلى تركيا وتم قتله او سجنه عالقة في الأذهان ودافعاً على اليأس من العودة .
وبهذا تمثلت الوظيفة الفعليّة للبروتوكول الفرنسي - التركي في إسقاط الجنسية التركية عن الاكراد والسريان والارمن الملتجئين إلى الجزيرة ومصادرة ممتلكاتهم.

اثر تلك البروتوكولات المتعلقة بالجنسية كان كان واضحاً في الجزيرة وأكبر منه في المحافظات الأخرى ، وذلك لأن معظم سكانها المنحدرين من تركيا أصبحوا (أجانب) بالنسبة لتركيا بعد اصدار قانون الجنسية وتحديد المدة الزمنية لنزعها " خلال عشرين يوم كما أشرنا" ، الأمر الذي أدى إلى اسقاط الجنسية التركية فعلياً عن عشرات الآلاف ، ومصادرة أراضيهم وأملاكهم بموجب قانون اصدرته الحكومة التركية برئاسة عصمت اينونو وطلبت تلك الحكومة في عام 1939 من المجلس الوطني التركي الكبير تحول الاملاك الثابتة للعشائر الكردية وزعماءها إلى ملكية الدولة.

إذن تجريد الجنسية في الجانب التركي أنتج مشكلة جديدة هي أجانب أو "بدون" في سوريا ، والتي أصبحت مشكلة جديدة في سوريا ، تم التعامل معها في نفس العام سنة 1939 ، حيث اصدر مجلس المديرين برئاسة بهيج الخطيب في آب 1939 مرسوماً تشريعياً صدقه المفوّض السامي بفتح عملية تجنيس واسعة ولمدة ستة أشهر ، تحت أسم تسجيل " وقوعات الأحوال المدنية المكتومة في سجلات النفوس" لكلّ " أهالي محافظة الجزيرة المستوفين الشروط المطلوبة لاكتساب الجنسية السورية" كما أعفي المكتومين بموجب هذا المرسوم وبموجب قرار صدر عن المجلس النيابي السوري سنة 1937 من كافة العقوبات ، وكان عدد هؤلاء حوالي 75 الف نسمة في ما عدا البدو ولا سيما مع تدفق هجرات جديدة من منطقة سيوان ودرسيم في عامي 1937-1938. .
ارتفع عدد المسجلين في السجلات المدنية من 105513 نسمة فقط عام 1938م ـ إلى 146001 نسمة عام 1943 ، ي بنسبة أرتفاع قدرها 38.4% .

يشيرُ تقريراً قدمه الشيخ محمد سعيد العرفي إلى الجلسة السابعة عشرة لمجلس النواب سنة 1938 إلى ان واردات الخزينة من تسجيل المكتومين ارتفعت من 200 ليرة سورية عام 1937 ، إلى 10000 ليرة سورية بعد اقرار تسجيلهم واضافة عشرة قروش على كل معاملة ، الامر الذي يوضح واقع عمليات التسجيل و أرتفاع عدد السكان بمعدلات تزيد بمئات الاضعاف عن معدلات النمو الطبيعي آنذاك نتيجة الظروف التي قمنا بذكرها آنفاً .

جميع تلك الهجرات والارتفاع بوتيرة عدد السكان في الجزيرة ساهمت بشكل ايجابي في إعمار الجزيرة ، وزيادة ايراداتها الزراعية ، والمساهمة في انتقال الجزيرة من البداوة إلى الحياة القروية الزراعية ، فقد بين عامي 1940-1945 اي خلال خمس سنوات ، تم اعمار حوالي 350 قرية جديدة في قضائي القامشلي ودجلة (ديريك)

لم تنته المآسي بالنسبة لسكان الجزيرة عند هذا الحد ، إذْ أن شكوك الشيشكلي واجراءاته التي اتخدها في الخمسينات ، وطفرة الهجرات الجديدة بين عامي 1953-1913م ساهمت بالتوجه لإصدار قوانين جديدة كان أهمها قانون الاحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة سنة 1962 ، سوف نحاول تسليط الضوء عليه ، وعلى اسبابه ونتائجه في مقالات قادمة نظراً لأهميته .
___________
المراجع :
1- البيان المشترك بين هنري بونسو سفير فرنسا في تركية ورشدي آراس وزير الخارجية التركية في تموز 1938
2-قضية لواء الاسكندرون ، وثائق وشروحات ج2 (بيروت ، دار العروبة ، 1993) ص 537-540
3- التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية - جمال الباروت ص 680 - 683
4- مرسوم اشتراعي رقم (19) 31 آب 1939 ، الجريدة الرسمية العدد 38
5- توزيع السكان بحسب المحافظات والديانات والمذاهب في آخر عام 1943 ( دليل الجمهورية السورية عن عام 1939-1940) ص 527
6- ابراهيم الداقوقي - أكراد تركيا (دمشق ، دار المدى ، 2003) ص 206.
7- اسكندر داوود ، الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ستتجه السعودية نحو التطبيع مع إسرائيل بعودة ترامب إلى الب


.. شاهد رد فعل هيلاري كلينتون عند إعلان ترامب بشأن -خليج أمريكا




.. هذه رسائل حماس من استعراض عناصرها بالأسلحة في غزة


.. الرئيس ترمب: غزة تعرضت لدمار هائل ويجب إعادة إعمارها من جديد




.. أبرز محطات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة